دلَّ هذا الحديث على مشروعية هذا الدعاء في الصلاة؛ لقوله: “علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي”، قال: قل.. أي: قل في صلاتك، ولكن هذا الدعاء يقال في أي موضعٍ من الصلاة؟
في هذا الحديث أطلق، قال أبو بكرٍ للنبي : يا رسول الله، علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال له النبي : قل: اللهم إني ظلمت نفسي.. إلى آخره [1].
فمن أهل العلم من قال:
- إنه يكون في مواضع الدعاء في الصلاة.
- ومنهم من قال: إنه يكون في السجود أو بعد التشهد، قال بـهذا ابن دقيق العيد، قال: “الأَولى أن يكون في السجود أو بعد التشهد؛ لأنه أُمر فيهما بالدعاء؛ ولعله يترجح كونه فيما بعد التشهد؛ لظهور العناية بتعليم دعاءٍ مخصوصٍ في هذا المـحل”.
- وقال بعض أهل العلم: إن الراجح أن هذا الدعاء يقال عقب التشهد الأخير والصلاة على النبي ، وهذا هو القول الراجح: أن هذا الدعاء يقال بعد التشهد الأخير والصلاة على النبي والاستعاذة بالله من أربعٍ، ثم يأتي بـهذا الدعاء، ويكون هذا موافقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: ثـم ليتخيَّـر من الدعاء أعجبه إليه [2]، وإلى هذا ذهب الإمام البخاري في “صحيحه”، حيث قال: “باب الدعاء قبل السلام”، ثـمّ ساق بسنده في “صحيحه”[3] هذا الحديث.
- وقال العَيْني -أحد شراح البخاري- قال: “ظاهر الحديث عموم جميع الصلاة، ولكن المراد: بعد التشهد الأخير قبل السلام؛ لأن لكل مقامٍ في الصلاة ذكرًا مخصوصًا؛ فتعين أن يكون مقامه بعد الفراغ من الكل، وهو آخر الصلاة”[4]، فهذا هو الأقرب -والله أعلم- في موضع هذا الدعاء.
إذنْ: اختلف العلماء في موضع هذا الدعاء؛ لعموم الحديث؛ لأنه قال: “علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي”، والقول الراجح أنه يقال في التشهد الأخير قُبَيل السلام، كما رجح ذلك البخاري وجمعٌ من المـحققين من أهل العلم؛ وذلك لأن لكل موضعٍ من مواضع الصلاة ذكرًا، ولـم يرد هذا الذكر مخصوصًا بـموضعٍ معينٍ، فتعين أن يكون في آخر الصلاة؛ لأن آخر الصلاة هو موضع دعاءٍ مطلقٍ؛ لقول النبي : ثـم ليتخيَّـر من الدعاء أعجبه إليه.
وعلى ذلك: فالمشروع لكل مصلٍّ يصلي صلاةً -فريضةً كانت أو نافلةً- أن يأتي بـهذا الدعاء في الصلاة قبيل السلام، يقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، احفظ هذا الدعاء، وقله في آخر كل صلاةٍ تصليها، فريضةً كانت أو نافلةً: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، احفظ هذا الدعاء وادع به في أي صلاةٍ تصليها.