أعظم قصص القرآن

قال: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39]، وبعض المفسرين يقول: إن معنى عَلَى عَيْنِي أي: بـمرأًى مني ومحبةٍ.

وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام ولد وفرعون كان يبطش بالناس بطشًا عظيمًا، يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ [القصص:4]، وادعى مقام الربوبية.

وكان سبب تقتيله للولدان: أن إبراهيم  لما مرَّ بـمصر؛ رأى رؤيا، وعُبِّـرت بأن مُلك الفراعنة سيزول على يد غلامٍ من بني إسرائيل، فأمر بتقتيل الأولاد، أي إنسانٍ يولد له ذكرٌ؛ يُقتل، انظر إلى البطش وإلى الاستكبار! وجعل بني إسرائيل شِيَعًا، فرَّق بينهم.

ثـم بعد مدةٍ من الزمن قال من حوله: الولدان يقتلون، والنساء لا طاقة لهنَّ بالأعمال، قال: إذنْ نقتل الولدان سنةً ونبقيهم سنةً، ولد موسى في هذه الفترة، والعجيب أنه ولد في السنة التي يُقتَّل فيها الولدان!

فخافت عليه أمه، مع أن الله تعالى أوحى إليها أنـها لا تخاف، لكن إذا خافت عليه تلقيه في اليم، فألقته في اليم، وانقطع رباط التابوت، ووقع في يد آل فرعون، فلـمَّا أراد فرعون أن يقتله وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ [القصص:9]، فأبقاه.

وحرم الله على موسى المراضع، كلما أتى له بامرأةٍ ترضعه؛ ما قَبِل، فجعل يبكي ويتلبَّط ^[1] من شدة الجوع، فأخرجوه للطريق لعلهم يجدون حلًّا، فبَصُرَت به أخته، أخته، جعلت تتقصص أثره، قالت: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ [القصص:12]، والعاملون في قصر فرعون في حال شدةٍ، يريدون إنقاذ هذا الطفل، فلمَّا سمعوا هذه المقولة قالوا: نعم، دلتهم على أمه، فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ [القصص:13]، فجعلت أمه ترضعه وتتقاضى أجرًا من فرعون على إرضاعه.

ويتربى موسى في قصر فرعون، ثم يكون زوال فرعون وجنوده وملكه على يده؛ ليبين الله ​​​​​​​ أن الأمر أمره، وأن الحذر لا يرد القدر، هل ضرَّ موسى أنه تربى في قصر أكبر طاغيةٍ في التاريخ؟ ما ضره، نبيٌّ مرسلٌ من أولي العزم من الرسل، وتربى في قصر أكبر طاغية في التاريخ!

سبحان الله! قصة موسى قصةٌ عجيبةٌ! هي من أعجب القصص، بل إن ابن تيمية رحمه الله يقول: إنـها أعظم من قصة يوسف، قصة عجيبةٌ مليئةٌ بالعبر والعظات!