أول هذه النوازل: ما استجد في السنوات الأخيرة، وهو اشتراط التصريح لمن يحج، فالجهات المختصة تشترط التصريح، وأن من أراد الحج لا بد أن يستخرج تصريحًا، فإن لم يكن معه تصريح فإنه لا يُمكَّن من دخول مكة، وهذا التصريح يُعطَى للإنسان كل خمس سنواتٍ إذا رغب، ويُعطَى كذلك للعاملين في الحج كل عامٍ، من يقومون على خدمة الحجيج من رجال الأمن، ومن المفتين، ومن الأطباء وغيرهم، هؤلاء لا بد من وجودهم لخدمة الحجيج، فهؤلاء يُعطَون التصاريح كل عامٍ، وأما غيرهم فيعطون كل خمسة أعوامٍ.
هذا التصريح اقتضته الضرورة، لا بد منه، لماذا؟ لو فتح المجال لكل من أراد أن يحج يُسمح له بالحج، عدد المسلمين الآن كم عدد المسلمين؟ عدد المسلمين الآن يُقدر بمليارٍ ونصف، لو سُمح لـ(1%) فقط من مليارٍ ونصفٍ كم سيكون الرقم؟ الجواب خمسة عشر مليونًا، (1%) فقط، لو سُمح لـ(1%) بالحج؛ لكانت النتيجة العدد (15 مليونًا)، طيب (15 مليونًا) هل تتسع لهم المشاعر؟ ما تتسع، بل حتى لو سُمح لنصف (1%)، سبعة ملايين ونصفٌ، هل تتسع لهم المشاعر؟ ما تتسع، بل حتى ربع (1%)، الآن الحجاج يصل عددهم من مليونٍ ونصفٍ إلى مليونين، ومع ذلك نرى الزحام الشديد.
فهذا الإجراء لا بد منه؛ لأنه ربما يتعذر على الناس الحج، يتزاحم الناس على المشاعر، يتزاحمون على الحرم، لو افترضنا مثلًا نصف (1%) سبعة ملايين؛ لن يستطيع هؤلاء الحج، ما تتسع لهم المشاعر؛ فهذا الإجراء فيه مصلحةٌ عامةٌ للحجيج، الدولة عندما لجأت لهذا الإجراء هي مضطرةٌ لهذا؛ فأعداد البشر الآن تضاعفت، أعداد البشر من قبل لم تكن كثيرةً، كان الناس قلةً، ويقال: إن قبل مئةٍ وخمسين عامًا كان عدد سكان الكرة الأرضية كلها مليارًا، وخلال المئة والخمسين الماضية تضاعف سبع مراتٍ، فأصبح الآن عدد سكان الأرض سبعة ملياراتٍ، ويُتوقع أن في عام (2030م) يقولون: يصل إلى تسعة ملياراتٍ، والأعداد في ازديادٍ، وهذا قد يكون من أشراط الساعة؛ لأن هناك إشاراتٍ في بعض الأحاديث تدل على كثرة الناس في آخر الزمان؛ ولهذا لما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الملحمة الكبرى التي بين المسلمين والروم ذكر أن المسلمين يكونون في جيشٍ فيه ألف ألفٍ -يعني: اثنا عشر ألفًا- جيش المسلمين قرابة مليونٍ.
فهناك إشاراتٌ في بعض الأحاديث تدل على كثرة الناس، وهو ما نراه الآن متحققًا؛ فأعداد البشر في كل بلدان العالم الآن تضاعفت؛ ولذلك ينبغي لمن أراد أن يحج أن يحرص على استخراج التصريح، وأن يلتزم بالتعليمات التي وضعتها الجهات المختصة لهذا.
لكن من رُد، إن كان رُد -يعني ما استطاع أن يدخل مطلقًا- حكمه حكم المحصر، ومن ارتكب محظورًا؛ يُنظر لهذا المحظور، إن كان قد أحرم من عند الميقات، ثم مثلًا لبس المخيط؛ فإنه يكون عليه فدية أذًى، مخيرٌ بين إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيامٍ، أو ذبح شاةٍ، أما إن كان تجاوز الميقات بدون إحرامٍ ثم أحرم؛ فهنا ترك واجبًا، هنا ليس مخيرًا، بل يتعين عليه الدم.