الرئيسية/مقاطع/أقسام العقل
|categories

أقسام العقل

مشاهدة من الموقع

العقل إذا ورد ينقسم إلى قسمين:

  1. عقل الإدراك.
  2. وعقل الرشد.

أما عقل الإدراك: فهذا هو الذي يتعلق به التكليف، فغير العاقل هو المجنون، والمجنون قد رفع عنه القلم، وليس بمكلفٍ.

وهذا العقل لا يلحق صاحبَه مدحٌ ولا ذمٌّ؛ لأنه ليس باختيار الإنسان، فالذي قد جُن ليس باختياره، وأيضًا الذي قد عقل ليس باختياره، فلا يلحقه مدحٌ ولا ذمٌّ.

والقسم الثاني: عقل الرشد، وعقل الرشد: أن يتصرف صاحبه بتصرفاتٍ حسنةٍ، عقل الرشد هو الذي ينتج التصرفات الصحيحة الحسنة، وهذا هو الذي يُمدح صاحبه، وهو المقصود في قول الله : وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب [البقرة:269]، يعني: أصحاب العقول الراشدة السليمة، وقد لا يكون صاحب العقل الرشيد ذكيًّا، بل قد يكون -كما قال ابن تيمية رحمه الله- من أبلد الناس [1]، لكن الله ​​​​​​​ يمنحه رشدًا فيستقيم على طاعة الله ، ويجتنب معصية الله، وغيره أكثر منه ذكاءً لكنه لا يوفق للرشد؛ ولهذا كان المعتزلة من أذكى الناس في زمنهم، لكن كما قال ابن تيمية رحمه الله: “أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهومًا وما أعطوا علومًا وأعطوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة فَمَا أَغْنَى ‌عَنْهُمْ ‌سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأحقاف: 26]” [2].

وكما ترون في الواقع المعاصر، هناك ناسٌ من ذوي العقليات الجبارة، والذكاء الحاد، لكن لم ينفعهم ذكاؤهم، وكل من لم يستقم على طاعة ربه سبحانه فليس برشيدٍ، الرشيد صاحب العقل السليم هو من يعرف أن المطلوب منه هو أن يستقيم على طاعة ربه ، وأنه ما خلق إلا لعبادة الله ، وإلا فإنه إذا انحرف عن طاعة ربه، هذا ليس براشدٍ؛ ولهذا تكرر الثناء على أولي الألباب، وأنهم هم الذين ينتفعون بالموعظة، وهم الذين ينتفعون بالتذكير: وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب [البقرة:269]، تأمل قول الله تعالى: وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب، يعني: ما يتذكر التذكر الكامل إلا أصحاب العقول السليمة الراشدة.

فإذنْ تبيَّن بهذا: أن هناك انفكاكًا بين عقل الإدراك وعقل الرشد، وأيضًا لا يلزم من عقل الرشد الذكاء؛ قد يكون المجنون ذكيًّا، بعض المجانين عندهم قوة ذكاءٍ وفطنةٍ، فلا يلزم من عقل الرشد الذكاء، قد يكون راشدًا ذكيًّا، قد يكون راشدًا بليدًا، وقد يكون عاقلًا عقل إدراك، ليس براشدٍ، وأكمل  الأحوال: أن يكون عاقلًا عقل إدراك وعقل رشد: إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:9].

فإذنْ لا بد أن نميز بين هذين القسمين، فالثناء الذي في الكتاب والسنة على أصحاب العقول المقصود به: عقل الرشد، وليس المقصود به: عقل الإدراك.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 درء تعارض العقل والنقل: (9/ 34)، ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
^2 الفتوى الحموية: (ص 555-556)، ط دار الصميعي.
مواد ذات صلة