السؤال: ما أكثر ما يكون فيه الحسد؟ يكون في ماذا؟
أكثر ما يكون بالمال هذا واحدٌ.
الثاني: بالعلم، أكثر ما يكون الحسد في العلم والمال.
وقد ذكر هذا الإمام ابن تيمية رحمه الله [1]: أن أكثر ما يكون الحسد في هذين الأمرين: في العلم وفي المال، هل رأيتم من يحسد مصليًا؟ لا يحسد الناس المصلي، حتى وإن أكثر من الصلاة، طيب هل رأيتم من يحسد صائمًا يُكثر من صيام النوافل؟ لا تجد.
وهل رأيتم من يحسد من يحج ومن يعتمر؟ أكثر ما يكون الحسد في العلم وفي المال، لماذا؟ لماذا أكثر ما يكون الحسد في العلم وفي المال؟ من يجيب عن هذا السؤال؟
نعم، أحسنت؛ لأن صاحب العلم والمال هو الذي تَعظُم مكانته في المجتمع، ويكون له السؤدد، ويكثر له الأتباع، وهذا لا تقبله بعض النفوس، هذا المعنى ذكره ابن تيمية رحمه الله، وأنه أكثر ما يكون الحسد في العلم والإنفاق [2]؛ لأنه بالتعليم والإنفاق يسود الإنسان، ويُعظِّمه الناس، يعظم الناس صاحب العلم وصاحب المال، خاصةً صاحب المال المنفق، أما البخيل فالناس تكرهه، لكن صاحب المال المنفق يعظمونه.
كما أن صاحب العلم الباذل لعلمه يعظمه الناس أيضًا؛ ولذلك يكثر الحسد في هذين الأمرين؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: لا حسد إلا في اثنتين، يعني: ينبغي ألا يُغبط إلا صاحب خصلتين: رجلٌ آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجلٌ آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها [3].
فهذان الاثنان: العالم الذي يعلم الناس، والمنفق الذي ينفق على الناس، هذان هما أكثر مَن يُحسدان من الناس؛ وذلك لتعظيم الناس لهما، وكثرة أتباعهما، فلذلك يكثر الحسد لهما.
ولهذا بيَّن عليه الصلاة والسلام أنه ينبغي ألا يُغبط إلا صاحب هاتين الخصلتين، يعني: يغبط حسد غبطةٍ، وليس حسد تمني زوال نعمةٍ، وإنما حسد غبطةٍ، وهو أن يعطيه الله تعالى مالًا فينفقه آناء الليل وآناء النهار، أو يعطيه الله تعالى علمًا يعلمه الناس.