الرئيسية/مقاطع/معنى الحروف المقطعة في أوائل السور
|categories

معنى الحروف المقطعة في أوائل السور

مشاهدة من الموقع

القرآن جعله الله تعالى معجزةً وآيةً لنبينا محمدٍ .

هذا القرآن العظيم الذي لمَّا سمعته الجن من أول مرةٍ؛ تعجبوا منه فقالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ۝ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [الجن:1-2].

هذا القرآن العظيم معجزٌ في كل شيءٍ؛ في لفظه، وفي معناه، وفي أسلوبه، وفي بلاغته، وفي كل شيءٍ، آيةٌ عظيمةٌ، وأيضًا آيةٌ في حفظه، حَفِظَه الله تعالى، لم يتغير منه حرفٌ واحدٌ، نقرؤه كما قرأه النبي عليه الصلاة والسلام، كما نزل هذا القرآن العظيم.

ورد في أوائل بعض السور حروفٌ مقطعةٌ: (الم، المص، ص، المر، حم،..)، وهي أربعة عشر حرفًا، نصف الحروف الهجائية، سبحان الله! نصفها؛ فإن الحروف ثمانيةٌ وعشرون حرفًا، هذه تعدل نصف الحروف.

اختلف العلماء فيها اختلافًا كثيرًا، والأقرب -والله أعلم- أن لها مغزًى، وليس لها معنًى، أما كونها ليس لها معنًى، فلأن القرآن نزل بلغة العرب، واللسان العربي المبين لا يُعطي لها معنًى -كما قال مجاهدٌ [1]- ولكن لها مغزًى، وهي الإشارة إلى إعجاز القرآن، وأن هذا القرآن الذي عجزتم عن الإتيان بمثله، أو بسورةٍ من مثله، أنه مكونٌ من هذه الحروف؛ ولهذا تجد أنه يعقب هذه الحروف الإشارة للقرآن: الم ۝ ذَلِكَ الْكِتَابُ [البقرة:1-2]، المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ [الرعد:1]، حم ۝ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ [الزخرف:1-2]، تجد الإشارة للقرآن غالبًا، وأحيانًا يذكر بعدها ما هو من خصائص القرآن: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص:1]، يعني: إذا تتبعتها؛ تجد بعدها الإشارة للقرآن، أو لما هو من خصائص القرآن، وهذا فيه إشارةٌ لهذا المغزى وهذه الحكمة العظيمة، وهي أن هذا القرآن الذي عجزتم عن الإتيان بمثله إنما هو مكوَّنٌ من مثل هذه الحروف، ولكن مع ذلك يَحتمِل أن لها معنًى الله تعالى أعلم به.

ولهذا الحافظ ابن كثيرٍ رحمه الله قال: إن هذه الأربعة عشر حرفًا يجمعها قولك: “نصٌّ حكيمٌ قاطعٌ له سرٌّ” [2]، فهذا محتمِلٌ والله أعلم.

قال بعض السلف: إنها تدل على أسماء الله .

وقال بعضهم: تدل على أسماء القرآن، وأقوالٌ كثيرةٌ في هذا، فالله تعالى أعلم وأحكم.

وقد ذُكر عن ابن بَرَّجَان الأندلسي: أنه استنبط من أوائل سورة الروم: أن بيت المقدس سيفتح عام 583، ثم توفي، وفتح بيت المقدس في ذلك العام [3]، لكن لم يُبيِّن للناس كيف استنبط هذا من أوائل سورة الروم، فالله تعالى أعلم.

فهذا القرآن فيه أسرارٌ، وفيه إعجازٌ، وفيه آياتٌ، فهو كلام الله ​​​​​​​، لا تنقضي عجائبه.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر: تفسير ابن أبي حاتم: (5/ 1437)، (8/ 2747)، وتفسير ابن عثيمين: (1/ 22)، ط دار ابن الجوزي.
^2 تفسير ابن كثير: (1/ 70)، ط دار الكتب العلمية.
^3 البداية والنهاية لابن كثير: (16/ 592)، ط دار هجر.
مواد ذات صلة