logo
الرئيسية/مقاطع/ثلاث يصفين لك ود أخيك

ثلاث يصفين لك ود أخيك

مشاهدة من الموقع

هذه المقولة مشتهِرةٌ عن عمر ، يقول: “ثلاثٌ يُصَفِّين لك ود أخيك” [1].

أي أنها تقوي المحبة والمودة بينك وبين أخيك المسلم:

  • الأولى: “أن تسلم عليه إذا لقيته”، يعني: أن تبدأه بالسلام، وإلقاء السلام وإفشاؤه من أسباب المحبة بين المسلمين؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: أفلا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم [2].

فقوله: أفشوا، فيه: زيادةٌ على مجرد الإلقاء، يعني ليكن السلام فاشيًا بينكم كثيرًا، فكثرة السلام تقوي المحبة، وتزيل الوحشة بين المسلمين؛ ولهذا ينبغي أن يحرص المسلم على أن يسلم على أخيه المسلم في كل مناسبةٍ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، كونك أنت الذي تبدأ أخاك المسلم بإلقاء التحية عليه، هذا مما يزيد المحبة والمودة بينكما؛ ولذلك تجد أن الإنسان الذي يقابلك ولا يسلم، يكون بينك وبينه وحشةٌ، وتتساءل: لماذا هذا الإنسان لا يسلم؟ وربما يأتي الشيطان للإنسان ويجعله يسيء الظن بهذا الذي لا يلقي السلام، لكن إذا ألقى السلام؛ يكون هناك أنسٌ، وتزول الوحشة.

ثم أيضًا إلقاء السلام فيه أجرٌ؛ كما جاء في الحديث عن النبي أنه أتى رجلٌ وقال: السلام عليكم، رد عليه السلام وقال: عشرٌ ثم أتى آخر، قال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: عشرون، ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه وقال: ثلاثون [3]، مجرد أنك تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ تكسب بها ثلاثين حسنةً.

  • الأمر الثاني: قال: “توسع له في المجلس”، وهذا قد أمر الله تعالى به فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ [المجادلة:11]، فالتفسح للداخل في المجلس هذا من أداب المجلس، وأمر الله تعالى به في هذه الآية إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].

ما مناسبة ذكر الذين أوتوا العلم في هذه الآية؟ ما مناسبة ذكر رفعة الذين أوتوا العلم في هذه الآية، مع أن الحديث فيها عن أدبٍ من آداب المجلس، عن التفسح في المجالس؟ من يجيب عن هذا السؤال؟

نعم؛ لأن من لوازم العلم: الأدب، ومن الأدب: التفسح في المجالس، فمن لوازم العلم: الأدب؛ ولذلك العلم بدون أدبٍ يذهب بهاؤه، فمن أبرز لوازم العلم وخصائصه: الأدب، ومن الآداب العظيمة: ما ذكره الله تعالى في الآية من التفسح في المجالس، خاصةً إذا كان المجلس ممتلئًا مكتظًّا، ويدخل أخوك المسلم فتفسح له، فإن هذا يزيد المحبة والمودة بينكما.

  • الأمر الثالث: “وتدعوه بأحب أسمائه إليه”، تنظر إلى الاسم أو الكنية أو اللقب الذي يحبه وتناديه به، فهذا مما يزيد المحبة والمودة بينك وبين أخيك المسلم.

وهذه الخصال كلها داخلةٌ في حسن الخلق، وحسن الخلق من أفضل الأعمال وأعظمها أجرًا وثوابًا، بل جاء في حديث أبي الدرداء  أن النبي سُئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله، وحسن الخلق [4]، وقال النبي : ما شيءٌ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلقٍ حسنٍ [5]، أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد بسندٍ صحيحٍ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 التاريخ الكبير للبخاري: (9/ 141)، شعب الإيمان للبيهقي: (8397).
^2 رواه مسلم: 54.
^3 رواه أبو داود: 5195، والترمذي: 2689، وأحمد: 19948، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
^4 رواه الترمذي: 2004، وأحمد: 9696، وقال الترمذي: حديث صحيح غريب.
^5 رواه الترمذي: 2002، وأبو داود: 4799، وأحمد: 27517.
مواد ذات صلة
zh