logo
الرئيسية/مقاطع/من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه

من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه

مشاهدة من الموقع

هذه المقولة مرويةٌ عن بعض السلف: “من كثرت نعم الله عليه؛ كثرت حوائج الناس إليه”، تنسب لعلي بن أبي طالبٍ . [1].

فالإنسان عندما تكثر عليه النعم؛ تكثر حوائج الناس إليه؛ ولذلك ينبغي أن يستحضر هذا المعنى، فإن قام بـما يجب لله فيها؛ عرَّضها للدوام والبقاء، ومن ذلك: أن يقوم بحوائج الناس ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، إن كانت مثلًا حوائج الناس ماديةً؛ يساعدهم ما استطاع، أو يشفع لهم ويساعدهم بجاهه، يساعدهم برأيه، يساعدهم بـماله، يساعدهم بـما يستطيع، وإن لـم يقم فيها بـما يجب فيها لله ​​​​​​​؛ عرَّضها للزوال، وعرَّض نفسه لمذمة الناس، فبعض الناس ربما يتذمَّر من كثرة حوائج الناس إليه، كثرة حوائج الناس إليك مؤشِّرٌ على كثرة نعم الله عليك، فاحمد الله تعالى، لولا أن الله تعالى أنعم عليك؛ لَمَا احتاج الناس إليك، كثرة حوائج الناس إليك؛ تدل على كثرة النعم عليك.

ومِن شكر هذه النعم: أن تقوم بـمساعدة الناس بـما تستطيع، وأن تعينهم بـما تستطيع، ولو بشفاعةٍ، بكلمةٍ طيبةٍ، بـمشورةٍ، بـما تستطيع من جميع أنواع المساعدات. 

وينبغي عدم التذمر؛ لأن بعض الناس أيضًا يتذمر، ويُغلِظ على من يسأله شيئًا، والله تعالى يقول: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [الضحى:10]، فإن لـم تُجِب السائل؛ ينبغي أن ترده بلطفٍ، وأن تترفق به، فهذا إنسانٌ قد ألجأته الحاجة إليك، وأنت قد أنعم الله عليك، فإن لـم تعطه وتساعده؛ فلا أقل من أن تتلطَّف معه في العبارة، وأن تقول له قولًا معروفًا.

وبعض الناس يتذمر ويتضجر ويتسخط عندما يأتي إليه أحدٌ أو يسأله أحدٌ، وربما يُغلِظ عليه ويسيء التعامل معه، وهذا يُعرِّض هذه النعم التي أنعم الله تعالى بـها عليه للزوال، من الشكر لله تعالى: أن يستجيب لهؤلاء الذين احتاجوا إليه، ويعينهم بـما استطاع، ويعتذر منهم عما لـم يستطع.

هذا هو المطلوب من المسلم، وهذا هو هدي النبي ، وقد كانت الأمَة تأتي للنبي عليه الصلاة والسلام وتحدثه في حاجتها، ويذهب بـها إلى أقصى المدينة ويقضي حوائجها [2]، وهو رسول الله ، ولا يستنكف، ولا يقول: هذه أمَةٌ، وإنـما كان يستمع إليها، ثم يقوم بحوائجها عليه الصلاة والسلام، هذا أيضًا دليلٌ على طيب المعدن، الإنسان الذي يترفَّق بالفقراء والمساكين وذوي الحوائج، ويستمع لهم، ويقضي حوائجهم؛ هذا دليلٌ على طيب معدنه، وعلى مروءته وعلى حسن خلقه.

ولذلك من علامات حسن الخلق: التعامل الحسن مع الفقراء والمساكين؛ لأن الغالب على النفوس ازدراء الفقراء والمساكين، فإذا رأيت من يترفَّق بالفقراء والمساكين، ويحسن التعامل معهم؛ فهذا دليلٌ على عظيم حسن خلقه؛ لأن هذا الفقيرَ هذا الإنسانُ لا يرجو منه مصلحةً، فإن ترفَّق معه، وإن ساعده بـما يستطيع؛ فهذا دليلٌ على حسن خلقه وطيب معدنه، وأيضًا على أنه يرجو الثواب من الله ​​​​​​​ بذلك الترفُّق وبتلك المساعدة؛ ولهذا ذكروا في ترجمة الإمام أحمد، قالوا: ما رأينا الفقراء في مجلسٍ أعزَّ منه في مجلس الإمام أحمد[3]، كذلك أيضًا في مجلس شيخنا عبدالعزيز بن بازٍ رحمه الله[4]، كان معظم من يجلس في مجلسه من الفقراء والمساكين، ويكونون عزيزين في مجلسه، لا أحد يتعرَّض لهم أو يؤذيهم بشيءٍ، فهذه علامةٌ على حسن الخلق: إحسان للفقراء والمساكين، وقضاء حوائج الناس، هذا من توفيق الله تعالى للعبد.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ربيع الأبرار ونصوص الأخيار لجار الله الزمخشري: (3/ 195)، ط مؤسسة الأعلمي.
^2 رواه البخاري: 6072.
^3 تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة لصالح بن عبد العزيز: (1/ 79)، ط مؤسسة الرسالة.
^4 ينظر: مقدمة الإفهام في شرح عمدة الأحكام د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني: (ص 35)، ط توزيع مؤسسة الجريسي.
مواد ذات صلة
zh