أما الأكل اليسير عرفًا؛ فإن كان ناسيًا أو جاهلًا؛ فلا شيء عليه، أما إذا كان عمدًا؛ فصلاته تبطل، هذا في صلاة الفريضة.
أما في صلاة النافلة فلا بأس بالأكل والشرب اليسير عمدًا، وقد رُوي ذلك عن بعض السلف: رُوي عن ابن الزبير أنه شرب في صلاة التطوُّع، وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وروي عن طاوسٍ، وقال الخلَّال: “سهَّل أبو عبدالله -يعني الإمام أحمد- في ذلك”[1]، لكن ينبغي ألا يفعل ذلك إلا عند الحاجة؛ كمريضٍ بالسكر مثلًا، وانخفض عنده السكر وهو يصلي التراويح أو التهجد، وعادةً من يكون عنده انخفاض في السكر يضع في جيبه شيئًا حلوًا، فاحتاج أن يضع مثلًا هذا الشيء الحلو في فمه وهو يصلي؛ لأجل أن يرتفع عنده السكر، لا حرج، لا بأس، أو أن مثلًا هذا المصلي أصابته شَرْقَةٌ أو كحةٌ وهو يصلي، لا بأس أن يأخذ قليلًا من الماء يشربه لكي تزول هذه الكحة أو الشرقة، فإذا كان ذلك يسيرًا، وفي النافلة؛ فلا بأس.
أو مثلًا بخاخ الربو يحتاجه وهو يصلي، فلا بأس، هذا إذا كان في النافلة، أما الفريضة فعمدًا يبطلها، ولو كان يسيرًا، وأما سهوًا فلا بأس أيضًا.
قال:
ولا تبطل إن بلع ما بين أسنانه بلا مضغٍ[2].
أورد المؤلف هذه المسألة؛ ليرد بذلك على من قال من الفقهاء: إن الصلاة تبطل، وهو روايةٌ عند الحنابلة، وهو مذهب الشافعية، والصحيح أنـها لا تبطل إن بلع ما بين أسنانه؛ لأن هذا شيءٌ يسيرٌ، لكن المؤلف قيَّد ذلك “بلا مضغٍ”؛ لأنه إذا كان بـمضغٍ؛ فكأنه أكل تشهيًا، لكن إذا كان بلا مضغٍ؛ فيعفى عن ذلك.