logo
الرئيسية/مقاطع/العالِم أقل تعبًا، وأكثر أجرًا

العالِم أقل تعبًا، وأكثر أجرًا

مشاهدة من الموقع

هذا ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله في “مفتاح دار السعادة”[1] عندما ذكر فضائل العلم، وعقد مقارنةً بين العلم والمال، من أكثر من مئةٍ وخمسين وجهًا، وهو مبحثٌ نفيسٌ أُوصي بقراءته والإفادة منه.

ومـما ذَكر: هذه الفائدة: أن صاحب العلم أقل تعبًا وعملًا وأكثر أجرًا؛ ولذلك كان فضل العالـِم على العابد كبيرًا؛ فإن العالِـم يعرف مَحَالَّ مرضاة الله ​​​​، ويعرف ما هو أعظم أجرًا وثوابًا فيحرص عليه، ويعلم مَحَالَّ سخط الله سبحانه، وما هو أكثر سخطًا فيجتنبه، ثم أيضًا العالِـم يكون له في الغالب عنايةٌ بأعمال القلوب، والتي لها الأثر الكبير في قبول العمل، إلى غير ذلك من الأسباب التي يَفضُل بـها العالـِم على العابد.

فالعالـِم قد يكون أقل تعبًا من العابد، ولكنه يكون أكثر أجرًا وأعظم ثوابًا، وهذا نظيره: الأعمال الدنيوية؛ ولهذا قال ابن القيم: “واعتبر هذا بالشاهد -يعني بالواقع- فإن الصُّنَّاع والأُجَرَاء يعانون الأعمال الشاقة بأنفسهم”، يعني: العمال يكون هناك معلِّمٌ يَرجع له هؤلاء العمال، فالعمال يعانون الأعمال الشاقة، المعلم فقط يوجه ويأمر ويرشد، ولا يتعب كثيرًا، ومع ذلك أجر المعلم أكثر من أجر هذا العامل بأضعافٍ مضاعفةٍ، في أية مهنةٍ من المهن تجد المعلم أكثر أجرًا من العامل؛ ولهذا قال: “فإن الصُّنَّاع والأُجَراء يعانون الأعمال الشاقة بأنفسهم، والأستاذ المعلم” لا زال هذا المصطلح مستخدمًا إلى الآن، أن هذا معلمٌ، وهذا عاملٌ، فمِن وقت ابن القيم إلى الآن لا زال هذا المصطلح يستخدمه الناس، فالمعلم يجلس يأمرهم وينهاهم، ويريهم كيفية العمل، ويأخذ أضعاف ما يأخذونه؛ بسبب أن عنده علمًا وخبرةً ودُرْبَةً في هذه الصنعة. 

وكذا أيضًا في سائر العلوم الدنيوية، في الطب مثلًا: كلما ارتقى الطبيب مرتبةً؛ كلما كان أقل عملًا وأكثر أجرًا، كذلك أيضًا في التعليم، كلما ارتفعت الرتبة العلمية؛ كان أقل عملًا وأكثر أجرًا، في القضاء كذلك أيضًا، في جميع الأمور، كلما علت رتبة الإنسان؛ كان أقل تعبًا وأكثر أجرًا؛ لأنه أصبح أكثر علمًا ودُرْبَةً.

هذا يبين فضل العلم، وأن العلم ينال به الإنسان الأجور الكثيرة في أمور الدنيا والآخرة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 مفتاح دار السعادة لابن القيم: (1/ 226)، ط عطاءات العلم.
مواد ذات صلة
zh