logo
الرئيسية/مقاطع/من ورع عمر بن عبدالعزيز رحمه الله

من ورع عمر بن عبدالعزيز رحمه الله

مشاهدة من الموقع

الكلام عن سيرته يطول، سيرته سيرةٌ عطرةٌ ثريةٌ ، لكن يهمنا هذه القصة المذكورة هنا، وهي قصةٌ مشهورةٌ في كتب السِّيَـر[1]، وذكرها هنا ابن تيمية رحمه الله، أنه كان على عنايةٍ بالمـحافظة على بيت المال محافظةً شديدةً، لدرجة أنه كان ذات مرةٍ قد أُوقدت له شـمعةٌ ينظر في مصالح المسلمين، ثم أتاه رجلٌ يريد أن يتحدث معه، فأطفأ الشمعة وقال: هذه الشمعة من بيت المال؛ ولـمَّا كنتُ أنظر في مصالح المسلمين؛ كنت أنتفع بضوء الشمعة، أما الآن فأنت تريد أن تحدثني في أمرٍ آخر، فأطفأ الشمعة من شدة ورعه.

لـمَّا حضرته الوفاة قيل له: تركت بنيك -وكان عنده سبعة عشر ابنًا ذكرًا، كل أبنائه ذكورٌ- فقراء لا شيء لهم، قال: أدخلوهم عليَّ، فذرفت عيناه، وقال هذه المقولة: “يا بَنِيَّ، والله ما منعتكم حقًّا هو لكم، ولـم أكن بآخذٍ أموال الناس فأدفعها إليكم”، يعني: ما عندي شيءٌ، “وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالحٌ والله يتولى الصالحين، وإما غير صالحٍ، لا أترك له ما يستعين به على معصية الله”[2].

وسبحان الله! بعد وفاته أغنى الله ​​​​​​​ أولاده، وفتح عليهم أبوابًا واسعةً من الرزق، حتى إنه رُئي بعض ولده أعطى مئة فرسٍ في سبيل الله، لا يعطي مئة فرسٍ في سبيل الله إلا إنسانٌ ثريٌّ جدًّا، فأغناهم الله ​​​​​​​.

فانظر كيف أن الله سبحانه حفظ أولاده بعده وأغناهم!

فهذه القصة فيها عبرةٌ؛ فإن عمر لـمَّا اتقى الله ​​​​​​​ في أمر بنيه، ولـم يعطهم شيئًا ليس لهم، ولـم تأخذه العاطفة، وإنـما تركهم لله ​​​​​​​؛ أغناهم الله ، حفظ الله تعالى بنيه وأغناهم، وفتح عليهم أبوابًا من الرزق، فكانت هذه القصة قصةً عظيمةً اشتهرت، وهي تدل على أن الإنسان إذا اتقى الله ​​​​​​​، فإن الله تعالى يجعل له فرجًا ومخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويرزق أولاده، ويحفظه في أهله وفي أولاده.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر: (19/ 249)، ط دار الفكر، بُغْيَة الطَّلَب في تاريخ حلب لابن أبي جرادة: (9/ 3955)، ط دار الفكر
^2 السياسة الشرعية لابن تيمية: (ص 10)، ط دار عطاءات العلم.
مواد ذات صلة
zh