الإنسان لا يـملك في المستقبل لا الزمان ولا المكان، ولا يـملك أن تكون الظروف مواتيةً، ولا حتى يملك ولا يضمن أنه يعيش إلى تلك اللحظة المستقبلية؛ ولذلك ينبغي أن يتأدَّب مع الله ، لا يقول: سأفعل هذا الشيء في المستقبل، إلا أن يقرن ذلك بـمشيئة الله، كما قال الله سبحانه: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24].
كون الإنسان يقول: سأفعل وسأفعل، هذا نوع تألٍّ على الله ؛ ولذلك -كما قال ابن تيمية رحمه الله[1]- إن من لـم يقرن ذلك بالمشيئة؛ فإنه في الغالب لا يتحقق مراده؛ لأنه قد تألَّـى على الله بذلك.
ولذلك -يا أخي- إذا أردت أن تُـخبر عن شيءٍ تريد أن تفعله في المستقبل؛ فاقرن ذلك بالمشيئة؛ تستفد بذلك فائدتين:
- الفائدة الأولى: البركة، فإنك إذا قرنت ذلك بـمشيئة اللّـه ؛ يبارك الله تعالى لك في هذا الأمر.
- والفائدة الثانية: أن هذا من أسباب تحقيق ذلك الأمر؛ لأنك لو لـم تقرن ذلك بالمشيئة؛ ففي الغالب أنه لا يتحقق؛ لأن من يجزم بفعل أمرٍ في المستقبل من غير أن يقرن ذلك بالمشيئة؛ يكون قد تألَّـى على الله، ومن تألَّـى الله؛ فإن الله يكذِّبه ولا يتحقق مراده في الغالب، وقد يتحقق امتحانًا من الله ، أو استدراجًا، أو بحسب ما تقتضيه حكمة الله ، لكن في الغالب أن مراده لا يتحقق.
ولذلك أقول: إن كون الإنسان يخبر عن أمرٍ أنه سيفعله في المستقبل من غير أن يقرن ذلك بـمشيئة الله؛ هو نوع تألٍّ على الله، وأيضًا سوء أدبٍ مع الله ؛ لأن الإنسان ضعيفٌ، لا يضمن أصلًا أن يعيش إلى تلك اللحظة، ولا يـملك الزمان، ولا يـملك المكان، ولا يـملك أن تكون الظروف مواتيةً، فكيف يجزم بأنه سيفعل ذلك في المستقبل؟!
فاعرف قدرك أيها الإنسان، وتأدَّب مع ربك ومع خالقك، فإذا أردت أن تفعل شيئًا في المستقبل؛ فاقرن ذلك بـمشيئة الله، قل: إن شاء الله.
^1 | مجموع الفتاوى: (7/ 456). |
---|