logo
الرئيسية/مقاطع/ليت الذنوب إذا تخلت خلت

ليت الذنوب إذا تخلت خلت

مشاهدة من الموقع

“فليت ‌الذنوب ‌إذا ‌تَخَلَّتْ خَلَّتْ!”[1]

يعني: الذنوب والمعصية تكتب على الإنسان، وهي شؤمٌ على الإنسان، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، والإنسان فيما مضى من عمره هناك طاعاتٌ عملها، وربـما وجد تعبًا، ذهب هذا التعب وبقي أجرها، وهناك معاصٍ وقع فيها، الْتذَّ بـها، ذهبت تلك اللذَّة وبقي إثـمها، فينبغي أن يعتبر الإنسان بذلك، وهي أنَّ متع المعاصي تذهب وتزول، وتعب الطاعات أيضًا يذهب ويزول، وتبقى الطاعات، وتكتب على الإنسان المعاصي؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، فيُصبَغ في النار صبغةً، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل مرَّ بك نعيمٌ قط؟ هل رأيت خيرًا قط؟ فيقول: لا واللّه يا رب، ما مر بي نعيمٌ قط، ولا رأيت خيرًا قط، ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيُصبَغ في الجنة صبغةً، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل مر بك بؤسٌ قط؟ هل مرت بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤسٌ قط، ولا مرت بي شدةٌ قط [2].

هذان الرجلان أشد أهل الدنيا بؤسًا، وأعظمهم تنعمًا، ومع ذلك ينسيان كل نعيمٍ وكل بؤسٍ مر بـهما في الدنيا، فما بالك بغيرهما؟! وأنت الآن فيما مضى من عمرك هل تتذكر الآن تعب طاعاتٍ عملتها لله؟ نسيتها، نسيت هذا التعب، ونسيت أيضًا ما مر بك من نعيمٍ أو من شدةٍ، كلها ذهبت، ولكن كتبت إما لك، وإما عليك.

فعلى المسلم أن يأخذ العبرة من ذلك، وأن يحرص على أن يتزود بزاد التقوى، وأن يزيد كل يومٍ من رصيد حسناته، فإنك تتعب ويذهب التعب، لكن يثبت الأجر لك؛ ولهذا هذه من أعظم الفوائد التي ينبغي أن تكون حاضرةً في ذهن المسلم: تعب الطاعة قد ذهب وزال، لكن الطاعة بقيت وثبت أجرها، ولذة المعصية قد ذهبت وزالت، لكن بقي وكتب وزرها.

فعلى المسلم أن يعتبر بذلك، وأن يحرص على التزود بزاد التقوى والابتعاد عن المعاصي.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 صيد الخاطر لابن الجوزي: (ص 25)، ط دار القلم.
^2 رواه مسلم: 2807.
مواد ذات صلة
zh