الرئيسية/مقاطع/وجوب الحج على الفور أم التراخي؛ ولماذا أخر النبي ﷺ حجه؟
|categories

وجوب الحج على الفور أم التراخي؛ ولماذا أخر النبي ﷺ حجه؟

مشاهدة من الموقع

قال:

“فمن كملت له هذه الشروط”[1]..

وقد بقي شرطٌ سيذكره المؤلف: وهو وجود المحرم للمرأة. 

“لزمه السعي فورًا إن كان في الطريق أمنٌ”.

قوله: “لزمه السعي فورًا”، يشير إلى مسألة: هل الحج واجب على الفور، أو التراخي؟

وهذا يرجع إلى مسألةٍ مذكورةٍ في كتب أصول الفقه، مسألةٍ أصوليةٍ: هل الأصل في الأمر أنه يقتضي الفورية، أو على التراخي؟

فالجمهور على أنه يقتضي الفورية، والشافعية على أنه يقتضي التراخي[2].

والصواب: هو قول الجمهور، وهو أنه يقتضي الفورية؛ وعلى ذلك: فالأصل هو وجوب الحج على الفورية.

فإن قال قائلٌ: كيف يكون الحج واجبًا على الفور، والنبي عليه الصلاة والسلام لـم يحج إلا في السنة العاشرة في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، والحج فُرض في السنة السادسة؟

فالجواب: أولًا القول بأن الحج فُرض في السنة السادسة محل نظرٍ، والأقرب -والله أعلم- أن الحج إنـما فرض في السنة التاسعة، وليس في السنة السادسة، إنـما الذي نزل في السنة السادسة قول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، والحج إنـما فرض في السنة التاسعة بقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97]، وهذه إنـما نزلت في عام الوفود في السنة التاسعة.

ويبعد جدًّا أن يُفرض الحج على المسلمين، ومكة ليست بدار إسلامٍ في ذلك الوقت، كانت بأيدي المشركين، فكيف يفرض الحج على المسلمين ولا تزال مكة ليست بدار إسلامٍ؟! فهذا بعيدٌ جدًّا؛ ولهذا الصواب: أن الحج إنـما فرض في السنة التاسعة.

طيب، حتى لو قلنا: إن الحج إنـما فرض في السنة التاسعة؛ لماذا لـم يبادر النبي عليه الصلاة والسلام ويحج في السنة التاسعة، وأخر الحج إلى السنة العاشرة؟ 

الجواب: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في ذلك العام منشغلًا باستقبال الوفود التي كانت تفد إليه من أنحاء الجزيرة العربية لتعلن إسلامها؛ لأنه لـمَّا فتح مكة، وظهر على قريشٍ؛ أذعنت له العرب، فأصبحت تأتيه الوفود من كل ناحيةٍ من أنحاء الجزيرة العربية، وتعلن إسلامها، فكان عليه الصلاة والسلام منشغلًا بتلك الوفود.

وأيضًا هناك سببٌ آخر: وهو أنه لا زالت بقايا المشركين وآثار الشرك في الحج، فكان المشركون يطوفون بالبيت عراةً، ولا تزال بعض اعتقاداتـهم قائمةً، كانوا مثلًا لا يقفون بعرفة، وإنـما يقفون في مزدلفة، يقولون: نحن أهل الحرم ولا نخرج منه؛ لأن عرفة ليست من الحرم، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام ألا يحج إلا وقد طُهِّر الحج من آثار الشرك والمشركين، ففي تلك السنة -السنة التاسعة- بعث أبا بكرٍ أميرًا على الحج، ونادى في الناس: “ألا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ” [3].

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 دليل الطالب مرعي الكرمي: (ص 101)، ط دار طيبة.
^2 مختصر المزني: (8/ 159)، ط دار الفكر.
^3 رواه البخاري: 1622، ومسلم: 1347.
مواد ذات صلة