الحج عبادةٌ من أفضل العبادات، بل إن ظاهر الأدلة: أن الحج يكفر جميع الذنوب، حتى الكبائر بعد التوبة منها.
وأما الصلوات الخمس، وصيام رمضان، والجمعة إلى الجمعة، فهي تكفر الصغائر؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر [1]، لكن الحج ورد فيه ما يدل على أنه يكفر جميع الذنوب حتى الكبائر؛ ومن ذلك: الآية الكريـمة: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203]، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني: أنه تُـحط عنه الآثام، وليس المعنى: لا حرج عليه، وإنـما المعنى: أنـها تُحط عنه الآثام، يعني: من تعجل وقد اتقى الله في حجه؛ فإنه يرجع ولا إثـم عليه، ومن تأخر وقد اتقى الله في حجه؛ فإنه يرجع ولا إثـم عليه.
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: من حج فلم يرفث ولـم يفسق؛ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه [2]، الحديث في “الصحيحين”، والذي ولدته أمه ليس عليه ذنوبٌ، ويقول: الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة [3]، وفي قصة إسلام عمرو بن العاص يقول عليه الصلاة والسلام: أما علمت -يا عمرو- أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تـهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله [4]، وهذا في “صحيح مسلمٍ”.
فالحج يهدم ما كان قبله من الذنوب والمعاصي.