من حكمة الله : أن خلق الإنسان في كَبَدٍ: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4]، فهو يكابد هذه الدنيا وهـمومها ومصاعبها ومتاعبها، ولو كانت الدنيا على ما يريده الإنسان؛ ما تـمنَّـى أحدٌ الجنة.
فمن حكمة الله تعالى: أنه لا بد من المـحن والمصائب في هذه الدنيا، بل كما قال عليه الصلاة والسلام: أشد الناس بلاءً: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، إن كان في دينه صلابةٌ شُدِّد عليه في البلاء [1]، فهذا من حكمة الله .
وهذه المـحن والمصائب لها فوائد ومنافع:
- أولًا: التمحيص؛ فإن بعض الناس عند أدنى محنةٍ أو ابتلاءٍ يسقط؛ كما قال سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الحج:11].
- ومن هذه أيضًا المنافع: ما ذكره ابن القيم هنا؛ من أن هذه المصائب تَدفع عنه أدواء الكبر والعجب وقسوة القلب والفرعنة، وما هو سببٌ لهلاكه؛ لأن الإنسان إذا أتته هذه المصائب؛ يضعف ويعرف قدره أيضًا، ويرجع إلى ربه : كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7]، فهذه المصائب تكون -مثلما ذكر- كالحِمْية له من الأدواء؛ ولهذا قيل: “فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه!”[2].