في هذه القصة عبدالله بن وهبٍ أراد أن يُلزم نفسه بترك الغيبة بالصوم، فنذر أنه كلما اغتاب إنسانًا؛ صام يومًا، لكن وجد أن هذه لـم تعط النتيجة التي يريد؛ لأن الصوم بالنسبة له سهلٌ، فانتقل إلى أمرٍ آخر: وهو أنه نوى أنه كلما اغتاب إنسانًا؛ تصدق بدرهمٍ، والنفس تحب المال، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر:20]، قال: “من حبي للدراهم تركتُ الغِيبة”[1].
فهذا يدل على أن الإنسان ينبغي أن يكون له تعاملٌ مع نفسه، إذا رأيت من نفسك تقصيرًا في شيءٍ؛ يـمكن أن تلزمها بطريقةٍ معينةٍ، تلزم النفس بطريقةٍ معينةٍ؛ كأن تتصدق مثلًا بـمبلغٍ عندما يقع منك أمرٌ لا تريده، أو عندما تُقصِّر في أمرٍ أنت تريده، تقول مثلًا: إذا حصل هذا التقصير، أو الوقوع في هذا الأمر؛ أتصدق بكذا، مبلغًا أنت تقدر عليه، لكن يكون حاجزًا لك عن هذا التقصير، أو عن الوقوع في أمرٍ محرمٍ.
فهذا مأثورٌ عن السلف، يسمونـها: معاقبة النفس، ومعاتبة النفس، معاتبةٌ ومعاقبةٌ، وهذا يدخل في النفس اللوامة، يعني: التي تلوم صاحبها، تلومه إذا وقع في المعصية، وإذا وقع في التقصير أيضًا، وهذه صفة مدحٍ، والنفس المطمئنة كذلك وصف مدحٍ، والأمارة بالسوء وصف ذمٍّ، فاللوامة: التي تلوم صاحبها، والسلف كان لهم في هذا مقاماتٌ: مقام المعاتبة، ومقام المعاقبة، يعاقب نفسه.
الحاشية السفلية
^1 | سير أعلام النبلاء: (9/ 228)، ط مؤسسة الرسالة. |
---|