logo
الرئيسية/مقاطع/كيفية التعامل مع المصائب والمحن

كيفية التعامل مع المصائب والمحن

مشاهدة من الموقع

وقد نقل الإمام ابن القيم عن شيخه ابن تيمية قال: “قال لي شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله تعالى- العوارض والمـحن هي كالحر والبرد، فإذا علم العبد أنه لا بد منهما؛ لـم يغضب لورودهما ولـم يحزن، ولهذا قال: ينبغي عند ورود هذه المـحن التغافل، وألا يقف معها ما أمكنه، فإنـها تـمر بالتغافل سريعًا، ولا يُوسِّع دوائرها؛ فإنه كلما وسَّعها؛ اتسعت ووجدت مجالًا فسيحًا، ولو ضيَّقها بالإعراض عنها والتغافل؛ لاضمحلَّت وتلاشت”[1].

يعني: هذه المـحن والمصائب والابتلاءات ينبغي ألا تشغل فكرك بـها، وأن تتغافل عنها، وتعرض عنها ما أمكن، فإنها بـهذا الإعراض والتغافل وقلة التفكير فيها تتلاشى شيئًا فشيئًا، لكن عندما تشغل بـها فكرك؛ فإنـها تكبر شيئًا فشيئًا، وتتسع دائرتـها وتؤثِّر عليك، وتؤثِّر حتى على أمر العبودية وسيرك إلى الله .

هذه وصفةٌ من هذا العالـم الإمام: أن هذه المصائب والمـحن احرص ألا تفكر فيها كثيرًا، لا تشغل بالك وفكرك بـها، تغافل عنها ما أمكن، فإنك بـهذا التغافل وقلة التفكير تضعف وتتلاشى، لكن عندما تشغل فكرك بـها؛ تزداد شيئًا فشيئًا، وربـما بعض الناس عندهم حساسيةٌ مرهفةٌ، بعض الناس ربـما تُسبب لهم صدماتٍ نفسيةً، وأمراضًا نفسيةً، كم من إنسانٍ أصيب بجلطةٍ، أو أصيب بأمراضٍ بسبب مصيبةٍ من المصائب لـم يتحملها!

ولهذا ينبغي أن يوطِّن العبد نفسه على أنه لا بد من هذه المصائب، لا بد، ولا بد من هذه الابتلاءات، لكن يُعرِض عنها ما أمكن، يتغافل عنها ما أمكن، يُصبِّـر نفسه، ويتعلق بربه ​​​​​​​، فإنـها تضعف وتتلاشى بقلة التفكير فيها وبالإعراض عنها، وتزداد وتتضاعف بكثرة التفكير فيها، وبأن يجعلها الإنسان نُصْب عينيه، فإنـها تتضاعف وتزداد، وكما ذكرنا ربـما تسبب للإنسان أمراضًا. 

فهذه وصفةٌ من هذا العالـم في كيفية التعامل مع هذه المصائب والمـحن؛ ولهذا قال: هي كالحرِّ والبرد، يعني: الحر الشديد مؤذٍ، والبرد الشديد مؤذٍ، لكنه يـمر، فترة زمنية ويـمر، فيقول: اعتبر هذه المصائب والمـحن كالحر والبرد، أنـها تذهب وتـمر، وأنه لا بد منها، وأن طبيعة حياة الإنسان أنه لا بد أن تعتريه هذه المصائب وهذه المـحن.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 مدارج السالكين لابن القيم: (4/ 359)، ط عطاءات العلم.
مواد ذات صلة
zh