logo
الرئيسية/مقاطع/أهمية العناية بأحوال النفوس

أهمية العناية بأحوال النفوس

مشاهدة من الموقع

وهذا يُبيِّن لنا أهمية العناية بأحوال النفوس؛ ولهذا قال سبحانه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:40-41]، الآية تشير إلى أن النفس بطبعها تنجرف للهوى، وأنـها تحتاج من الإنسان إلى نـَهْيٍ، والنفس إذا رأت من الإنسان حزمًا وعزمًا؛ تنقاد له، وإذا رأت منه ضعفًا وترددًا؛ فإنـها تغلبه؛ ولهذا في البيت المشهور يقول القائل:

والنفس كالطفل إن تـهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم[1]

هي كالطفل، الطفل إذا تُرك يَرضع؛ يستمر على الرضاع، لكن إذا فُطم؛ تألـم قليلًا ثم انفطم.

ولذلك: عظَّم الله تعالى شأن هذه النفس فأقسم بـها، أقسم بـها بعدما أقسم بآياتٍ كونيةٍ عظيمةٍ، قال: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ۝وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا ۝وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ۝وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ۝وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ۝وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس:1-6]، كلها آياتٌ كونيةٌ عظيمةٌ، لا يقدر عليها البشر، ثـم قال: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا [الشمس:7]، فأقسم بالنفس؛ وهذا يدل على عظيم شأنـها، ثم ذكر الله -بعدما أقسم بـها- أن هذه النفس لها دوافع الخير ونوازع الشر؛ ولهذا قال: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:8].

لكن جعل الله للإنسان الاختيار، فإما أن يزكيها فيفلح، أو أنه يدنسها فيخيب؛ ولهذا قال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]؛ ولهذا كان من دعاء النبي ، كما جاء في حديث زيد بن أرقم  في “صحيح مسلمٍ”، كان عليه الصلاة والسلام يقول: اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها [2]، هذا دعاءٌ عظيمٌ، آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

أحد الناس يقول لي: إنني أتكاسل عن صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد، وإنني أتألـم على حالي، حتى إني لأبكي من شدة الأسى، قلت: ما السبب؟ قال: تغلبني نفسي، قلت: هذا ليس عذرًا لك، وأن النفس إذا وجدت منك حزمًا وعزمًا وقوةً؛ ما غلبتك، لا تغلبك نفسك إلا إذا وجدت منك التردد والتكاسل والضعف، وإلا فالحازم مع نفسه لا تغلبه نفسه، وإنما يغلب نفسه ويُروِّضها.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم: (ص 23)، ط عطاءات العلم.
^2 رواه مسلم: 2722.
مواد ذات صلة
zh