logo
الرئيسية/مقاطع/بم تدرك صلاة الجماعة؟

بم تدرك صلاة الجماعة؟

مشاهدة من الموقع

ما تدرك به الجماعة

هذه المسألة -أعني مسألة ما تدرك به الجماعة- اختلف فيه الفقهاء على قولين:

القول الأول: أنها تدرك بإدراك جزءٍ من الصلاة، فمن كبَّر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى؛ فقد أدرك الجماعة، وإلى هذا ذهب الجمهور من الحنفية[1] والشافعية[2] والحنابلة[3]، واستدلوا بحديث أبي هريرة  أن النبي قال: إذا سمعتم الإقامة؛ فامشوا وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا [4]، متفقٌ عليه، فقالوا: دل هذا الحديث على أن من أدرك جزءًا من الصلاة؛ فإنه يكون مدركًا للصلاة، ولأنه أدرك جزءًا من صلاة الإمام فأشبه ما لو أدرك ركعةً.

وذهب المالكية إلى أن الجماعة إنما تدرك بإدراك ركعةٍ[5]، وهو روايةٌ عند الحنابلة، واستدلوا بحديث أبي هريرة أن النبي قال: من أدرك ركعةً من الصلاة؛ فقد أدرك الصلاة [6]، متفقٌ عليه، فإن هذا الحديث يدل بمفهومه على أن من أدرك دون الركعة؛ فإنه لا يكون مدركًا للصلاة، وهذا هو القول الراجح، أن الجماعة إنما تدرك بإدراك ركعةٍ، وقد اختاره ابن تيمية وابن القيم، والشيخ عبدالعزيز بن بازٍ والشيخ محمد بن العثيمين، رحمة الله تعالى على الجميع؛ ولذلك في صلاة الجمعة لو أدرك أقل من ركعةٍ؛ فإنه يكون قد فاتته الجمعة، ويصليها ظهرًا؛ فكذلك أيضًا الجماعة، إذا لم يدرك ركعةً؛ تكون قد فاتته الجماعة كذلك، لا فرق بين الجمعة والجماعة، الجمعة تدرك بإدراك ركعةٍ، وكذلك الجماعة تدرك بإدراك ركعةٍ ولا فرق.

من ثمرات الخلاف في هذه المسألة: إذا أتى رجلٌ مسجدًا وقد رفع الإمام من الركوع من الركعة الأخيرة؛ فإن كان يرجو وجود جماعةٍ أخرى؛ فالأفضل أن ينتظر حتى يصلي مع الجماعة الجديدة التي يرجوها؛ لأنه لو دخل مع الإمام في هذه الحال؛ فقد فاتته الجماعة، لكن لو انتظر وصلى مع الجماعة الجديدة؛ فيكون قد ضمن أجر الجماعة، سبعًا وعشرين درجةً.

وأما إذا كان لا يرجو وجود جماعةٍ جديدةٍ، فإنه يدخل معهم على كل حالٍ؛ لأن كونه يدخل معهم فيدرك جزءًا من الصلاة؛ خيرٌ من كونه يصلي منفردًا.

طيب، لو دخل مع الجماعة الأولى ظنًّا منه أنه لن يأتي أحدٌ، ثم في أثناء الصلاة أحس بجماعةٍ جديدةٍ تصلي، فالأفضل أن يقلب الفرض نافلةً، ركعتين خفيفتين، ثم ينصرف ويصلي مع الجماعة الجديدة؛ لأجل أن يحوز أجر الجماعة.

يعني أقول: هذا رجلٌ أتى للمسجد وقد رفع الإمام من الركوع من الركعة الأخيرة، ثم لما سلم الإمام؛ قام يقضي، وأحس بجماعةٍ جديدةٍ تقيم الصلاة، فالأفضل في حقه أن يقلب الفرض إلى نفلٍ، يصليها ركعتين خفيفتين، ويلتحق بالجماعة الجديدة؛ لأنه إذا فعل ذلك؛ ضمن أجر الجماعة، سبعًا وعشرين درجةً، بينما لو استمر في الجماعة الأولى؛ فقد فاته أجر الجماعة؛ لأنه لم يدرك ركعةً، والجماعة إنما تدرك بإدراك ركعةٍ على القول الراجح.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 المبسوط للسرخسي: (2/ 94)، ط مطبعة السعادة.
^2 المجموع للنووي: (4/ 215)، ط دار الفكر.
^3 المغني لابن قدامة: (2/ 182)، ط دار عالم الكتب.
^4 رواه البخاري: 636، ومسلم: 602.
^5 التمهيد لابن عبد البر: (5/ 73-74)، ط مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي.
^6 رواه البخاري: 580، ومسلم: 607.
مواد ذات صلة
zh