logo
الرئيسية/مقاطع/الوقوف مع الإنسان عند المصيبة من المعروف الذي لا يُنسى

الوقوف مع الإنسان عند المصيبة من المعروف الذي لا يُنسى

مشاهدة من الموقع

الوقوف مع الإنسان في حال مصيبته، وفي حال كربته، من المعروف الذي لا ينساه الإنسان أبدًا، وعلى هذا كلام الحكماء، والأمثلة عند الناس قديـمًا وحديثًا؛ ولهذا يقولون: “قد تنسى من شاركك في الضحك، ولا تنسى من شاركك في البكاء”.

وفي قصة الإفك في “الصحيحين”[1]، قصة عائشة رضي الله عنها، وهي قصةٌ عظيمةٌ، جاء فيها: أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالإفك -ولـم تعلم به إلا بعد شهرٍ- جلست في بيت أبيها تبكي طوال الوقت، لا تأكل ولا تشرب ولا تنام، قالت: حتى ظنَّ أبواي أن البكاء فالقٌ كبدي، ظنوا أنـها ستهلك، قالت: فدخلت امرأةٌ من الجيران من الأنصار ووجدتني أبكي فجعلت تبكي معي، وهي لا تدري، رأتـها تبكي فجلست تبكي معها، فلم تنس عائشة رضي الله عنها هذا الموقف، لـم تنس موقف هذه المرأة التي جلست تبكي معها، وتشاركها في البكاء.

وكان من رحمة الله تعالى أنـها لـم تعلم إلا بعد شهرٍ، وإلا لو علمت من بداية حديث الناس في الإفك؛ لربما هلكت؛ لأن أشد ما يكون على الإنسان أن يُتهَّم بأمرٍ هو منه بريءٌ، هذا شديدٌ على النفس؛ ولهذا يوسف عليه الصلاة والسلام ألقوه في الجب وصبر، وباعوه رقيقًا وصبر، وحصل ما حصل من التنقلات له وصبر، لكن لما اتـهموه بالسرقة: قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ [يوسف:77]، ومع ذلك من أدبه أنه أسرَّها في نفسه ولـم يبدها لهم.

فاتـهام الإنسان بـما هو منه بريءٌ، هذا أشد ما يكون على النفس.

والشاهد من هذه القصة: أن هذه المرأة الأنصارية شاركت عائشة في البكاء، ولـم تنس عائشة هذا الموقف من هذه المرأة.

ولهذا الإنسان عندما تقع له مصيبةٌ -خاصةً إذا كانت وفاة عزيزٍ عليه- ولـم يُعَزِّه أحدٌ مـمن يحبهم هو؛ يجد في نفسه عليهم، كيف أن فلانًا لـم يقم بتعزيتي؟! لأنه يرى أن التعزية شيءٌ كبيرٌ بالنسبة له؛ فيها مواساةٌ، وفيها تسليةٌ، وفيها قيامٌ بـهذا الواجب، ففي المواساة تجد أن الإنسان يجد في نفسه على من يحبه، وأيضًا يُكْبِـر في نفسه من يقف معه في المواقف الصعبة وفي المصائب، لا ينسى المعروف الذي يقدم له في هذه المواقف الصعبة.

وهذه من الأمور التي ينبغي أن يحرص المسلم على التخلُّق بـها، إذا وجدت أن أخاك المسلم يـمر بكربةٍ، أو في ضيقٍ؛ فينبغي أن تقف معه بقدر ما تستطيع، ولو أن تقف معه بالرأي والمشورة، أو بالشفاعة، وبـما تستطيع من مساعدةٍ وإعانةٍ، فإن هذا من المعروف العظيم الذي يبقى في ذاكرته ولا ينساه أبدًا.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 2661، ومسلم: 2770.
مواد ذات صلة
zh