الرئيسية/مقاطع/فضل صيام تسع ذي الحجة
|categories

فضل صيام تسع ذي الحجة

مشاهدة من الموقع

أولًا: الصيام عبادةٌ عظيمةٌ، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به [1]، وهذا الحديث في “الصحيحين”، فقوله: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يدل على أن الجزاء على الصيام والأجر على الصيام أجرٌ خاصٌّ، ليس كسائر الأجور على بقية الأعمال الصالحة.

فمثلًا الصلاة، الأجر فيها من باب الحسنة بعشر أمثالها، الزكاة، الأجر فيها من باب الحسنة بعشر أمثالها، الحج، بقية الأعمال الصالحة، الصيام، الأجر عليه جزاءٌ خاصٌّ، وكما يقال: الأعطية بقدر معطيها، والله تعالى هو أكرم الأكرمين.

وأضرب لهذا مثالًا بسيطًا يتضح به المقال: لو أن معلمًا قال لطلابه، مثلًا تفوق عنده عشرة طلابٍ من الفصل، نفترض: أن الفصل عنده أو القاعة عنده أربعون طالبًا، عشرةٌ متفوقون، قال: أنت -يا فلان- لك جائزةٌ كذا، وأنت كذا، وأنت كذا، ولما أتى إلى الأخير قال: وأما أنت -يا فلان- فلك جائزةٌ خاصةٌ عندي، فماذا نتوقع أن تكون هذه الجائزة؟ ستكون أفضل من بقية الجوائز، جائزةٌ خاصةٌ، ولله تعالى المثل الأعلى، العطية بقدر معطيها، فالله تعالى يقول: أنا سأجزي على الصيام جزاءً خاصًّا من عندي، فمعنى ذلك: أن الجزاء على الصيام عظيمٌ، وأن أجره جزيلٌ، وهذا يشمل صيام الفريضة وصيام النافلة.

ولذلك الأفضل أن تصام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة إن تيسر، فإن لم يتيسر؛ يصوم بعضها، ويتأكد منها يوم عرفة، فقد جاء في حديث أبي قتادة أن النبي  قال: يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده [2].

بعض الناس يطرح مسألة أنه لم يثبت عن النبي أنه صام التسعة الأولى من عشر ذي الحجة، نقول النبي عليه الصلاة والسلام قد يأمر بالشيء ولا يفعله؛ لمصالح أرجح؛ فمثلًا: أخبر بأن: أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا [3].

لكن هل كان النبي يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ الواقع أنه لم يكن يصوم يومًا ويفطر يومًا، وإنما كان -كما تقول عائشة رضي الله عنها- يصوم حتى يقول القائل لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل لا يصوم [4]، فقد يحث النبي على الشيء ولا يفعله لمصالح أرجح.

فإذنْ صيام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة، أو ما تيسر منها، هذا مستحبٌّ استحبابًا مؤكدًا.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 5927، ومسلم: 1151.
^2 رواه مسلم: 1162.
^3 رواه البخاري: 1131، ومسلم: 1159.
^4 رواه البخاري: 1971، ومسلم: 1157.
مواد ذات صلة