logo
الرئيسية/برامج تلفزيونية/تفسير آيات الأحكام/(14) تفسير آيات الأحكام- من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}...

(14) تفسير آيات الأحكام- من قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}...

مشاهدة من الموقع

جدول المحتويات

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا بكم -أعزاءنا المشاهدين- في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم: (البناء العلمي).

نحن وإياكم على مائدة كتاب الله في تفسير آيات الأحكام مع فضيلة شيخنا الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام.

باسمي وباسمكم جميعًا أرحب بفضيلة الشيخ.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المشاهدين.

تفسير آيات الربا في سورة البقرة

المقدم: شيخنا الفاضل، كنا قد وقفنا في تفسير آيات الاحكام عند الربا من سورة البقرة، فنستأذنكم في سماع تلاوةٍ لآيتين من آيات الربا ثم نعود -بإذن الله- للشرح والتعليق.

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۝ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:275-276].

المقدم: تفضل -يا شيخنا- بالتعليق على الآيات.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فكنا قد انتهينا من الكلام عن تفسير آيات الأحكام المتعلقة بمسائل الطلاق والعِدد وما يتعلق بذلك، وننتقل بعد ذلك للكلام عن المسائل والأحكام والفوائد واللطائف المتعلقة بآيات الربا في سورة "البقرة"، والتي ابتدأها ربنا بقوله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

مناسبة ذكر آيات الربا بعد آيات الصدقات

ذكر الله تعالى آيات الربا بعد آيات الصدقات والحث عليها، فلما ذكر الله تعالى الأبرار المؤدِّين للنفقات والصدقات؛ شرع في ذكر أَكَلة الربا وأموال الناس بالباطل؛ لأن الربا يُضاد الصدقة.

الصدقة: أن يبذل الإنسان ماله للمحتاجين.

الربا: أن يأخذ الأموال من المحتاجين ويظلمهم.

فالربا مضادٌّ للصدقات؛ ولذلك نجد أن آيات الربا وقعت بعد الحث على الصدقات والحث على البذل والإنفاق في سبيل الله .

سر التعبير بالأكل في آيات الربا

ابتدأ الله هذه الآية بقوله: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا،

يَأْكُلُونَ: هنا عبَّر بالأكل، ولكن المقصود عموم الانتفاع بالربا، يَأْكُلُونَ الرِّبَا يعني: يأخذون الربا، سواء جعلوه في الأكل أو في الشرب أو في اللبس أو في السكن، أو في غير ذلك، ولكن عبر بالأكل؛ لأن الأكل هو أعم وجوه الانتفاع وأكثرها إلحاحًا؛ كما قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [المائدة:3]، ذكر الله تعالى لحم الخنزير مع أنه يحرم جميع أجزاء الخنزير بالإجماع؛ شحمه ودمه وجميع أجزائه محرمةٌ، لكن هنا التعبير باللحم؛ لأنه هو غالب ما يُنتفع به من الخنزير؛ هكذا أيضًا هنا غالب وجوه الانتفاع بالربا في الأكل.

تعريف الربا لغةً وشرعًا

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، الربا معناه في اللغة: الزيادة، ومنه قول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [فصلت:39]، يعني: عَلَت وارتفعت.

ومعناه في الشرع: زيادةٌ في أشياء مخصوصةٍ، هذا هو الأصل، أنه زيادةٌ، وقد يكون الربا ليس زيادةً، قد يكون نسيئةً؛ ولذلك العلماء يُقسِّمون الربا إلى إقسام:

  • ربا الفَضْـــل.
  • وربا النَّسيئة.
  • وربا الدُّيـون.

تحريم الربا في الشرائع السماوية

أكل الربا من السبع الموبقات، وقد جاءت جميع الشرائع السماوية بتحريمه، هو محرمٌ على جميع الناس؛ محرمٌ عند اليهود، محرمٌ عند النصارى محرمٌ في جميع الشرائع السماوية؛ ولذلك أنكر الله على اليهود أنهم يأخذون الربا: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء:161].

فالربا محرَّمٌ في جميع الشرائع السماوية؛ وذلك لأثره الاقتصادي السيئ والمدمر على الأفراد وعلى المجتمعات.

آثار الربا على الأفراد والمجتمعات

  • فالربا فيه ظلمٌ للفقير والمسكين والمحتاج، فإن هذا الدائن يريد أن يوسِّع ثروته على حساب المدين، فمن أشهر أقسام الربا: ربا الدُّيون.
    كانوا في الجاهلية إذا حل الدين؛ أتى الدائن للمدين وقال له: إما أن تقضي الدين، وإما أن تُرْبي، يعني: إذا حل الدين؛ أتاه عند حلول الدين يقول له: سدد أو نؤخِّر السداد لكن تزيد في الدين، هذا هو ربا الجاهلية.
    وأنزل الله تعالى في ذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:130]، فيزداد الغَنِيُّ غِنًى، ويزداد الفقير فقرًا، وتتسع الهوة بينهما، وتتلاشى الطبقة الوسطى، فيُصبح المجتمع طبقتين: طبقةً غنيةً تزداد غنًى، وطبقةً فقيرةً تزداد فقرًا، وهذا فيه ظلمٌ لهذه الطبقة الفقيرة الكادحة، فهؤلاء الأغنياء يمتصون ثرواتهم وأموالهم بغير حقٍّ، بظلمٍ.
  • ثم أيضًا الربا له الأثر السيئ المدمر على الاقتصاد؛ ولذلك أدرك بعض الخبراء من الاقتصاديين، وهم غير مسلمين، لا ينظرون إلى مسألة الربا والحلال والحرام، لكنهم يتكلمون عنها من ناحيةٍ اقتصاديةٍ بحتةٍ، يقولون: إذا أردنا نظامًا اقتصاديًّا متينًا؛ فلا يمكن هذا إلا إذا جُعلت الفائدة الربوية صفرًا.
  • الربا أيضًا يُشجِّع على البطالة والكسل؛ لأن هذا الذي عنده مالٌ بدلَ أن يكدح ويتعب ويضع مشاريع تُفيد المجتمع؛ يجعله في البنك الربوي وتأتيه فوائد، وهذا يُشجِّع على البطالة والكسل.
  • أيضًا يُعطِّل من عجلة الإنتاج والنفع في المجتمع.
  • كذلك أيضًا الربا يتسبب في غلاء الأسعار، لماذا؟ لأن هذا الذي يريد أن ينشئ مصنعًا أو مَزارع، أو يريد أن يُفيد المجتمع بأيِّ وجهٍ من وجوه الانتفاع، لماذا يُتعب نفسه إذا كان سيأخذ ربحًا مثل ربح المُرابي؟َ فيقول: لماذا أتعب نفسي؟! أنا آخذ فائدةً ربويةً مضمونةً، فيضطر إلى رفع الربح، يعني: الفائدة الربوية لو افترضنا مثلًا أنها (1%)، فيضطر أن يأخذ الربح (2%)؛ حتى لا يتساوى مع المرابي، يقول: أم أجعل مالي في البنك وآخذ عليه فوائد ربويةً ولا أحتاج إلى أن أنشئ مصنعًا، أو مزرعةً، أو نحو ذلك، فهو يرفع الربح حتى يكون فوق مستوى الفائدة الربوية؛ فيتسبب ذلك في غلاء الأسعار.

خطورة الربا وتشديد الشريعة في التحذير منه

الربا -لو تأمَّلنا- فيه مفاسد كثيرةٌ جدًّا ومدمرٌ، وربما هناك حِكمٌ وأمورٌ تَخفى علينا، الله تعالى أحكم الحاكمين؛ ولذلك نجد أن الشريعة الإسلامية شددت في الربا تشديدًا عظيمًا، والنبي عليه الصلاة والسلام لعن آكل الربا ومُوكِله وكاتبه وشاهده [1]، ليس فقط من يأخذ الربا ومن يدفع الربا، لا، بل حتى من يَشهد الربا، من يكتب الربا، كل من أعان على الربا بأية صورةٍ من صور الإعانة فهو ملعونٌ.

وأيضًا -كما سيأتينا، لعله ربما الحلقة القادمة- أن الله تعالى آذَنَ آكل الربا بالحرب، وعندما تكون الحرب من الله، أنت -أيها الإنسان- ماذا تكون في هذا الكون؟ ذرةٌ أو أقل من ذرةٍ في هذا الكون الفسيح، تُحارب الله ؟! تفتح جبهة حربٍ مع من؟ مع الجبار، مع خالق كل شيءٍ، تفتح جبهة حربٍ معه؛ بسبب أكلك للربا، إذا فتحت جبهة حربٍ؛ معنى ذلك: تَوَقَّع أن تأتيك المصيبة من أي طريقٍ، تأتيك من حيث لا تدري ومن حيث لا تحتسب، نعم، تأتيك مصائب؛ مصائب في بدنك، مصائب في أهلك، مصائب في حريتك، مصائب في كل شيءٍ، لماذا؟ لأنك فتحت جبهة حربٍ مع الله، تُحارب مَن؟! تُحارب رب العالمين؟! فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279].

أنت الآن فتحت جبهة حربٍ مع الرب ، فتوقع أن تأتيك المصائب بأي صفةٍ، وبأي طريقةٍ، وبأي جهة، الشريعة الإسلامية شددت في الربا، حتى إن النبي منع من الذرائع الموصلة للربا ولو من وجهٍ بعيدٍ، فلما سُئل النبي عن بيع الرطب بالتمر، يعني بيع مثلًا كيلو رطبٍ بكيلو تمرٍ مع التقابض، هذه تجوز أم لا؟ لا تجوز، كيلو رطبٍ كيلو تمرٍ مع التقابض، تقابضٌ، وأيضًا كيلو وكيلو، طُرح هذا السؤال على النبي عليه الصلاة والسلام: بيع الرطب بالتمر، ماذا قال؟ قال: أينقص الرطب إذا يَبِس؟، قالوا: نعم، قال: فلا إذَنْ [2]، حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أصحاب السنن بسندٍ صحيحٍ.

طيب، يعني كيلو رطبٍ مع كيلو تمرٍ مع التقابض لا يجوز، لماذا؟ لأن هذا الرطب سينقص إذا يَبِس، فمنع النبي عليه الصلاة والسلام من الربا ولو من وجهٍ بعيدٍ؛ وهذا يدل على خطورة المسألة، فالربا أمره عظيمٌ وشديدٌ، شَدَّدت فيه الشريعة الإسلامية؛ ولهذا ذكر أبو عبدالله القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" قصةً، يقول: إن رجلًا أتى للإمام مالكٍ يستفتيه، وقال: إنه البارحة رأى رجلًا سكرانًا يتعاقر يريد أن يصطاد القمر، يعني من شدة سكره ذهب عقله، أصبح يقفز ويريد أن يصطاد القمر، فتأثر من هذا الموقف، كيف تذهب الخمر بصاحبها إلى هذه الدرجة؟! أنها تجعله في مستوى الحيوان أو أقل، يريد أن يصطاد القمر! فتأثر من هذا الموقف فحلف بالطلاق: إنه ليس هناك شيءٌ يدخل جوف ابن آدم أخبث ولا أشر من الخمر.

الإمام مالكٌ استعظم هذه المسألة، قال: أمهلني حتى أتأمل وأنظر، أتاه من الغد، قال: أمهلني، أتاه من الغد، قال: أمهلني، أتاه اليوم الثالث، قال: امرأتك طالقٌ، إني تأملت كتاب الله فلم أرَ شيئًا يدخل جوف ابن آدم أخبث ولا أشر من الربا، إن الله آذَنَ فيه بالحرب.

يعني: كأن الإمام مالكًا يقول له: أنت حلفت بالطلاق أنه ليس هناك شيءٌ يدخل جوف ابن آدم أخبث وأشر من الخمر، لا، هناك شيءٌ أخبث وأشر من الخمر، وهو الربا، هذا يُبيِّن لنا خطورة الربا، وأنه من الموبقات، ومن كبائر الذنوب، وفاعله وآخذه وآكله وموكله مستحقٌّ للعنة الله وسخطه وعقابه.

تشبيه آكل الربا بالمصروع: دلالته ومعناه

هنا في هذه الآية يقول ربنا سبحانه: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275].

لَا يَقُومُونَ للمفسرين قولان في معنى قوله: لَا يَقُومُونَ، هل المقصود: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة، أو المقصود: لا يقومون عند التعامل بالربا؟ قولان:

  • فأكثر المفسرين قالوا: إن معنى الآية: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس.
  • والقول الثاني: أن المقصود: أنهم لا يقومون عند التعامل بالربا إلا كما يقوم المصروع لشدة شغفهم بالربا؛ كأنما يتصرفون تصرف الذي لا يشعر، فكأنهم سُكَارَى فيما يربحونه، يعني التعبير بالقيام؛ لتشبيه تصرفاتهم بأنها عشوائيةٌ جنونيةٌ كهذا المصروع الذي يتخبط، فهذا المرابي تجد أيضًا أنه يتخبط، يريد أن يُحصِّل المال بأي طريقٍ، ويريد أن يتضخم المال عنده بالربا بأي طريقٍ.

والقول الأول هو الأشهر: أن المقصود: لا يقومون يوم القيامة من قبورهم، وهو أيضًا المأثور عن بعض الصحابة والتابعين؛ ولذلك يقول ابن عباسٍ رضي الله عنهما: "آكل الربا يُبعث يوم القيامة مجنونًا يُخنق"، يعني: كالمصروع.

وجاء في قراءة ابن مسعودٍ : (لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يوم القيامة)، يعني بزيادة (يوم القيامة)، (لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يوم القيامة).

قراءة ابن مسعودٍ هي ليست من القراءات المتواترة، لمَّا جمع الصحابة المصاحف وجعلوها على مصحفٍ واحدٍ وحرقوا بقية المصاحف، وكان رأيًا موفقًا جمع الله تعالى به الأمة؛ ابن مسعودٍ أخفى مصحفه، رفض أن يُسلِّم مصحفه، اجتهادًا منه ، يقول: إن هذا أقرأنيه النبي عليه الصلاة والسلام، وجعل يقول: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]، يقصد: يريد أن يأتي بمصحفه يوم القيامة، لكن وإن قلنا: إنها ليست قراءةً متواترةً؛ إلا أنه سَمع هذا من النبي عليه الصلاة والسلام، لا يمكن أن يأتي بهذه القراءة من نفسه، ولا شك أن هذا التفسير من النبي عليه الصلاة والسلام هو الصواب، وهذا مما يُرجِّح قول جمهور المفسرين بأن المقصود: لا يقومون من قبورهم.

فقراءة ابن مسعودٍ وأثر ابن عباسٍ تُرجِّح هذا القول، وأن معنى الآية: الذين يأكلون الربا لا يقومون من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، فشبَّه الله آكلي الربا بأنهم يقومون يومًا من قبورهم كما يقوم المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس. 

الشيطان يتسلط على الإنسان -والمقصود به: الجان- فيصرع الإنسان، وهذا هو الذي قد يُؤدِّي إلى الجنون، عندما يتلبس الجني بالإنسي، ويبدأ مَن تَلَبَّس به يتخبط ويتكلم بكلامٍ غير مناسبٍ، ويُصرع؛ يتخبط فعلًا وقولًا؛ وهذا يدل على إثبات المس، وأن الجن قد يمس الإنسي ويُلابسه، وهذه المسألة سنتكلم عنها -إن شاء الله- في الأحكام، فيها كلامٌ كثيرٌ، سنتكلم عنها، لكن هذا هو تفسيرها، يعني: أن آكل الربا يوم القيامة لا يقوم إلا كما يقوم هذا المصروع الذي قد تلبَّس به الجان.

شُبهة المساواة بين البيع والربا

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا [البقرة:275].

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ يعني: أكلة الربا، قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، هل المقصود: أنهم قاسوا وأخطئوا في القياس؟ يعني القياس أن يقولوا: ذلك بأنهم قالوا إنما الربا مثل البيع؛ لأنهم يريدون أن يُبيِّنوا أن الربا ليس فيه بأسٌ، يقولون: الربا مثل البيع، ما الفرق بينه وبين البيع؟! لكنهم من شدة تخبطهم؛ عكسوا القياس فقالوا: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، فأخطئوا في القياس وعكسوه؛ من شدة التخبط.

وقال بعض المفسرين: إن هذا ليس قياسًا، وإنما هو اعتراضٌ منهم على شرع الله ، فيقولون: الربا نظير البيع، هو نظيره، فلم حُرِّم هذا وأُبيح هذا؟!

وهذا القول الثاني رجحه الحافظ ابن كثيرٍ في "تفسيره"، وكلا المعنيين صحيحٌ، فهم من شدة التخبط؛ أخطأوا في القياس، قالوا: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا، وكان القياس أن يقول: إنما الربا مثل البيع.

وأيضًا هذا أتى منهم على سبيل الاعتراض على شرع الله ، فيقولون: لماذا يُباح هذا ويُحرَّم هذا؟! البيع والربا شيءٌ واحدٌ! ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا.

الفرق بين المعاملات المباحة والمحظورة

نظير هذا الاعتراض: لماذا يُباح البيع ويُحرَّم الربا؟ نظير هذا الاعتراض: اعتراض بعض الناس على المعاملات المصرفية المباحة، بعضهم يقول: كلها واحدٌ، لا يُدرك الفرق بين المعاملات المحرمة والمعاملات المباحة، الفرق بينهما فرقٌ دقيقٌ قد يخفى على بعض الناس، لكن بعض الناس لا يدرك هذا الفرق فيقول كما قال هؤلاء، يقول: ما الفرق بينها؟ كلها واحدٌ، نقول: لا، هذا حلالٌ وهذا حرامٌ.

تجد أن هذا من قديمٍ؛ ولذلك تجد أن بعض الناس يسوِّي بين المصارف الإسلامية والمصارف الربوية، يقول: ليس بينها فرقٌ، كلها واحدٌ، هذا غير صحيحٍ، هذا نظير مقولة هؤلاء: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا [البقرة:275]، يعني من قديمٍ وهذه المقولة تتردد، نقلها الله تعالى عن المشركين، يقولون: ما الفرق بين البيع والربا؟! كلها واحدٌ!

أيضًا بعض الناس يقول: لا يوجد فرقٌ بين المصرف الإسلامي والمصرف الربوي، كلها واحدٌ، كلها فيها ربًا، وكلها متشابهةٌ، هو يرى أنها متشابهةٌ، ولا يُدرك الفرق بينها، ويقول: كلها واحدٌ، وهذا غير صحيحٍ، أحيانًا الصورية قد تؤثر، النبي عليه الصلاة والسلام لما أُتي بتمرٍ بَرْنِيٍّ [3]؛ أعجبه، قال: أكُلُّ تمر خيبر هكذا؟، قالوا: لا يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، قال : أَوَّهْ! هذا عين الربا، ولكن.. [4] -انظر إلى المخرج الذي أرشد إليه - بِعْ الجَمْع بالدراهم، واشترِ بالدراهم جَنِيبًا [5]، يعني بِعْ التمر الرديء بالدراهم، واشترِ بالدراهم تمرًا جيدًا.

طيب النتيجة واحدةٌ! يعني: بِع صاعين بصاعٍ؛ حصلت على تمرٍ جيدٍ مقابل تمرٍ رديءٍ، هذا عين الربا، بعت صاعين بدراهم، ثم اشتريت بالدراهم صاعًا؛ حصلت على تمرٍ جيدٍ مقابل تمرٍ رديءٍ، نفس القيمة، إي نعم، نفس النتيجة، ومع ذلك هذا عين الربا.

وهذا مخرجٌ أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فهناك دقة في هذه المسائل، الفرق بين الحلال والحرام في مسائل المعاملات فرقٌ دقيقٌ قد لا يُدركه بعض الناس؛ ولذلك تجد أنهم يتكلمون في المجالس يقولون: لا يوجد فرق بين المصرف الإسلامي والمصرف الربوي، لا يوجد فرق، وهذا غير صحيحٍ؛ بل بينهما فرقٌ كبيرٌ، هذا أعلن المصرفية الإسلامية، ويقوم على المعاملات المباحة، ولا بد إذا كان مصرفًا إسلاميًّا أن يكون عنده هيئةٌ شرعيةٌ، وهذا مصرفٌ ربويٌّ لا يتورع عن الربا، بينهما فرقٌ كبيرٌ، وكون بعض المعاملات قد تُؤدِّي لنفس النتيجة، نقول: النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أرشد لهذا لمَّا قال عن بيع الصاع بالصاعين: عين الربا، لكن أرشد إلى عملٍ آخر يُؤدِّي لنفس النتيجة، قال: بع الصاعين بالدراهم واشتر بالدراهم صاعًا من التمر الجيد، نفس النتيجة.

فالله تعالى له الحكمة البالغة في هذا، لكن بعض الناس تخفى عليهم هذه الأمور فيقول: لا فرق بين المصرفية الإسلامية وبين البنوك الربوية، هذا نظير مقولة هؤلاء المشركين: قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْ [البقرة:275]، لا فرق بينهما، هذا ربًا وهذا ربًا، كلها واحدٌ، وأولئك يقولون المصارف الإسلامية والربوية كلها واحدٌ، نحن نقول كما قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275].

المصرفية الإسلامية تمشي على المعاملات المباحة؛ بينما البنوك الربوية لا تتورع عن الربا، تتعامل بالربا الصريح، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا، يعني الله تعالى رَدَّ مقولتهم، وأبطل هذه الشُّبَه بما ذكر أن هذا هو شرع الله، والله تعالى أعلم وأحكم، الله هو الذي أحل البيع وحرم الربا، ولم يُناقشهم في مقولتهم هذه، يعني أن البيع يختلف، وأن البيع يفيد المجتمع، وأن البيع كذا، وأن الربا يترتب عليه مفاسد، وأن فيه ظلمًا للفرد وللمجتمع.. إلى آخره، لم يُناقشهم الله تعالى في هذا؛ لأن الله تعالى أحكم الحاكمين، لا يُسأل عما يفعل لَا يُسۡـَٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ [الأنبياء:23]، جل وعلا.

فالله تعالى هو الذي أحل البيع وحرم الربا، يكفي هذا؛ لأن الله حكيمٌ عليمٌ، وأنه أحكم الحاكمين جل وعلا.

الكف عن الربا نجاة للتائب ووعيد للمُصِرِّ

فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ [البقرة:275] يعني: من بلغه حكم الربا بعد أن تعامل به فجاءه موعظةٌ من الله تعالى فَانْتَهَى يعني: كفَّ عن الربا بالتوبة إلى الله  فَلَهُ مَا سَلَفَ يعني: ما أخذه من الربا قبل العلم بالحكم، وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ يعني: شأنه في الآخرة إلى الله ، وهذا فيه نوعٌ من التهديد، هل هو صادقٌ في توبته أم لا؟ وَمَنْ عَادَ يعني: رجع إلى الربا بعدما أتته الموعظة؛ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، توعده الله بالنار، وسنتكلم عن مسألة الخلود، وأنه ليس المقصود بها الخلود المؤبد؛ وإنما الخلود المؤقت.

أبرز فوائد وأحكام آيات تحريم الربا

ننتقل بعد ذلك لأبرز الفوائد والأحكام من هذه الآية:

التحذير من الربا

أولًا: التحذير من الربا، حيث إن الله تعالى شبَّهه بمن يتخبطه الشيطان من المس، وهذا تشبيهٌ شنيعٌ لأَكَلَة الربا.
فعلى المسلم أن يجتنب الربا كله؛ قليله وكثيره، بل أن يجتنب ما فيه شبهة الربا، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ، فمن اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات؛ فقد وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى يُوشك أن يقع فيه [6].

تشبيه آكل الربا بالمصروع

ومن الفوائد أيضًا: أن الله تعالى شبَّه المتعامل بالربا بمن يتخبطه الشيطان من المس، وذلك إشارةٌ إلى أنه لو تعامل بالربا؛ يُصاب بالنَّهْمة العظيمة في طلبه حتى يكون كالمصروع في الدنيا والآخرة؛ في الدنيا همُّه تضخيم الثروة وتضخيم المال الذي عنده من غير مبالاةٍ بأحوال هؤلاء الفقراء والمساكين، وفي الآخرة أيضًا يقوم من قبره كالذي يتخبطه الشيطان كالمصروع؛ كما قال ابن عباس : "آكل الربا يُبعث يوم القيامة مجنونًا يُخنَق".

المس الشيطاني بين إنكار المنكرين وشهادة الواقع

ومن الفوائد أيضًا: أن الشيطان يتخبط ابن آدم فيصرعه، وقد أنكر ذلك المعتزلة، وأنكره أيضًا بعض الناس في الوقت الحاضر، وابن القيم رحمه الله في "الطب النبوي" قال: إن الصرع ينقسم إلى قسمين:

  • قسمٌ متعلقٌ بصرع الدماغ وتشنج الأعصاب، وهو القسم الذي يعرفه الأطباء ويُقرِّونه ويعالجونه بما عندهم من الأدوية.
  • القسم الثاني من الصرع: صرعٌ من الشيطان.
    وهذا القسم لا علم للأطباء به ولا يعرفونه؛ لأنه متعلقٌ بعلم الأرواح، وعلم الأرواح لم تتكشف أسراره، فلعل هناك ارتباطاتٍ إشعاعيةً ونحو ذلك، فهذا لا يعرفه الأطباء، وليس للإنسان إذا جهل شيئًا أن يُنكره، فهذا موجودٌ وواقعٌ.
    والمعتزلة أنكروا هذا، وأيضًا بعض الناس يُنكرون هذا النوع من الصرع وتلبُّس الجني بالإنسي، مع أن الواقع يؤكِّد وقوعه، خاصةً بالنسبة للسحر؛ لأن السحر غالبًا لا يكون إلا عن طريق الجان، الجان الشيطان يخدم الساحر في سحر من أراد سحره، فيتلبَّس به ويُعينه على السحر.

فغالب السحر يُربط بجانٍّ؛ ولذلك هذا القسم يُعالَج بالرقية الشرعية، وكذلك أيضًا بالأدعية النبوية الواردة ونحو ذلك، ونجد من أُصيب بهذا النوع -وهو تلبُّس الجان- ورُقِي؛ شُفي، وأذكر حتى أثبت صحة ما أقول؛ لأن هناك من يُنازع في هذا وينكر المس بالكلية، فأقول: أحد الرقاة ذَكر لي أنه قد رقى رجلًا عاش في البادية، ولم يسافر أصلًا خارج منطقته فضلًا عن أن يسافر خارج المملكة، وأنه متلبِّسٌ به جانٌّ يتكلم اللغة الأردية، ويقول: إن أحد الدعاة المترجمين لمكاتب الدعوة ترجم كلامه، فأردت أن أتأكد من هذه القضية، فذهبت لهذا الداعية المترجم وسألته: هل ما ذكره الراقي صحيحٌ؟ قال: نعم، قلت له: وأنت ترجمت له من اللغة الأردية؟ كان يتكلم باللغة الأردية؟ قال: نعم، كان يتكلم معي باللغة الأردية، وأنا أتكلم معه وأترجم للراقي، وهذا يتكلم باللغة الأردية وأترجم للراقي بالعربية.

طيب، هذا الرجل لا يعرف الأردية، لم يسافر قط خارج المملكة، بل حتى خارج منطقته، عاش في البادية، معظم وقته في البادية، كيف إذنْ تعلم الأردية؟!

وأنا طرحت هذا على بعض من ينكر التلبس، قالوا: وما يدريك أنها أردية؟ هو يتكلم ويهذي هذيانًا، أقول هذا الرجل تكلم الأردية، والمترجم ترجم له من الأردية إلى العربية، لو كان هذيانًا لم يُترجم، كيف يُترجم هذيانًا؟! مثل هذا إنكاره مكابرةٌ.

فمن ينكر التلبُّس كيف يجيب عن هذا السؤال؟! كيف يجيب؟! الرجل ثقةٌ من الدعاة في أحد مكاتب الدعوة، وترجم، وهذا الرجل لا يعرف الأردية، لم يسافر أصلًا، ولا عُمُرَه تكلم لا الإنجليزية ولا الأردية، لا يعرف غير العربية، ومع ذلك تكلم بلغةٍ أرديةٍ طليقةٍ، أيضًا وترجم للراقي، ماذا يقول هؤلاء الذين ينكرون التلبُّس؟! صحيحٌ أن هناك مبالغاتٍ، ننكر المبالغة لكن لا ننكر أصل الموضوع، إنكار أصله فيه نوعٌ من المكابرة، كيف تُجيب عن مثل هذه الحالات؟!
وإن كانوا هم يقولون: الآية ليست صريحةً، والصحيح أنها ليست صريحةً، لكن نحن نستدل بمجموع الأدلة، والقرائن والوقائع تدل لهذا، وإن كان أيضًا كما ذكرت أن فيه مبالغةً، يعني بعض الناس عندما يأتيه مرضٌ نفسيٌّ، يقول: إنه متلبَّسٌ به.

هناك مبالغةٌ من بعض الناس في المس وفي السحر وفي العين، فتُنكر هذه المبالغات، لكن لا يُنكر أصل الموضوع.

فإذنْ جمهور أهل السنة على إثبات تلبس الجن بالإنس، وأن هذا ممكنٌ وواقعٌ.

بعض الأطباء النفسانيين يقولون: الصرع نعرفه، نقول: تعرفون القسم الأول، وهو الصرع الذي يصرع الدماغ، ويكون مع تشنج الأعصاب، أنتم تعرفون هذا القسم، صحيحٌ، والأطباء من قديمٍ يعرفونه ويعالجونه، لكن لا تعرفون القسم الآخر من الصرع: وهو الذي يكون عن طريق المسِّ.

فهذه الآية فيها إشارةٌ إلى هذا: كالذي يتخبطه الشيطان من المسِّ.

قلب الحقائق في تشبيه البيع بالربا

أيضًا من الفوائد: مبالغة أهل الباطل في ترويج باطلهم؛ لأنهم جعلوا المَقِيس هو المقيس عليه، فقالوا: إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْ [البقرة:275]، وكان مقتضى الحال أن يقولوا: إنما الربا مثل البيع، ولكنهم يُبالغون في ترويج باطلهم، وأيضًا -حتى على القول الآخر- يُوردون الاعتراض على شرع الله بمثل هذا، يقولون: هذا بيعٌ وهذا ربًا، ولا يوجد فرقٌ بينهما، إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْ.

الحلال والحرام بحكم الله لا بعقول البشر

أيضًا من الفوائد: أن الحكم لله وحده، فما أحله فهو حلالٌ، وما حرمه فهو حرامٌ، سواءٌ علمنا الحكمة أو لم نعلمها؛ لأن الله تعالى أحكم الحاكمين، وأخذنا هذا من أن الله تعالى رَدَّ مقولة هؤلاء بقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، كأنه قال: ليس الأمر إليكم في التحليل والتحريم، وإنما الأمر إلى الله، فلماذا تقولون: إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْ؟! مَرَدُّ هذا إلى الله، الله تعالى أحل الله البيع وحرم الربا.

حكمة الله في الفرق بين البيع والربا

ومن الفوائد: أن بين الربا والبيع فروقًا، أَوْجَه اختلافهما: في الحكم، فالله تعالى لا يفرِّق بين متماثلين إلا لحكمةٍ، وهو أحكم الحاكمين جل وعلا.

حكم ما يُقبض من الربا قبل العلم بالتحريم

أيضًا من الفوائد: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم وبعد أن قَبَضَه: هو حلالٌ له بشرط أن يتوب؛ لقوله جل وعلا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275]، يعني هذا إنسانٌ رَابَى قبل خمس سنين معاملةً ربويةً وقبض الربا وانتهت المعاملة، أراد أن يتوب الآن، هل نأمره برد الربا؟ لا، ما مضى وانتهى وقُبض فتكفي فيه التوبة؛ ولهذا قال : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275].

لكن المعاملات الربوية القائمة: هذه يَبطل فيها الربا، ويكون للإنسان رأس ماله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، يبطل الربا ويكون للإنسان رأس ماله فقط، هذا في المعاملات الربوية القائمة.

وأما مضى وقبضه الإنسان وانتهى فتكفي فيه التوبة: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275]؛ إنسانٌ مثلًا كان طيلة عمره يتعامل بالربا، ثم تاب إلى الله ، نقول: ما مضى مضى، لكن لا بد أن تتوب إلى الله وتُحقِّق شروط التوبة، والمعاملات الربوية القائمة يجب عليك أن تضع الربا وتأخذ رأس مالك فقط، هذا هو الحكم الذي تدل له هذه الآية؛ ولذلك نقول: لو تاب من الربا قبل أن يقبضه؛ فيجب عليه إسقاطه، ويَكتفي بأخذ رأس المال؛ لقوله تعالى: فَانْتَهَى، لكن من أخذه بعد العلم فإنه لم ينته؛ ولهذا قال النبي في حجة الوداع: ألا وإن ربا الجاهلية موضوعٌ، وأول ربًا أضعه: ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوعٌ كله [7]، رواه مسلمٌ.

فبيَّن عليه الصلاة والسلام: أن ما لم يؤخذ من الربا فإنه موضوعٌ، ولم يأمرهم بِرَدِّ الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، بل عفا عما سلف.

فإذنْ المتعامل بالربا -إذا أراد أن يتوب- يكون له حالان:

  • الحال الأولى: أن تكون المعاملة انتهت وقبض الربا، فتكفي التوبة إلى الله .
  • الحال الثانية: أن تكون المعاملة قائمةً، فهنا يسقط الربا ويكون له رأس ماله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة:279].

التحذير من الرجوع إلى الربا بعد الموعظة

أيضًا من الفوائد: التحذير من الرجوع إلى الربا بعد الموعظة؛ لقوله: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

منهج أهل السنة في تفسير الوعيد بالنار لآكل الربا وغيره

أيضًا من الفوائد: الوعيد الشديد لمن عاد للربا بالنار؛ لقوله: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

والمراد بالخلود في هذه الآية: الخلود المؤقت، وليس الخلود المؤبد؛ لأن الخلود في لغة العرب نوعان:

  • خلودٌ مؤبدٌ؛ كخلود المشرك في النار.
  • وخلودٌ مؤقتٌ، ومنه قولهم: أخلد فلانٌ في المكان، إذا بقي فيه مدةً طويلةً.

والنصوص يُجمع بعضها مع بعضٍ، ويُفسِّر بعضها بعضًا، هذه طريقة الراسخين في العلم، وهي أيضًا منهج أهل السنة والجماعة.

الخوارج قالوا: إن مرتكب الكبيرة كافرٌ، وقالوا: آكل الربا كافرٌ ومخلدٌ في النار.

والمرجئة قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب.

وأهل السنة والجماعة توسطوا فقالوا: إن آكل الربا ومرتكب الكبيرة عمومًا في الدنيا مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، وأما في الآخرة: فهو تحت مشيئة الله، لكنه لا يخلد في النار، هذا هو الحق، وهو معتقد أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة.

وعلى هذا: يُحمل الخلود المذكور في هذه الآية على أن المقصود به: الخلود المؤقت، وأن آكل الربا أو من جاءته موعظةٌ من ربه وعاد للربا مرةً أخرى ولم ينتهِ عنه؛ أنه متوعَّدٌ بالنار لكنه لا يُخلَّد فيها أبد الآباد، وإنما المقصود بالخلود في الآية: الخلود المؤقت؛ أي أنه يطول مكثه في النار، لكنه لا يُخلَّد فيها أبد الآباد، وإنما قلنا ذلك؛ جمعًا بين النصوص؛ فإن النصوص قد دلَّت على أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار أبد الآباد، وهو معتقد أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة الذين قالوا: إن مرتكب الكبيرة مخلدٌ في النار.

والصواب: ما عليه أهل السنة والجماعة؛ من أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار؛ على هذا: آكل الربا ومن لم ينتهِ عن أكل الربا نقول: هو متوعَّدٌ بالخلود في النار، لكن الخلود المؤقت، وليس الخلود المؤبد؛ جمعًا بين النصوص، ونظير ذلك: قول الله : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء:93]، المقصود بالخلود هنا أيضًا: الخلود المؤقت؛ لأن قاتل النفس أيضًا مرتكبٌ لكبيرةٍ ولا يكفر بذلك، آكل الربا وقاتل النفس لا يكفران بهذا، وإنما هما مرتكبان لكبائر، ومرتكب الكبيرة لا يخلد في النار أبد الآباد.

فيُحمل الخلود الوارد في آية النساء: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، ويحمل الخلود الوارد في آية الربا في قوله ​​​​​​​: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، على أن المقصود بالخلود هنا: الخلود المؤقت، وليس المقصود به: الخلود المؤبد.

وأيضًا هذا يدل على أن قاتل النفس وآكل الربا أنهما لا يكفران، كما هو معتقد أهل السنة والجماعة، وإنما هما واقعان في كبيرةٍ، يَفسقان بهذه الكبيرة، لكن لا يَخرجان من دائرة الإيمان.

فأهل السنة والجماعة يرون أن مرتكب الكبيرة عمومًا -سواءٌ كانت قتل نفسٍ، أو أكل الربا، أو الزنا، أو أي كبيرةٍ من الكبائر- أنه يبقى مسلمًا، يبقى في دائرة الإسلام، لكنه في الدنيا هو مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، وأما في الآخرة فتحت مشيئة الله ؛ إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، لكنه لا يخلد في النار، هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.

وأخذنا هذا من مجموع النصوص، والخوارج والمعتزلة أخذوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد، بينما المرجئة أخذوا بنصوص الوعد وتركوا نصوص الوعيد، أهل السنة والجماعة جمعوا بين نصوص الوعد والوعيد، وهداهم الله للحق.

حكم تارك الصلاة

المقدم: شيخنا، سؤالٌ الله يحفظك: بعض العلماء كفَّر من ترك الصلاة، أو قال: من ترك صلاةً واحدةً فهو كافرٌ، فهل نَعدُّ هذا من كبائر الذنوب؟

الشيخ: ترك الصلاة، القول الراجح: أن من ترك الصلاة بالكلية يكون كافرًا؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة [8]، وقوله : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر [9]، وأجمع الصحابة  على ذلك، لا يُعلم بينهم خلافٌ في أن تارك الصلاة بالكلية كافرٌ، كما حكى ذلك عبدالله بن شقيقٍ، وأيضًا نقله إسحاق راهويه وغيرهم، لكن هذا فيمن ترك الصلاة بالكلية، قطع صلته بالله، لم يركع لله ركعةً، لا جمعةً ولا جماعةً.

أما من كان يصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا؛ فأكثر أهل العلم -وهو الصواب- على أنه لا يكفر، وإنما يكون من الساهين الذي ذكرهم الله تعالى في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة، ولم يقل: "تركُ صلاةٍ"، أي: ترك الصلاة بالكلية.

فالقول الراجح: أن من ترك صلاةً واحدةً لا يَكفر، لكنْ تَرَكَها بالكلية، قطع صلته بالله ، لا يعرف الله طرفة عينٍ، لا جمعةً ولا جماعةً، فهذا هو الذي يكفر بالكلية.

يمحق الله الربا

ثم قال سبحانه: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276]، يَمْحَقُ بمعنى: المحو، وهو إزالة الشيء، ولكن مادة المحق تعني أنه يذهب شيئًا فشيئًا من يد صاحبه حتى يتوارى دون أن يشعر صاحبه به، ومن ذلك المُحاق؛ أي: الذهاب للهلال، يذهب الهلال وينقص نوره شيئًا فشيئًا؛ فالربا يكون زاهيًا لصاحبه، ثم يذهب منه شيئًا فشيئًا من حيث لا يشعر، فلا بد أن يتحقق المحق للربا.

عندما يقول رب العالمين: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا، فلا بد من وقوعه، رب العالمين، خالق الكون، عندما يقول في كتابه الذي يقرأه الناس كلهم جيلًا بعد جيلٍ، وقرنًا بعد قرنٍ: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا، لا بد أن يتحقق المَحق، كما أن الشمس تطلع من المشرق وتغرب من المغرب، وهذا المحق يكون شيئًا فشيئًا من حيث لا يشعر الإنسان.

طيب هذا المحق يكون لأي شيءٍ؟

قال الله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا، قد يكون المحق للمال نفسه؛ بأن يُسلِّط الله عليه آفاتٍ تُذهبه، وقد يكون المحق لبركة المال، أمواله منزوعة البركة، يعني كما يقول الناس: محرومٌ من ماله، وبعض الناس محرومٌ، يجمع الأموال ويكدسها للورثة من بعده، هذه صورةٌ من صور المحق، وقد يكون المحق للمرابي نفسه في صحته؛ تُسلَب منه الصحة والعافية، ويتقلب في أمراضه وأوجاعه، ولا يَدري ما السبب، والسبب هو الربا الذي يتعاطاه، قد يكون المحق مثلًا أنه لا يستقر أسريًّا؛ يكون قلقًا متوترًا غير مستقرٍّ أسريًّا، قد يكون المحق في أمورٍ أخرى بحسب ما تقتضيه حكمة الله .

المهم: أن من لم يتب من الربا، وكان مستمرًّا في التعامل بالربا، فالله توعَّده بالمحق، لا بد أن يتحقق المَحق، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا.

الصدقة سبيل البركة وزيادة الثواب

وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ: يربي يعني: يضاعف ثوابها ويزيدها، وجاء في قراءةٍ: (يربِّي)، جاء في قراءةٍ وإن كانت ليست من القراءات المتواترة، ذكرها ابن كثيرٍ [10]: (يربِّي الصدقات): يعني أنه يزيدها، فينتفع المتصدق بصدقته بمنافع أكبر منها، وقد جاء في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة أن النبي قال: من تَصدَّق بِعَدْل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه فيُرَبِّيها لصاحبه كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّه، يعني ولد الفرس، حتى تكون مثل الجبل [11].

فالله تعالى يُربِّي هذه الصدقة، يزيدها وينميها في الثواب وفي الأجر في الآخرة، وأيضًا يُخلف على صاحبها إما بزيادةٍ حسيةٍ، أو بالبركة، أو بدفع البلاء عنه، وهذا أمرٌ واقعٌ، فالصدقة لها أثرٌ عظيمٌ في دفع البلاء عن الإنسان ودفع الشرور والآفات، وفي زيادة ماله؛ إما زيادةً حسيةً أو بالبركة، وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ.

المرابي وأوصافه المذمومة

وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276]، المقصود هنا: كفور القلب، أثيم الفعل، فإن المرابي يتصف بهاتين الصفتين، المرابي كفور القلب لا يرضى بما قسمه الله تعالى له من الحلال، فهو يسعى لأكل أموال الناس بالباطل، فهو جحود لنعمة الله عليه، وأيضًا أثيمٌ ظلومٌ بأكله أموال الناس بالباطل، فهذا معنى قوله ​​​​​​​: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ.

وقوله ​​​​​​​: لَا يُحِبُّ، يعني: يكره ويُبغض، وهذا فيه إثبات صفة المحبة لله، وإثبات أيضًا صفة الكراهية والبغض من الله لبعض الناس.

فوائد الآية

ننتقل لفوائد هذه الآية:

محقُ الربا ونموُّ الصدقات

أولًا: أن الله تعالى يمحق الربا -كما ذكرنا- إما محقًا حسيًّا، أو محقًا معنويًّا، للمال أو لصاحبه، بأية صورةٍ من صور العقوبة، وفي هذا: التحذير من الربا، وسد أبواب الطمع أمام المرابين.

أيضًا من الفوائد: أن الله تعالى يُربي الصدقات ويزيدها في الدنيا والآخرة:

أما في الآخرة: فإن الله تعالى يُربيها حتى تكون مثل الجبل، كما جاء في الحديث يزيد ثوابها وحسناتها: من تصدق بعَدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ؛ فإن الله يتقبلها بيمينه ويُرَبِّيها كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل [12].

وأما في الدنيا: فإن الله تعالى يُخلف على المتصدق، وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ:39]، لا بد من الخُلف، لا بد أن الله سيخلف عليك هذه الصدقة؛ إما بزيادةٍ حسيةٍ، أو بمعنويةٍ، أو بدفع البلاء، أو غير ذلك.

إثبات صفة المحبة لله

ومن الفوائد أيضًا: إثبات صفة المحبة لله ؛ لأن الله قال: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276]، فنفي المحبة عن الموصوف بالكفر والإثم يدل على إثباتها لمن لم يتصف بذلك، وهذا معتقد أهل السنة والجماعة؛ إثبات صفة المحبة لله ، وهي محبةٌ حقيقيةٌ ليست كمحبة المخلوقين، على الصفة اللائقة بالله .

هذه أبرز الفوائد والأحكام المتعلقة بهذه الآية.

المقدم: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ.

الشيخ: بارك الله فيكم.

المقدم: في ختام هذه الحلقة نشكركم -أيها المشاهدون- على طِيب المتابعة، ونلقاكم بإذن الله في حلقةٍ قادمةٍ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

^1 رواه أبو داود: 3333، والترمذي: 1206، والنسائي: 5102، وابن ماجه: 1935، وقال الترمذي: حسن صحيح.
^2 رواه أبو داود:3359، والترمذي: 1225، وابن ماجه: 2264.
^3 البرني بالفتح: تمر معروف أصفر مدور، وهو أجود التمر. تاج العروس للزبيدي (ب ر ن).
^4 رواه البخاري: 2312، ومسلم: 1594، وفيهما: "لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتره".
^5 رواه البخاري: 2301-2302، ومسلم: 4244-4245.
^6 رواه البخاري: 52، ومسلم: 1599، بنحوه.
^7 رواه مسلم: 1218.
^8 رواه مسلم: 82.
^9 رواه الترمذي: 2621، والنسائي: 463، وابن ماجه: 1079، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
^10 تفسير ابن كثير (2/ 283).
^11 رواه البخاري: 1410، ومسلم: 1014.
^12 سبق تخريجه.
zh