عناصر المادة
الحمد لله الذي أمر بتقواه، وجعل تقواه سبيل النجاة للعالمين، ووصى بها الأولين والآخرين، وأخبر بأنه يحب عباده المتقين، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
فاتقوا الله تعالى عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه.
التقوى وصية الله للأولين والآخرين
التقوى: هي وصية الله للأولين والآخرين؛ كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[النساء: 131].
التقوى من أول ما صاح به المرسلون في أقوامهم؛ كما ذكر الله تعالى ذلك عن رسله: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ[الشعراء: 106]، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ[الشعراء: 124]، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ[الشعراء: 161]، إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ[الشعراء: 177].
وكان نبينا محمدٌ يوصي بها أصحابه في خُطَبِه ومواعظه، فيقول لهم: عليكم بتقوى الله [1]. وقد ذكر بعض الفقهاء: أن وصية خطيب الجمعة الناسَ بتقوى الله، أنها من أركان خطبة الجمعة، وقَدْ أَمرَ اللهُ تعالى بها نبيَّه فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ[الأحزاب: 1].
والمطالع لكتاب الله سبحانه، يرى أن الله تعالى أمر بالتقوى كثيرًا، حتى قيل: إن الله تعالى لم يكرر الأمر بشيءٍ كما كرر الأمر بالتقوى.
وأنت أخي في الله: لا يكاد يمر عليك عددٌ من الأيام، إلا ويطرق سمعك الأمر بتقوى الله تعالى: إما في خطبة الجمعة، أو في غيرها من المواعظ، أو في قراءتك للقرآن الكريم، أو في قراءتك للسنة النبوية.
ولا شك أن تكرر هذا الأمر وتردده، وعناية الله تعالى به، واتفاق الرسل في دعوة أقوامهم إليه يوجب أن يقف عنده المتدبرون، وأن يتأمله العارفون، فيكشفوا حقيقته، ويتعرفوا على فضل التقوى، وعلى صفات أهلها؛ عسى أن يكونوا من المتقين الفائزين.
والله تعالى أخبر بأنه يحب المتقين، فقال: ..إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4].
أصل التقوى ومحلها
عباد الله:
أصل التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقايةً، يجعل وقايةً تقيه وتحميه، فتقوى العبد لربه سبحانه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضب الله تعالى وسخطه وعقابه وقايةً؛ بفعل أوامره واجتناب نواهيه رغبةً ورهبةً، فتقوى الله تعالى ليس شعورًا جامدًا محبوسًا في قلب العبد ليس له أثرٌ ولا ثمرٌ، بل التقوى هي حارسٌ قائمٌ في أعماق الضمير، يحمل المؤمن على امتثال أمر ربه وترك نهيه، فكل حركةٍ وسكونٍ لا بد فيها من تقوى الله، فتقوى الله يحتاجها العبد كلما تردد نفَسُه، أو خَفَقَ قلبه، أو نبض عرقه، أو تحرك لَحْظُه، يحتاج إليها الصغيرُ والكبيرُ، والذكرُ والأنثى؛ ولهذا قال النبي لمعاذ ولكلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ: اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ [2].
تقوى الله محلها القلب، كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام: التَّقْوَى هَاهُنَا [3]. ولكن يَظهر أثرها على الجوارح؛ وبهذا يتبين خطأ الذين ظنوا أن تقوى الله تعالى، هي الشعور الكامن في القلب، الذي لا يتدخل في شؤون الجوارح، فتجد صاحب هذا الظن يقصر في الطاعات، ويقع في أنواعٍ من المنكرات، ثم إذا قيل له: اتقِ الله. قال: التَّقْوَى هَاهُنَا. وأشار إلى صدره.
وهذه كلمة حقٍّ أريد بها باطلٌ، فإن ما في القلب لا بد أن يظهر أثره على الجوارح، وكما قيل: كل إناءٍ بما فيه ينضح؛ فمن كانت التقوى تعمر قلبه لا بد أن يظهر أثرها على الجوارح في تعبده لله ، وفي سمته وفي سلوكه وفي تعامله مع الآخرين.
ثمرات التقوى
عباد الله:
إن تقوى الله سبحانه إذا استقرت في القلوب، وارتسمت بها الأقوال والأعمال والأحوال؛ أثمرت وأعقبت من الفضائل والفوائد والثمار شيئًا كثيرًا تصلح به الدنيا والآخرة.
إن من أبرز ثمرات التقوى: أن ينال العبد بها محبة الله سبحانه؛ كما قال : ..إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4]. وتأملوا هذه الآية، أو هذا الجزء من الآية عباد الله فقد تكرر في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع: ..إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4]، فمن كان متقيًا له، واتصف بوصف التقوى، فقد تعرض لنيل محبة الله ، التي هي أعظم المطالب.
ومن ثمرات التقوى: توسيع الرزق، وأن الله تعالى يرزق المتقي من حيث لا يحتسب؛ كما قال الله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق: 2، 3].
ومن ثمرات التقوى: أن الله تعالى يبارك للمتقي في رزقه، وينزل عليه بركاتٍ من السماء والأرض؛ كما قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ..[الأعراف: 96].
ومن ثمرات التقوى: أنها سببٌ لتيسير العسير، وتفريج الكروب، وإيجاد المخارج والحلول عند نزول الخطوب؛ كما قال الله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا[الطلاق: 2]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[الطلاق: 4].
ومن ثمرات التقوى: أنها من أعظم أسباب مغفرة الذنوب وصلاح الأعمال؛ كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب: 70، 71].
ميزان الكرامة
عباد الله:
التقوى هي ميزان الكرامة عند الله؛ كما قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات: 13]. فليس ميزان الكرامة الحسب ولا النسب ولا المال، إنما التقوى، أخرج البخاري في “صحيحه” عن أبي هريرة : “أن رسول الله سئل: من أكرم الناس؟ قال: أَكْرَمَهُم أَتْقَاهُم [4].
فاتقوا الله عباد الله! وتواصوا بينكم بذلك؛ فإن أعظم وصيةٍ توصي بها غيرك أن تقول له: أوصيك يا أخي بتقوى الله تعالى. فإن هذا هو نهج السلف، وسبيل المتقدمين من الصالحين.
كتب عمر بن الخطاب إلى ابنه رضي الله عنهما: “من عمر إلى عبدالله بن عمر: أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله؛ فإنه من اتقاه وقاه، ومن أقرضه جزاه، ومن شكره زاده، واجعل التقوى نُصْبَ عينيك، وجلاء قلبك” [5].
وكتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، إلى رجلٍ من أصحابه فقال: “أوصيك بتقوى الله؛ فإنها أكرم ما أسررتَ، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت”.
ولما كان هذا هو سبيل الأولين، بارك الله لهم في أعمالهم وأقوالهم وأرزاقهم، وفتح عليهم من الخيرات ما لم يكن منهم على بالٍ، فكانوا خير أمةٍ أُخرِجَت للناس في دينهم ودنياهم، وكل من أراد العزة في الدين والدنيا، والبركة في الرزق والوقت والعمل، فعليه بتقوى الله ؛ فإنها من أعظم استُنزِلَت به الخيرات والبركات، ومن أعظم ما استُدْفِعَت به المكروهات.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[الأعراف: 96].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين، يحب عباده المتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمدٍ ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعةٌ.
السلامة في التقوى
عباد الله:
إن الدنيا لا تثبت على حالٍ؛ كما قال الله سبحانه: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[آل عمران: 140] فالإنسان يتقلب في هذه الدنيا ما بين مَسَراتٍ وأحزانٍ، وما بين أفراحٍ وأتراحٍ، والموفق من لازم أصلًا واحدًا على كل حالٍ، وهو تقوى الله ؛ فإنه إن استغنى زانته، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عوفي تمت عليه النعمة، وإن ابتُلي جمَّلَته.
التقوى أصل السلامة، والمتقي يجعل الله تعالى له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب. هذا من نقدها العاجل في الدنيا، وأما الآجل فجنةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ[آل عمران: 133]، ما أعظم التقوى! فهي خير ما تزود به العبد، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[البقرة: 197].
أهل التقوى أولياء الله
وأهل التقوى هم أولياء الله سبحانه؛ كما قال الله : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ –من هم أولياء الله؟- الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[يونس: 62-64]، فأولياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، أخبر الله تعالى بأن لهم جزاءين: جزاءً في الدنيا وجزاءً في الآخرة.
أما الجزاء في الآخرة: فجنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ[آل عمران: 133].
وأما الجزاء في الدنيا: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا[يونس: 64].
ما هي البشرى في الحياة الدنيا للمتقين الذين هم أولياء الله؟
البشرى تنتظم أمورًا كثيرة؛ منها: حسن السمعة ومحبة الناس، كما قال النبي لما قيل له: إن الرجل يعمل العمل يبتغي به وجه الله، ثم يجد ثناء الناس عليه. قال: تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ [6]. فهذا من عاجل بشرى المؤمن؛ أن يُلقِي اللهُ تعالى محبة هذا الإنسان في قلوب الناس، وينال احترامهم وتقديرهم وتوقيرهم.
ومن عاجل بشرى المؤمن: الرؤيا الصالحة؛ يراها الإنسان أو تُرى له.
ومن عاجل بشرى المؤمن: أن الله تعالى ييسر له أموره، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
أهل التقوى خاتمتهم طيبةٌ، تقابلهم الملائكة بالسلام والإكرام، والبشارة بالجنة والرضوان؛ كما قال الله تعالى: كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[النحل: 31، 32].
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير؛ فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين.
اللهم انصر من نصر دين الإسلام في كل مكانٍ، واخذل من خذل دين الإسلام في كل مكانٍ، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شرٍّ.
اللهم ادفع عنا وارفع عنا سيئ الأسقام، اللهم ادفع عنا وارفع هذا الوباء (كورونا) وسيئ الأسقام.
اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيئ الأسقام.
اللهم بارك لنا في صحتنا، وبارك لنا في أعمالنا وفي أقوالنا.
اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.
اللهم رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[الحشر: 10].
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، ووفق إمامنا وولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى، ولما فيه صلاح البلاد والعباد، وقرِّب لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتعينهم عليه، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم ربنا إنَّا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الصافات: 180-182].