جدول المحتويات
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ [سبأ: 1-2].
أحمده تعالى وأشكره حمدًا وشكرًا عدد خلقه، وزِنَة عرشه، ورضا نفسه، ومداد كلماته، وأحمده وأشكره حمدًا وشكرًا كما يحب ربنا ويرضى، وأحمده وأشكره كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5].
صور من التساهل في الأيمان
عباد الله، الحديث في هذه الخطبة عن أمرٍ وقع فيه التساهل من كثير من الناس مع عظيم شأنه وخطره: ألا وهو اليمين بالله تعالى، والتساهل في ذلكم إما من جهة الحلف بالله كاذبًا، أو الحلف بالله صادقًا مع الحنث في ذلك وعدم إخراج الكفارة، أو من جهة كثرة الحلف بالله تعالى في كل صغيرة وكبيرة.
واليمين في الأصل: هي توكيد الشيء بذكر معظَّم مُصدَّرًا بحرفٍ من حروف القسم، وهي: الواو والباء والتاء والهمزة.
الحلف بغير الله
أما الحلف بغير الله، فقد قال النبي : من حلف بغير الله فقد كفر أو شرك[1]، ومن ذلك ما يُلحَق من بعض الناس الذين يحلفون بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذا حرام عليهم، والنبي لا يرضى بذلك، والواجب على من سمع أحدًا يحلف بالنبي أن يُنكر عليه وأن يُبيِّن أن ذلك محرم، وأن الحلف لا يكون إلا بالله ؛ لأن كثيرًا ممن اعتاد الحلف بالنبي قد نشؤوا على ذلك وتعوَّدت ألسنتهم عليه؛ ولذا فهم بحاجة إلى التوجيه والإرشاد وبيان أن الحلف لا يكون ولا يجوز إلا بالله تعالى.
الحلف بالله كاذبًا
وأما الحلف بالله كاذبًا فهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، نسأل الله السلامة والعافية، وقد ورد فيها الوعيد الشديد، وأسوأ ما تكون إذا كانت في مجال الخصومة، وترتب عليها انقطاع حقِّ امرئٍ مسلمٍ. والغالب أن مثل هذا الذي يحلف بالله كاذبًا أمام القاضي ويقتطع بيمينه حقَّ امرئٍ مسلم؛ أنه يُعاجَل بعقوبة ولا يُمهَل. ولعلكم سمعتم بقصص كثيرة في الماضي والحاضر عن أناس وقعوا في أيمان فاجرة، فعُوجِلوا بعقوبات؛ إما بهلاك، أو بأمراض مستعصية، أو بفقد عزيز، أو بغير ذلك.
فقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في القَسَامة، في شأن الذين حلفوا وأتوا بأيمان القسامة وهم كاذبون: أنهم لم يمُرَّ عليهم عامٌ وفيهم عينٌ تَطْرف، أي: إنهم ماتوا جميعًا[2].
وحدثني أحد القضاة: أن رجل أعمال توجَّهت إليه اليمين حيث ادَّعى عليه شخصٌ من الناس، ادَّعى عليه حقًّا، ثم إن هذا المدَّعِي عجز عن إقامة البينة، وعجز عن إثبات حقه بالبينة، فتوجهت اليمين إلى هذا الرجل، فهذا الرجل الثري توجهت إليه اليمين ليحلف بالله تعالى بأن هذا المُدَّعِي ليس له عليه حق، فحلف بالله تعالى أمام القضاء وبُرِّئ بناءً على هذه اليمين، يقول القاضي: والله ما هي إلا أيامٌ وأتانا الخبر بأن هذا الرجل أتاه حادث سيارة ومات!
وقد يُؤجِّل الله تعالى عقوبته في الآخرة بحكمةٍ الله تعالى أعلم بها.
إن الحلف بالله كاذبًا يدل على قلة تعظيم الله تعالى في القلب، وعلى الاستهانة بذكر اسم الله تعالى في موطن الكذب، وعلى الجرأة على رب العالمين؛ يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: أي إن الذين يعتاضون عما عهدهم الله تعالى عليه؛ من اتباع محمد وذِكْرِ صفته للناس وبيان أمرها، وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة؛ بالأثمان القليلة الزهيدة، وهي عروض هذه الدنيا الفانية الزائلة، أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ أي: لا نصيب لهم فيها ولا حظَّ لهم منها، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أي: برحمة منه لهم، بمعنى لا يُكلمهم كلامَ لُطفٍ بهم، ولا ينظر إليهم بعين الرحمة، وَلَا يُزَكِّيهِمْ من الذنوب والأدناس بل يأمر بهم إلى النار وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
ومن الأيمان الفاجرة: أن يحلف بالله كاذبًا لترويج سلعته، وهذا ذنبٌ عظيمٌ، وسببٌ لمَحْقِ البركة من الكسب الذي كسبه بهذه الأيمان الفاجرة؛ يقول النبي : ثلاثةٌ لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يُزكِّيهم ولهم عذاب أليم قال أبو ذَرٍّ : قلت: يا رسول الله، خابوا وخسروا، من هم؟ فأعادها النبي ثلاثَ مراتٍ، ثم قال: المُسْبِل، والمُنْفِق سلعته بالحلف الكاذب، والمنان. أخرجه مسلم في "صحيحه"[3].
فالذي يُروِّج سلعته بالحلف الكاذب مُتوعَّدٌ بهذا الوعيد العظيم.
الإكثار من الحلف بالله
ومن التساهل في الأيمان: الإكثار منها حتى وإن كان الحالف صادقًا؛ فينبغي للمسلم أن يصون يمينه، وألا يحلف إلا عند الحاجة؛ ولهذا قال الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
يقول إبراهيم النخعي رحمه الله: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.
وهذا فيه تأديبُ السلف لأولادهم وذراريهم على تعظيم الله ؛ فإن الشهادة والعهد يجب أن يقترنا بالتعظيم لله تعالى، ومن ذلك: اليمين، فقد ذكر الله تعالى أن كثرة الحلف من صفات الكفار والمنافقين: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10-11]، وقال عن المنافقين: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [المنافقون:2]، وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ [التوبة:56]. فذَكَر اللهُ تعالى كثرة الحلف عن الكفار وعن المنافقين.
إن من الناس من لا يكاد يتحدث بحديث إلا ويَقْرِن حديثه بالحلف بالله، وهذا يتشبه أولًا بالكافرين والمنافقين، ثم إن ذلك لا بد أن يجُرَّه إما إلى الحلف كاذبًا، أو عَقْدِ أيمانٍ والحلف فيها وعدم إخراج كفارتها. ثم إن ذلك يدل على عدم ثقة الإنسان في قوله وحديثه؛ إذ إن الإنسان الواثق لا يحتاج إلى تأكيد صحة حديثه بالحلف.
يمين الإكرام
عباد الله، ومما يكثر التساهل فيه: يمين الإكرام، وذلك بأن يحلف الإنسان على آخر أن يفعل شيئًا معينًا، أو أن يفعل هو ألا يفعل شيئًا معينًا، كأن يصُبَّ له فنجان القهوة مثلًا، فيقول: "والله لا آخذه قبلك"، أو "والله لتجلسن في هذا المكان"، أو "والله لا أجلس في هذا المكان". ونحو ذلك، فهذه يسميها العلماء "يمين الإكرام".
وأكثر أهل العلم على أن الحالف ما دام قد قصد اليمين فهي يمين منعقدة؛ وحينئذٍ فإذا لم يتحقَّق ما حلَّفه عليه فيجب على الحالف أن يُكفِّر كفارة يمين.
وهذا مما يغفل عنه كثير من الناس، فنسمع أيمانًا كثيرةً في المجلس الواحد، ثم ينتهي ذلك المجلس ولا يُكفِّر هؤلاء الحالفون الذين حَنِثوا في أيمانهم، لا يُكفِّرون عن هذه الأيمان. وهذا خطأٌ كبيرٌ؛ فإن التساهل في أمر اليمين تساهلٌ في تعظيم الله .
ومن المخارج التي ذكرها أهل العلم في هذا: أن الإنسان إذا احتاج للحلف وحلف فينبغي أن يَقْرِن يمينه بقول: "إن شاء الله"؛ فإنه إذا قال: "إن شاء الله" لم يحنث، حتى وإن لم يتحقق ما حلف عليه؛ لقول النبي : من حلف فقال: إن شاء الله؛ لم يحنث[4].
وجاء في "صحيح البخاري" في قصة سليمان عليه الصلاة والسلام: أنه حلف فقال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كُلُّ امرأةٍ غلامًا يقاتل في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله، يقول النبي كما عند البخاري: لو قال: إن شاء الله؛ لكان دَرَكًا لحاجته ولم يحنث[5].
فقوله : ولم يحنث فيه إشارةٌ إلى أن الحالف إذا قال "إن شاء الله" فإنه لا يحنث؛ ولهذا يقال: "لا يَحْنَث فقيهٌ أبدًا"؛ لأن الفقيه كلما احتاج إلى الحلف وحلف قَرَنَ تلك اليمين بقوله "إن شاء الله"، وبذلك لم يقع منه الحنث.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وليُّ الصالحين. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
الحلف بالطلاق
عباد الله، ومما يكثر التساهل فيه: الحلف بالطلاق؛ فإن بعض الناس يرى أن من "المَرْجَلة" وأن من الكرم وأن الناس لن تُصدِّقه إلا إذا حلف بالطلاق، فإذا دعا أحدًا لوليمةٍ حَلَف بالطلاق ليُجِيبَنَّه وَلِيمَتَه، وإذا أراد تأكيد أمرٍ من الأمور حلف بالطلاق، وربما في المجلس الواحد يُسمَع أكثر من شخصٍ يحلف بالطلاق، وكأنهم يرون أن "المَرْجلة" وأن الكرم لا يكون إلا بالحلف بالطلاق، أو الناس لن تُصدِّقه بحديثه إلا إذا حلف بالطلاق.
وهذا من الجهل العظيم، وهذا يدل على التلاعب بحدود الله ، وعلى الاستهانة الكبيرة بها؛ وإلا فإن الحلف بالطلاق عند أكثر أهل العلم -وهو الذي عليه المذاهب الأربعة: مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة-: أن من حلف بالطلاق فإن امرأته تطلق وتخرج من ذِمَّته، وقد كان هو الذي يُفتى به في هذه البلاد قبل أكثر من أربعين عامًا، كانت الفتوى على هذا الرأي. ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى الأخذ برأي الإمام ابن تيمية رحمه الله في أن من لم يقصد الطلاق وإنما قصد الحثَّ أو المنع أو التصديق أو التكذيب؛ فلا يقع طلاقه ويكون عليه كفارة يمين. لكن هذا القول هو قول قِلَّةٍ من أهل العلم؛ وإلا فإن أكثر علماء الأُمَّة -وهو الذي عليه المذاهب الأربعة-: أن الطلاق يقع في هذه الحال.
فينبغي إبراز رأي جماهير علماء الأمة، ينبغي إبراز هذا الرأي وأن يُبيَّن لهؤلاء الذين يحلفون بالطلاق؛ بأن زوجاتهم تطلق وتخرج من عصمتهم بهذه الأيمان وبهذا الحلف بالطلاق؛ فعليهم أن يتقوا الله ، وألا يتلاعبوا بحدود الله ، وأن يُعظِّموا هذا الميثاق الغليظ: عقد الزوجية الذي سماه الله تعالى مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، أن يُعظِّموه وألا يتلاعبوا به ويجعلوه على ألسنتهم.
إن بعض الناس عند أدنى سبب يحلف بالطلاق، وربما يُهدِّد زوجته بالطلاق في مدخله وفي مخرجه، وفي حديثه وفي كلامه، فتجد أن الطلاق على لسانه، وهذا يدل على تلاعبه بحدود الله، وعلى قلة تعظيم الله في نفسه، وعلى جهله العظيم.
فينبغي أن يتواصى أفراد المجتمع بالإنكار على هؤلاء الجهلة الذين يتلاعبون بحدود الله ، إذا سمعنا رجلًا يحلف بالطلاق في مجلسٍ أو في غيره فعلينا أن نُنكر عليه ذلك، وأن نُبيِّن له أن فعله هذا تلاعبٌ بحدود الله ، وأن الطلاق أمره عظيمٌ جدًّا، وأنه لا يُلجأ إليه إلا عند استنفاد جميع الحلول، ويُطلقها طلقة واحدة في طُهْرٍ لم يُجامعها فيه، فلا يكون إلا على صفةٍ معينة. أما أن يجعل الإنسانُ الطلاقَ على لسانه! ويجعله سبيلًا لتأكيد كرمه! أو "مَرْجَلته"! أو نحو ذلك من الأمور التي عشعشت في ذهنه ومن أمور الجاهلية؛ فهذا لا شك أنه من التلاعب بحدود الله .
فليتقِ الله أولئك، وعلى المجتمع أن يتواصى بالإنكار عليهم، وأن يُبيِّن لهم أن هذا العمل لا يجوز، وأن فتوى أكثر علماء الأُمَّة على وقوع الطلاق في هذه الصور، وحتى وإن أُفتِي هذا الرجل بأنه لا يقع الطلاق؛ فإنه لا يخرج منها سالمًا بل لا بد أن يُكفِّر كفارة يمين، وأيضًا الفتيا بعدم وقوع الطلاق إنما هي على قول قلة من علماء الأُمَّة؛ وإلا فإن أكثر أهل العلم يرون وقوع طلاق امرأته.
ينبغي أن تُبرَز هذه المعاني للمجتمع؛ حتى لا يقع التساهل في هذا الأمر العظيم، ولا يقع التلاعب بحدود الله .
ولما قيل للنبي : إن فلانًا طلق امرأته ثلاثًا. قال عليه الصلاة والسلام: أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟![6]، فكيف بما نسمعه الآن ويُنقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي: أن يُسمع الحلف بالطلاق من أكثر من شخص على أمور تافهة؟!
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير؛ فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارْضَ عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذِلَّ الكفر والكافرين، اللهم انصر مَن نصر دين الإسلام في كل مكان. اللهم اخذُل مَن خَذَل دين الإسلام في كل مكان، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم هيئ لأُمَّة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
اللهم وفِّق وُلَاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد ، واجعلهم رحمة لرعاياهم، اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا لما تحب وترضى، وخُذْ بناصيته للبر والتقوى، وقرِّب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدلُّه على الخير وتُعينه عليه، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءةِ نقمتك، وجميع سخطك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، نسألك من الخير كله: عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله: عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.