عناصر المادة
الحمد لله الذي جعل من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا، أحمده تعالى وأشكره حمدًا وشكرًا كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره حمدًا وشكرًا كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة، فبلّغ رسالة ربه، وأكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5].
ظاهرة العنوسة في المجتمع المسلم
عباد الله: الحديث بهذه الخطبة عن مشكلة اجتماعية هي من أخطر المشاكل الاجتماعية، وأكبرها أثرًا على الفرد وعلى الأسرة، بل وعلى المجتمع كله، وهذه المشكلة في تزايد، وهي ما يسمى في مجتمعنا “بالعنوسة” أو تعدي الفتاة لسن الزواج دون أن تتزوج، فتخالف بذلك الطريق الفطري للفتاة، وهو أن تتزوج وتبني أسرة، ويكون لها أولاد تشبع عن طريقهم عاطفة الأمومة في نفسها وهم صغار، وتعتمد عليهم بعد الله وهم كبار.
إن هذه المشكلة تترك آثارًا سيئة على تلك المرأة، وعلى أسرتها، بل وعلى المجتمع، تنظر تلك المرأة إلى أترابها ومن في سنها وقد تزوجن، تزوجت كل واحدة منهن فتتألم وتتحسر وتصاب بالألم النفسي المبرح، وربما أثر ذلك على تصرفاتها وعلى تعاملاتها مع الآخرين، بل يذكر بعض أهل الاختصاص أنه ربما تطور الأمر فأصيبت تلك الفتاة بآلام عضوية، نتيجة للحزن، وكثرة التفكير في حالها، وربما دفعت تلك الحال هذه المرأة إلى الوقوع في الفساد الأخلاقي، خاصة مع ضعف الوازع، وكثرة الفتن، ودواعي الفساد.
عباد الله: هذه المشكلة وإن كانت موجودة من قديم الزمان إلا أنها قد كثرت في زماننا هذا لأسباب كثيرة؛ ومن هنا فإن على المجتمع مسؤولية كبيرة في علاجها وتتأكد هذه المسؤولية على العلماء وطلبة العلم والدعاة والقضاة والمربين والمعنيين بحل المشاكل الاجتماعية وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمع.
عباد الله: ولبحث هذه المشكلة يبرز لنا محوران أساسيان:
- الأول: أسبابها.
- والثاني: العلاج.
أسباب العنوسة
أما أسباب هذه المشكلة فهي كثيرة، ولكنها تنحصر في الرجوع إما إلى الولي، وإما إلى الفتاة.
أولًا: الولي
أما الولي: فعَضْلُه تلك المرأة عن الزواج، ورد الخاطب الكفؤ من غير سبب فيردد عن هذه الفتاة حتى يكبر بها السن ويفوتها القطار فقد ذكر فقهاؤنا رحمهم الله أن العضل من الولي إذا كان الخاطب كفؤًا أن عضل الولي لموليته أنه موجب لفسقه، أي أن الولي إذا منع تلك المرأة عن الزواج من مرضي الدين والخلق فإنه يكون فاسقًا، يقول ربنا : وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة:232]، جاء في صحيح البخاري عن معقل بن يسار قال: “زوجت أخت لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء ليخطبها، فقلت: زوجتك وفرشتك وأكرمتك؛ فطلقتها ثم جئت تخطبها، والله لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:232]، قال: فقلت الآن أفعل يا رسول الله؛ فزوجها إياه”، فإذا كان الله قد نهى عن عضل امرأة قد طلقها زوجها وانقضت عدتها في أن ترجع إليه فكيف بعضل الفتاة التي لم تتزوج؟
عباد الله: وإذا نظرنا إلى الأسباب التي تدفع الولي إلى عضل المرأة من بنت أو أخت أو غيرها نجد أنها ترجع إما إلى:
- أسباب مادية كأن يطمع في راتبها إذا كانت موظفة مثلًا.
- وإما أن يكون ذلك الولي سيء التدبير ينظر للمنظور نظرة غير واقعية فلا يريد لابنته إلا رجلًا على مواصفات معينة قد وضعها في ذهنه ربما تكون هذه المواصفات خيالية فإذا لم يتقدم لابنته رجل على تلك المواصفات رده.
- وربما يكون ذلك الولي غير سوي من الناحية النفسية، فإن بعض الناس وإن كان عاقلًا إلا أنه مضطرب نفسيًّا فيكون عنده مثلًا شك زائد وسوء ظن بالآخرين أو الخوف الزائد من عواقب اتخاذ القرار، فتجده عندما يتقدم أحد لابنته يقدم رِجل ويؤخّر أخرى خوفًا من اتخاذ قرار الموافقة الذي ربما تكون عواقبه وخيمة في نظره.
- وربما يكون السبب أن ذلك الولي ضعيف الشخصية مغلوب على أمره، ويكون في الأسرة شخص أخر قوي الشخصية يعيب كل من يتقدم لخطبة تلك الفتاة.
ثانيًا المرأة
وربما يكون سبب المشكلة راجعُا إلى المرأة نفسها لأسباب كثيرة، منها:
- الرغبة في إكمال الدراسة أو تحصيل الوظيفة فترد الخطّاب محتجة بذلك حتى إذا أنهت دراستها ربما لا تجد لها الخاطب الكفؤ.
- وربما يكون السبب هو ما ذكرناه فيما يتعلق بالولي وهو أن تلك الفتاة قد وضعت في ذهنها أوصافًا غير واقعية، وربما تكون خيالية في الزوج المنتظر، فإذا أتى شخص على غير تلك المواصفات لم تقبل به.
- وربما يكون السبب هو المقارنة بالآخرين فتريد أن يكون زوجها مثل أزواج زميلاتها أو أخواتها، ونحو ذلك.
علاج مشكلة العنوسة
عباد الله: هذه هي أبرز أسباب هذه المشكلة الاجتماعية، وربما يكون هناك أسباب أخر، ونأتي الآن للعلاج بعدما تعرفنا على الأسباب نأتي للعلاج:
أولًا: الولي
أما فيما يتعلق بالولي فعليه أن يتقي الله ، وأن يعلم بأن عضله لموليته جناية عظيمة عليها، وظلم كبير لها، وأي جناية في حق المرأة أعظم من عضلها عن الزواج الذي هو منتهى طموحها في هذه الحياة؟
وإذا أصر الولي على العضل فتسقط ولايته؛ وتنتقل لمن بعده من الأولياء إن وجد من الأولياء بعده من يرضى بتزويجها، فإن لم يوجد مجاملة له أو خوفًا منه فتنتقل الولاية للقاضي؛ فيعقد القاضي لها بدلًا عن هذا الولي الذي هو غير كفؤ، وعلى الأولياء أن يتقوا الله ، وأن يستحضر الولي بأن ترديده عن ابنته مع قبولها بالزواج أنه من الظلم العظيم لها، وأنها ربما لا تسامحه.
سمعت من أحد مشايخنا الكبار قصة مؤلمة في هذا، وهي:
أن فتاة يتقدم لها الخطّاب، وأبوها يردُّ عنها، حتى إذا تقدم بها السن وفاتها القِطار أصيبت بمرض، ثم تزايد هذا المرض إلى أن حضرتها الوفاة، وكان أبوها حاضرًا وقت احتضارها، فقالت لوالدها قبل أن تموت: يا أبتي، قل: آمين، فقال: آمين، قالت: أسال الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج؛ فندم هذا الأب ندمًا عظيمًا، ولكن لم ينفعه الندم توفيت تلك الفتاة وهي لم تتزوج، وهذا الأمر ربما يكون الدافع له هو أنه يريد الخير لها، لكنه يردد عنها بحجة البحث عن خاطب ذي مواصفات خيالية وغير واقعية، فكانت النتيجة كما ترون.
ثانيًا: المرأة
وأما فيما يتعلق بالفتاة فعلى وليها إذا تقدم لها الخاطب الكفؤ أن يكون ناصحًا، وأن يوجهها لما فيه مصلحتها، فإن من النساء من عندها قصور كبير في التفكير وفي النظرة الصحيحة للحياة، وهنا يبرز دور الأب أو الولي في تصحيح نظرة ابنته للحياة، وفي إقناعها بأن تقبل بالخاطب الكفؤ.
جاء في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب : لما مات زوج ابنته حفصة رضي الله عنها ذهب إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرض عليه ابنته بأن يتزوجها، قال عثمان رضي الله عنه: سأنظر في أمري ثم لقيه، فقال عثمان رضي الله عنه: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، ثم ذهب عمر رضي الله عنه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعرض عليه ابنته، فصمت أبو بكر رضي الله عنه فمكث ليالٍ فأتاه الخاطب لم يخطر له على البال خطبها النبي فأنكحها إياه، فهي أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ثم إن أبا بكر لقي عمر رضي الله عنه فقال: “لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئًا، إنه لم يمنعني من ذلك إلا أني كنت قد علمت أن رسول الله قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله ، ولو تركها لقبلتها” [1]، وبوب البخاري في صحيحه على هذه القصة بقوله: “باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير”.
فانظروا أيها الإخوة إلى هذا الحرص الشديد من عمر رضي الله عنه على تزويج ابنته التي مات زوجها، وكيف أنه يعرضها على الأكفاء لكي تتزوج، وهذا ليس عيبًا؛ فعله الصحابة ، فعله عمر رضي الله عنه مع أبي بكر رضي الله عنه، ومع عثمان رضي الله عنه، وعلم الله تعالى من عمر رضي الله عنه هذا الاهتمام بتزويج ابنته، فقيض الله تعالى لها زوجًا لم يخطر بالبال، رسول الله .
وهكذا ينبغي للأب وللولي أن يكون حريصًا على تزويج من ولاه الله تعالى إياه، أن يحرص على ذلك غاية الحرص، وأن يهتم بهذا، وأن يرى أنها أمانة يحرص على أن يؤديها، بل هناك من أهل الخير والصلاح من يدعو الله أن يرزق بناته أزواجًا صالحين، رجل صالح يدعو الله تعالى كل يوم بأن يرزق الله تعالى بناته أزواجًا صالحين، وقد حدثني بأن جميع بناته رزقهن الله تعالى بأزواج فوق ما يتوقع، أزواجًا صالحين، فقرت عينه بأنه رأى بناته قد تزوجنّ بأزواج صالحين.
فهذا هو الحرص الذي ينبغي أن يكون من الأب حرص على التزويج، بذل للأسباب، حرص في الإقناع، إقناع الفتاة، دعاء وسؤال الله بأن يقيض لبناته أزواجًا صالحين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
ظاهرة إهمال المطلقات
عباد الله: وثمَّ مشكلة اجتماعية أخرى تتعلق بالنساء المطلقات اللاتي معهن أولاد من مطلقين، وقد أهمل آباء أولئك الأولاد أولادهم فلا ينفقون عليهم ولا يتعاهدونهم برعاية، وتبقى هذه المطلقة المسكينة تصارع وتكابد أعباء الحياة لترعى شؤون هؤلاء الأولاد، ألا فليعلم أولئك الآباء بأنهم محاسبون أمام الله عن أولئك الأولاد، وأنهم آثمون بتقصيرهم في النفقة الواجبة عليهم لأولادهم، والنبي يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راعي في أهل بيته ومسؤول عن رعيته [2].
وربما تسبب هذا التقصير من أولئك الآباء في أبواب من الشرور والمصائب والأمراض عليهم من حيث يشعرون، أو من حيث لا يشعرون.
نعم، إن هذه المرأة المطلقة الضعيفة إذا لم تستطع أن تجبر هذا الأب على النفقة على أولاده ورعايتهم بسبب ضعفها وعدم وجود المعين لها على الترافع إلى المحاكم فإن ربك بالمرصاد، وأعجب من هذا حال تلك المرأة المطلقة المعلقة التي علقها زوجها فهي في الحقيقة ليست بمطلقة لكنها معلقة، فليست بالمطلقة التي ربما خُطبت وتزوجت، وليست بالزوجة التي أمسكها زوجها بالمعروف وعاشرها المعاشرة الحسنة.
وربما بقيت هذه المرأة على هذا الوضع سنين طويلة، وربما لم تجد من أقاربها رجلًا رشيدًا يعينها على الترافع للمحاكم لتخليصها من هذا الزوج، فتبقى هذه المرأة معلقة مدة طويلة ليست بالزوجة، وليست بالمطلقة.
ألا فليتق الله هذا الزوج، وليعلم بأن هذا التعليق لهذه المرأة أنه ظلم عظيم لها، وأن الظلم عاقبته وخيمة، وحقوق العباد أمرها عظيم جدًّا عند الله .
واجب الأقارب لحل المشكلات الزوجية
عباد الله: ينبغي أن يتواصى المجتمع على إزالة هذه المظالم وحل هذه المشكلات، فإن لكل من الزوجين أقارب فينبغي أن يسعى هؤلاء الأقارب بنصرة المظلوم، ونصر الظالم وذلك بأن يمنع من الظلم؛ فإن منع الظالم عن الظلم نصر له، يقول النبي : انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: تأخذ فوق يديه [3]، وفي رواية: تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره [4]، أخرجه البخاري في صحيحه.
وقد نهى النبي عن خذلان المسلم، فقال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله [5]، وترك المظلوم من غير نصرة له خذلان له، وحبس الظالم عن الظلم هو في الحقيقة نصر له، ومنع له من هذا الظلم، وإن المجتمع لا يزال بخير ما دام ناصرًا للمظلوم، ومانعًا للظالم.
أما حين تغلب الأثرة والأنانية ويصبح كل واحد همه نفسه ومصالحه من غير مبالاة بالآخرين، يرى الإنسان ابنته أو يرى أخته وهي مظلومة من هذا الرجل الظالم الذي لم يتق الله تعالى فيها إما لكونه علقها، أو لكونه ترك الأولاد عندها من غير نفقة، أو غير ذلك من الأسباب، فيرى قريبته مظلومة، ولا يسعى في نصرتها؛ لا شك أن هذا من أعظم الخذلان، بل إن هذا يدخل في قطيعة الرحم الواجب على أقارب هذه المرأة أن يسعوا لنصرتها، ولدفع الظلم عنها، ولحبس هذا الظالم عن ظلمه، حتى لا يوجد مثل هذا الظلم في المجتمع، وربما أن بعض النساء تكون ضعيفة، ولا تتحدث، ولا تشتكي لأحد، ويستمر معها هذا الظلم مدة طويلة وتكابد وتصارع أعباء الحياة ومشاقها مع هذا الظلم الواقع عليها بسبب تعنت من زوج، وبسبب ظلم من زوج، وعدم نصرة من أهلها وأقاربها.
ألا فليتق الله تعالى الجميع، والله في سورة الطلاق مع أنها سورة قصيرة إلا أن الله تعالى أمر بالتقوى فيها في عدة مرات، لو حسبت الأمر بتقوى الله في هذه السورة على قصرها لوجدته أنه تكرر كثيرًا، وما ذاك إلا تذكير للجميع بأن يتقوا الله للزوج بأن يتقي الله تعالى عند حصول الطلاق، وأيضًا المرأة وأهلها بأن يتقوا الله في الزوج، فالتقوى مطلوبة من الجميع.
فعلى الجميع الحذر من الظلم، وعلى العدل قامت السماوات والأرض.
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين.
اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم فأشغله في نفسه، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميرًا عليه، يا قوي يا عزيز.
اللهم إنا لنا أخوة مسلمين مستهم البأساء والضراء اللهم فارحم ضعفهم، اللهم انصرهم بنصرك، يا قوي يا عزيز.
اللهم وارحمهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا نصير المستضعفين، ويا مجير المستجيرين، ويا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد ، واجعلهم رحمة لرعاياهم.
اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه إذا ذكر، وتذكره إذا نسي، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].