الرئيسية/خطب/وقفات مع حديث سمرة: “رأيت الليلة عجبًا …”
|categories

وقفات مع حديث سمرة: “رأيت الليلة عجبًا …”

مشاهدة من الموقع

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ۝يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ [سبأ:1-2].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتَّقوا الله حقَّ التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا۝وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5].

رؤيا الأنبياء حقٌّ

عباد الله: نقف وقفاتٍ يسيرةً مع حديثٍ عظيمٍ من مشكاة النبوة، اشتمل على فوائد كثيرةٍ، وعلى دروسٍ عظيمةٍ، قد قصَّ فيه النبي ما رآه في منامه، ورؤيا الأنبياء حقٌّ، ألم ترَ إلى قول الله عن إبراهيم: قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102]؟ فامتثل إبراهيم الخليل أمر ربه، مع أنه كان في المنام؛ لأنه نبيٌّ، ورؤيا الأنبياء حقٌّ.

جزاء مَن ينام عن الصلاة المكتوبة

هذا الحديث الذي نقف معه هذه الوقفات أخرجه البخاري في “صحيحه”، و”صحيح البخاري” أصحُّ كتابٍ بعد كتاب الله ​​​​​​​: عن سمرة بن جندب  قال: كان رسول الله مما يُكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحدٌ منكم من رؤيا؟ فيقصُّ عليه مَن شاء الله أن يقصَّ، وإنه قال ذات غداةٍ: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلقْ. وإني انطلقتُ معهما، وإنا أتينا على رجلٍ مُضطجعٍ، وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرةٍ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيَثْلَغ رأسه أي: يشدخه ويشقُّه فيَتَدَهْدَهُ الحجرُ هاهنا أي: يتدحرج فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصحَّ رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثلما فعل المرة الأولى.

قال : قلتُ لهما: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلقْ، انطلقْ. ثم أخبراه فيما بعد بأنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة [1].

وفي روايةٍ: أنه الرجل الذي علَّمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار [2].

وفي هذا وعيدٌ شديدٌ لمَن تعلم القرآن ثم أعرض عنه وتركه.

قال بعض أهل العلم: “رفض القرآن بعد حفظه جنايةٌ عظيمةٌ؛ لأنه يُوهم أنه رأى فيه ما يُوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء -وهو القرآن- عُوقِب في أشرف أعضائه وهو الرأس”.

وقد ذُكر في هذا الحديث وصفٌ آخر لهذا الرجل؛ وهو النوم عن الصلاة المكتوبة، وما أكثر الذين ينامون عن الصلاة المكتوبة في هذا الزمان! ولا سيما صلاة الفجر.

وإذا أردتَ البرهان لذلك فانظر إلى أحوال المصلين في المساجد في صلاة الفجر.

وجاء في رواية البزار: ثم أتى -النبي – على قومٍ تُرْضَخُ رؤوسهم بالصخر، فلما رُضِخَتْ عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم من ذلك شيءٌ، قال: يا جبريل، مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تثاقلتْ رؤوسهم عن الصلاة [3].

ألا فليتَّعظ أولئك الذين ينامون عن الصلاة المكتوبة، فإنهم على خطرٍ عظيمٍ، فالتهاون بالصلاة من أعظم المُنكرات، ومن أكبر المُوبقات، وقد أخبر النبي -وهو الصادق المصدوق- بأنه قد همَّ بأن يحرق على قومٍ بيوتهم بالنار؛ لأنهم لا يشهدون الصلاة معه في المسجد [4]، والتَّحريق بالنار عقوبةٌ غليظةٌ لا تكون إلا على مُنكرٍ عظيمٍ.

عقوبة مَن يكذب الكذبة تبلغ الآفاق

ثم قال : قالا لي: انطلقْ، انطلقْ. فانطلقنا، فأتينا على رجلٍ مُستلقٍ لقفاه، وإذا آخر قائمٌ عليه بكَلُّوبٍ من حديدٍ والكَلُّوب: حديدةٌ مُوجعة الرأس قال: وإذا هو يأتي أحد شِقَّي وجهه فيُشَرْشِر شِدْقَه إلى قفاه أي: يقطع جانب فمه إلى قفاه ويشقُّه، ومَنْخِره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثلما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصحَّ ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثلما فعل المرة الأولى.

قال: قلتُ: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلقْ، انطلقْ، ثم أخبراه فيما بعد بأنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق [5].

ألا فليتَّعظ أولئك الذين يُطلقون الشائعات في المجتمع، يتقولون الأقاويل، ويتعمدون الكذب، ويُطلقون ذلك في الناس، فتُؤخذ عنهم تلك الأقاويل والأكاذيب، وتبلغ الآفاق، وخاصةً في وقتنا الحاضر مع وجود وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تنقل الأخبار بسرعةٍ عجيبةٍ، فنجد مَن يكذب الكذبة، ويُطلق الشائعة، فتبلغ الآفاق في لحظاتٍ!

هؤلاء الذين يُطلقون هذه الشائعات والأكاذيب إثمهم عند الله عظيمٌ، ويصدق عليهم هذا الوعيد المذكور في هذا الحديث.

إن من الناس مَن لا يتورع عن الكذب، فلا يكاد يُحدث بحديثٍ إلا ويكذب فيه، وإذا سُئل عن ذلك فإنه يذكر مُبرراتٍ واهيةً؛ ربما قال: إنما أمزح، أو ربما لأختبر فطنة المُخاطَب! أو يُطلق الكذبة في وسائل التواصل رغبةً في الإثارة، وغير ذلك من المُبررات الواهية، وهذا على خطرٍ عظيمٍ من أن يُكتب عند الله كذابًا، فإن النبي يقول: إن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا [6].

إن أي عاقلٍ لا يرضى بأن يُقال له: يا كذَّاب، مهما كان عليه من المعاصي، بل حتى لو قال له طفلٌ: يا كذاب، ما رضي بذلك، فكيف بمَن يُكتب عند رب العالمين: بأن فلان ابن فلان رجلٌ كذابٌ؟! كيف بمَن يُكتب عند خالقه وخالق الناس جميعًا: بأن فلان ابن فلان رجلٌ كذابٌ؟!

عقوبة الزُّناة والزَّواني

ثم قال عليه الصلاة والسلام: فانطلقنا فأتينا على مثل التَّنور، قال: فإذا فيه لَغَطٌ وأصواتٌ، فاطَّلعنا فيه فإذا فيه رجالٌ ونساءٌ عُراةٌ، وإذا هم يأتيهم لَهَبٌ من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوا أي: صاحوا قلتُ لهما: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلقْ، انطلقْ. ثم أخبراه فيما بعد بأنهم الزُّناة والزَّواني [7]، وإنما كان اللهب يأتيهم من تحتهم لكون جنايتهم إنما كانت من أعضائهم السُّفلى، والزنا من كبائر الذنوب، يقول ربنا ​​​​​​​: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا۝يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا۝إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

ولذلك كانت عقوبة الزنا في الدنيا شديدةً؛ فعقوبة الزاني إذا كان غير مُحْصَنٍ -أي: لم يطأ في نكاحٍ صحيحٍ- أن يُجلد مئة جلدةٍ، ويُغرب عن بلده عامًا كاملًا، وإن كان الزاني مُحْصَنًا -أي: قد وطأ في نكاحٍ صحيحٍ- فعقوبته القتل، ولكن على صفةٍ فظيعةٍ غليظةٍ؛ وذلك بأن يُرجم بالحجارة حتى يموت، وما ذاك إلا لقُبْح هذه المعصية.

عقوبة آكل الربا

ثم قال عليه الصلاة والسلام: فانطلقنا فأتينا على نهرٍ أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجلٌ سابحٌ يسبح، وإذا على شَطِّ النهر رجلٌ قد جمع عنده حجارةً كثيرةً، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيَفْغَر أي: يفتح له فاه، فيُلْقِمَه حجرًا، فينطلق يسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فَغَرَ له فاه، فألقمه حجرًا، قلتُ لهما: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلقْ. انطلقْ، ثم أخبراه فيما بعد بأنه آكل الربا [8].

وأكل الربا من المُوبقات، ومن كبائر الذنوب، ويكفي أن الله ​​​​​​​ قد آذن فيه بالحرب، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ۝فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] أي: مَن أصرَّ على التعامل بالربا فقد فتح على نفسه جبهة حربٍ مع مَن؟

مع ربِّ العالمين، فليتوقع أية مصيبةٍ تأتيه: إما في بدنه، وإما في ماله، وإما في أهله، أو في أي شيءٍ؛ لأنه فتح على نفسه جبهة حربٍ مع ربه وخالقه.

وقد أخبر ربنا سبحانه أنه يَمْحَق الربا: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا [البقرة:276]، وهذا أمرٌ واقعٌ مُشاهدٌ، فأموال المُرابين ممحوقة البركة، لا ينتفع بها أهلها، بل تأتي سريعًا، وتذهب سريعًا؛ لأن الله تعالى قد تكفل بمَحْق بركتها، حتى وإن حاز الإنسان ثروتها، فإنه لا ينتفع بها، بل هو كالمحروم، يجمعها ولغيره غُنْمها، وعليه حسابها وعقابها بسبب الربا، بل ربما يَمْحَق الربا صاحبه فتجده قليل التوفيق، قد أضاع آخرته يلهث وراء جمع حُطام الدنيا الفانية!

قال بعض أهل العلم: “آكل الربا مُجربٌ له سُوء الخاتمة”.

ألا فمَن كان واقعًا في شيءٍ من ذلك فليَتُبْ إلى ربه سبحانه، فإن الله ​​​​​​​ لما توعد آكل الربا قال: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ ، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل مُحدثةٍ بدعةٌ.

صفة مالك خازن النار

عباد الله: ثم يقول عليه الصلاة والسلام: فانطلقنا، فأتينا على رجلٍ كَرِيه المرآة، كأَكْرَه ما أنت راءٍ رجلًا مرآةً، وإذا عنده نارٌ يَحُشُّها أي: يُوقدها ويسعى حولها، قلتُ لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلقْ، انطلقْ، ثم أخبراه فيما بعد أنه مالكٌ خازن النار [9].

كفالة إبراهيم لكل مولودٍ مات على الفطرة

ثم قال: فانطلقنا، فأتينا على روضةٍ مُعتمةٍ أي: طويلة النبات، فيها من كل لون الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجلٌ طويلٌ، لا أكاد أرى رأسه طولًا في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدانٍ رأيتهم قط، قلتُ لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلقْ. انطلقْ، ثم أخبراه فيما بعد أن هذا الرجل هو إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وأما الولدان الذين حوله فكل مولودٍ مات على الفطرة، فقال بعض الصحابة: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين [10].

الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا

قال: فانطلقنا، فانتهينا إلى روضةٍ عظيمةٍ، لم أرَ روضةً قط أعظم منها ولا أحسن، قالا لي: ارقَ فيها. فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينةٍ مبنيةٍ بلَبِن ذهبٍ ولَبِن فضةٍ، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا، ففُتح لنا، فدخلناها، فتلقانا فيها رجالٌ شطرٌ من خلقهم كأحسن ما أنت راءٍ، وشطرٌ كأقبح ما أنت راءٍ، قال: قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، وإذا نهرٌ مُعترضٌ يجري كأن ماءه المَحْض في البياض أي: اللَّبَن الخالص، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورةٍ، ثم أُخبر النبي فيما بعد أن هؤلاء قومٌ قد خلطوا عملًا صالحًا، وآخر سيئًا، قد تجاوز الله عنهم [11].

رؤية النبي جنة عدن

قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، قال: فَسَمَا بصري صُعُدًا أي: ارتفع كثيرًا، فإذا قصرٌ مثل الربابة البيضاء أي: السحابة البيضاء، قال: قالا لي: هذاك منزلك، قلتُ لهما: بارك الله فيكما، ذَرَاني فأدخله، قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله [12].

ما يُستفاد من الحديث

عباد الله: هذه رؤيا النبي ، ورؤيا الأنبياء حقٌّ، وقد قصَّها النبي على أُمته؛ لتعتبر بما جاء فيها؛ ففيها التحذير من رفض القرآن بعد أخذه، خاصةً ممن حفظ القرآن ثم رفضه، فإن وعيده شديدٌ.

وفيها التحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة، فإن الوعيد المُرتب على ذلك عظيمٌ.

وفيها التحذير من الكذب، ومن إطلاق الشائعات، ومن الكذبة التي تبلغ الآفاق، فإن الإثم عظيمٌ، والوعيد شديدٌ.

وفيها التحذير من الزنا، والتحذير من الربا.

كما دلَّ هذا الحديث على أن أطفال المسلمين -وهم كل مَن مات قبل البلوغ من أبوين مسلمين- في الجنة، وهذا بإجماع العلماء، وأما أطفال الكفار فقد دلَّ هذا الحديث على أنهم في الجنة أيضًا، لكن دلَّت أحاديث أخرى على أنهم يُمتحنون يوم القيامة، فالله تعالى أعلم.

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المُنير، فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، اللهم ارضَ عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذلَّ الكفر والكافرين.

اللهم انصر مَن نصر دين الإسلام في كل مكانٍ، اللهم اخذل مَن خذل دين الإسلام في كل مكانٍ، يا حي، يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أَبْرِمْ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهْدَى فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، يا حي، يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عِصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شرٍّ.

اللهم إنَّا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكانٍ.

اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تُحب وترضى، وخُذْ بناصيته للبرِّ والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تُعينه إذا ذكر، وتُذكره إذا نسي، يا حي، يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اجعلنا لنعمك وآلائك شاكرين.

اللهم أعنَّا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182].

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1, ^5, ^7, ^8, ^9, ^10, ^11, ^12 رواه البخاري: 7047.
^2 رواه البخاري: 1386.
^3 رواه البزار: 9518.
^4 رواه البخاري: 644، ومسلم: 651.
^6 رواه البخاري: 6094، ومسلم: 2607.
مواد ذات صلة