logo
الرئيسية/خطب/التوكل على الله حقيقته وثمراته

التوكل على الله حقيقته وثمراته

مشاهدة من الموقع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران: 102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء: 1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب: 70، 71].

منزلة التوكل وحقيقته

عباد الله:

الحديث في هذه الخطبة عن عملٍ عظيمٍ من أعمال القلوب، جليلٍ شأنُه، عظيمٍ قدرُه، هو من أعلى مقامات التوحيد، وأفضل العبادات، ولا يقوم به على وجه الكمال إلا خواص المؤمنين، ذلكم هو التوكل على الله تعالى.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: “التوكُّل أصلٌ لجميع مقامات الإيمان والإحسان، ولجميع أعمال الإسلام” [1]، قال الله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[المائدة: 23]، فجعل التوكُّل على الله شرطًا في الإيمان، وقوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعُف إيمانه ضعُف توكُّله، وإذا كان التوكل ضعيفًا فهو كذلك دليلٌ على ضعف الإيمان ولا بد.

وأما حقيقة التوكل فهو صدق اعتماد القلب على الله تعالى في جلب المطلوب وزوال المكروه، مع فعل الأسباب المأذون فيها، وحينئذٍ فلا بد في التوكل من أمرين:

الأمر الأول: أن يكون الاعتماد على الله اعتمادًا صادقًا حقيقيًّا.

قيل للإمام أحمد: أي شيءٍ صِدق التوكل على الله؟ قال: أن يتوكل على الله ولا يكون في قلبه أحدٌ من الآدميين يطمع أن يُجيبه بشيءٍ، فإن كان كذلك كان الله يرزقه وكان متوكلًا”.

والأمر الثاني: فعل الأسباب المأذون فيها.

ولا بد من هذين الأمرين في التوكل؛ فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب فقد نقص توكله على الله، فكأنه جعل السبب وحده هو العمدة فيما يصبو إليه من حصول المطلوب وزوال المكروه، وهذا -مع الأسف الشديد- هو واقع كثيرٍ من الناس اليوم، لا سيما مع انفتاح العالم بعضه على بعض، وتقدُّم كثيرٍ من علوم المادة، فأصبح كثيرٌ من الناس يعتمدوا على تلك الأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابًا لحصول المطلوب أو زوال المكروه، ونسوا الاعتماد على الله تعالى والالتجاء إليه: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأنعام: 17]، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ[الشعراء: 80].

الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل

عباد الله:

وليس معنى هذا أن يُلغي العبد الأسباب التي قدَّرها الله تعالى لتكون أسبابًا لحصول المطلوب، أو لزوال المكروه، بل إنَّ فعل السبب المأذون فيه جزءٌ من التوكل، وتحقيق التوكل على الله لا يُنافي السعي في الأسباب، والله ​​​​​​​ أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فقال ​​​​​​​: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ[النساء: 71]، وقال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ[الأنفال: 60].

والنبي سيِّد المتوكلين على الله، ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب؛ فكان يأخذ الزاد في السفر، ولَبِس الدرع في غزوة أُحدٍ.

بل إن بعض أهل العلم قال: “من طعن في الأسباب لكونها أسبابًا، فقد طعن في حكمة الله ​​​​​​​ -لأن الله سبحانه قد جعل لكل شيءٍ سببًا، والله تعالى حكيمٌ؛ يربِط الأسباب بمسبباتها -كمن يعتمد على الله في حصول الولد وهو لم يتزوج، أو في إنبات الزرع وهو لم يُلقِ البذر، ونحو ذلك.

وإنما الذي يُنكَر: أن يجعل العبد اعتماده في حصول المطلوب، أو في زوال المكروه، على الأسباب كليةً، وينسى مسبِّب الأسباب وخالقها ومدبِّرها ومقدِّرها، وهو الله ​​​​​​​ الذي إليه تُرجَع الأمور، والذي إليه تصير الأمور.

تربية النفس على التوكل

عباد الله:

ينبغي تربية النفوس على صدق الاعتماد على الله سبحانه، وعلى صدق اللجوء إليه والثقة به، وتعلُّق القلب به في حصول المطلوب أو في زوال المكروه، ينبغي تربية النفوس على أنه لا يملِك الضر والنفع إلا الله ​​​​​​​؛ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ[يونس: 107].

ينبغي تربية النفوس على أن تتعامل مع الأسباب على أنها مجرد أسباب جرت حكمة الله تعالى بتقدير المقدورات بها، وقد تتخلَّف مسبِّباتها إذا لم يُقدِّر الله ​​​​​​​ حصولها، ولهذا لما ذكر الله ​​​​​​​ السحر والسحرة في آية البقرة في قوله: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا[البقرة: 102]. قال في آخر الآية عن السحرة: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ[البقرة: 102]. حتى لو سَحَر الساحر لا يُمكن أن يضر إلا بإذن الله ​​​​​​​.

عن عمر بن الخطاب  قال: سمعت رسول الله  يقول: لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُوا خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا [2]. قال الحافظ ابن رجبٍ رحمه الله: “هذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنه من أعظم الأسباب التي يُستجلَب بها الرزق” [3]، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2- 3].

التوكل على الله شعورٌ ويقينٌ بعظمة الله وربوبيته، وأن الأمور كلها بيد الله.

التوكل: قطع القلب عن العلائق، ورفض التعلُّق بالخلائق، وإعلان الافتقار إلى محول الأحوال ومقدِّر الأقدار لا إله إلا هو.

ثمرات التوكل

التوكل صدقٌ وإيمانٌ، وسكينة واطمئنانٌ، وثقةٌ بالله ​​​​​​​.

بالتوكل تُرفع كبوات البؤس، وتُزجر نزوات الطمع، لا يكبَح شره الأغنياء، ولا يرفع ذل الفقراء سوى التوكل الصادق على الحي الذي لا يموت.

التوكل تحقيق الإيمان واليقين بأن الله تعالى لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ولا أحد يستطيع أن ينفع أو يضر إلا بإذن الله ​​​​​​​، قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: “من سَرَّه أن يكون أقوى النَّاس، فليتوكل على اللَّه” [4]، وقال سعيد بن جبيرٍ رحمه الله: “التوكل على الله جِمَاع الإيمان” [5]، وعن ابن مسعودٍ قال: “إن من ضعف اليقين أن تُرضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجرَّه حرص حريصٍ، ولا ترده كراهية كارهٍ، وإن الله جعل بقصده وعدله الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشكِّ والسخط” [6].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 3].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإنَّ خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمدٍ ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعةٌ.

دخول الجنة بغير حساب

عباد الله:

إن قوة التوكل على الله ​​​​​​​ من خصال المؤمنين الصادقين، بل إنها من أسباب دخول الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، ويدل لذلك ما جاء في “الصحيحين” عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أن النبي  قال: عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ -أي يوم القيامة- فَرَأيْتُ النَّبِيَّ وَمعَه الرَّهطُ، والنَّبِيَّ ومَعهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، وَالنَّبِيَّ وليْسَ مَعهُ أحدٌ، إِذْ رُفِعَ ليِ سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فقيلَ لي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ثُمَّ نَهَض النبي فَدَخَلَ منْزِلَهُ، فَخَاض النَّاسُ في أُولَئِكَ، فَقَالَ بعْضهُمْ -يعني في هؤلاء الَّذينَ يدْخُلُون الْجنَّةَ بِغَيْرِ حسابٍ وَلا عذابٍ- قال بعض الناس: لَعَلَّهُم الَّذينَ صَحِبُوا رسولَ اللَّه . وقَال آخرون: لعَلَّهُم الَّذينَ وُلِدُوا في الإسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا باللَّه شَيئًا. وذكروا أشياء، فخرج عليهم النبي  وهم يخوضون، فقال النبي عن هؤلاء الذين يدخلون الجنَّة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، قال: هم الذين لا يَسْتَرْقُونَ، ولا يكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. فقام عُكَّاشةُ بن مِحصَنٍ فقال: يا رسول الله؛ ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: أَنْتَ مِنْهُمْ. ثم قام رجلٌ آخر فقال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشةُ [7]؛ فذكر النبي لهؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ أربع صفاتٍ:

  • الصفة الأولى: قال: هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ أي: لا يطلبون الرقية، لا يطلبون من أحدٍ أن يرقيهم حتى بآيات القرآن والأدعية النبوية ونحو ذلك، وليس معنى ذلك أن طلب الرقية محرَّمٌ، طلب الرقية جائزٌ، لكن هؤلاء لكمال توكلهم على الله لا يطلبون الرقية من غيرهم؛ لأن الطالب للرقية قد يكون في قلبه ميلٌ للراقي؛ ولأن الناس في الغالب في شأن الرقية، تتعلق قلوبهم كثيرًا بالراقي أكثر من تعلُّقهم بالطب.

فلو أن طبيبًا عالج مريضًا وشُفي، لا يتعلق قلبه بالطبيب.

لكن لو أن راقيًا رقى مريضًا وشُفي، تجد أن قلب هذا المرقي يتعلق كثيرًا بهذا الراقي، ثم يبدأ يتحدَّث به ويُشهره، فهذا التعلُّق مؤثرٌ في كمال التوكل على الله ​​​​​​​.

فهؤلاء لا يطلبون الرقية لكمال توكلهم، لكنهم يرقون أنفسهم، وإذا رقاهم أحدٌ من غير طلبٍ لم يُمانعوا.

  • والصفة الثانية: لَاَ يَكْتَوُونَ.

والكَيُّ: هو من وسائل الشفاء، كما ذكر ذلك النبي ، أن الشفاء يكون في ثلاثٍ، وذكر منها كيةً من نارٍ [8].

والاكتواء جائز؛ لكن هؤلاء لكمال توكلهم على الله ​​​​​​​ لا يكتوون خشية أن يُشفوا بسبب ذلك الكي؛ فتتعلق قلوبهم بمن كواهم؛ فهي كقوله: لَا يَرْقُونَ.

  • والصفة الثالثة: وَلَا يَتَطَيَّرُونَ أي: لا يتشاءمون لا بزمانٍ ولا بمكانٍ ولا بغير ذلك.

والطِّيَرَة: شيءٌ يعرض على القلب من جرَّاء شيءٍ يحدث أمامه، فيجعله يُقدِم على أمرٍ أو يُحجِم عنه، وهذه صفة مَن لم يكن التوكل في قلبه عظيمًا، أما من كان التوكل على الله في قلبه عظيمًا فإنه لا يتشاءم؛ لا بأشخاصٍ، ولا بزمانٍ، ولا بمكانٍ، ولا بغير ذلك.

  • ثم ذكر الصفة الرابعة التي تفرَّعت منها الصفات الثلاث السابقة: فقال: وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. فهم لا يسترقون؛ لأنهم على ربهم يتوكلون، ولا يكتوون؛ لأنهم على ربهم يتوكلون، ولا يتطيرون؛ لأنهم على ربهم يتوكلون.

فكانت الصفة الجامعة لهؤلاء: هي أنهم على ربهم يتوكلون، عندهم قوة توكلٍ على الله ​​​​​​​، فدلَّ هذا على أن قوة التوكل على الله سبحانه من أسباب دخول الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، وهذا يدل على عظيم شأن التوكل، وعلى علو مقامه.

فعلى المسلم: أن يحرص على تحقيق التوكل على الله ​​​​​​​ في أمور دينه وفي أمور دنياه، وذلك بأن يفعل السبب، على أنه مجرد فعل سببٍ، ويُعلِّق قلبه بالله ، فيكون بذلك قد توكل على الله ​​​​​​​، لا يتكل على السبب، لا يعتمد على السبب، وإنما يفعل السبب على أنه مجرد فعل سببٍ، ويُعلِّق قلبه بالله سبحانه، فبهذا يكون متوكلًا على الله.

وكلما قوي تعلُّق قلبه بالله كان توكله على الله أقوى، وإذا كان توكله أقوى فإن الله ​​​​​​​ يُحقِّق له مطلوبه؛ لأن الله قال: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، لكن لا يستعجل الإنسان في تحقيق المطلوب؛ ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق:3].

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير؛ فقد أمركم الله بذلك، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن صحابته أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذلَّ الكفر والكافرين.

اللهم وفِّقنا لما تُحب وترضى من الأقوال والأعمال.

اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، ووفِّق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وقرِّب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وعلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نعوذ بك من مضلِّات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

نسألك اللهم من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللهم إنا نسألك أن تُنزل على عبادك رحمةً من عندك؛ ترفع بها هذا البلاء (كورونا)، ترفع بها هذا البلاء عن الناس في الأرض، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارفع هذا البلاء وأزله عن عبادك برحمتك التي وسعت كل شيءٍ، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نعوذ بك من هذا الوباء، ومن سيء الأسقام، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182].

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 طريق الهجرتين ص: 258.
^2 رواه أحمد: 205.
^3, ^5 جامع العلوم والحكم: 3/ 1266.
^4 جامع العلوم والحكم: 2/ 497.
^6 الزهد لهناد: 535، والمعجم الكبير للطبراني: 10514.
^7 رواه البخاري: 3410، ومسلم: 220.
^8 رواه البخاري: 5680.
مواد ذات صلة
  • خطبة عيد الفطر 1443 هـ

    الحمد لله معيد الجمع والأعياد، رافع السبع الشداد عالية بغير عماد، وماد الأرض ومرسيها بالأطواد، جامع الناس ليوم لا ريب…

  • أحكام الزكاة وفضائل الصدقة

    الحمد لله الذي وعد المنفقين أجرًا عظيمًا وخلفًا، وتوعد الممسكين لأموالهم عما أوجب عليهم عطبًا وتلفًا، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد…

zh