الرئيسية/خطب/صفحات من سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
|categories

صفحات من سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

مشاهدة من الموقع

الحمد لله الذي بعث نبيه محمدًا بخير القرون، واختار له من الأصحاب أكمل الناس عقولًا، وأقومهم دينًا، وأغزرهم علمًا، وأشجعهم قلوبًا، فأقام بهم الدين، وأظهرهم على جميع العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

عباد الله

الحديث في هذه الخطبة عن جوانب من سيرة صحابيٍّ جليلٍ، ما طلعت الشمس ولا غربت على أحدٍ بعد النبيين خير منه، كان أفضل الصحابة قدرًا، وأعلاهم منزلةً؛ إنه أبو بكرٍ الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

وإن بالتأمل في سيرة هذا الصحابي الجليل لعجبًا، فلقد ضحى بنفسه وماله ووقته وكل ما يملك في سبيل مرضاة الله ​​​​​​​، وفي سبيل نصرة نبيه ودينه!

محبة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

وقد كان السلف الصالح رحمهم الله يقولون: “حُبُّ أبي بكرٍ الصديق من السنة” [1]. وكانوا يعلمون أولادهم ذلك.

روى أحمد عن مسروقٍ أنه قال: “حب أبي بكرٍ وعُمَر، ومعرفة فضلهما من السنة” [2]، وقال شقيق بن عبدالله وطاووس كذلك [3].

وقيل للحسن: حب أبي بكر وعمر من السنة؟ قال: “لا، بل فريضةٌ” [4].

وكان السلف الصالح يُعَلِّمون أولادهم حب أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما، كما يعلمونهم السورة من القرآن.

من مناقب أبي بكر

كان أبو بكر  قبل مبعث رسول الله من سادات قريش وأغنيائهم، فلما بُعث النبي  بادر إلى الإيمان به وتصديقه، ولم يتردد حين دعاه إلى الإيمان، ولازم النبي طول إقامته بمكة، وصَحِبَه في هجرته، ولازمه في المدينة، وشهد معه جميع الغزوات، وكان في كل ذلك حريصًا على دعوة الناس إلى دين الله تعالى.

وقد أسلم على يديه عددٌ من الصحابة؛ منهم خمسةٌ من العشرة المبشرين بالجنة، وهم : عثمان، والزبير، وسعد، وطلحة، وعبد الرحمن، واشترى سبعةً من المسلمين يعذبهم الكفار بسبب إسلامهم، فأعتقهم، منهم: بلال بن رباحٍ مؤذِّن رسول الله .

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “لما ابتُلي المسلمون، خرج أبو بكرٍ مهاجرًا قِبَل أرض الحبشة، حتى إذا بلغ بَرْكَ الغِمَادِ [5] لقِيَه ابن الدُّغُنَّة، فقال: أين تريد يا أبا بكرٍ؟ قال: أخرَجَني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال له: فإن مثلك يا أبا بكرٍ لا يُخرَج ولا يَخرج؛ إنك تُكْسِب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جارٌ، فارجع واعبد ربك في بلدك، فأعلن ابن الدُّغُنَّة أن أبا بكر في جواره، فأنفذت قريشٌ جوار ابن الدُّغُنَّة، وأمَّنوا أبا بكرٍ، ثم إن أبا بكرٍ ابتنى مصلًّى في فناء داره، فكان يصلي ويقرأ القرآن، فتجتمع عليه نساء قريشٍ وأبناؤهم يتعجبون منه، وينظرون إليه.

وكان أبو بكرٍ رجلًا بكَّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك كفار قريشٍ، وقالوا لابن الدُّغُنَّة: إنما أجرنا أبا بكرٍ على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وإنَّا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فأتى ابن الدُّغُنَّة إلى أبي بكرٍ، وقال: يا أبا بكرٍ إني قد علمتَ الذي عقدتُ لك من هذا الجوار، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترجع من ذمتي، فإني لا أحب أن يسمع العرب أني أخفرت في عهد رجلٍ عقدت له، فقال أبو بكرٍ : “أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله” [6].

مرافقة أبي بكر  للنبي في الهجرة

ولمَّا أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة، هاجر معه الصديق، جاء في بعض الروايات: أن رسول الله أتى إلى أبي بكرٍ في نحر الظهيرة، في وقتٍ لم يكن من عادته أنه يأتي إلى بيت أبي بكرٍ ، فدخل عليه وقال له: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِي بِالْهِجْرَةَ. قال أبو بكرٍ : “الصحبة يا رسول الله”. قال: الصُّحْبَة. فبكى أبو بكرٍ الصديق من شدة الفرح.

تقول عائشة رضي الله عنها: “فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم، أن أحدًا يبكي من شدة الفرح، حتى رأيت أبي يبكي من شدة الفرح!” [7].

إنفاق أبي بكر في سبيل الله ​​​​​​​

وأخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب  قال: “أمرنا رسول الله أن نتصدق، ووافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا”. أي: ما سبقته يومًا قبل ذلك، قال عمر ، وهو يرى أنه سيسبق أبا بكرٍ  في هذه المرة، وكانوا يتنافسون على الخير، قال عمر: “فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله  لي: يَا عُمَرُ، مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِك؟ قلت: أبقيت لهم مثله” أي النصف الآخر، قال: “ثم أتى أبو بكرٍ  بجميع ماله، فقال رسول الله : يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله“، قال عمر: “فقلتُ: والله لا أسابقك إلى شيءٍ بعد ذلك أبدًا” [8].

وفي “الصحيحين” عن أبي سعيدٍ  أن رسول الله  قال: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِه أَبُو بَكْر، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِن أُخُوَّةُ الْإسْلَامِ [9].

وعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا كَافَأْنَاه، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ الله بِهَا يَوْم الْقِيَامةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَط مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُم خَلِيلُ الرَّحْمَنِ [10]. فلما سمع بذلك أبو بكرٍ بكى وقال: “وَهَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ!”.

ورع أبي بكر

وكان ورِعًا ورَعًا عظيمًا، فقد جاء في “صحيح البخاري” عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان لأبي بكرٍ الصديق  غلامٌ يُخرج له الخراج (أي يأتيه بما يكسبه من الخراج)، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيءٍ فأكل منه أبو بكرٍ، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ كنت قد تكهنت لإنسانٍ في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكرٍ يده فقاء كل شيءٍ في بطنه” [11].

وفي روايةٍ: “فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ، وجَعَلَت لا تخرج، فدعا بِعُسٍّ من ماءٍ -أي بقدحٍ كبيرٍ- فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها، فقيل له: رحمك الله! كل هذا من أجل هذه اللقمة؟! قال: “سمعت رسول الله  يقول: كُل جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فالنَّارُ أَوْلَى بِهِ فخشيت أن ينبت جسدي من هذه اللقمة” [12].

وكان مع فضله وسبقه للإسلام يحاسب نفسه محاسبةً شديدةً، فكان يأخذ بطرف لسانه ويقول: “هذا الذي أوردني الموارد”.

يقين أبي بكر وثباته

ومما تميز به الصديق عن بقية الصحابة: قوة اليقين، فقد كان عنده يقينٌ عظيم جعله يثبت في مواقف الشدة والكروب، ولذلك قال أبو بكر بن عياشٍ رحمه الله: “ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكن بشيءٍ وقر في قلبه”.

وقد ظهر أثر ذلك في صلح الحديبية، ففي صلح الحديبية لم يتحمل كثيرٌ من الصحابة الشروط التي وقعت بين النبي وقريشٍ، وكان من ضمن هذه الشروط أن يرجع النبي  من الحديبية دون تكميل عمرته، وأنَّ من جاء من قريشٍ إلى النبي رده إليهم وإن كان مسلمًا، بينما من جاء من المسلمين إلى قريشٍ لم يردوه، حتى إن عمر  راجع النبي  في ذلك، فقال النبي : إِنِّي رَسُول اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيه، وَهُوَ نَاصِرِي فذهب عمر إلى أبي بكرٍ، فقال أبو بكرٍ لعمر: “أيها الرجل، إنه رسول الله، وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق” [13].

فكان جواب أبي بكرٍ كجواب النبي سواءً بسواءٍ، وفي هذا دليلٌ على أنه أكمل الصحابة وأشدهم ثباتًا في مواطن الضيق.

ولما توفي النبي  اندهش المسلمون لذلك حتى قام عمر وأنكر موته، وقال: “والله ما مات رسول الله ، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال من المنافقين وأرجلهم، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى” فأتى أبو بكرٍ الصديق  وكان قد ذهب لضيعةٍ له، فلما جاءه الخبر أتى على فرسٍ له، ودخل حجرة النبي ، وكشف عن وجهه، وقبَّل ما بين عينيه، وقال: “بأبي أنت وأمي طبت حيًّا وميتًا”، ثم خرج إلى الناس وهم يموجون، وعمر يتكلم فيهم، فقال: “اصمت يا عمر”، ثم صعد المنبر، تحمل المسؤولية، وقام بزمام المبادرة، وصعد المنبر، وخطب الناس بشجاعةٍ وقلبٍ ثابت، وقال: “أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله، فإن الله حيٌّ لا يموت” ثم تلا قول الله: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ[الزمر:30]، وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144].

قال كثيرٌ من الصحابة: “والله لكأنما لم نسمع بهذه الآية إلا عندما تلاها الصديق” فثبت الله تعالى الصحابة بثبات هذا الصحابي الجليل العظيم رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

ولما أراد أن يُنفِذ جيش أسامة بن زيد بعد وفاة النبي ، وكان أسامة صغيرًا، كان عمره ثماني عشرة سنة، فراجعه عمر وغيره من الصحابة ألّا يُسِيِّر الجيش من أجل حاجتهم إليه في قتال أهل الردة، لكن الصديق صمم على إنفاذه، وقال لهم مقولته المشهورة: “والله لا أُحِل رايةً عقدها رسول الله  ولو أن الطير تخطفنا” وانتصر ذلك الجيش.

فانظروا إلى ثباته، وعظيم فراسته.

ولما مات رسول الله  وارتد من ارتد من العرب، ومنعوا الزكاة عزم على قتالهم، فراجعه من راجعه في ذلك، فصمم على قتالهم، وقال: “والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة”، قال عُمَر: “فرأيت أن الله شرح صدر أبي بكر الصديق لذلك، فعرفت أنه الحق”.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة.

مسارعة أبي بكر في الخيرات

كان أبو بكر الصديق مع فضله وسبقه في الإسلام كان مسارعًا للخيرات، مبادرًا للطاعات، أخرج مسلمٌ في صحيحه: عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  يومًا لأصحابه: مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟ -أي صيام تطوع- قال أبو بكرٍ: “أنا يا رسول الله” قال: فمَن تَبِعَ منكم اليوم جنازةً؟ قال أبو بكرٍ: “أنا يا رسول الله”، قال: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُم الْيَوْم مِسْكِينًا؟ قال أبو بكرٍ: “أنا يا رسول الله”، قال: فَمَنْ عَادَ مِنْكُم الْيَوْم مَرِيضًا؟ قال أبو بكرٍ: “أنا يا رسول الله”، فقال النبي : وَالذِي نَفْسِي بِيَدِه مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّة.

فانظروا كيف أن الصديق في يومٍ واحد جمع هذه الخصال، أصبح صائمًا صيام تطوع، تبع جنازةً، أطعم مسكينًا، عاد مريضًا، وربما له أعمالٌ صالحةٌ أخرى أيضًا، فانظروا إلى مسارعته للخيرات، وإلى سبقه للصحابة  بذلك.

انظروا كيف أن النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام طرح هذه الأسئلة على الصحابة ليستحثهم على المبادرة للعمل الصالح، وكيف أن الصديق كان له قصب السبق، وسبق الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين في ذلك.

تولية أبي بكر الخلافة بعد موت الرسول

ثم إن الصديق بعد وفاة النبي  تولى الخلافة، فسار في الناس سيرةً حميدة، وبارك الله في مدة خلافته على قصرها، فقد كانت سنتين وثلاثة أشهرٍ وتسع ليالٍ، ولكن الله تعالى بارك في هذه المدة.

ومن بركة الصديق: أن خلَّف على المسلمين أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب ، فإن هذا من حسناته رضي الله تعالى عنهما وعن جميع الصحابة.

يصف علي بن أبي طالب  الصديق فيقول: “كنتَ أول القوم إسلامًا، وأخلصهم إيمانًا، وأحسنهم صحبة، وأشبههم لرسول الله  هديًا وسمتًا، وأكرمهم عليه، خلفته في دينه أحسن خلافة حين ارتدوا، ولا زلت منهاج رسول الله ، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، متعاظمٌ في نفسك، عظيمًا عند الله، أقرب الناس عندك أطوعهم لله وأتقاهم”.

وقال : “كان خليفة رسول الله  رضيه لديننا، فرضيناه لدنيانا”.

رضي الله تعالى عن أبي بكرٍ الصديق، ورضي الله تعالى عن عمر بن الخطاب، ورضي الله تعالى عن عثمان بن عفان، ورضي الله تعالى عن علي بن أبي طالب، ورضي الله تعالى عن جميع صحابة نبيه وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم أذل الشرك والمشركين.

اللهم مَنْ أرادنا، أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء، اللهم فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه، يا قوي يا عزيز، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفُجَاءَة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم وفقنا لما يرضيك من الأقوال والأعمال، وأعنَّا على ذكرك، وعلى شكرك، وعلى حسن عبادتك.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، ووفقهم لما تحب وترضى، ولما فيه صلاح البلاد والعباد، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الحق وتُعِينُهم عليه، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه، وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه، وما لم نعلم.

اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر: 2/ 1177.
^2 السنة لعبدالله بن أحمد: 1368.
^3 شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 7/ 1312، 2319، 2322.
^4 شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 7/ 1312، 2321، وتاريخ دمشق لابن عساكر: 44/ 381.
^5 برْك الغماد: بفتح الباء وكسرها، وسكون الراء، وبضم الغين وكسرها: موضع في أقاصي هَجَر. ينظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض: 1/ 115.
^6 رواه البخاري: 3905.
^7 رواه البخاري: 2138، وسيرة ابن هشام: 1/ 485.
^8 رواه أبو داود: 1678، والترمذي: 3675، وقال: حسنٌ صحيحٌ.
^9 رواه البخاري: 467، ومسلم: 2382.
^10 رواه الترمذي: 3661، وابن ماجه مختصرًا: 94.
^11 رواه البخاري: 3842.
^12 ذكره الذهبي في الكبائر: ص120
^13 رواه البخاري: 2731.
مواد ذات صلة