logo
الرئيسية/خطب/التحذير من الكهان والمنجمين

التحذير من الكهان والمنجمين

مشاهدة من الموقع

الحمد لله مُصَرِّف الأوقات والدهور، ومدبر الأحوال والأيام والشهور، مُسهل الصعاب وميسر الأمور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإليه المنتهى والمصير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، السراج المنير، والبشير النذير، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. 

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى، وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5].

عباد الله:

إن صفاء العقيدة وسلامتها من الانحراف، من أهم الأمور التي ينبغي أن يسعى المسلم إلى تحقيقها، وإن الله تعالى قد بعث الأنبياء والرسل عليهم السلام، إلى أممٍ وأقوامٍ كانوا يعرفون أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر لهذا الكون، كما قال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [العنكبوت:61]، قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ [يونس:31].

ولكن كان عند هذه الأمم انحرافٌ في العقيدة؛ فأرسل الله تعالى الرسل، وأنزل الكتب لتصحيح عقائدهم، وتخليصها من شوائب الشرك، ومن هنا يبرز أهمية الاهتمام بسلامة العقيدة، وصفائها وخلوها من الشرك والبدعة. 

خطر الذهاب للسحرة والمشعوذين

والحديث في هذه الخطبة عن أمرٍ من الأمور التي تخدش في سلامة التوحيد الخالص، وفي صفاء العقيدة، وهو إتيان أهل الشعوذة والدجل؛ من الكُهَّان والعُرَّاف والمنجمين والسحرة ونحوهم، الذين يأتون بأمورٍ منكرةٍ؛ من الاستغاثة بغير الله ​​​​​​​ ، والذبح لغير الله سبحانه، ودعاء غير الله، فتجد أن من هؤلاء المشعوذين من ينصَّب نفسه طبيبًا شعبيًّا، أو راقيًا، ليأكل أموال الناس بالباطل، وربما استعان بالشياطين الذين لا يخدمونه إلا إذا كفر بالله وأشرك بالله عز وجل، ثم يحاول هؤلاء المشعوذون أن ينقلوا الشرك والكفر إلى غيرهم، ويستغلون حاجات المرضى في ذلك، فيأمرون من يأتيهم لطلب العلاج، يأمرونهم بأمورٍ شركيةٍ، حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى أن يأمر من يأتيه لطلب العلاج بالذبح من غير أن يسمي، أي أنه يأمره بالذبح لغير الله ​​​​​​​، والذبح لغير الله تعالى شركٌ أكبرُ مخرجٌ عن ملة الإسلام.

أخرج الإمام أحمد في “مسنده” عن طارق بن شهابٍ ، أن رسول الله  قال: دخل الجنة رجلٌ في ذبابٍ، ودخل النار رجلٌ في ذبابٍ، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: مر رجلان على قومٍ لهم صنمٌ لا يجوزه أحدٌ حتى يقرب إليه شيئًا، فقالوا لأحدهما: قَرِّب، قال: ليس عندي شيءٌ أقربه، فقالوا له: قرب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا، فخلَّوا سبيله فدخل النار، وقالوا للآخر: قَرِّب، قال: ما كنت لأقرب لأحدٍ شيئًا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة [1].

وفي “صحيح مسلمٍ” عن عليٍّ  أن النبي  قال: لعن الله من ذبح لغير الله [2].

فاحذروا عباد الله، احذروا من إتيان هؤلاء المشعوذين الدجالين؛ فإن الإنسان قد يذهب إليهم بدينه، ويرجع منهم ولا دين له. 

أخرج مسلمٌ في “صحيحه” عن بعض أزواج النبي  أن النبي  قال: من أتى عرافًا فسأله عن شيءٍ؛ لم تُقبل له صلاةٌ أربعين يومًا [3].

قال صاحب “فتح المجيد” رحمه الله: “ظاهر الحديث: أن الوعيد مرتبٌ على مجيئه وسؤاله، سواءٌ صدَّقه أو شكَّ بخبره”. 

وروى أبو داود في “سننه” عن أبي هريرة  أن النبي  قال: من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ [4].

أساليب السحرة والمشعوذين وعلاماتهم

عباد الله:

وهؤلاء المشعوذون الدجالون يسلكون أساليب شتى للتمويه على الناس، ولإظهار أنهم يفعلون أمورًا خفيةً يستطيعون بها علاج المرضى؛ من أجل أكل أموال الناس بالباطل، فتجد أن بعضهم يطلب اسم أب المريض، أو اسم أمه، وهو لم يره، أو يطلب ثوب المريض، أو أنه يعطيه عزائم كُتب عليها كلامٌ غير مفهومٍ، وقد يكون لا مفهوم له حقيقةً؛ وإنما فعل ذلك تمويهًا على غيره، وقد يكون فيها استغاثةٌ بغير الله ، وقد يكون فيها الشرك الأكبر، ودعاء الشياطين، ونحو ذلك. 

ومن علاماتهم: أنهم ربما أمروا المريض باعتزال الناس فترةً معينةً في غرفةٍ لا تدخلها الشمس، أو ربما طلبوا من المريض ألا يمس الماء مدةً معينةً.

ومن علاماتهم: أنه رُبما تمتم الواحد منهم بكلامٍ غير مفهومٍ، أو يعطيه عزائم مكتوبًا فيها كلامٌ غير مفهومٍ.

 فحذارِ حذارِ! من إتيان هؤلاء المشعوذين، وإذا احتاج الإنسان للعلاج، فليذهب إلى من عُرف بالصلاح والاستقامة من أهل الخير، الذين يرقون الناس بالقرآن وبالأدعية النبوية، أو بالكلام الواضح المفهوم، والله تعالى قال عن القرآن: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، فلا بُدَّ أن يُعرف أن هذا الذي يرقي الناس يرقيهم بشيءٍ واضحٍ من كتاب الله ​​​​​​​، أو من الأدعية النبوية، أو بكلام يفهمه الحاضرون، أما أن يتمتم بكلامٍ غير مفهومٍ، أو يأتي بعباراتٍ غير واضحةٍ، فهذا من علامات الدجل والشعوذة. 

عباد الله:

وهناك مشعوذون وسحرةٌ دجالون يَظهَرون على الناس بين الحين والآخر، بأعمالٍ بهلوانيةٍ، يعرضون سحرهم وشعوذتهم وتقميرهم، في أنديةٍ ومحافلَ يحتمع فيها جموعٌ غفيرةٌ من الدهماء، ينظرون إلى تلك الأعمال السحرية الشيطانية التي يقوم بها هؤلاء المشعوذون؛ مثل: أن يسحب السيارة بشعرةٍ واحدةٍ! وسبحان الله أين العقول؟! كيف يُعقل أن يسحب سيارةً بشعرةٍ؟! أو أن السيارة تمر من فوق بطنه ولا يتأثر بذلك؟! وبعضهم يتظاهر أنه يطعن بطنه بالسكين ولا يضره! أو أنه يدخل النار ولا تحرقه! وأمثال ذلك من الشعوذات التي حقيقتها الدجل والكذب على الناس؛ لسلب أموالهم وإفساد عقيدتهم، وترويج السحر بينهم، والعجيب أن هؤلاء السحرة والمشعوذين يجدون من يشجعهم، ويبذل لهم الأموال الطائلة على ما يقدمونه من سحرٍ وباطلٍ!. 

وإن هذا السحر من أعظم المنكرات، بل أخبر الله تعالى أنه كفرٌ، وأنه من تعليم الشياطين: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102].

وقد ذكر بعض المؤرخين: أن الشرك إنما دخل إلى نجدٍ قبل دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله؛ دخل الشرك هذه المنطقة عن طريق بعض من يَقدَم إليهم من البوادي وغيرها، ممن يَنصِبون أنفسهم رقاةً ومعالجين، ويأمرون الناس بأمورٍ شركيةٍ وأمورٍ منكرةٍ، فأصبح الناس يأتون إليهم، حتى انتشر الشرك منهم، إلى أن قيض الله تعالى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، فقام بدعوته المباركة، التي لا زلنا نستظل بآثارها وننعم بآثارها المباركة.

لكن كان قبل دعوة الشيخ، إنما دخل الشرك هذه المنطقة؛ بسبب أولئك المشعوذين الذين نصبوا أنفسهم رقاةً، وهم يأتون بالأمور الشركية المنكرة؛ فالحذرَ الحذرَ! من هؤلاء الدجالين، من أهل الكهانة والسحر والتنجيم وغيرها. 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر السلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم. 

الخطبة الثانية

الحمد لله الولي الحميد، المبدئ المعيد، الفعَّال لما يريد، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. 

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمدٍ ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعةٌ. 

التنجيم والأبراج وادعاء علم الغيب

عباد الله:

ومن الأمور المنكرة: التنجيم، وهو الاستدلال بالنجوم والأبراج ونحوهما على ما سيقع في الأرض من أمورٍ غيبيةٍ، وهو نوعٌ من الكهانة، ومن ذلك: التعلُّق بالأبراج التي تُكتب في بعض الجرائد والمجلات والمواقع على الإنترنت، وهي على أنواعٍ في ذلك:

فبعضها يُقال فيها: إذا كنت من مواليد برج كذا؛ فسيحصل لك كذا وكذا.

وبعضها بطريقة السنوات، فيقال: إذا كنت في مواليد سنة كذا؛ فسنتك الجديدة سيحصل فيها كذا وكذا.

وبعضها بطريقة الأشهر؛ إذا كنت من مواليد شهر كذا؛ فسيحصل لك كذا وكذا.

ومن يحسن ذلك يضحك على السُذَّج من الناس، وربما أتى بأشياء تقع دائمًا للناس؛ مثل أن يقول: إذا وُلدتَ في برج كذا أو شهر كذا أو سنة كذا؛ فستعترضك بعض الصعوبات، وهل يوجد إنسان لا تعترضه بعض الصعوبات؟! والله ​​​​​​​ يقول: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4]، أو يقول: سيأتيك خبرٌ سار، وهل رأيتم إنسانًا ما أتاه خبرٌ سارٌ في حياته؟ أو يقول: ستواجه مشاكل ماديةً، ونحو ذلك مما يقع غالبًا لكثيرٍ من الناس. 

فهذا كله وأشباهه من التنجيم، وادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ​​​​​​​؛ فإن علم الغيب اختصّ الله تعالى واستأثر بعلمه؛ كما قال سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وقال: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا [لقمان:34].

والعجيب أن بعض الناس يتعلق بهذه الأبراج، وكلها مبنيةٌ على دجلٍ وخرافاتٍ وكذبٍ! والأعجب من ذلك: أن هذا التنجيم إذا وافق القدر فوقع، اغتروا به ونسوا ما سبقه من كذباتٍ وتخرصاتٍ، وإذا خالف الواقع اعتذروا للمنجم وقالوا: هو منجمٌ وليس بنبيٍّ حتى يُصدق في كل ما يقول!

ومن تأمل أحوال هؤلاء المنجمين، وقراء الأبراج، وكيف يستدلون على السعد والنحس، وعلى التوفيق والحرمان بهذه الأبراج، ازداد يقينًا بضلالهم وتكذيبًا لتخرصاتهم وخرافاتهم، التي لا يقبلها العقل السليم، ولا الفطرة السوية، فضلًا عن قلبٍ متحلٍّ بحلية الإيمان.

مواقف في التصدي لأقوال المنجمين

رُوي أن علي بن أبي طالبٍ  لما أراد الخروج لحرب الخوارج، اعترضه منجِّمٌ، فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تخرج؛ فإن القمر في العقرب، أي: في برج العقرب، فإن خرجتَ أُصبتَ وهُزم عسكرك، فقال عليٌّ : “بل أخرج ثقةً بالله وتوكلًا عليه، وتكذيبًا لقولك”؛ فانتصر عليٌّ نصرًا عظيمًا، بل ما سافر بعد وفاة النبي  سفرةً أكثر بركةً منها، فقد قُتل فيها من قتل من الخوارج، ورجع  مؤيدًا منصورًا.

ولما أراد الخليفة العباسي المعتصم بالله فتح عمورية، حذّره المنجمون في زمنه، وقالوا له: إنك إن قاتلت في هذا الوقت انهزمت؛ فلم يلتفت إلى قولهم؛ وكانت النتيجة نصرًا عظيمًا مؤزرًا للمسلمين، وقال أبو تمامٍ قصيدته المشهورة، التي سخر فيها بالمنجمين سخريةً كبيرةً، فقال: 

السيف أصدق إِنباءً من الكتبِ في حدِّه الحَدُّ بين الجِد واللَّعبِ
بِيضُ الصفائح لا سودُ الصحائف في متونهن جلاء الشك والرِّيَبِ

السيف أصدق إنباءً من الكُتب، أي: من كتب المنجمين، في حده الحد بين الجد واللعب، بيض الصفائح، أي: السيوف، لا سود الصحائف، أي: كتب المنجمين، في متونهن جلاء الشك والريب. 

أين الرواية بل أين النجوم وما  صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذبِ

فسخر بهم سخريةً عظيمةً، وانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا؛ مع أن المنجمين أجمعوا على أنه إن خرج انهزم، فكانت النتيجة على العكس من ذلك تمامًا؛ فهؤلاء المنجمون لم يكن لهم قيمةٌ ولا وزنٌ عند المسلمين الأوائل؛ بل كانت النتائج تأتي بخلاف ما يتوقعون. 

فالحذر الحذر يا عباد الله! من هؤلاء المنجمين ومن أساليبهم، سواءٌ في قراءة الأبراج، أو ما يسمونه، بقراءة الكف، أو بقراءة الفنجان، أو بأي أسلوبٍ من الأساليب التي يدَّعون عن طريقها علم الغيب، وليستحضر المسلم هذه الحقيقة، وهي أنه لا يعلم الغيب إلا الله: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65].

بل إن سيد البشر وسيد الأنبياء المرسلين محمد ​​​​​​​ يقول الله له: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون [الأعراف:188]، فأمر الله نبيه أن يقول للناس إنه لا يملك نفعًا ولا ضرًا، وأنه لا يعلم الغيب وهو خير البشر وسيد البشر، ويقول: وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ[الأعراف: 188]، لكنه لا يعلم الغيب صلوات الله وسلامه عليه.

فإذا كان سيد البشر وسيد الأنبياء والمرسلين لا يعلم الغيب فكيف بغيره؟ فالغيب مما استأثر الله تعالى بعلمه.

فمن ادعى أنه يعلم الغيب فهو كذابٌ أشرٌ، وينبغي الإنكار على هؤلاء، وعدم قراءة كلامهم، وعدم تصديقهم، فإن من يتتبع كلامهم ويهتم به ويصدقهم فهو على خطرٍ عظيمٍ من أن يخدش ذلك في صفاء عقيدته وفي كمال توحيده، من أتى عرافًا فسأله عن شيءٍ، لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلةً، ومن أتى كاهنًا، فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمدٍ .

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير؛ فقد أمركم الله بذلك، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، اللهم ارضَ عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، اللهم وأصلح أحوال المسلمين في كل مكانٍ، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشَدًا، يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. 

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، ووفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ولما فيه صلاح البلاد والعباد، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام

اللهم إنا نعوذ بك من فجاءة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك

اللهم انصر من نصر دين الإسلام في كل مكانٍ، واخذل كل من خذل دين الإسلام في كل مكانٍ، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خيرٍ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شرٍّ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182].

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أحمد في الزهد: 84.
^2 رواه مسلم: 1978.
^3 رواه مسلم: 2230.
^4 رواه أبو داود: 3904، بلفظ: فقد برئ مما أنزل الله على محمد.
مواد ذات صلة
  • خطبة عيد الفطر 1443 هـ

    الحمد لله معيد الجمع والأعياد، رافع السبع الشداد عالية بغير عماد، وماد الأرض ومرسيها بالأطواد، جامع الناس ليوم لا ريب…

  • أحكام الزكاة وفضائل الصدقة

    الحمد لله الذي وعد المنفقين أجرًا عظيمًا وخلفًا، وتوعد الممسكين لأموالهم عما أوجب عليهم عطبًا وتلفًا، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد…

zh