logo

(1) كتاب تسهيل حساب الفرائض- فقه الفرائض

مشاهدة من الموقع

جدول المحتويات

مقدمة عن الدورة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فباسم الله تعالى نبتدئ هذه الدورة العلمية المتخصصة في علم الفرائض، وهي دورةٌ نوعيةٌ في هذا العلم العظيم، والذي تولى الله ذكر أصوله في كتابه الكريم؛ فإن الله تعالى ذكر أصول قسمة المواريث في كتابه الكريم، ولم يُوكِل ذلك إلى نبيٍّ مرسلٍ، ولا إلى مَلَكٍ مقرَّبٍ؛ وذلك لعظيم شأنها ولعظيم أهميتها.

فينبغي لطالب العلم أن يحرص على ضبط هذا العلم، وأن يتمرَّن وأن يتمرَّس فيه وأن يتقنه.

وهذه الدورة -بإذن الله - من يحضرها كاملةً، ويمارس ويطبق الأمثلة والتمرينات، ويضبط الشروط؛ فإنه -بإذن الله تعالى- سيضبط أصول العلم.

وأشكر الإخوة في رئاسة الشؤون الدينية لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على ترتيب هذه الدورة، وعلى رأسهم معالي الرئيس الشيخ: عبدالرحمن السديس وفقه الله، وبقية الإخوة المشايخ العاملين بالرئاسة على ما يقومون به من جهودٍ كبيرةٍ في توعية قاطني المسجد الحرام والمسجد النبوي.

فضل السعي لطلب العلم

أيها الإخوة، هذا العلم -علم المواريث كما ذكرنا- ذكر الله تعالى أصوله في القرآن؛ فهو من أعظم العلوم، والسعي لطلب العلم سعيٌّ لعملٍ صالحٍ عظيمٍ، يقول النبي : من سَلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة [1]، ويقول : من يُردِ الله به خيرًا؛ يفقِّهه في الدين [2].

وتأملوا -أيها الإخوة- هذا الحديث العظيم: من يُردِ الله به خيرًا؛ يفقِّهه في الدين يعني: إذا وجدت من نفسك الحرص على التفقُّه في الدين ومحبة ذلك؛ فهذه أمارةٌ على أنه أُريدَ بك الخير إن شاء الله.

والإنسان مهما كان عليه من القوة في العبادة؛ لا يستطيع أن يعبد الله كما أراد الله إلا عن طريق العلم؛ ولذلك من أراد أن ينال مرضاة الرب ؛ فعليه أن يحرص على التفقُّه في دين الله .

وعلم الفرائض من العلوم المهمة، وطالب العلم الذي لم يضبط علم الفرائض يُعتبر هذا قصورًا لديه؛ ولذلك لا بد من العناية بضبط هذا العلم.

وعلمت بأن عددًا ليس بالقليل من الإخوة ممن يحضر هذه الدورة أتوا من أماكن بعيدةٍ، فأقول لهم: أبشروا، فالنبي يقول: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا؛ سهل الله له به طريقًا إلى الجنة [3].

وهذا يذكِّرنا بالرحلات -رحلات السّلف الصالح- في طلب العلم، والرحلة في طلب العلم أمرٌ معروفٌ عند العلماء من قديم الزمان، ومعظم العلماء الذين نُقلت لنا علومهم، وتُرجم لهم، تجد أنه يُذكَر في تراجمهم: وارتحل في سبيل طلب العلم إلى بلاد كذا وكذا.

جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما ارتحل من المدينة إلى الشام؛ من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، ومكث في هذه الرحلة شهرين؛ شهرًا في الذهاب، وشهرًا في الإياب، ورحلةً ليست على سيارةٍ أو طائرةٍ، على بعيره؛ ولذلك استغرقت الرحلة شهرين، كل ذلك لأجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط؛ لِعلم الصحابة بعِظم شأن طلب العلم، وأن هذا العلم يستحق أن يرتحل المسلم من أجله.

موضوع الدورة

أيها الإخوة، علم الفرائض من العلوم التي تحتاج من المتعلم إلى أن يقوم بالممارسة، لا يكفي أن يحضر دروسًا في الفرائض وهو مستمعٌ، أو يحضر مثل هذه الدورة وهو مستمعٌ، لا بد من الممارسة.

أولًا: يَضبط الشّروط، وهذه سنأتي لها إن شاء الله، شروط استحقاق البنت مثلًا للنصف، وشروط استحقاق الزوج للنصف، وشروط كذا، يضبط هذه الشّروط ويحفظها.

كذلك يطبِّق الأمثلة والتمرينات -وعامَّة كتب الفرائض فيها أمثلةٌ كثيرةٌ، فيأخذ هذه التمرينات والأمثلة ويطبِّقها، ويختبر نفسه، ربما يخطئ، لكن يستفيد من الخطأ، ويكرر حل الأمثلة والتمرينات إلى أن يتقن علم الفرائض.

فتعلُّم الفرائض له خصوصيةٌ ليست كسائر العلوم، يعني هو أشبه بتعلم الحساب والرياضيات؛ لا بد أن تأخذ الورقة والقلم وأن تحسب بنفسك، لا يكفي مجرد الاستماع، وهذا ما سنسلكه في هذه الدورة إن شاء الله.

والخطة في هذه الدورة: أن هذا الدرس ودرس غدٍ -إن شاء الله- سيكونان في فقه الفرائض، وسيُذكر فيها الشروط التي لا بد من حفظها وضبطها، ثم -إن شاء الله- بقية الوقت سيكون في حساب الفرائض.

والكتاب الموزَّع لكم بتسهيل حساب الفرائض خاصٌّ بالحساب، وإن شاء الله لعله -بإذن الله تعالى- يضاف له الفقه؛ بحيث يكون تسهيل فقهِ وحسابِ الفرائض، نأمل أن يتحقق ذلك قريبًا إن شاء الله، لكن الكتاب الذي بين أيديكم إنما هو خاصٌّ بالحساب؛ وعلى ذلك: حتى تكتمل المعلومات لديك؛ ينبغي تدوين أهم وأبرز المعلومات، والتي ستُعرَض أيضًا على الشاشات بإذن الله تعالى.

فقه الفرائض

إذن هذا الدرس سنبدأ في الفقه، وكذلك أيضًا في الدرس القادم نكمل فقه الفرائض؛ بحيث نذكر أبرز ما قيل فيهما، ثم يأتي الدور أو الجانب التّطبيقي في حساب الفرائض في الدروس المتبقية بإذن الله .

والمهم هو الالتزام بالحضور من بداية الدرس إلى آخره، وجميع أيام الدورة؛ حتى يضبط المتعلم هذا العلم؛ لأنك لو تغيَّبت ولو يومًا واحدًا؛ فسيؤثِّر على تحصيلك وعلى ضبطك؛ لأن أيضًا هذا العلم مُنْبَنٍ بعضه على بعضٍ، ومسائله مترتبةٌ على بعضٍ؛ فعندما تقسم مسألةً؛ يأتيك جزءٌ منها في باب كذا، وجزءٌ في باب كذا، وجزءٌ في باب كذا؛ فلا بد أن تضبط جميع الأبواب.

والإخوة البعيدون الآن ربما لا يتيسر لهم مشاهدة الشاشات على الوجه الكافي أو الواضح، كذلك أيضًا مَن يتابعون عن بُعدٍ الدرسَ -ودروس الدورة عمومًا منقولةٌ على الهواء مباشرةً بالصورة والصوت- فبالإمكان أن يتابعوها عبر الإنترنت، عبر موقع الرئاسة منقولةً بالصورة والصوت، فمن كان لا يتيسر له أن ينظر إلى الشاشات؛ فبإمكانه أن يفتح جَوَّاله ويتابع، المتابعة هنا شرطٌ مهمٌّ للضبط والإتقان، فنسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق والتسديد.

ما لديكم من أسئلةٍ واستفساراتٍ ترسلونها، وإن شاء الله سأستلمها، وبعد الدرس سأجيب عن الأسئلة المتعلقة بالدرس أولًا، ثم بقيّة الوقت عن بقية الأسئلة والاستفسارات.

فنبدأ على بركة الله في تعريف علم الفرائض:

تعريف علم الفرائض لغةً واصطلاحًا

جرت عادة أهل العلم عندما يذكرون علمًا أن يقوموا بتعريفه في البداية.

فـ"الفرائض": جمع فريضةٍ، بمعنى: مفروضةٍ.

أهم المعلومات تُعرض لكم الآن -أيها الإخوة- على الشاشات.

فـ"الفرائض": جمع فريضةٍ بمعنى: مفروضةٍ.

والفرض في اللغة: يطلق على معانٍ؛ منها:

  • التقدير، ومنه قول الله تعالى: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237]، يعني: ما قدَّرتم.
  • ومنها: القَطع والحزُّ، ومنه فرضُ القوس، وهو الحزُّ الذي في طرفيه حيث يوضع الوَتَر، ومنها القطع، تقول: فرضت لفلانٍ كذا من المال، أي: قطعت له.
  • ومنها: التحليل والإباحة، ومنه قول الله تعالى: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ [الأحزاب:38]، يعني: فيما أحل الله له.
  • ومنها: التبيين، ومنه قول الله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2]، يعني: بَيَّن لكم.
  • ومنها: الإنزال، قال تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85]، يعني: الذي أنزل عليك القرآن.

فانظروا -أيها الإخوة- كيف أن هذه الكلمة شملت هذه المعاني؟! وهذا يدل على عظمة اللغة العربية.

أما علم الفرائض في الاصطلاح: فهو علمٌ يُعرف به من يَرِث ومن لا يرث، ومقدار ما لكل وارثٍ.

يعني: هو العلم الذي تستطيع أن تقسّم به الميراث على الأقرباء، وتعرف مَن الذي يرث من هؤلاء الأقارب ومن الذي لا يرث؟ والذي يرث كم مقدار ما يأخذ؟

هذا هو المقصود بعلم الفرائض.

ويسمَّى "علم المواريث"، ويسمَّى "فقه وحساب التَّرِكات".

أهمية المواريث

وتولى الله تعالى -كما ذكرنا- قسمة المواريث بنفسه، ولم يُوكِل ذلك لنبيٍّ مرسَلٍ ولا لملَكٍ مقرَّبٍ؛ وذلك لعظيم شأن قسمة المواريث، فإن النفس مجبولةٌ على حب المال، ولو وُكلت القسمة إلى الناس؛ فربما وقع الضرر أو الجَور أو الظلم ونحو ذلك، كما كان يحصل في الجاهلية، فقد كانوا يَحرمون الإناث، ويقولون: الميراث للذُّكور؛ لأنهم هم الذين يحملون السلاح، وهم الذين يقاتلون، ويحرِمون كذلك الصغار، فلا يعطون الميراث لا الصغار ولا الإناث، فأبطل الإسلام ذلك، وقال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[النساء:11]، فورَّث الله الذكر والأنثى والصغير والكبير.

وذكر الله تعالى في سورة النساء ثلاث آياتٍ هي أصول علم المواريث:

  1. يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ... الآية [النساء:11].
  2. وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ... الآية [النساء:12].
  3. وآخر آيةٍ من سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ... [النساء:176].

فهذه الآيات الثلاث هي أصول علم المواريث.

ثم ذكر الله تعالى بعد قسمة المواريث، بعد أن قسَّم أصول المواريث قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14].

فانظر كيف أن الله تعالى بعدما قسَّم الفرائض ذكر هذا الترغيب، وذكر الوعيد، وذكر أيضًا خطورة تعدِّي حدود الله، ومِن تعدِّي حدود الله: حرمان الإناث مثلًا، أو حرمان الصغار، أو حرمان المستحق للميراث.

وعلم الفرائض جاء في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: يا أبا هريرة، تَعَلَّموا الفرائض وعلِّموها؛ فإنها نصف العلم، وهو يُنْسَى، وهو أول شيْءٍ يُنزع من أمتي [4]، وهذا الحديث وإن كان في سنده مقالٌ؛ إلا أن له شواهد يقوِّي بعضها بعضًا.

وقوله: فإنها نصف العلم، كيف تكون الفرائض نصف العلم؟

قيل: لأن للناس حالَين: حال حياةٍ، وحال وفاةٍ، والفرائض تتعلق بأحكام الوفاة، وبقية العلوم تتعلق بأحكام الحياة، فهذا معنى كون الفرائض نصف العلم.

وقيل: لأن أسباب المِلك نوعان: اختياريٌّ، وقهريٌّ.

  • فالاختياري: ما يَملك رده الإنسان؛ كالشراء والهبة ونحو ذلك.
  • وأما القهري: ما لا يَملك رده، وهو الإرث، فإن الإرث يدخل في مِلك الإنسان قهرًا بغير اختياره، لو قال الإنسان: لا، أنا لا أريد أن أرث من فلانٍ؛ يدخل قهرًا، هو دخل الآن في مِلكك، إن شئت تتبرع به، لكن هو يدخل في ملك الإنسان قهرًا.

حكم تعلم علم الفرائض

وتعلُّم علم الفرائض حكمه: فرض كفايةٍ، لا بد أن يوجد في طلبة العلم من يضبط علم الفرائض ويتقن علم الفرائض، ولا يكفي الاعتماد على البرامج الحاسوبية، فالبرامج الحاسوبية مساعِدةٌ ومُعِينةٌ، لكنها غير كافيةٍ.

وقد اهتم العلماء بعلم الفرائض اهتمامًا ظاهرًا؛ فاشتغلوا بتعليمه وتدريسه، وصنَّفوا فيه المصنَّفات الكثيرة، وهذه المصنفات منها مصنفاتٌ غير مستقلةٍ، وهي أبوابٌ في كتب الفقه وكتب الحديث خاصَّةٌ بعلم الفرائض، ولا يكاد يخلو كتاب فقهٍ من فقه الفرائض.

لا تكاد تجد كتاب فقهٍ في أي مذهبٍ من المذاهب إلا وفيه باب قسمة المواريث.

وأذكر أنني شرحت هنا في هذه البقعة الطاهرة في المسجد الحرام "عمدة الفقه" لابن قدامة المقدسي، شرحناه كاملًا، لكن لمَّا أتينا لفقه المواريث؛ قلنا: إننا -إن شاء الله- سنخصِّص له دورةً، وها نحن الآن نفي بهذا الوعد والحمد لله.

مؤلفات في علم الفرائض

والقسم الثاني: مؤلفاتٌ مستقلةٌ صُنِّفت في علم الفرائض، وهي كثيرةٌ؛ منها على سبيل المثال:

  • "إرشاد الفارض إلى كشف الغوامض من علم الفرائض" لسبط المارديني، تُوفي سنة (912 هـ)،
  • ومنها: "نهاية الهداية إلى تحرير الكفاية" لزكريا الأنصاري.
  • ومنها: "عُدَّة الباحث في أحكام التوارث" لعبدالعزيز الرشيد.
  • ومنها: "الفوائد الجليَّة في المباحث الفرضيَّة" لشيخنا عبدالعزيز بن بازٍ، رحمة الله على الجميع.
  • ومنها: "تسهيل الفرائض" لشيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله.
  • ومنها: "الفرائض" للشيخ عبدالكريم اللاحم رحمه الله.
  • ومنها: "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" للشيخ صالح الفوزان وفَّقه الله، وهذا كتابٌ مفيدٌ جدًّا، و"رسالة الماجستير" للشيخ، وميزته أنه كتابٌ شاملٌ، وأيضًا مستوعِبٌ لأبرز مسائل الفرائض؛ فأنصح به.
  • وأيضًا منها: هذا الكتاب الذي بين أيديكم، كتابي "تسهيل حساب الفرائض"، لكنه مختصٌّ بحساب الفرائض.
    والسبب لتأليف هذا الكتاب: هو أنني وجدت أنه يوجد طرقٌ مطوَّلةٌ في حساب الفرائض لا داعي لها، ومن خلال التأمل وتدريس الطلاب والتباحث مع بعض طلاب العلم؛ ظهر لي أن هناك طرقًا جديدةً مبتكَرةً نستطيع عن طريقها أن نصل للنتيجة من غير حاجةٍ لهذه الطرق المطوَّلة.
    فذكرت في هذا الكتاب طرقًا مبتكَرةً، تُنشر لأول مرةٍ، خاصةً في "المناسَخَات"، و"المناسخات" -كما سترون- سيكون -إن شاء الله تعالى- من أسهل أبواب الفرائض، وقد كان كثيرٌ من طلاب العلم يعتبرونه أصعب الأبواب، لكن بالطريقة المبسَّطة المختصرة التي ذكرتها في الكتاب، والتي سنشرحها -إن شاء الله تعالى- في الدورة؛ سترون أن المناسخات ستكون من أسهل أبواب الفرائض.
    كذلك "الحمل"، الحمل فيه ستة تقادير، رأيت أنه يمكن اختصارها إلى تقديرين.
    كذلك في "ميراث المفقود" إذا كان مع المفقود أحد الزوجين، فذكرت طريقةً مبسَّطةً.
    كذلك في "ميراث ذوي الأرحام" إذا كان معهم أحد الزوجين، ذكرت طريقةً مبسَّطةً، وأيضًا في الكتاب تجدون الطريقتين: الطريقة المطوَّلة، والطريقة المبسَّطة لمسألةٍ واحدةٍ، وستجدون التطابق في النتيجة، أنك تَحُلُّه بالطريقة المطوَّلة، هذه النتيجة، وتحل المسألة بالطريقة المبسَّطة، هذه النتيجة.
    فالطُّرق المبسَّطة تَصلح للجميع، والطرق المطولة ربما يَختص بها المتخصصون؛ كليات الشريعة، ونحو ذلك، هذه لا بد أن يعرفوها ويضبطوها، لكن عامَّة طلاب العلم يكفيهم الطرق المبسَّطة؛ لأن الغرض هو الوصول للنتيجة، فإذا استطعنا أن نصل للنتيجة بطريقٍ مبسَّطٍ؛ فلماذا نسلك الطريق المطوَّل؟! خاصةً أن بعض الطرق المطوَّلة ذُكرت لأجل تمرين أذهان الطلاب وتنشيط الطلاب ونحو ذلك.

منظومات في علم الفرائض

هناك منظوماتٌ في علم الفرائض؛ من أشهرها ماذا؟

"المنظومة الرَّحَبيَّة" لمحمدٍ الرَّحَبيِّ المتوفَّى سنة (577 هـ)، رحمه الله، وهي على أي مذهبٍ؟ على مذهب الشافعي.

ومنها: منظومة "القلائد البرهانية" للبرهان المتوفَّى سنة (1205)، وهذه شرَحها الشيخ محمد بن عثيمين.

وهناك منظوماتٌ أخرى، وأخبرني قبل الدرس أحد الإخوة بأنه وضع منظومةً في الفرائض، وهو موجودٌ معنا الآن، فلعله -أنا اقترحت عليه- أن يضيف لهذه المنظومة الطرق المبسَّطة التي سنذكرها في الدورة إن شاء الله.

الميراث عند العرب قبل الإسلام

الميراث عند العرب قبل الإسلام كان -كما ذكرنا- فيه مخالفاتٌ؛ ومن أبرزها: اقتصار الإرث على الرجال دون النساء، وعلى الكبار دون الصغار، فأبطل الإسلام ذلك.

وكان أيضًا عند الجاهليّة: ليس فقط يَحرمون النساء من الميراث، المرأة نفسها تورث، فأبطل الإسلام ذلك؛ كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19]، فكان فيه ظلمٌ عظيمٌ للمرأة في الجاهلية، الإسلام كرَّم المرأة، وحفظ حقوقها وصانها.

وكان أيضًا يوجد في الجاهلية، وكان أيضًا في أول الإسلام: الإرث بالحِلف والتناصر، وطريقة توريثهم: كان الرجل إذا حالف رجلًا؛ يقول: دمي دمك، وهَدْمي هدمك، تنصرنِي وأنصرك.

وإلى ذلك الإشارة في قول الله تعالى:..، من يذكر لنا الآية؟ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33]، ثم بعد ذلك نسخ ذلك؛ لقول الله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75]، فاختصَّ الميراث بأولي الأرحام وبالأقارب، ونُسخ التوريث بالمعاقدة والحِلف.

تعريف التركة

ننتقل بعد ذلك إلى تعريف التَّرِكة والحقوق المتعلقة بها:

التركة في اللغة: ما يتركه الميت من التُّراث المتروك، والجمع: تركاتٌ، وهي اسمٌ مَصدرٌ من تَرَك الشيء يتركه تركًا.

والتّركة في الاصطلاح: ما يُخلِّفه الميت من حقٍّ أو اختصاصٍ.

 "من حقٍّ": يشمل جميع الحقوق، "أو اختصاصٍ": يشمل ما يختصُّ به، وليس مالًا، كما سيأتي.

وعلى ذلك: فالتركة تشمل الحقوق المالية؛ وأبرزها: الأموال العينيَّة؛ من العقارات والمنقولات، وتشمل كذلك المنافع، المنافع هل هي مالٌ أم لا؟ المنافع عند الجمهور مالٌ، وعند الحنفية ليست مالًا، والراجح هو قول الجمهور.

تشمل كذلك التركة: الحقوق العينيَّة المتعلقة بمال المورِّث؛ كحقّ مثلًا الشُّرب، وحق المَسِيل، وحق المرور، ونحو ذلك.

تشمل الحقوق الشّخصية المتعلقة بالمال؛ كحق الشُّفعة، وحق -مثلًا- خيار الشرط، وتشمل أيضًا الاختصاص؛ كالاختصاص بالكلب المعلَّم مثلًا، وتشمل الدِّيَة أيضًا، سواءٌ كانت دية خطأٍ أو عمدٍ أو شبه عمدٍ.

وأما الحقوق المعنوية: فالحقوق المعنوية تُعرَّف بأنها سُلطةٌ على شيءٍ غير ماديٍّ، هو ثمرة فكر صاحب الحق أو ذهنه أو نشاطه، تسمَّى "حقوقًا معنويةً"، ومن أشهرها: حقُّ المؤلِّف، وبراءة الاختراع، وهذه المجامع الفقهية والهيئات العلمية على اعتبارها مالًا، وأنها أموالٌ مصونةٌ شرعًا، ولأصحابها حق التصرف فيها، وما دام أنها أموالٌ وحقوقٌ ماليةٌ؛ فهي تورَّث لأصحابها، فإذا مات مؤلف الكتاب؛ فهل ورثته يقومون مقامه في حقوق المؤلِّف أم لا؟ الجواب: نعم، يقومون مقامه.

الحقوق المتعلقة بالتركة

ننتقل بعد ذلك للحقوق المتعلقة بالتَّرِكة، وهي خمسة حقوقٍ، هذه يذكرها الفَرَضِيُّون، عامَّة الفرضيين يذكرونها، لا بد من ذكرها:

  • الحق الأول: مُؤَن تجهيز الميت؛ من أجرة المغسِّل والكفن والحفَّار، ونحو ذلك.
    وهناك خلافٌ: هل تُقدَّم هذه المؤن على الديون، أو لا تُقدَّم على الديون المتعلقة بعين التركة؟ فالحنابلة على أنها تُقدَّم، والجمهور على أنها لا تُقدَّم، وأن الديون المتعلقة بعين التركة مقدَّمةٌ.

    والأقرب -والله أعلم- هو القول الأول: وهو أن مؤن تجهيز الميت مقدَّمةٌ؛ لكونها من الحوائج الضرورية التي لا بد منها، ولا تقيسوا -أيها الإخوة- على حال السَّعة كحال كثيرٍ من النّاس الآن، إنما مر بالمسلمين أحوالٌ قد لا يجد أهل الميت ما يكفِّنون به الميت، وكان المغسِّل ربما يأخذ أجرةً على التغسيل، وكذلك أيضًا القبر يُباع، ولا زال إلى الآن في بعض البلدان؛ ولذلك تأتي هذه المسألة: هل مُؤن تجهيز الميت مقدمةٌ على الديون المتعلقة بعين التركة أم لا؟ الراجح أنها مقدمةٌ.
  • والحق الثاني: الديون المتعلقة بعين التركة؛ كالموثَّقة برهنٍ مثلًا، فهي مقدَّمةٌ على الديون المرسلة؛ لأنها آكد منها.
  • والحق الثالث: الديون المطلَقة، المرسلة، يعني: التي لا تتعلق بعين التركة.

وإذا ضاقت التركة فلم تتسع لحق الله وحق الآدمي؛ فأيُّهما يُقدَّم؟ يعني: هذا رجلٌ خلَّف تركةً لكن عليه ديونٌ لله تعالى؛ كالزكاة، وعليه ديونٌ للآدميين، لو سدَّدنا الآدميين حقوقهم؛ فالتركة لا تتسع لسداد الزكاة، ولو سدَّدنا الزكاة؛ لا تتسع لسداد ديون الآدميين، فأيُّهما يقدَّم؟

في هذا خلافٌ بين أهل العلم، والقول الراجح: أن حقوق الآدميين مقدَّمةٌ، لماذا؟ من يعرف الجواب؟

الطالب: ...

الشيخ: أحسنت؛ لأن حقوق الآدميين مبناها على المُشاحَّة، وحقوق الله مبناها على المسامحة، الله قد يعفو عن حقه، لكنَّ الآدمي لا يعفو، حقوق الآدميين أمرها عند الله عظيمٌ جدًّا؛ ولذلك حتى الشهيد الذي باع نفسه لله تُحطُّ عنه جميع ذنوبه إلا الدَّين، يعني ما كان متعلقًا بحقوق العباد، والعباد يوم القيامة يَقتص بعضهم من بعضٍ بالحسنات والسيئات؛ فأمرها عند الله عظيمٌ؛ ولذلك إذا ضاقت التركة تُقدَّم حقوق الآدميين على حق الله؛ لأن حقوق الآدميين مبناها على المشاحة، وحقوق الله مبناها على المسامحة.

  • الحق الرابع: الوصية بالثلث فأقل لغير وارثٍ.

والوصية تدور عليها الأحكام الخمسة؛ تارةً تكون واجبةً، وتارةً تكون مستحبةً، وتارةً محرمةً، وتارةً مكروهةً، وتارةً مباحةً، بحسب حالها.

وعندما نتأمل آيات المواريث؛ نجد أن الله تعالى لمّا قسَّم المواريث؛ قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، وفي الآية الأخرى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، فذكر الله تعالى أولًا: الوصية، ثم الدَّين، وأن قسمة الميراث إنما تكون بعد الوصية والدَّين؛ معنى ذلك: أنه قبل أن تقسَّم التركة لا بد من إخراج الدَّين وتسديد الدائنين أولًا.

وأيضًا: تنفيذ الوصية، ثم إن تبقَّى شيءٌ؛ يُقسَّم على الورثة، لكنَّ السؤال: الدَّين مقدَّمٌ على الوصية بالإجماع، فلماذا قدَّم الله تعالى الوصية على الدَّين في الذِّكر في الآية؟ السؤال واضحٌ؟ الدَّين مقدَّمٌ في الإخراج على الوصية بالإجماع، لكن عندما نتأمل الآيات؛ نجد أن الله قدَّم الوصية على الدَّين، قال سبحانه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، ولم يَقُل: من بعد دَينٍ أو وصيةٍ، فلماذا قدَّم الله الوصية بالذكر مع أن الدَّين مقدَّمٌ عليها؟

الطالب: ...

الشيخ: أحسنت، يعني: لأن الوصية يَكثر التساهل فيها، بينما الدَّين له صاحبٌ يطالب به، فقدَّم الله تعالى الوصيّة في الذِّكر؛ من باب الاهتمام بشأنها وعدم التساهل في تنفيذها، وهذا هو الواقع، نجد في واقعنا أن بعض الناس يتساهل في تنفيذ الوصية، بل حتى بعض الناس -وربما كثيرٌ من الناس- يُقسِّمون التركة قبل تنفيذ الوصية، وهذا خطأٌ، لا بد أولًا من تسديد الدائنين، ثم تنفيذ الوصية، ثُم إن تبقّى شيءٌ؛ تُقسَّم التركة على الورثة.

فهنا قدَّم الله الوصية على الدَّين في الذِّكر؛ من باب الاهتمام بشأنها، وحتى لا يحصل التساهل في تنفيذها؛ ولذلك ينبغي لمن كان يلي مالًا لغيره وفيه وصيّةٌ أن يحرص غاية الحرص على تنفيذ هذه الوصية، وأيضًا تسديد الدائنين، وإن كان للدَّين من يطالب به، وهو الدائن، لكن أيضًا ينبغي الحرص على تسديد الدَّين وتنفيذ الوصية؛ لإبراء ذمة الميت.

والنبي كان إذا قُدِّم له جنازةٌ ليصلِّي عليها؛ قال: هل عليه من دَينٍ؟ فإن قالوا: لا؛ صلَّى عليه، وإن قالوا: نعم؛ لم يصلِّ عليه، وقال صَلُّوا على صاحبكم [5]، حتى كان في آخر الأمر، وكثرت الغنائم، وكثر مال بيت مال المسلمين، أصبح عليه الصلاة والسلام يفي من بيت المال عن المدين، لكن كان في أول الأمر لا يصلِّي على من مات وعليه دينٌ.

فينبغي لمن عليه دينٌ -أيها الإخوة- أن يحرص على سداده، يكفي الحرص، يكون عنده حرصٌ شديدٌ، إذا وُجد لديه الحرص الشديد؛ سيعينه الله.

يقول النبي : مَن أخَذ، يا إخواني، ضعوا هذا الحديث نُصب أعينكم: مَن أَخَذ أموال الناس يريد أداءها؛ أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها؛ أتلفه الله [6]، النية هنا لها أثرٌ، وهذا نجده في الواقع.

لاحِظْ، الإنسان الذي يهتم بسداد الدَّين الذي عليه، كما يقولون: "الدَّين يأكل ويشرب معه"، سبحان الله! سرعان ما يسدد جميع ديونه، يسوق الله له أرزاقًا من حيث لا يحتسب؛ مصداقًا لقول النبي عليه الصلاة والسلام: من أخذ أموال الناس يريد أداءها؛ أدى الله عنه، بل حتى لو مات وعليه ديونٌ؛ قال بعض أهل العلم: يؤدِّي الله عنه في الآخرة؛ لأجل حرصه وحسن نيته، بينما من أخذ أموال الناس، وفي نيته المماطلة وعدم الوفاء؛ أتلفه الله، أتلف ماذا؟ قد يكون الإتلاف إتلافًا حسيًّا لماله، قد يكون إتلافًا للبركة؛ تُمحق البركة، قد يكون إتلافًا لأمورٍ أخرى في حياته بسبب مَطْله وعدم حرصه على سداد الدَّين.

  • الحق الخامس من الحقوق المتعلقة بالتركة: الإرث، وهو ما يُخلِّفه الميت من أموالٍ؛ سواءٌ كانت عينيَّةً أو نقديَّةً أو غيرها، منقولةً كانت أو غير منقولةٍ.

وينبغي المبادرة بقسمة التركة وعدم التأخير، فإن بعض الناس يضع يده على التركة ولا تُقسَّم، وبقيَّة الوارثين ربما يجاملونه، أو أنهم لا يستطيعون أن يحصلوا على حقهم، وهذا لا يحل له، تأخير قسمة التركة من غير عذرٍ ومن غير سببٍ لا يجوز، لا يجوز للإنسان أن يتعمد ذلك.

بل إن هذا يدخل في المَطْل الذي قال فيه النبي : مَطْل الغَني ظلمٌ [7]، الواجب بعد موت الميت أن تُسَدَّد عنه الديون، وتنفَّذ الوصية إن وُجدت، ثم تقسَّم التّركة مباشرةً، ولا تؤخَّر قسمتها؛ فتأخير القسمة هذا فيه ظلمٌ لبقية الورثة، والذي يفعل ذلك يبوء بآثامٍ، مَطْل الغَنِي ظلمٌ.

أركان الإرث

ننتقل بعد ذلك لأركان الإرث:

أركان الإرث ثلاثةٌ: مورِّثٌ، ووارثٌ، وتَرِكةٌ.

  1. مورِّثٌ: وهو الميت، ويُلحق به الميت حكمًا، المفقود الذي يُحكَم بوفاته.
  2. والوارث: وهو الحي بعد موت مورِّثه.
  3. وكذلك: التَّركة: وهي ما يخلِّفه الميت من مالٍ أو حقٍّ، ومن ذلك مثلًا: حقِّ القصاص، يُورَّث، وغيره من الحقوق.

شروط الإرث

شروط الإرث ثلاثةٌ، وهي:

  • أولًا: تحقُّق حياة الوارث بعد موت المورِّث ولو نطفةً.
    تحقُّق حياة الوارث بعد موت المورِّث حقيقةً أو حكمًا؛ ولذلك الحمل يرث إذا تحققنا حياته بعد وفاة مورِّثه؛ إما بتحقق وجوده في الرحم، أو بانفصال الحمل وحياته حياةً مستقرّةً كما سيأتي.
  • والشرط الثاني من شروط الإرث: تحقُّق موت المورِّث حقيقةً أو حكمًا.
  • والشرط الثالث: وجود السبب المقتضي للإرث.

إذنْ شروط الإرث ثلاثةٌ:

  • الأول: تَحقُّق حياة الوارث بعد موت المورِّث.
  • الثاني: تحقُّق موت المورِّث حقيقةً أو حكمًا.
  • والثالث: وجود السبب المقتضي للإرث.

أسباب الإرث

ما هو السبب المقتضي للإرث؟ هذا يقودنا للحديث عن أسباب الإرث.

يقول الرَّحبيُّ في منظومته المشهورة:

أسباب ميراث الوَرَى ثلاثةْ كلٌّ يُفيد ربَّه الوِراثةْ
وهْيَ نكاحٌ وولاءٌ ونَسَبْ ما بعدهنَّ للمواريث سببْ

أولًا: النكاح

فالسبب الأول من أسباب الإرث: النكاح، والمقصود به: عقد الزوجية الصحيح، وإن لم يحصل وطءٌ ولا خلوةٌ، بمجرد العقد يحصل التوارث.

طيب، لو افترضنا أن رجلًا عقد على امرأةٍ، وبعد خمس دقائق مات، هل ترثه؟ نعم ترثه.

طيب، يكون لها المهر؟ نعم، نصف المهر؟ مَن عنده جوابٌ ثانٍ؟ لها المهر كاملًا.

طيب، هل عليها عدة الوفاة أم لا؟ عليها عدة وفاةٍ، لا تخلط بينها وبين المطلقة؛ المطلقة هي التي إذا طُلِّقت قبل الدخول؛ فلها نصف المهر، وليس عليها عدَّةٌ، أما المتوفَّى عنها زوجها فلها المهر كاملًا وليس نصف المهر، وعليها العدَّة أربعة أشهرٍ وعشرٌ.

يعني: بمجرد العقد، يقول الولي: زوَّجتُك، ويقول الزوج: قبلتُ، تغنم المرأة هذه الغنائم كلها؛ لها المهر كاملًا، وترث الزوج، إن لم يكن له ولدٌ؛ تأخذ ربع التركة، وعليها العدَّة، وهذا يبيِّن لنا خطورة الزواج، يعني خطورة عقد النكاح؛ ولهذا سمَّاه الله ميثاقًا غليظًا.

فعقد الزواج عقدٌ سمَّاه الله مِيثَٰقًا غَلِيظٗا [النساء:21]، لاحِظ، بمجرد العقد تترتب هذه الأحكام العظيمة، وهكذا لو كان الأمر بالعكس؛ الزوج يرث زوجته، فتتحقق إذنْ هذه الأحكام بين الزوجين، وهذا مُجمَعٌ عليه، والله تعالى ذكره في قوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ .. إلى آخر الآية [النساء:13].

ثانيًا: الولاء

السبب الثاني من أسباب الإرث: الولاء.

وهْيَ نكاحٌ وولاءٌ ونَسَبْ ..........................

الولاء يعرِّفه الفقهاء بأنه: عصوبةٌ سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق.

الرِّقُّ كان موجودًا قديمًا، بل حتى إلى وقتٍ ليس بالبعيد، لكنه الآن انقرض في جميع دول العالم، وأصبح مجرَّمًا رسميًّا في جميع دول العالم، هو ليس بموجودٍ الآن، لكننا الآن نقرؤه كناحيةٍ نظريةٍ.

فإذا أعتق الإنسان رقيقًا، وهذا الرقيق ليس له أقارب؛ فإن معتقه يرثه بأي سببٍ؟ يرثه بسبب الولاء.

ثالثًا: النَّسَب

والسبب الثالث: النَّسب، ومعنى النَّسب: القرابة، وهو اتصالٌ بين إنسانين بالاشتراك في ولادةٍ قريبةٍ أو بعيدةٍ.

وجهة النَّسب ثلاثٌ: أصولٌ، وفروعٌ، وحَوَاشٍ.

"الأصول": يعني الآباء والأمهات وإن علوا، هؤلاء أصولٌ.

و"الفروع": الأولاد، إذا قيل: "الولد" في الفرائض؛ فهل المقصود به: الذكر أو الأنثى؟ الذكر والأنثى، وهكذا أيضًا في اللغة العربية، إنما الذَّكَر يطلق عليه ماذا؟ "ابن"، انتبه، الآن في عُرف بعض العامة يسمون الذكر ولدًا، لكن في القرآن الكريم وفي اللغة العربية "الولد" يشمل الذكر والأنثى؛ ولهذا من رُزق ببنتٍ وقال: إني قد رزقت بولدٍ، هل هو صادقٌ أو كاذبٌ؟ صادقٌ؛ ولهذا قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].

فإذنْ الفروع: هم الأولاد؛ من بنين وبناتٍ، وإن نزلوا بمحض الذكور، وقلنا: بمحض الذّكور؛ احترازًا من أولاد البنت، هؤلاء لا يرثون إلا إذا كانوا من ذوي الأرحام، فيرثون إذا تحققت شروط توريث ذوي الأرحام.

والثالث: "الحواشي"، والحواشي: هم قرابة الميت من غير أصوله ومن غير فروعه، مثل مَن؟ الأعمام وبنو الأعمام، وأيضًا الإخوة وبنوهم، وكذلك أيضًا بنو الإخوة وإن نزلوا، هؤلاء يسمَّون "الحواشي"، فالأعمام والإخوة وبنوهم يسمَّون "الحواشي".

هناك أسبابٌ مختلَفٌ فيها:

  • منها: بيت المال، فجهة الإسلام، هل يرث بها بيت المال أم لا؟ وهذه تَرِد أكثر ما تَرد في باب الرَّدِّ، وميراث ذوي الأرحام.

فمِن الفقهاء من قال بعدم الردِّ، وقال: إنه إذا لم يوجد صاحب فرضٍ ولا تعصيبٍ؛ فيكون المال لبيت المال.

ومنهم من قال: إنه لا يكون لبيت المال، وإنما يُردُّ على أصحاب الفروض، فإذا لم يوجدوا؛ يورَّث ذوو الأرحام.

والقول الراجح: أن بيت المال ليس من أسباب الإرث، وإنما يُرَدُّ الباقي لأصحاب الفروض، فإن لم يوجد؛ فيكون لذوي الأرحام، اللهم إلا شخصًا لا يوجد له قرابةٌ مطلقًا حتى من ذوي الأرحام، فمالُه يذهب إلى بيت المال.

  • أيضًا من الأسباب المختلَف فيها: ما أشرنا له في مقدِّمة الدرس، وهو الموالاة والمعاقدة.

قلنا: إن هذا كان موجودًا في الجاهلية وفي أول الإسلام، وإليه الإشارة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33]، ثمَّ نُسخ ذلك بقول الله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال: 75].

وعلى هذا فالصحيح: أن الموالاة والمعاقدة ليست من أسباب الإرث؛ لأنها منسوخةٌ بالآية: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، يعني: أولو الأرحام معناها: الأقارب أَوْلى من غيرهم، فِي كِتَابِ اللَّهِ يعني: في شرع الله.

  • أيضًا من الأسباب المختلَف فيها: التَّسبُّب في إسلام شخصٍ، قال بعض الفقهاء: إن من تسبَّب في إسلام شخصٍ، ولم يوجد له قرابةٌ؛ فيرثه المتسبِّب في إسلامه، والراجح: أنه لا يرث؛ لعدم الدليل الدالِّ لذلك، وما قاله بعض الفقهاء إنما قالوه استحسانًا، وليس عليه دليلٌ ظاهرٌ.
  • أيضًا من الأسباب المختلَف فيها: الالتقاط، فإذا التقط إنسانٌ لقيطًا وقام برعايته، وهذا اللقيط مات وله مالٌ ولا يوجد له أقارب؛ فمن الفقهاء من قال: يرثه ملتقِطُه، واستدلوا بحديثٍ رواه أبو داوود والترمذي: المرأة تَحُوز ثلاثة مواريث: عَتِيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعَنَتْ عليه [8]، لكنه حديثٌ ضعيفٌ؛ ولهذا أيضًا الصحيح: أن الالتقاط ليس من أسباب الإرث؛ وعلى هذا: فهذه الأسباب المختلَف فيها كلُّها ليست من أسباب الإرث على القول الراجح.

فنَخلُص إلى أن أسباب الإرث: ثلاثةٌ فقط: "وهي نكاحٌ وولاءٌ ونسبٌ".

وهْيَ نكاحٌ وولاءٌ ونَسَبْ ....................

موانع الإرث

الناظم الرَّحبي يقول:

ويَمنع الشخص من الميراثِ واحدةٌ مِن عِللٍ ثلاثِ
رِقٌّ وقتلٌ واختلافُ دِينِ فافهم فليس الشكُّ كاليقينِ

أولًا: القتل

المانع الأول: القتل، والقتل إذا كان عمدًا؛ يمنع الميراث بالإجماع، وذلك من باب سد الذريعة؛ لأن الإنسان ظلومٌ جهولٌ، قد يُعميه حب المال؛ فيستبطئ موت مورِّثه، خاصةً إذا كان ذا ثروةٍ، فيقتله حتى يرثه، فيُحرَم من الميراث، والمراد بالقتل الذي يمنع من الميراث: ما أوجب القصاص أو الدية أو الكفارة، والقتل شبه العمد يمنع من الميراث كذلك، وأما القتل الخطأ فالجمهور على أنه يمنع من الميراث، والمالكية على أنه لا يمنع من الميراث لكنه يمنع من إرث الدية فقط.

وقول المالكية قولٌ وجيهٌ، إلا إذا قامت القرينة الدالة على أن هذا القاتل قد استعجل قتل مورِّثه؛ لأجل الحصول على الميراث؛ ولهذا تَرِد مسألةٌ: وهي ما إذا تَسَبب الوارث في وفاة المورِّث بطريق الخطأ؛ كأن يكون مثلًا راكبًا معه في سيارةٍ، هذا ابنٌ أركبَ معه أباه في سيارةٍ، ثم حصل حادثٌ، انقلبت السيارة فمات الأب، فهل يرث الابن من هذا الأب؟ ونفترض في هذه المسألة أن هذا الابن عليه نسبةٌ من الخطأ، مثلًا في تقرير المرور أن عليه نسبةً من الخطأ؛ كان مسرعًا مثلًا، أو وقع في أي خطأٍ من الأخطاء؛ فكان عليه نسبةٌ من الخطأ.

فإذا أردنا أن نطبِّق كلام الفقهاء؛ فعلى قول الجمهور: هل يرث هذا الابن من أبيه أو لا يرث؟ على قول الجمهور لا يرث، مما يدل أن هذا قتلٌ خطأٌ، وتسبَّب في قتل أبيه، وعلى قول المالكية يرث.

وهذه المسألة بُحثت في "هيئة كبار العلماء" بالمملكة العربية السعودية، وصدر فيها قرارٌ بالأغلبية بأنه يرث، إلا إذا وُجدت قرينةٌ تدلُّ على أن الوارث قَصَد التسبُّب في وفاة مورِّثه؛ فلا يرث، وإلا فكيف نقول: إنه لا يرث، وقد يكون هذا الابن من أبرِّ أبناء هذا الميت؟! هو الذي يقضي حوائجه، وهو الذي يُرْكِبه معه في السيارة، ثم إذا حصل حادثٌ؛ نحرم هذا الابن البارَّ ونقول: الميراث يذهب لبقيّة الورثة! هذا بعيدٌ عن أصول وقواعد الشريعة.

ولذلك فالأقرب -والله أعلم- أنه يرث، إلا إذا دلت القرائن على أنه قصد التسبُّب في وفاة المورِّث؛ فيُحرم من الميراث.

إذنْ هذا هو المانع الأول: القتل.

ثانيًا: الرِّق

المانع الثّاني: الرِّقُّ، تكلمنا عن الرق قبل قليلٍ، والرق الآن -كما قلنا- انقرض وليس له وجودٌ، لكنَّ الرق يمنع من الميراث؛ لأن الرقيق يُعتبر مالًا؛ فلا يرث الرقيق ولا يُورث بالإجماع.

ثالثًا: اختلاف الدِّين

والأمر الثالث: اختلاف الدِّين؛ فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم كما قال النبي [9].

وهناك خلافٌ: هل الكفار إذا كانوا على مللٍ شتَّى؛ يتوارثون أم لا؟ والأقرب -والله أعلم- أن الكفر مِلَلٌ شتَّى؛ لحديث: لا يَتوارث أهل مِلَّتَين شتَّى [10]؛ وعلى هذا: فلا يرث اليهوديُّ النصرانيَّ، ولا النصرانيُّ اليهوديَّ، ونحو ذلك.

هذه هي موانع الإرث.

الوارثون من الرجال

ننتقل بعد ذلك لمبحثٍ مهمٍّ، وهو بيان الورثة، من هم الورثة؟

الورثة المُجْمَع على توريثهم: عشرةٌ على سبيل الاختصار، وخمسة عشر على سبيل البسط.

هؤلاء العشرة، هنا موجودٌ أمامكم:

  • أولًا: الابن، والابن أقوى الورثة، أيهما أقوى: الابن أو الأب؟ الابن؛ ولهذا لو وُجد في مسألةٍ ابنٌ وأبٌ؛ فكيف نقسمها؟ الأب بالسُّدس فقط، والباقي للابن؛ لأن أقرب الناس إلى الإنسان أبناؤه، سبحان الله! فالابن إذنْ هو أقوى الورثة.
  • ثانيًا: ابن الابن وإن نزلا بمحض الذكور.
  • ثالثًا: الأب.
  • رابعًا: الجدُّ، لكن من جهة الأب وإن علا بمحض الذكور، أما من جهة الأم، هل هذا من الوارثين؟ لا، هذا من ذوي الأرحام.
  • الخامس: الأخ من أي جهةٍ كانت، يعني سواءٌ كان أخًا شقيقًا، أو لأبٍ أو لأمٍّ.
  • السادس: ابن الأخ، سواءٌ كان ابن أخٍ شقيقٍ، أو ابن أخٍ لأبٍ، هل نقول: أو ابن أخ لأمٍّ؟ لا؛ ابن الأخ لأمٍّ ليس من الورثة، وإنما من ذوي الأرحام.
  • السابع: العمُّ وابن العمِّ، والمقصود به العمُّ الشّقيق، والعمّ لأبٍ، ولا يدخل في ذلك العمّ لأمٍّ؛ لأنّ العمّ لأمٍّ من ذوي الأرحام.
  • والتاسع: الزوج.
  • والعاشر: المعتِق، يعني: صاحب العتق، رجلًا كان أو امرأةً.

أردت أن تبسِّطها، يعني بدل أن تقول: الأخ من أي جهةٍ كانت، تقول: الأخ الشقيق، الأخ لأبٍ، الأخ لأمٍّ، العم الشقيق، العم لأبٍ، فإذا بسَّطتها؛ تكون معك خمسة عشر.

الوارثات من النساء

والوارثات من النساء سبعُ لم يُعطِ أنثى غيرَهن الشرعُ

مَن هن الوارثات من النساء؟ سبعٌ:

  • الأولى: البنت.
  • والثانية: بنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور، طيب: بنت البنت، هل هي من الوارثات؟ لا، من ذوي الأرحام.
  • الثالثة: الأم.
  • الرابعة: الجدة، سواءٌ كانت من جهة الأب أو من جهة الأم.
  • الخامسة: الأخت من أي جهةٍ كانت؛ شقيقةً، أو لأبٍ، أو لأمٍّ.
  • السادسة: الزوجة.
  • السابعة: المعتِقة، والمعتقة ترث عتيقها بالولاء.
والوارثات من النساء سبعُ لم يُعطِ أنثى غيرَهن الشرعُ
بنتٌ وبنتُ ابنٍ وأمٌّ مُشفِقهْ وزوجةٌ وجدَّةٌ ومعتِقهْ
والأختُ من أي الجهات كانت فهذه عِدَّتُهنَّ بانت

أنواع الإرث

ننتقل بعد ذلك لأنواع الإرث:

أنواع الإرث نوعان: فرضٌ، وتعصيبٌ.

  • والفرض -كما مرَّ معنا- معناه: نصيبٌ مقدَّرٌ شرعًا لوارثٍ مخصوصٍ.
  • والتعصيب معناه: الإرث بلا تقديرٍ، إذا قيل: تعصيبٌ، يعني: يرث بلا تقديرٍ، "معصِّبٌ" يعني: يرث بلا تقديرٍ.

فإذنْ الفرض هو: الإرث بتقديرٍ؛ كالسدس مثلًا، والربع، والنصف، هذا يسمى فرضًا.

المعصِّب: مَن يرث بلا تقديرٍ؛ كالعمِّ مثلًا، يرث بلا تقديرٍ، والأخ، يرث بلا تقديرٍ.. وهكذا.

أقسام الورثة باعتبار الإرث بالفرض والتعصيب

أقسام الورثة -باعتبار الإرث بالفرض والتعصيب- أربعة أقسامٍ:

  • القسم الأول: من يرث بالفرض فقط، وهم سبعةٌ: الأم، والأخ لأمٍّ، والأخت لأمٍّ، والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والزوج، والزوجة.
    وهذه مسائل نظريةٌ وليس لها كبير أثرٍ في القسمة، لكن نذكرها؛ حتى نكمل شرح أبرز المسائل المتعلقة بالمواريث.
  • القسم الثاني: من يرث بالتعصيب فقط، وهم الوارثون من الرجال، ما عدا الزوج والأخ لأمٍّ.
  • والقسم الثالث: من يرث بالفرض تارةً وبالتعصيب تارةً، وهما اثنان فقط: الأب، والجد.
  • القسم الرابع: من يرث بالفرض تارةً والتعصيب تارةً، ولا يَجمع بينهما، بينما الثالث: من يرث بالفرض تارةً، وبالتّعصيب تارةً، وقد يجمع بينهما.
    فالقسم الثّالث قلنا: الأب، والجد؛ لأنهما قد يجمعان بين الفرض والتعصيب؛ مثلًا: هالكٌ عن: أبٍ، وبنتٍ؛ فالبنت لها النصف، والأب له السدس فرضًا والباقي تعصيبًا؛ يَجمع إذنْ بين الإرث بالفرض والإرث بالتعصيب.

القسم الرابع: من يرث بالفرض تارةً وبالتعصيب تارةً ولا يجمع بينهما، وهم أربعةٌ: البنت فأكثر، وبنت الابن فأكثر، والأخت الشقيقة فأكثر، والأخت لأبٍ فأكثر.

الفروض المُقدَّرة وأصحابها وشروط إرثهم

ننتقل بعد ذلك للفروض المقدَّرة، وأصحابها، وشروط إرثهم، وهذا من أهم المباحث؛ إذ إنه ينبني عليه ما بعده.

فلا بد أن نضبط -أيها الإخوة- هذه الفروض، ونضبط الشروط، وهذا هو الأهم.

الفرض كما قلنا: نصيبٌ مقدَّرٌ شرعًا لوارثٍ مخصوصٍ.

الفروض المقدَّرة في كتاب الله: ستةٌ، والسابع ثبت بالاجتهاد: وهي النصف، والربع، والثُّمن، والثلثان، والثلث، والسدس، والسابع: هو ثلث الباقي.

النصف وأصحابه وشروط إرثهم

نبدأ أولًا بأصحاب النصف، ركِّزوا معنا:

أصحاب النصف خمسة أصنافٍ، الآن سنذكر كل صنفٍ، وسنذكر الشروط: الصنف الأول: شرطًا واحدًا، والثاني: شرطين، والثالث: ثلاثة شروطٍ، والرابع: أربعة شروطٍ، والخامس: خمسة شروطٍ.

هذه الشروط ينبغي حفظها، لا يمكن أن تَضبط الفرائض إلا إذا حفظتها، اكتبها معك واحفظها وردِّدها.

الصنف الأول: الزوج

نبدأ بالصنف الأول، وهو: الزوج.

ويستحق النصف بشرطٍ واحدٍ، وهو شرطٌ عدميٌّ، أي: عدم الفرع الوارث للزوجة، سواءٌ أكان منه أو من غيره، يعني: حتى لو كان للزوجة ولدٌ من غيره، هنا يُحجَب الزوج من النصف إلى الربع.

إذنْ يُشترط لإرث الزوج النصفَ: عدمُ الفرع الوارث للزوجة، سواءٌ منه أو من غيره.

عدم الفرع الوارث، سواءٌ كان ذكرًا أو أنثى، حتى لو وُجد فرع الأنثى؛ يَحجب الزوج من النصف إلى الربع.

نأخذ أمثلةً أولًا لتَحقُّق هذا الشرط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ وأبٍ، كم يكون للزوج؟ النصف؛ وذلك لتحقق الشرط وعدم الفرع الوارث للزوجة، والباقي للأب تعصيبًا.
  • هالكةٌ عن: زوجٍ وأختٍ شقيقةٍ، كم يكون للزوج؟ كذلك النصف؛ لعدم الفرع الوارث للزوجة.
    إذنْ الشرط متحققٌ، والأخت الشّقيقة لها أيضًا النصف.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف الشرط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ وابنٍ، الزوج يأخذ النصف أو الربع؟ الربع، لماذا لم يأخذ النصف؟ لوجود الفرع الوارث، فيأخذ الربع.
  • طيب، هالكةٌ عن: زوجٍ، وبنتٍ، وعمٍّ، الزوجة: الربع أو النصف؟ الربع، لماذا؟ لعدم تحقق الشرط، وُجد فرعٌ وارثٌ للميت، وهو البنت؛ فالزوج له الربع، والبنت النصف، والباقي للعم.

فلم يرث الزوج النصف في المثالين الأخيرين، وذلك لعدم تحقق الشرط.

الصنف الثاني: البنت

الصنف الثاني من أصحاب النصف: البنت.

وترث النصف بشرطين:

  • الشرط الأول: عدم المعصِّب.
  • والشرط الثاني: عدم المشارك.

احفظها: عدم المعصب، وعدم المشارك.

ما معنى عدم المعصِّب؟ يعني: ألا يوجد المعصِّب له، من هو المعصِّب للبنت؟ أخوها، فإن وجد معصِّبٌ؛ فليس معنى ذلك أنها لا ترث، لا، معنى ذلك: أنها لا تأخذ النصف فقط، لكنها تنتقل من الإرث بالنصف إلى الإرث بالتعصيب؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].

والشرط الثاني: عدم المشارك لها، وهو مَن؟ أختها، وليس معنى ذلك: أنه إذا وُجد مشاركٌ؛ أنها لا ترث، ترث لكنها تنتقل من الإرث بالنصف إلى الاشتراك في الثلثين؛ كما قال الله تعالى: فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ ‌فَلَهُنَّ ‌ثُلُثَا ‌مَا ‌تَرَكَ [النساء:11].

طيب، نأخذ أمثلةً لتحقُّق الشرطين:

  • هالكٌ عن: أمٍّ، وبنتٍ، وعمٍّ.

أولًا الأم: إما السدس، وإما الثلث، هل تأخذ هنا السدس أو الثلث؟ السدس؛ لوجود الفرع الوارث.

البنت، هل الشرطان متحققان؟ نعم، ففي هذا المثال لا يوجد معصِّبٌ ولا مشاركٌ؛ إذنْ البنت تأخذ النصف كاملًا، والباقي للعم باعتباره أقرب وارثٍ.

مثالٌ آخر:

  • أمٍّ، وبنتٍ، وأخٍ شقيقٍ.

الأم: أيضًا تأخذ ماذا؟ السدس؛ لوجود الفرع الوارث.

البنت: هل الشرطان متحققان؟ نعم، إذنْ تأخذ البنت النصف كما في المثال، والباقي للأخ الشقيق باعتباره أقرب عاصبٍ.

طيب، نأخذ أمثلةً لعدم تحقق الشرط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وبنتٍ، وابنٍ.

طبعًا الزوج هنا: يأخذ الربع أو النصف؟ الربع؛ لوجود الفرع الوارث.

طيب، البنت هنا هل تأخذ النصف؟ هل الشرطان متحققان؟ الجواب: لا؛ لوجود المعصِّب لها، وهو أخوها؛ فإذنْ لا تأخذ البنت النصف، وإنما تشترك مع أخيها في الإرث بالتعصيب، لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

  • هالكٌ عن: بنتين، وأخٍ شقيقٍ.

البنت هنا: تأخذ النصف أم لا؟ لا، لا تأخذ النصف؛ لوجود المشارك، وهو أختها، فتنتقل من الإرث بالنصف إلى المشاركة في الثلثين، فيكون للبنتين الثلثان، والباقي للأخ الشقيق.

هذا ميراث إذنْ البنت.

الصنف الثالث: بنت الابن

الصنف الثالث من أصناف النصف: بنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور.

وتستحق النصف بثلاثة شروطٍ:

الشرطان الأولان نضيف لها شرطًا ثالثًا.

الشرطان الأوَّلان ما هما؟

  1. عدم المعصِّب.
  2. وعدم المشارك.
  3. ونضيف شرطًا ثالثًا: وهو عدم الفرع الوارث الأعلى منه.

إذنْ بنت الابن تستحق النصف بثلاثة شروطٍ: عدم المعصب، وعدم المشارك، وعدم الفرع الوارث الأعلى.

  • عدم المعصب لبنت الابن هو أخوها، يعني: الذي هو ابن الابن، إما أن يكون أخاها، أو حتى ابن عمها الذي في درجتها.
  • وعدم المشارك أيضًا: أختها، أو بنت عمها التي في درجتها، يعني: بنت الابن.
  • وعدم الفرع الوارث الأعلى منها؛ لأنه لو وُجد فرعٌ وارثٌ أعلى منها؛ لا تأخذ النصف، وإنما تأخذ السدس تكملة الثلثين.

طيب، نأخذ أمثلةً أولًا لتحقُّق الشرط:

  • هالكٌ عن: بنت ابنٍ، وأختٍ شقيقةٍ.

بنت الابن هنا: الشروط متحققةٌ أم لا؟ متحققةٌ، إذنْ كم تأخذ؟ النصف، بنت الابن تأخذ النصف، والباقي للأخت الشقيقة عَصبةً مع الغير.

طيب..

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وبنت ابنٍ، وعمٍّ.

الزوج هنا: يأخذ الربع أو النصف؟ الربع؛ لوجود الفرع الوارث، بنت الابن: هل الشروط الثلاثة متحققةٌ؟ نعم متحققةٌ، لا يوجد معصِّبٌ، ولا مشاركٌ، ولا فرعٌ وارثٌ أعلى منها؛ إذنْ تأخذ النصف، والعم له الباقي.

نأخذ أمثلةً لعدم تحقُّق الشرط، أو تخلُّف شرطٍ من الشروط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وبنت ابنٍ، وابنِ ابنٍ.

طيب، إذا كان زوجًا؛ يأخذ الربع، طيب: عندنا بنت ابنٍ، وابن ابنٍ، هل الشروط متحققةٌ؟ لا، هنا يوجد معصِّبٌ، إذا وجد المعصب؛ فله الباقي.

طيب..

  • زوجةٍ، وبنتَيِ ابنٍ، وأخٍ شقيقٍ.

فالزوجة: الربع أو الثُّمن؟ الثُّمن، لماذا؟ لوجود الفرع الوارث.

طيب..

  • بنت الابن هنا: هل الشروط متحققةٌ؟ الجواب: لا، يوجد لبنت الابن مشاركٌ؛ فلا تأخذ النصف، تشترك في الثلثين، والباقي للأخ الشقيق.

الصنف الرابع: الأخت الشقيقة

الصنف الرابع: الأخت الشقيقة، وتستحق النصف بأربعة شروط: الثلاثة الشروطٍ الأولى، ونضيف لها شرطًا رابعًا، لاحِظوا، متسلسلةٌ.

ما هي الشروط الثلاثة السابقة؟ عدم المعصِّب، وعدم المشارك، وعدم الفرع الوارث، نضيف شرطًا رابعًا: وهو عدم الأصل الوارث من الذكور.

إذنْ الأخت الشقيقة تستحق النصف بهذه الشروط الأربعة:

  1. عدم المعصِّب، من هو المعصب للأخت الشقيقة؟ الأخ الشقيق، أحسنت.
  2. عدم المشارك، من هو المشارك للأخت الشقيقة؟ الأخت الشقيقة.
  3. عدم الفرع الوارث، الذي هو الابن، أو ابن الابن، أو البنت، عدم الأصل، لكن لا بد أن نقيده بـ"الذَّكَر"؛ احترازًا من الأم؛ لأنه يمكن أن تأخذ الأخت مع الأم النصف.
  4. عدم الأصل الوارث من الذكور وهو: الأب، والجد.

طيب، نأخذ أمثلةً لتحقُّق الشّروط:

  • هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وعمٍّ.

أختٌ شقيقةٌ هنا: هل الشروط الأربعة متحققةٌ؟ طيب، نطبقها:

  • عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ.
  • عدم المشارك: لا يوجد مشاركٌ.
  • عدم الفرع الوارث: لا يوجد فرعٌ وارثٌ.
  • عدم الأصل من الذكور الوارثين: لا يوجد.

إذنْ الشروط الأربعة متحققةٌ؛ إذنْ تأخذ الأخت الشّقيقة النصف، والباقي للعم باعتباره أقرب عاصبٍ.

نأخذ مثالًا آخر:

  • زوجةٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وعمٍّ.

طبعًا الزوجة: إما الربعَ، وإما الثُّمنَ؛ الربعَ لعدم الفرع الوارث.

طيب، الأخت الشقيقة: هل الشروط الأربعة متحققةٌ؟ ننظر عدم المعصب: لا يوجد معصِّبٌ، عدم المشارك: لا يوجد مشاركٌ، عدم الفرع الوارث: لا يوجد فرعٌ وارثٌ، عدم الأصل من الذكور الوارثة: لا يوجد؛ إذنْ الشروط الأربعة متحققةٌ، وتأخذ الأخت الشقيقة النصف، والباقي للعم.

طبعًا مَن هو مبتدئٌ في الفرائض يحتاج وقتًا حتى يستحضر هذه الشروط، لكن مع التمرس مباشرةً تنقدح في بالك مباشرةً، لا تحتاج إلى أن تتأمل وتفكر، مباشرةً تعرف، لكن هذا يحتاج إلى مِرَاسٍ، فالمبتدئ في تعلُّم الفرائض يحتاج أن يستحضر الشروط، لكن مع مرور الوقت تأتي معك تلقائيًّا.

طيب، لو أخذنا أمثلةً لتخلُّف شرطٍ واحدٍ من هذه الشروط الأربعة؛ مثلًا:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وأخٍ شقيقٍ.

طبعًا الزوجة هنا إما الربعَ أو الثُّمنَ، هل تأخذ الربع أو الثمن؟ الربع؛ لعدم الفرع الوارث.

طيب، هل الشروط هنا متحققةٌ؟ لا، عدم معصِّبٍ، هنا وُجد معصِّبٌ؛ إذنْ لا تأخذ الأخت الشقيقة النصف، وإنما تشترك مع أخيها في الإرث بالتعصيب لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

فنقول إذنْ: للزوجة الربع، والباقي للأخ الشقيق والأخت الشقيقة لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

نأخذ مثالًا آخر:

  • هالكٌ عن: أختين شقيقتين، وأخٍ لأبٍ.

طيب، هنا أختان شقيقتان، هل شروط استحقاق الأخت الشقيقة للنصف متحققةٌ؟ الجواب: لا، الشرط الثاني تَخَلَّف، وهو وجود المشارك؛ فإذنْ الأختان يأخذان الثلثين، هنا لا تأخذ النصف؛ لوجود المشارك لها، فترث الأختان الثلثين، والباقي للأخ لأبٍ.

الصنف الخامس: الأخت لأب

ننتقل بعد ذلك للصنف الخامس والأخير من أصحاب النصف: الأخت لأبٍ، وتستحق النصف بخمسة شروطٍ: الشروط الأربعة السّابقة، ونضيف لها شرطًا خامسًا، نلاحظ، الشروط متسلسلةٌ.

ما هي الشروط الأربعة السابقة؟

  1. عدم المعصِّب.
  2. عدم المشارك.
  3. عدم الفرع الوارث.
  4. عدم الأصل من الذكر الوارث.
  5. نضيف هنا شرطًا خامسًا، وهو ماذا؟ عدم الأخ الشّقيق والأخت الشقيقة.

طيب، نأخذ أمثلةً لتحقُّق الشروط:

  • هالكٌ عن: أختٍ لأبٍ، وعمٍّ.

الأخت لأبٍ: هل الشروط الخمسة متحققةٌ أم لا؟

ننظر؛ عدم المعصِّب متحققٌ أم لا؟ متحققٌ.

عدم المشارك: لا يوجد لها مشاركٌ؛ إذنْ متحققٌ.

عدم الفرع الوارث: لا يوجد فرعٌ وارثٌ؛ إذنْ متحققٌ.

عدم الأصل الوارث من الذكور: لا يوجد كذلك؛ متحققٌ.

عدم وجود الأخ الشقيق والأخت الشقيقة: لا يوجد.

إذنْ الشروط الخمسة متحققةٌ؛ فتأخذ الأخت لأبٍ النصف كاملًا، والباقي للعم باعتباره أقرب رجلٍ.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وابن عمٍّ.

الزوجة: الربع أو الثُّمن؟ ها؟ الربع؛ لعدم الفرع الوارث.

طيب، الأخت الشّقيقة: هل الشروط الخمسة متحققةٌ أم لا؟

ننظر؛ عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ.

عدم المشارك: لا يوجد مشاركٌ.

عدم الفرع الوارث: لا يوجد فرعٌ وارثٌ.

عدم الأصل من الذكور الوارثة: لا يوجد.

عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة: لا يوجد.

إذنْ تأخذ الأخت الشقيقة النصف؛ لتحقُّق الشروط.

زوجةٍ، وأختٍ لأبٍ، وابن عمٍّ.

عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة: لا يوجد؛ إذنْ تأخذ النصف كاملًا، والباقي لابن العم.

طيب، لو أخذنا أمثلةً لتخلُّف شرطٍ من الشروط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأختٍ لأبٍ، وأخٍ لأبٍ.

هنا تخلَّف شرطٌ، ما هو الشرط؟ عدم المعصِّب، هنا وُجد معصِّبٌ؛ فلا تأخذ الأخت لأبٍ النصف، وإنما تشترك مع أخيها لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11]، فتكون قسمة المسألة: الزوجة: الربع، والباقي للأخ لأبٍ والأخت لأبٍ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ.

مثالٌ آخر:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأختين لأبٍ.

هل الشروط الخمسة متحققةٌ؟ لا، تخلَّف شرطٌ واحدٌ، وهو عدم المشارك، ولو وُجد مشاركٌ؛ فستكون القسمة: الزوج: النّصف، والأختان لأبٍ: الثلثين.

إذنْ هؤلاء هم أصحاب النصف، إذا ذهبتَ للبيت؛ احفظ هذه الشروط؛ الزوج: شرطٌ واحدٌ، البنت: شرطان، بنت الابن: ثلاثة شروطٍ، الأخت الشقيقة: أربعة شروطٍ، الأخت لأبٍ: خمسة شروطٍ.

فاحفظ هذه الشروط، إذا ضبطتها؛ تكون قد ضبطت قسمة أصحاب النصف.

الرُّبع وأصحابه وشروط إرثهم

طيب، ننتقل بعد ذلك لأصحاب الربع، وهما صنفان فقط:

الصنف الأول: الزوج

الرّبع يدور بين الزوج والزّوجة فقط، فالصنف الأوَّل: هو الزوج؛ لقول الله تعالى: فَإِن ‌كَانَ ‌لَهُنَّ ‌وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَ [النساء:12].

ويرث الزوج الربع بشرطٍ واحدٍ، وهو شرطٌ وجوديٌّ، وهو وجود الفرع الوارث للزوجة، كان منه أو من غيره.

نأخذ أمثلةً:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وابنٍ.

الزوج كم يأخذ؟ الربع، انظروا يا أخوان، الزوج والزوجة لا يمكن أن يَسقطا من الإرث أبدًا؛ الزوج إما ربعٌ وإما نصفٌ، والزوجة إما ربعٌ وإما ثمنٌ، هذه قاعدةٌ، فإذا وَجدتَ في أي مسألةٍ زوجًا أو زوجةً؛ الزوج إما نصفٌ أو ربعٌ، والزوجة إما رُبعٌ أو ثُمنٌ، لا يمكن السقوط أبدًا.

طيب، إذنْ زوجٌ، وابنٌ؛ الزوج: الربع، والابن: له الباقي.

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وابن ابنٍ، الزوج الربع أيضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي لابن الابن.

طيب، لو أعطيتكم مثالًا ليس موجودًا هنا:

  • زوجٍ، وبنتٍ.

أيضًا الربع، والبنت النصف، والباقي لـ...

طيب..

  • زوجٍ، وابنِ ابنِ ابنٍ.

أيضًا الربع للزوج، والباقي لابن ابن الابن.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف شرطٍ أو أكثر:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأبٍ.

يأخذ الزوج: الربع أو النصف؟ النصف؛ لأن الشرط لم يتحقق، شرط وجود الفرع الوارث لم يوجد؛ إذنْ يأخذ النصف.

  • طيب، زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ.

للزوج النصف أو الربع؟ النصف؛ لعدم تحقُّق الشرط، وهو وجود الفرع الوارث، هنا لم يوجد الفرع الوارث؛ فيأخذ الزوج النصف كاملًا.

الصنف الثاني: الزوجة

الصنف الثاني: الزوجة، وتستحق الربع بشرطٍ واحدٍ، وهو شرطٌ عدميٌّ، عدم الفرع الوارث للزوج، سواءٌ كان منه أو من غيره؛ لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ ‌ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّكُمۡ وَلَدٌ [النساء:12].

طيب، لو كان هناك أكثر من زوجةٍ؛ يشتركن في الربع أو الثُّمن؛ مثلًا:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأبٍ.

الزوجة هنا قلنا: إما رُبعٌ، أو ثُمنٌ؛ الربع؛ لعدم الفرع الوارث.

  • طيب: زوجةٍ، وأمٍّ، وعمٍّ.

أيضًا الربع للزوجة؛ لعدم الفرع الوارث، والأم الثلث، والباقي للعم.

لو أخذنا أمثلةَ تَخَلُّف الشرط:

  • زوجةٍ، وبنتٍ، وأخٍ شقيقٍ.

الزوجة: الثمن أو الربع؟ الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، والبنت: النصف، والأخ الشقيق: الباقي.

  • زوجةٍ، وبنت ابنٍ، وأخٍ شقيقٍ.

الزوجة: الثُّمن؛ لوجود الفرع الوارث، وبنت الابن: النصف، والأخ الشقيق: الباقي.

طبعًا هذه -كما ذكرت- مع الممارسة تأتي معك تلقائيًّا.

الثُّمُن وأصحابه وشروط إرثهم

ننتقل لأصحاب الثُّمن، أصحاب الثُّمن صنفٌ واحدٌ فقط: وهو الزوجة، والأحسن أن نقول: واحدةً فأكثر؛ لأنهن يشتركن في الثُّمن.

الزوجة واحدةً فأكثر، وتستحقّ الثُّمن بشرطٍ واحدٍ، وهو شرطٌ وجوديٌّ: وهو وجود الفرع الوارث للزوج سواءٌ أكان منها، أو من غيرها؛ لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُم [النساء:12].

نأخذ أمثلةً:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وابنٍ.

الشرط متحققٌ أم لا؟ متحققٌ؛ إذنْ الزوجة كم تأخذ؟ الثُّمن، والباقي للابن.

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وبنتٍ، وأخٍ شقيقٍ.

فالزوجة: الثُّمن؛ لتحقُّق الشرط، وهو وجود الفرع الوارث، وهو البنت.

والبنت لها النصف، والأخ الشقيق: الباقي.

نأخذ أمثلةً لعدم تحقُّق الشرط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وعمٍّ.

للزوجة الربع، هنا ما أخذت الثُّمن، لماذا؟ لعدم تحقق الشرط؛ لعدم وجود الفرع الوارث، ونحن اشترطنا لاستحقاق الثُّمن وجود الفرع الوارث.

  • طيب: زوجةٍ، وأخٍ لأمٍّ، وأخٍ لأبٍ.

فالزوجة: الربع وليس الثُّمن؛ لعدم تحقق الفرع الوارث.

الأخ لأمٍّ: السدس، والأخ لأبٍ: له الباقي.

الثلثان وأصحابهما وشروط إرثهما

ننتقل لأصحاب الثلثين:

أصحاب الثلثين هم أصحاب النصف الذين ذكرناهم قبل قليلٍ، باستثناء الزوج.

أصحاب النصف قلنا: إنهم خمسةٌ، إذنْ أصحاب الثلثين، إذا قلنا باستثناء الزوجة؛ يكونون كم؟ أربعةً.

الصنف الأول: البنات

طيب، نحن قلنا: الصنف الأول في أصحاب النصف: البنت.

هنا نقول: البنتان، بدلَ البنت: البنتان.

طيب: قلنا في أصحاب النصف: البنت تستحق النصف بشرطين: عدم المعصِّب، وعدم المُشارِك.

هنا نقول أيضًا: عدم المعصِّب، وبدل: عدم المشارك، نقول: وجود المشارك، احذف كلمة "عدم"، وضع بدلًا منها "وجود"، واضحٌ؟ لقول الله تعالى: فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتۡ وَٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصۡفُ [النساء:12].

طيب، نأخذ أمثلةً:

  • هالكٌ عن: بنتين، وابن ابنٍ.

البنتان: كم تأخذان؟ الثلثين؛ لعدم المعصِّب، ووجود المشارك؛ إذنْ تأخذان الثلثين.

طيب..

  • هالكٌ عن: زوجٍ، وبنتين، وثلاثة إخوةٍ أشقاء.

الزوج: إما الربع أو النصف، يأخذ ماذا؟ الربع، وللبنتين؟ الثلثان؛ لأن الشرطين متحققان، وهما: عدم المعصِّب، ووجود المُشارِك، والباقي للإخوة الأشقاء.

نأخذ أمثلةَ تخلُّفِ الشرط:

  • هالكٌ عن: أبٍ، وثلاث بناتٍ، وابنٍ.

طبعًا الأب يأخذ هنا ماذا؟ السدس، هنا: هل البنات يأخذن ثلثين؟ لا؛ لعدم تحقُّق الشرط، وهو عدم المعصِّب، هنا وُجد المعصِّب، وهو أخوهن؛ فينتقلن من الإرث بالثلثين إلى الإرث بالتعصيب، فيشتركن مع أخيهن في باقي التركة لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: ثلاث زوجاتٍ، وبنتٍ، وعمٍّ.

الزوجات يأخذن ماذا؟ الثُّمن أو الربع؟ الثُّمن؛ لوجود الفرع الوارث، والبنت: النصف، هنا لم يتحقق الشرط الثاني، وهو وجود المشارك، فلا تأخذ الثلثين، تأخذ النصف، تَخَلَّف الشرط الثاني، والعم له الباقي.

الصنف الثاني: بنات الابن

طيب، الصنف الثاني من أصناف أصحاب الثلثين، نحن قلنا: الصنف الأول: البنت، هنا البنات.

طيب، قلنا في أصحاب النصف: بنت الابن، هنا ماذا نقول؟ بنات الابن وإن نزل أبوهن بمحض الذكور.

نفس الشروط التي ذكرناها في أصحاب النصف، وهي: عدم المعصِّب، بدل: وعدم المشارك نغير كلمة "عدم"، نقول: وجود المشارك، وعدم الفرع الوارث الأعلى منه، نفس الشروط الثلاثة في استحقاق بنت الابن النصف ننقلها هنا: عدم المعصب، لكن بدل "عدم المشارك" نقول: وجود المشارك، وعدم الفرع الوارث.

فعدم المعصِّب لهن، وهو أخوهن، أو ابن عمهن الذي في درجتهن، وجود المشارك، يعني كن اثنتين فأكثر، وعدم الفرع الوارث الأعلى منهن، يعني أن بنات الابن يأخذن الثلثين عند عدم وجود الفرع الوارث الأعلى، بخلاف الأدنى فإنه غير مقصودٍ.

نأخذ أمثلةً نوضح هذا الصنف:

  • هالكٌ عن: بنتَيِ ابنٍ، وأبٍ.

هنا بنتا الابن تحققت الشروط الثلاثة أو لا؟ عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ، وجود المشارك: موجودٌ، عدم وجود الفرع الوارث الأعلى: لا يوجد.

إذنْ بنتا الابن يأخذن الثلثين، تحققت الشروط.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: زوجتين، وثلاث بنات ابنٍ، وثلاث إخوةٍ أشقاء.

للزوجتين: ثُمنٌ أو ربعٌ؟ ثمنٌ؛ لوجود الفرع الوارث.

وثلاث بنات الابن: ننظر للشروط الثلاثة:

  1. عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ.
  2. وجود المشارك: نعم موجودٌ.
  3. عدم الفرع الوارث الأعلى: لا يوجد.

إذنْ تحققت الشروط؛ فبنات الابن يأخذن الثلثين، والباقي للإخوة الأشقاء.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف شرطٍ:

  • هالكٌ عن: بنت ابنٍ، وأخٍ لأبٍ.

هنا تخلَّف شرطٌ، ما هو الشرط؟ وجود المشارك، لا يوجد مشاركٌ، فتأخذ هنا النصف وليس الثلثين.

طيب، مثالٌ آخر لتخلُّف شرطٍ أيضًا:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأبٍ، وبنت ابنٍ، وابن ابنٍ.

طبعًا الزوجة إما الربع، وإما الثمن، تأخذ هنا ماذا؟ الثمن؛ لوجود الفرع الوارث.

والأب: السدس، هنا بنت الابن: تخلَّف أحد الشروط، ما هو؟ عدم المعصِّب، هنا وُجد معصِّبٌ، فلا تأخذ الثلثين، وإنما تشترك مع أخيها في التعصيب؛ فتكون لبنت الابن وابن الابن الباقي تعصيبًا لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

الصنف الثالث: الأخوات الشقيقات

الصنف الثالث من أصحاب الثلثين: الأخوات الشقيقات.

تَذكُرون في أصحاب النصف قلنا: الأخت الشقيقة تستحق النصف بكم شرطٍ؟ بأربعة شروطٍ، هنا أيضًا أربعة شروطٍ، نفس الشروط، إلا أننا نبدل كلمة "عدم المشارك" بـ"وجود المشارك"، فتكون الشروط ما هي؟

  1. عدم المعصِّب.
  2. ووجود المشارك.
  3. وعدم الفرع الوارث.
  4. وعدم الأصل الوارث الذّكَر.

نفس الشروط التي ذكرناها في أصحاب النصف، لكن هنا بدل "عدم المشارك": "وجود المشارك".

نأخذ أمثلةً:

  • هالكٌ عن: أختين شقيقتين، وأبٍ.

هل الشروط متحققةٌ؟ ننظر؛ عدم الفرع الوارث: لا يوجد، وجود مشارك: نعم موجودٌ، عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ، عدم الأصل الوارث الذَّكَر: لا يوجد.

إذنْ الشروط الأربعة متحققةٌ، فالأختان تأخذان الثلثين.

  • هالك عن: زوجةٍ، وثلاث أخواتٍ شقائق، وأخٍ لأبٍ.

الزوجة: ربعٌ أو ثمنٌ، تأخذ ماذا؟ الربع؛ لعدم وجود الفرع الوارث.

طيب، هنا ثلاث أخواتٍ شقائق، هل الشروط الأربعة متحققةٌ؟ ننظر؛ عدم المعصِّب: لا يوجد معصِّبٌ، وجود المشارك: موجودٌ، عدم الفرع الوارث: لا يوجد، عدم الأصل الوارث من الذكور: لا يوجد؛ إذنْ الشروط متحققةٌ؛ فتأخذ الأخوات ثلثين، والباقي للأخ لأبٍ.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأخٍ لأمٍّ، وأختين شقيقتين، وأخٍ شقيقٍ.

الزوجة: طبعًا إما الربع أو الثمن، تأخذ ماذا؟ الربع.

الأخ لأمٍّ: السدس، سنتكلم عنه -إن شاء الله- فيما بعد.

هنا تخلَّفَ أحد الشُّروط، وهو عدم المعصِّب.

هنا وُجد معصِّبٌ، لا تأخذ الثلثين، وإنما تشترك مع المعصِّب لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِ [النساء:11].

نأخذ مثالًا آخر لتخلُّف شرطٍ:

  • هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وعمٍّ.

ما هو الشرط الذي تخلَّف؟ وجود المشارك، هنا لم يوجد مشاركٌ؛ فتأخذ النصف، ولا تأخذ الثلثين.

الصنف الرابع: الأخوات لأب

الصنف الرابع من أصحاب الثلثين، ونختم به: الأخوات لأبٍ.

تَذكُرون الأخت لأبٍ في أصحاب النصف، قلنا: تأخذ تستحق النصف بكم شرطٍ؟ خمسة شروطٍ، نفس الشروط لكن بدل "عدم المشارك" نقول: "وجود المشارك".

فعلى هذا: تكون الشروط ما هي؟ عدم المعصِّب، ووجود المشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارثة، وعدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة، فقط نغيِّر "عدم المشارك" إلى: "وجود المشارك".

نأخذ أمثلةً لتحقُّق الشروط:

  • هالكٌ عن: ثلاث أخواتٍ لأبٍ، وعمٍّ.

هل الشروط الخمسة متحققةٌ؟ ننظر؛ عدم المعصِّب: لا يوجد، وجود مشاركٍ: موجودٌ، عدم الفرع الوارث: متحققٌ، عدم الأصل من الذكور الوارثة: متحققٌ، عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة: متحققٌ؛ إذنْ الأخوات لأبٍ يأخذن الثلثين، والباقي للعاصب، الذي هو العم.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: أختين لأبٍ، وابن أخٍ شقيقٍ.

هل الشروط الخمسة متحققةٌ؟ ننظر؛ عدم المعصِّب: لا يوجد، وجود المشارك: موجودٌ، عدم الفرع الوارث: لا يوجد، عدم الأصل من الذكور الوارثة: لا يوجد، عدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة: متحققٌ؛ إذنْ تأخذ الأختين لأبٍ الثلثين، والباقي لابن الأخ الشقيق.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف شرطٍ من الشروط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأختين لأبٍ، وأخٍ لأبٍ.

الزوجة: تأخذ الربع أو الثمن؟ تأخذ الربع.

طيب، الأختان لأبٍ والأخ لأبٍ: ما هو الشرط الذي تخلف؟ وجود المعصِّب؛ إذنْ قلنا: عدم المعصِّب، وهنا وجود المعصِّب، فلَمْ يتحقق الشرط الذي هو عدم المعصِّب،

وُجد المعصِّب هنا، ما دام وُجد المعصِّب؛ إذنْ لا تأخذ الأختان الثلثين، وإنما تنتقلان من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: أختٍ لأبٍ، وعمٍّ.

ما هو الشرط الذي تخلَّف؟ لم يوجد مشاركٌ.

فتأخذ الأخت لأبٍ إذنْ النصف، بينما لو وُجد مشاركٌ؛ لأخَذَت الثلثين، والباقي للعم.

ونكتفي بهذا القدر، وإن شاء الله غدًا نبدأ من أصحاب الثلث، لكن أرجو منكم -يا إخوة- هذه الشروط أن تحفظوها.

سنسأل عنها غدًا إن شاء الله.

احفظ هذه الشروط: أصحاب النصف خمسة أصنافٍ، كل واحدٍ منهم، كم شرطًا؟ الزوج: شرطٌ واحدٌ، والأخت لأبٍ: شرطان.. وهكذا.

للبنت شرطان، والبنت لأبٍ ثلاثة شروطٍ، والأخت لأبٍ أربعة شروطٍ، والأخت لأبٍ خمسة.. وهكذا.

أيضًا احفظ شروط الثلثين بجوار أصحاب النصف، ولك أن تغير فقط "عدم المشارك" بـ"وجود المشارك"، أيضًا أصحاب الثُّمن، وأصحاب الربع.

فأرجو -أيها الإخوة- أن تحفظوا هذه الشروط، وإن شاء الله غدًا نُنهي فقه الفرائض بأصحاب الثلث، وما تبقَّى من المسائل في فقه الفرائض.

فنكتفي بهذا القدر أرجو منكم -أيها الإخوة- مراجعة هذا الدرس، فالذي يريد أن يضبط الفرائض؛ لا يكتفي بالحضور هنا، لا بد أن يراجع ما شرحنا هنا، ويحفظ الشروط، ويختبر نفسه بالأمثلة والتطبيقات، وأكرر ما ذكرته في مقدمة الدرس؛ من أن طريقة تعلُّم الفرائض تختلف عن غيره من العلوم، لا يكفي أن تحضر مستمعًا، لا بد أن تأخذ الورقة والقلم وتَقسِم، وتحفظ الشروط.

فأرجو -أيها الإخوة- مَن أراد أن يتابع معنا ويضبط أصول هذا العلم؛ أن يراجع ما تم شرحه في هذا الدرس، والدرس الآن مسجَّلٌ، الآن موجودٌ على (اليوتيوب)، فبالإمكان مَن فاته شيءٌ أن يرجع إليه.

ونكتفي بهذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.

^1, ^3 رواه مسلم: 2699.
^2 رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037.
^4 رواه ابن ماجه: 2719، والترمذي: 2091، بلفظ: "تَعَلَّموا القرآن والفرائض وعَلِّموا الناس؛ فإني مقبوضٌ".
^5 رواه البخاري: 2289، ومسلم: 1619.
^6 رواه البخاري: 2387.
^7 رواه البخاري: 2400.
^8 رواه أبو داود: 2906، والترمذي: 2115، وقال الترمذي: حسن غريب.
^9 رواه البخاري: 6764، ومسلم: 1614، بلفظ: "لا ‌يرث ‌المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ".
^10 رواه أبو داود: 2911، والترمذي: 2108، والنسائي في السنن الكبرى: 6350، 6351، وابن ماجه: 2731، وأحمد: 6664.
مواد ذات صلة