logo
الرئيسية/دروس علمية/دورة في علم الفرائض من المسجد الحرام/(2) كتاب: تسهيل حساب الفرائض- الفروض المُقدَّرة في كتاب الله تعالى

(2) كتاب: تسهيل حساب الفرائض- الفروض المُقدَّرة في كتاب الله تعالى

مشاهدة من الموقع

جدول المحتويات

الشيخ: يقول النبي : مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له به طريقًا إلى الجنة [1].

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنَّته إلى يوم الدين.

اللهم لا علم لنا إلَّا ما علَّمتنا، إنَّك أنت العليم الحكيم.

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، ونسألك اللهم علمًا نافعًا ينفعنا.

ربنا آتنا من لدنك رحمةً، وهيِّئ لنا من أمرنا رشدًا.

أيها الإخوة، هذا هو الدرس الثاني من دروس هذه الدورة العلمية المُتخصصة في علم الفرائض، وكنَّا في الدرس السابق قد ابتدأنا في مسائل مُتعلِّقةٍ بفقه الفرائض، ووصلنا إلى الفروض المُقدَّرة في كتاب الله ، وابتدأنا بأصحاب النصف، ثم أصحاب الربع، وأصحاب الثمن، وأصحاب الثلثين، ووقفنا عند أصحاب الثلث، ونريد قبل أن نستكمل أن نستذكر بعض المعلومات.

الفروض المُقدَّرة في كتاب الله تعالى

قد طلبنا منكم بالأمس مُراجعة الشُّروط: شروط توريث كل وارثٍ؛ لأنَّ طالب العلم بدون أن يضبط هذه الشروط قد يُخطئ في القسمة، فلا بد من استحضار هذه الشروط.

أولًا: الفروض المُقدَّرة في كتاب الله تعالى كم؟

ستَّةٌ، والسابع ثبت بالاجتهاد، الذي هو ثلث الباقي.

أصحاب النصف

طيب، قلنا: أصحاب النصف كم؟

خمسةٌ:

  • الأول: الزوج، والزوج يستحقُّ النصف بكم شرطٍ؟
    بشرطٍ واحدٍ هو: عدم الفرع الوارث للزوجة.
  • الصنف الثاني: البنت، وتستحقُّ النصف بشرطين هما: عدم المُعَصِّب، وعدم المُشارِك.
  • الصنف الثالث: بنت الابن، وتستحقُّ النصف بكم شرطٍ؟
    بثلاثة شروطٍ هي: عدم المُعَصِّب، وعدم المُشارِك، وعدم وجود فرعٍ وارثٍ أعلى منها.
  • الصنف الرابع: الأخت الشَّقيقة، وتستحقُّ النصف بكم شرطٍ؟
    بأربعة شروطٍ هي: عدم المُعَصِّب، وعدم المُشارِك، وعدم وجود فرعٍ وارثٍ، وعدم وجود الأصل الذَّكر.
  • الصنف الخامس: الأخت لأبٍ، وتستحقُّ النصف بكم شرطٍ؟
    بالشروط الأربعة السابقة، ويُضاف لها شرطٌ خامسٌ هو: عدم وجود الإخوة الأشقاء والأخوات الشقيقات.

نعم، بارك الله فيكم.

إذن أنتم ضبطتم هذه الشروط، يعني: هذا اختبارٌ، والحمد لله قد ضبطتم هذه الشروط، وهي شروطٌ مهمةٌ.

وهكذا أيضًا يُقال في أصحاب الثُّلثين، لكنَّ أصحاب الثُّلثين ليس معهم الزوج؛ فيكونون أربعة أصنافٍ.

وقلنا: نستبدل "عدم المُشارِك" بـ"وجود المُشارِك".

أما بالنسبة للثمن والربع فهي للزوج والزوجة، وأمرها واضحٌ.

أصحاب الثلث

طيب، وصلنا إلى أصحاب الثلث، وأصحاب الثلث صنفان فقط، وهما: الأم، والإخوة لأمٍّ.

الإخوة لأمٍّ وميراثهم في آية الكلالة

الإخوة لأمٍّ ذكرهم الله ​​​​​​​ في آية النساء، في الآية الثانية من آيات المواريث بقوله سبحانه: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً [النساء:12].

كَلَالَةً هذه الكلمة ما معناها؟

الكلالة: مَن لا ولد له ولا والد ذَكَرٌ.

احفظوها: الكلالة: مَن لا ولد له ولا والد ذَكَرٌ.

وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ [النساء:12].

والمقصود هنا: أخٌ أو أختٌ لأُمٍّ، وقد جاء هذا في قراءة سعد بن أبي وقَّاصٍ : {وله أخٌ أو أختٌ لأُمٍّ}، وإن كانت قراءةً -يعني- ليست من القراءات المُتواترة، لكنه يُسْتَأنس بها؛ لأن معنى ذلك: أن هذا الصحابي سمعها من النبي عليه الصلاة والسلام، وإن لم تكن قرآنًا.

ويُؤيِّد هذا الإجماع، فقد أجمع العلماء على أن المقصود بقول الله تعالى: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ يعني: لأُمٍّ، أخٌ أو أختٌ لأمٍّ: فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12].

وقوله تعالى: فَهُمْ شُرَكَاءُ يدل على أن الذَّكَر والأنثى سواءٌ، من أين أخذنا هذا؟

أحد الطلاب: .......

الشيخ: أحسنتَ؛ لأن الشَّركة تقتضي المُساواة، فعندما أقول: أنت وزميلك، أو أنت وصاحبك شركاء في هذا الشيء. فهذا يقتضي أن نصيبك مُساوٍ لنصيب صاحبك.

فقوله: فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ يدل على أنَّ الذَّكر والأُنثى سواءٌ؛ ولذلك ليس دائمًا الذَّكر ضِعْف الأنثى، أحيانًا تأخذ الأُنثى مثلما يأخذ الذَّكَر، بل في بعض المسائل تأخذ الأُنثى أكثر من الذَّكر، كما سيأتي.

شروط استحقاق الإخوة لأُمٍّ الثلث في الميراث

إذن هؤلاء هم الإخوة لأُمٍّ، وإرثهم بالنَّصِّ والإجماع، ويستحقُّون الثلث بثلاثة شروطٍ:

الشرط الأول: أن يكونوا جَمْعًا، يعني: اثنين فأكثر.

والجمع في الفرائض المقصود به: اثنان، وكذلك أيضًا في صلاة الجماعة تنعقد باثنين، فالجمع المقصود به اثنان إلا صلاة الجمعة، فلا تنعقد إلا بثلاثةٍ على القول الراجح؛ لأن واحدًا يخطب، واثنين يستمعان.

إذن الشرط الأول: أن يكونوا جُمْعًا، يعني: اثنين فأكثر، سواء كانا ذَكَرين -يعني: أخوين لأُمٍّ- أو أُختين لأُمٍّ، أو أخًا لأُمٍّ وأُخْتًا لأُمٍّ.

الشرط الثاني والثالث: أن تكون المسألة كلالةً، يعني: مَن لا ولد له ولا والد ذَكَر.

فإذا أردنا أن نُفَصِّلها نقول:

الشرط الثاني: عدم الفرع الوارث، "مَن لا ولد له" يعني: يشمل الذَّكر والأُنثى، عدم الفرع الوارث للميت مُطلقًا.

والشرط الثالث: عدم الأصل الوارث -لا بد أن نُقيِّده- من الذُّكور، عدم الأصل الوارث من الذُّكور.

لاحظ: في الفرع الوارث لم نُقيِّده بقولنا: من الذكور، فيشمل الأنثى، بينما في عدم الأصل لا بد من تقييده بأن نقول: من الذكور.

لماذا؟

لأن الإخوة لأُمٍّ يرثون مع الأم، بينما لا يرثون مع الأب، ولا مع الجدِّ.

إذن الشروط مرةً أخرى:

  • أن يكونوا جَمْعًا، اثنان فأكثر.
  • عدم الفرع الوارث للميت مطلقًا.
  • عدم الأصل من الذكور الوارثة.

هذه هي شروط استحقاق الإخوة لأُمٍّ.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على ميراث الإخوة لأُمٍّ

نأخذ لهذا أمثلةً تطبيقيةً.

قبل أن نأخذ ما يختصُّ به ولد الأُم من أحكامٍ نأخذ أمثلةً تطبيقيةً.

أولًا: أمثلةٌ لاجتماع الشروط:

  • هالِكٌ عن: ثلاثة إخوةٍ لأُمٍّ، وعمٍّ.

هنا الشروط مُتحققةٌ؟

نعم؛ هم جمعٌ -ثلاثة- وعدم الفرع الوارث، فلا يوجد فرعٌ وارثٌ، وعدم الأصل الوارث من الذكور، لا يوجد.

إذن الإخوة لأُمٍّ يأخذون ماذا؟

الثلث، والباقي للعمِّ.

مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: أمٍّ، وأختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأُمٍّ، وأخٍ لأُمٍّ.

الأم تأخذ السدس أو الثلث؟

السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة.

والأخت الشَّقيقة؟

هذا مَرَّ معنا بالأمس، تأخذ الأخت الشَّقيقة هنا ماذا؟

النصف؛ لتحقق الشروط.

والأخ لأُمٍّ، والأخت لأُمٍّ، هل الشروط مُتحققةٌ؟

نعم؛ جمعٌ: اثنان، وعدم الفرع الوارث، فلا يوجد فرعٌ وارثٌ، وعدم الأصل الوارث من الذكور، لا يوجد؛ إذن يأخذون الثلث.

نأخذ أمثلةً لعدم تحقق بعض الشروط:

  • هالِكٌ عن: أُختين لأُمٍّ، وابنٍ.

هنا اختلَّ أحد الشروط، ما هو؟

وُجِدَ الفرع الوارث؛ فمُباشرةً يَحْجُب الإخوة لأُمٍّ.

طيب..

  • أخوان لأُمٍّ، وأبٌ.

اختلَّ أحد الشروط وهو: عدم الأصل من الذكور الوارثة، وهنا قد وُجِدَ، وهو الأب.

طيب، لو سألتُكم أيضًا سؤالًا، والذي يعرف الإجابة يرفع يده: هالِكٌ عن: بنتٍ، وثلاثة إخوةٍ لأُمٍّ، وعمٍّ.

مَن يقسم لنا المسألة؟

تفضَّل، ارفع صوتك.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: للبنت النصف.

والإخوة لأُمٍّ؟

الطالب: .......

الشيخ: ما لهم شيءٌ، مُتأكدٌ؟

مُوافقون على هذا؟

مَن يعترض؟

نعم.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: لهم الثلث؟

إذن عندنا قولان الآن، فنرجع للشروط.

قلنا: أن يكونوا جَمْعًا، وهنا جَمْعٌ: أخوان لأُمٍّ، قلنا: بنتٌ وأخوان لأُمٍّ وعمٌّ.

عدم الأصل من الذكور، لا يوجد أصلٌ.

عدم الفرع الوارث، وُجِدَ أو ما وُجِدَ؟

وُجِدَ؛ إذن ما يأخذ الإخوة لأُمٍّ شيئًا، يسقطون.

وهذه من مواضع الأخطاء عند بعض الطلاب؛ فانتبهوا لهذا.

فإذا وجدتَ فرعًا وارثًا للميت -ذكرًا كان أو أنثى- فلا تُعْطِ الإخوة لأُمٍّ شيئًا، يُحْجَبون.

انتبه لهذه المسألة، فهذه من مواضع الأخطاء.

طيب، لو كانت المسألة:

  • هالِكٌ عن: ثلاثة إخوةٍ لأُمٍّ، وعمٍّ، وبنت ابنٍ.

نعم.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: لبنت الابن النصف.

الطالب: .......

الشيخ: والإخوة لأُمٍّ؟

الطالب: محجوبون.

الشيخ: محجوبون، هل يُحْجَبون ببنت الابن؟

نعم، يُحْجَبون ببنت الابن، والباقي للعمِّ.

حتى لو كانت بنت ابن ابن ابن ابن ابن تحجب الإخوة لأُمٍّ.

انتبهوا لهذا؛ لأنَّ بعض الناس يعتقد أنَّ الحَجْب فقط للفرع الوارث الذَّكر، وهذا غير صحيحٍ، فالفرع الوارث الأُنثى يَحْجُب الإخوة لأُمٍّ؛ لأنَّ المسألة لا تكون كلالةً، بينما في الأصول الحجب فقط يختصُّ بالأصول الذكور، يعني: لا بد أن يوجد أبٌ أو جدٌّ، لكن لو وُجِدَتْ أُمٌّ، فالأم لا تحجب الإخوة لأُمٍّ، يرثون معها.

فانتبهوا لهذه الدقائق؛ لأن هذه من مواضع الأخطاء.

أحكام يختصُّ بها الإخوة لأُمٍّ عن سائر الورثة

الأخوة لأُمٍّ يختصُّون بجملةٍ من الأحكام:

أولًا: أن الأنثى تستوي مع الذكر، فلا يُفضَّل الذَّكر على الأُنثى اجتماعًا وانفرادًا، بينما في بقية مسائل الفرائض للذكر مثل حظِّ الأُنثيين، وذكرنا قبل قليلٍ الدليل لذلك من القرآن: فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12].

أيضًا يختصُّ الإخوة لأُمٍّ بأنَّ ذكرهم لا يُعَصِّب أُنثاهم، بخلاف غيرهم؛ فإنَّ الذكر منهم يُعَصِّب الأُنثى.

أيضًا مما يختصُّ به الإخوة لأُمٍّ من أحكامٍ: أنَّ ذكرهم يُدْلِي للميت بأُنثى ويرث، بخلاف غيرهم؛ فإنَّه إذا أدلى للميت بأُنثى لا يرث.

أيضًا -الرابع- مما يختصُّ به الإخوة لأمٍّ: أنَّهم يَحْجُبون مَن أدلوا به نُقْصَانًا.

يعني: الأمّ هي السبب في ميراثهم، ومع ذلك يتسبَّبون في حَجْبِها، فهم يَحْجُبون مَن أدلوا به نُقْصَانًا، فالأمُّ التي أدلوا بها تُحْجَب بسببهم حجب نُقْصَانٍ من الثلث إلى السدس، بخلاف غيرهم؛ فإنَّ المُدْلَى به منهم يَحْجُب المُدْلِي.

الخامس: أنَّهم يرثون مع مَن أدلوا به، فإنَّهم يرثون مع الأمِّ، وقد أدلوا بها، مع أنَّ القاعدة في الفرائض: أنَّ كل مَن أدلى بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة، لكن يُستثنى من ذلك الإخوة لأمٍّ، فإنَّهم يُدْلُون بالأمِّ، ومع ذلك يرثون معها.

هذه خمسة أحكامٍ يختصُّ بها الإخوة لأمٍّ.

شروط استحقاق الأم الثلث

الصنف الثاني من أصحاب الثلث: الأم، والأمُّ تستحقُّ الثلث بثلاثة شروطٍ:

  • الشرط الأول: عدم الفرع الوارث للميت، وهو الولد.
    إذا قلنا: "الولد" فقد مَرَّ معنا بالأمس أنه يعني: الابن أو البنت، أو ولد الابن وإن نزل؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11].
  • الشرط الثاني: عدم الجمع من الإخوة، اثنين أو أكثر من الذكور والإناث.
    عدم الجمع من الإخوة،
    ولا فرق بين أن يكونوا أشقَّاء، أو لأبٍ، أو لأُمٍّ، فإذا وُجِدَ جمعٌ من الإخوة فإنَّ الأمَّ تأخذ السدس بدلًا من الثلث؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11].
    وسبق أن ذكرنا الجمع، قلنا: اثنان فأكثر، الجمع في باب الفرائض اثنان فأكثر.
  • الشرط الثالث: ألَّا تكون المسألة إحدى العُمَريتين، وسيأتي الكلام عنهما.

تأثير الإخوة المَحْجُوبين على نصيب الأم من الثلث

طيب، قبل أن نتجاوز الشروط هنا مسألةٌ يذكرها الفَرَضِيُّون هي: الإخوة إذا كانوا محجوبين بشخصٍ، هل يُؤثِّرون في حجب الأمِّ من الثلث إلى السدس؟

يعني: هم لن يأخذوا شيئًا، لكن هل هم يُؤثِّرون أو لا يُؤثِّرون؟

مثال ذلك:

  • هالِكٌ عن: أبٍ، وأمٍّ، وثلاثة إخوةٍ أشقَّاء، أو ثلاثة إخوةٍ لأمٍّ -مثلًا- ثلاثة إخوةٍ لأُمٍّ، أو أشقَّاء، أو لأبٍ، ما يختلف الحكم.

طيب، الإخوة الآن ثلاثة إخوةٍ، لو قلنا -مثلًا-: إنَّهم أشقَّاء أو لأبٍ أو لأمٍّ هل يرثون في هذه المسألة؟

لا يرثون.

إذا وُجِدَ في مسألةٍ أبٌ أو ابنٌ لا تنظر للحواشي، ما يُعْطَى الحواشي شيئًا؛ فالأب والابن يحجبون الحواشي.

الأب هنا موجودٌ، إذن لا نُعطي الإخوة، سواء أشقَّاء، أو لأبٍ، أو لأمٍّ.

معنى ذلك في هذه المسألة: أبٌ، وأمٌّ، وثلاثة إخوةٍ.

الإخوة لا يأخذون شيئًا، فانحصر الميراث بين الأب والأم.

لكن السؤال هنا: هل الأم تأخذ الثلث أو السدس؟

في هذه المسألة قولان:

  • القول الأول: أن الإخوة يُؤثِّرون في حجب الأم، فيحجبونها من الثلث إلى السدس، مع كونهم محجوبين؛ لكنَّهم يُؤثِّرون، فتأخذ الأمُّ في هذا المثال السدس، وليس الثلث.
    وعلى هذا المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وأكثر أهل العلم، واستدلوا بعموم الآية: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، ولم يَقُل الله: فإن كان له إخوةٌ وارثون، وإنما أطلق، فيشمل الوارثين، ويشمل المحجوبين.
  • هناك قولٌ آخر في المسألة هو: أن الإخوة ما داموا محجوبين فوجودهم كعدمهم، ولا يُؤثِّرون في حجب الأمِّ من الثلث إلى السدس، فتأخذ الأمُّ الثلث كاملًا.
    هذا قال به بعض الفقهاء، واختاره ابن تيمية رحمه الله تعالى،
    وقالوا: إنَّ الإخوة ما داموا لا يرثون فوجودهم كعدمهم؛ فلا يحجبون الأم.

وعندما نريد التَّرجيح فالله تعالى يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59].

إذا رددنا هذه المسألة إلى القرآن نرجع للنصِّ: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، فأيُّ القولين أقرب لظاهر الآية: قول الجمهور أو القول الثاني؟

قول الجمهور؛ لأنَّ الله قال: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ وأطلق، بينما أصحاب القول الثاني اعتمدوا على تعليلاتٍ وأقيسةٍ عقليةٍ، فلا تقف في مقابل ظاهر النصِّ.

وعلى هذا فالقول الراجح -والله أعلم- هو قول جمهور الفقهاء، وهو الذي عليه المذاهب الأربعة، وهو: أنَّ الإخوة ما داموا جَمْعًا يحجبون الأمَّ من الثلث إلى السدس، حتى وإن كانوا غير وارثين، فيُؤثِّرون في حجب الأم وإن كانوا محجوبين.

وعلى هذا يكون القول الراجح في قسمة المسألة: الأمُّ لها السدس، والباقي للأب، ولا شيء للإخوة.

أحكام ميراث الأمِّ في المسألتين العُمَريتين

قلنا: الشرط الثالث: ألَّا تكون المسألة إحدى العُمَريتين.

فما هما المسألتان العُمَريتان؟

المسألتان العُمَريتان نسبةً لعمر بن الخطاب ، فإنَّهما قد وقعتا في زمنه، فقسَّمهما؛ فَنُسِبَتا إليه، وهما مسألتان:

  • المسألة الأولى: زوجٌ، وأمٌّ، وأبٌ.
  • والمسألة الثانية: زوجةٌ، وأمٌّ، وأبٌ.

أما المسألة الأولى -زوجٌ وأمٌّ وأبٌ- فإنَّها لمَّا وقعتْ في زمن عمر قسمها بأن أعطى الزوج كم؟

النصف، ولو أخذت الأمُّ الثلث كاملًا لكانت أكثر من الأب، وهذا يُشْكِل على قواعد الميراث؛ إذ إنَّ من قواعد الميراث: أنَّ الأُنثى لا تزيد على الذَّكر إذا كانا بدرجةٍ واحدةٍ، فالأمُّ والأب بالنسبة للميت بدرجةٍ واحدةٍ، فلو أنَّ الأمَّ في هذه المسألة أخذت الثلث كاملًا لكان ميراثها أكثر من ميراث الأب، فلم يتبقَّ في المسألة سوى السدس، فيكون للأمِّ الثلث، وللأب السدس، وهذا يُشْكِل على قواعد الميراث؛ ولهذا ذهب عمر بن الخطاب إلى أنَّ الأمَّ في هذه المسألة تأخذ ثلث الباقي، وليس الثلث كاملًا.

الباقي ما هو؟

إذا أعطينا الزوج النصف يتبقى نصفٌ.

طيب، ما ثلث النصف؟

أحد الطلاب: .......

الشيخ: ثلث النصف: السدس، أحسنتَ، سدسٌ وسدسٌ وسدسٌ = نصفٌ.

ومعنى ذلك: أن ثلث الباقي يعني: السدس، فتأخذ الأمُّ ثلث الباقي الذي هو السدس، والباقي للأب.

كم يكون للأب؟

سدسٌ وسدسٌ كم؟

سُدُسَان، أي: ثلث.

مَن الذي يضبط الحساب والرياضيات؟

هذه المسائل ينبغي أن تضبطها.

فعندنا الآن ثلث النصف: سدسٌ، فتأخذ الأمُّ السدس، ويتبقَّى ثلثا النصف، يعني: سدسًا وسدسًا، أي: الثلث.

وإن شئتَ بطريقةٍ مُبَسَّطةٍ تقول: للزوج النصف، وللأم ثلث الباقي، وللأب الباقي.

وإن أردتَ بصورةٍ أدقّ: للزوج النصف، وللأمِّ السدس، وللأب الثلث.

هذه المسألة العُمَرية الأولى.

المسألة العُمَرية الثانية: زوجةٌ، وأمٌّ، وأبٌ.

فالزوجة كم تأخذ؟

الربع، ومعنى ذلك أنه بقي في المسألة كم؟

ثلاثة أرباعٍ، فلو أعطينا الأمَّ الثلث كاملًا فكم يتبقَّى؟

سنأخذ ثلاثة أرباعٍ، ونُعطي الأمَّ الثلث كاملًا، فهي وإن كانت لن تأخذ أكثر من الأب إلَّا أنَّ هذا لا يستقيم أيضًا على قواعد الميراث؛ فيُفترض في هذه الصورة أنَّ الأب يأخذ ضعف الأمِّ؛ ولهذا ذهب عمر إلى أنَّ الأمَّ أيضًا تأخذ ثلث الباقي، وللأب الباقي.

ما الباقي؟

إذا أخذت الزوجة الربع، كم يتبقَّى؟

ثلاثة أرباعٍ.

طيب، الأمُّ تأخذ ثلث ثلاثة أرباعٍ، يعني: الربع، ويبقى للأب ربعٌ وربعٌ، يعني: نصفًا.

فإذا أردنا أن نُقسِّمها بصورةٍ مُبَسَّطةٍ: للزوجة الربع، وللأمِّ ثلث الباقي، وللأب الباقي.

وإذا أردنا أن نُقسِّمها بصورةٍ أدقّ: للزوجة الربع، وللأمِّ الربع، وللأب النصف.

هاتان هما المسألتان العُمَريتان، واللتان قضى فيهما عمر ، ولم يُعْرَف له مُخالفٌ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المَهْدِيين [2]، وعمر أحد الخلفاء الراشدين، رضي الله عنه وأرضاه.

هنا تنبيهٌ لطيفٌ:

بعض العلماء يقولون: إنَّ التَّعبير بـ"ثلث الباقي" إنَّما قال به مَن قال من العلماء تأدُّبًا مع القرآن.

واشتهرتْ هذه الكلمة في كتب الفرائض، ومقصودهم بقولهم: "تأدُّبًا مع القرآن"؛ لأنَّ الله قال: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، لكن عندما نتأمل الآية نجد أنَّ الآية لا تنطبق على المسألتين العُمَريتين، إنَّما تنطبق على مسألةٍ مُعينةٍ هي: رجلٌ مات وليس له ولدٌ، وليس له وارثٌ سوى أبيه وأمه، فيكون للأمِّ الثلث، والباقي للأب.

أما مسألتنا هذه فهي مُختلفةٌ؛ فهي: زوجٌ وأمٌّ وأبٌ، أو زوجةٌ وأمٌّ وأبٌ.

وحينئذٍ لا وجه للقول بأنَّ هذا تأدُّبٌ مع القرآن، وإنَّما نقول: إنها تأخذ ثلث الباقي من باب التَّيسير والتَّسهيل في العبارة والضبط.

أمَّا "تأدُّبًا مع القرآن" فيكون هذا غير مُنطبقٍ أصلًا على الآية الكريمة الواردة.

يعني: هذا القول قولٌ وجيهٌ؛ لذلك عندما نقول: "ثلث الباقي" من باب التَّيسير في الفهم، وليس لأجل أن نقول: تأدُّبٌ مع القرآن؛ لأنَّ القرآن ليس مُخالفًا أصلًا للقواعد حتى نقول: تأدُّبٌ مع القرآن، ليس في القرآن مُخالفةٌ لقواعد الميراث.

وعلى هذا فالأدقُّ في العبارة أننا ما نقول: تأدُّبٌ مع القرآن، وإنما نقول: "ثلث الباقي" من باب التيسير للطلاب حتى يفهموا المسألة.

يعني: هذه من اللطائف التي ذكرها بعض أهل العلم.

طيب، بهذا نكون قد انتهينا من أصحاب الثلث.

أصحاب السدس

ننتقل لأصحاب السدس، وأصحاب السدس هم الصنف الأخير معنا، ونبدأ بالصنف الأول من أصحاب السدس: الأم.

الأمُّ ذكرنا ميراثها قبل قليلٍ، لكن في استحقاقها الثلث، وهنا نفس الشروط، لكن نُعدِّل عليها تعديلًا؛ بدل "عدم" نضع كلمة "وجود".

تذكرون لمَّا قلنا: إنَّ الأمَّ تستحقُّ الثلث بشرط عدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة.

هنا نقول: تستحقُّ السدس بشرط: وجود الفرع الوارث، ووجود الجمع من الإخوة.

وإن شئتَ أضفتَ أيضًا الشرط الثالث: ألَّا تكون المسألة إحدى العُمَريتين.

استحقاق الأم للسدس في الميراث

إذن إذا وُجِدَ فرعٌ وارثٌ، أو وُجِدَ جمعٌ من الإخوة؛ فإنَّ الأمَّ تأخذ السدس.

والأمُّ لا يمكن أن تسقط، وهكذا الأب، وهكذا الابن والبنت، والزوج والزوجة، هؤلاء الستة لا بد أن يرثوا، لكن قد يرد عليهم حجب النُّقصان فقط؛ فالأمُّ إما ثلثٌ، وإما سدسٌ، لا يمكن أن يكون لها ميراثٌ غير هذا إلا في المسألتين العُمَريتين اللتين شرحناهما، لكنها لا تخرج بدون ميراثٍ، ما يمكن، وهكذا الأب أيضًا.

دليل استحقاق الأم السدس: قول الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، وقوله: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، هذا بالنصِّ والإجماع.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على استحقاق الأم السدس

نأخذ أمثلةً -أولًا- لتحقق هذه الشروط:

  • هالِكٌ عن: أُمٍّ، وبنتٍ، وأخٍ شقيقٍ.

طيب، الأمُّ هنا تأخذ الثلث أو السدس؟

لا يوجد خيارٌ غير هذين.

السدس؛ لماذا؟

لوجود الفرع الوارث.

البنت كم تأخذ؟

النصف.

وللأخ الشقيق الباقي.

إذن للأم السدس، وللبنت النصف، وللأخ الشقيق الباقي؛ لأن الشروط مُتحقِّقةٌ هنا.

مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: أُمٍّ، وثلاثة إخوةٍ أشقاء.

الأم إما ثلثٌ، وإما سدسٌ.

تأخذ هنا ثلثًا أو سدسًا؟

سدس؛ لماذا؟

لوجود الجمع من الإخوة.

وللإخوة الأشقاء الباقي.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالِكٌ عن: أُمٍّ، وأخٍ شقيقٍ.

الأم إما ثلثٌ، وإما سدسٌ، تأخذ ماذا؟

الثلث.

لماذا لم تأخذ السدس؟

لأنَّه لم يوجد فرعٌ وارثٌ أو جمعٌ من الإخوة.

فهنا الأمُّ تأخذ الثلث؛ لعدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة.

طيب، مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: أمٍّ، وعمٍّ.

الأمُّ إما ثلثٌ، وإما سدسٌ، كم تأخذ هنا؟

الثلث؛ لماذا؟

لعدم الجمع من الإخوة، وعدم الفرع الوارث؛ إذن تأخذ الثلث كاملًا.

أحكام الجَدَّة في ميراث السدس

الصنف الثاني من أصحاب السدس: الجَدَّة.

والجدَّة تستحقُّ السدس بشرطٍ واحدٍ هو: عدم الأم فقط، ولا يوجد شرطٌ غير هذا، وهذا محل اتفاقٍ بين أهل العلم.

طيب، قد يكون للإنسان أكثر من جدَّةٍ: جدَّةٌ من جهة الأب، وجدَّةٌ من جهة الأم، وأحيانًا جدَّتان من جهة الأب، أو جدَّتان من جهة الأم، وهذا يوجد في بعض المجتمعات، خاصةً إذا كان الزواج المُبكر شائعًا، فأحيانًا يكون للإنسان أكثر من جدَّةٍ؛ ولذلك نحتاج إلى أن نذكر ضابطًا للجدَّة الوارثة والجدَّة غير الوارثة.

ضابط الجدَّة الوارثة هو: كل جدَّةٍ أَدْلَتْ بمحض الإناث، أو بمحض الذكور، أو بإناثٍ إلى ذكورٍ.

مرةً أخرى: هي الجدَّة التي أَدْلَتْ بمحض الإناث، أو بمحض الذكور، أو بإناثٍ إلى ذكورٍ.

يعني: الجدَّة التي أَدْلَتْ بوارثٍ.

مثال التي أَدْلَتْ بمحض الإناث: أم الأم، أو أم أم أم، هذه بمحض الإناث.

مثال التي أَدْلَتْ بمحض الذكور: أم الأب، أو أم أبي الأب.

مثال التي أَدْلَتْ بإناثٍ إلى ذكورٍ: أم أم الأب -مثلًا- هنا إناثٌ إلى ذكورٍ، أو أم أم أبي الأب.

هذا إذن ضابط الجدَّة الوارثة: التي أَدْلَتْ بمحض الإناث، أو بمحض الذكور، أو بإناثٍ إلى ذكورٍ.

ضابط الجدَّة غير الوارثة: هي كل جدَّةٍ أَدْلَتْ بذكرٍ بين أُنْثَيين.

أو بعبارةٍ أخرى: هي كل جدَّةٍ أَدْلَتْ بغير وارثٍ.

قلنا في الجدَّة الوارثة: محض الإناث، ومحض الذكور، وبإناثٍ إلى ذكورٍ.

هنا العكس: ذكورٌ إلى إناثٍ؛ كأم أبي الأم.

أبو الأم هل هو وارثٌ؟

لا، إذن أَدْلَتْ بغير وارثٍ، وأَدْلَتْ بذكرٍ بين أُنْثَيين؛ فتكون غير وارثةٍ.

أو أم أبي أم الأب كذلك؛ لأنَّ أبا أم الأب غير وارثٍ.

إذن هذا هو الضَّابط.

إذن أُعيد مرةً أخرى:

الجدَّة الوارثة: هي التي أَدْلَتْ بوارثٍ، يعني: التي أَدْلَتْ بمحض الإناث، أو بمحض الذكور، أو بإناثٍ إلى ذكورٍ.

والجدَّة غير الوارثة: هي التي أَدْلَتْ بغير وارثٍ، أي: أَدْلَتْ بذكورٍ إلى إناثٍ، أو أَدْلَتْ بذكرٍ بين أُنْثَيين.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على ميراث الجدَّة السدس

نأخذ أمثلةً تطبيقيةً لإرث الجدَّة السدس:

  • هالِكٌ عن: أم أمٍّ، وأختٍ شقيقةٍ، وأخٍ لأبٍ.

نحن قلنا: الجدَّة ترث السدس بشرطٍ واحدٍ هو: عدم الأم.

هل هذا الشرط مُتحققٌ أم لا؟

مُتحقِّقٌ.

إذن كم تأخذ أم الأم؟

أم الأم تأخذ هنا السدس، وللأخت الشَّقيقة النصف، وللأخ لأبٍ الباقي.

مثالٌ آخر: هالِكٌ عن: أم أمٍّ، وأم أبٍ -له جدَّتان- وبنتٍ، وابن أخٍ شقيقٍ.

طيب، هل الشرط مُتحقِّقٌ، وهو عدم الأم؟

نعم، مُتحقِّقٌ.

طيب، عندنا جدَّتان وبنفس الدَّرجة -لاحظ: أم أمٍّ وأم أبٍ- فهل نقول: تشتركان، أو أنَّ إحداهما تستأثر بالسدس؟

تشتركان؛ لأنَّهما على درجةٍ واحدةٍ من الميت: أم أمٍّ وأم أبٍ، فتشتركان بالسَّوية في السدس.

إذن أم الأم تأخذ نصف السدس، وأم الأب تأخذ نصف السدس.

والبنت كم تأخذ؟

تأخذ النصف، ولابن الأخ الشَّقيق الباقي.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف الشرط:

  • هالِكٌ عن: أمٍّ، وأم أبٍ، وعمٍّ.

الأم كم تأخذ؟

الثلث.

وأم الأب لا تأخذ شيئًا؛ لماذا؟

لوجود الأم، فإذا وُجِدَتْ في المسألة أمٌّ لا تنظر للجدَّة، فالجدَّة محجوبةٌ، هذه قاعدةٌ.

إذن أم الأب تسقط هنا، والباقي للعمِّ.

مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: أم أمٍّ -يعني: جدَّة لكنَّها أم أمٍّ- وأم أم أبٍ، وأخٍ شقيقٍ.

فعندنا الآن: أم أمٍّ -يعني: جدَّة- كم تأخذ؟

هل الشرط مُتحقِّقٌ؟

هنا مُتحقِّقٌ، فكم تأخذ؟

السدس.

طيب، الجدَّة التي فوقها "أم أم الأب" ما تأخذ شيئًا، محجوبةٌ بأم الأم؛ لأنَّها أقرب منها درجةً، والباقي للأخ الشَّقيق.

شروط استحقاق الأخ لأمٍّ السدس

ننتقل للصنف الثالث وهو: الأخ لأمٍّ، ويُعبِّر عنه بعض الفَرَضيين بـ"ولد الأم"؛ لأنك إذا قلتَ: "الأخ لأمٍّ" ربما يُفْهَم أنه الأخ الذكر، فيقول: ولد الأم؛ حتى يشمل الذكر والأنثى، أو إن شئتَ قلتَ: الأخ لأمٍّ، والأخت لأمٍّ.

يستحقُّ السدس.

تذكرون الإخوة لأمٍّ؟

قلنا: يستحقُّون الثلث بثلاثة شروطٍ: أن تكون المسألة كلالةً، وأن يكونوا جَمْعًا.

هي نفس الشروط: أن تكون المسألة كلالةً، لكن بدل "أن يكونوا جَمْعًا" انفراده.

فمعنى ذلك: أن تكون الشروط:

  • الشرط الأول: أن يكون واحدًا، أو انفراده.
  • والشرط الثاني: عدم الأصل الوارث من الذكور.
  • والشرط الثالث: عدم الفرع الوارث.

نفس الشروط التي ذكرناها باستحقاق الإخوة لأمٍّ الثلث، لكن نُبَدِّل، بدل "أن يكونوا جَمْعًا" إلى "انفراده"، أو أن يكون واحدًا.

وباختصارٍ أو بعبارةٍ أخرى: يستحقُّ الأخ لأمٍّ أو الأخت لأمٍّ السدس إذا كانت المسألة كلالةً، وكان واحدًا.

وعرفنا المقصود بمصطلح "كلالة".

ما المقصود؟

مَن لا ولد له ولا والد ذكر.

احفظوا هذا: الكلالة تعني: مَن لا ولد له ولا والد ذكر.

معنى ذلك: أن الأخ لأمٍّ والأخت لأمٍّ يأخذان السدس إذا كانت المسألة كلالةً، وكان واحدًا، فإن كانوا جَمْعًا أخذوا الثلث.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على ميراث الأخ أو الأخت لأمٍّ السدس

نأخذ أمثلةً تطبيقيةً لهذا:

  • هالكةٌ عن: أمٍّ، وزوجٍ، وأخٍ لأمٍّ.

الأم هنا تأخذ إما الثلث أو السدس، فهل تأخذ هنا الثلث أو السدس؟

الثلث؛ لتحقق الشروط.

وللزوج النصف؛ لعدم الفرع الوارث.

والأخ لأمٍّ: هل الشروط مُنطبقةٌ أو غير مُنطبقةٍ؟

هل المسألة أولًا كلالةٌ؟

نعم؛ ليس هناك أصلٌ ذكرٌ، ولا فرعٌ وارثٌ، وهو مُنفردٌ؛ فيأخذ إذن السدس.

فتكون القسمة: للأم الثلث، وللزوج النصف، وللأخ لأمٍّ السدس.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأمٍّ، وعمٍّ.

الأخت الشقيقة كم تأخذ؟

النصف؛ لتحقق الشروط التي ذكرنا.

والأخت لأمٍّ: هل المسألة كلالةٌ؟

نعم، المسألة كلالةٌ؛ لا فرعًا وارثًا، ولا أصلًا ذكرًا، وهي مُنفردةٌ، فتأخذ ماذا؟

السدس، والباقي للعمِّ.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأخٍ لأمٍّ، وابنٍ.

للزوج هنا الربع أو النصف؟

الربع؛ لوجود الفرع الوارث.

والأخ لأُمٍّ يرث أو لا يرث هنا؟

لا يرث؛ لوجود الفرع الوارث.

المسألة إذن ليست كلالةً فيسقط؛ فيكون الباقي للابن.

تكون قسمة المسألة: للزوج الربع، والأخ لأمٍّ يسقط، والباقي للابن.

مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: زوجةٍ، وأختٍ لأمٍّ، وأبٍ.

للزوجة إما الربع أو الثمن، تأخذ هنا ماذا؟

الربع.

طيب، عندنا الأخت لأمٍّ، هل المسألة كلالةٌ؟

لا؛ لوجود الأب، لوجود الأصل الذكر؛ إذن تسقط الأخت لأمٍّ، ما تأخذ شيئًا؛ لأنَّ الأب موجودٌ فيحجبها، فيكون الباقي للأب.

استحقاق بنت الابن السدس وشروط ميراثها

الصنف الرابع من أصناف أصحاب السدس: بنت الابن.

وبنت الابن تستحقُّ السدس بثلاثة شروطٍ:

الشرط الأول: عدم المُعَصِّب لها.

مَن المُعَصِّب لها؟

كنَّا نقول فيما سبق: أخوها، وهنا نقول: ابن الابن المُساوي لها في الدَّرجة، سواء كان أخاها أو ابن عمِّها.

هذا هو الشرط الأول.

الشرط الثاني: وجود بنتٍ أعلى منها وارثةٍ للنصف فرضًا.

احفظ هذا الشرط: وجود بنتٍ أعلى منها وارثةٍ للنصف فرضًا.

يعني: حتى تأخذ بنتُ الابن السدسَ لا بد أن توجد في المسألة بنتٌ فوقها أعلى منها ترث النصف فرضًا.

أما لو استكملت البنات الثلثين بأن كنَّ اثنتين؛ فإنَّ بنت الابن تسقط، ولا ترث.

وهناك شرطٌ ثالثٌ هو: عدم وجود فرعٍ وارثٍ أعلى منها سوى وارثة النصف.

وهذا بعضهم يذكره، وبعضهم يقول: إنه معلومٌ من الشرط الثاني، لكن بعضهم يذكره للتوضيح: عدم وجود فرعٍ وارثٍ أعلى سوى الوارثة للنصف فرضًا.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على استحقاق بنت الابن السدس

طيب، نُوضِّح هذا بالمثال:

  • هالكٌ عن: بنتٍ، وبنت ابنٍ، وعمٍّ.

البنت كم تأخذ هنا؟

النصف؛ لماذا؟

لاستكمال الشروط التي ذكرناها بالأمس.

طيب، بنت الابن هل هي مُستكملةٌ للشروط؟

ننظر: عدم المُعَصِّب لها، لا يوجد مُعَصِّبٌ لها.

وجود بنتٍ أعلى منها وارثةٍ للنصف فرضًا، نعم، موجودةٌ.

إذن تأخذ ماذا؟

تأخذ السدس تكملةً للثلثين.

ولماذا قلنا: تكملة للثلثين؟

لأن البنات لا يأخُذْنَ أكثر من الثلثين إلَّا أن يُعَصِّبها ذكرٌ في درجتها.

إذن تكون قسمة المسألة: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وللعمِّ الباقي.

مثالٌ آخر:

  • هالِكٌ عن: بنتٍ، وأربع بنات ابنٍ، وأخٍ شقيقٍ.

البنت كم تأخذ هنا؟

النصف؛ لاستكمال الشروط التي ذكرناها بالأمس.

وبنات الابن: ننظر، هل الشروط مُتحقِّقةٌ أم لا؟

قلنا: عدم المُعَصِّب، لا يوجد مُعَصِّبٌ لهنَّ.

وجود بنتٍ أعلى وارثةٍ للنصف فرضًا، نعم، موجودةٌ.

إذن بنات الابن يأخذن السدس.

والأخ الشقيق له الباقي.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكٌ عن: بنتين، وثلاث بنات ابنٍ، وعمٍّ.

البنتان تأخذان ماذا؟

الثلثين؛ لتحقق الشروط التي ذكرناها في درس الأمس.

هنا بنات الابن: ننظر، هل تحقَّقت الشروط أو لم تتحقق؟

عدم المُعَصِّب مُتحققٌ، لكن وجود بنتٍ أعلى منها وارثةٍ للنصف فرضًا غير مُتحقِّقٍ، وإنما وُجِدَتْ بنتان؛ فحينئذٍ تسقط بنات الابن، والباقي للعمِّ.

طيب، هل لو عدَّلنا على هذا المثال يمكن أن ترث بنات الابن؟

مَن يُجيب هذا السؤال؟

هذا سؤالٌ دقيقٌ.

تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: لا، ليس هذا.

تفضَّل.

أحد الطلاب: إذا أضفنا: ابن ابنٍ.

الشيخ: أحسنتَ، بارك الله فيك.

إذا أضفنا: ابن ابنٍ، وهذا يُسمَّى: القريب المُبارك.

لو أضفنا "ابن ابنٍ" لهذه المسألة، يعني: ثلاث بنات ابنٍ، وابن ابنٍ.

معنى ذلك: أنهم يأخذون الباقي.

فهنا بدل أن يَسْقُطْنَ يَرِثْنَ، وهذا يُسمَّى: القريب المُبارك.

طيب، نأخذ مثالًا آخر:

  • هالكٌ عن: أبٍ، وبنتي ابنٍ، وابنٍ.

يا إخوان، اضبطوا الشروط، وإن شاء الله سنسأل بعد الدرس، وهناك جوائز، بإذن الله تعالى.

  • هالِكٌ عن: أبٍ، وبنتي ابنٍ، وابنٍ.

الأب هنا كم يأخذ؟

أحد الطلاب: يأخذ السدس.

الشيخ: السدس فقط أو السدس والباقي؟

الطالب: السدس فقط.

الشيخ: فقط؛ لوجود أقوى الورثة معه.

مَن أقوى الورثة؟

أحد الطلاب: الابن.

الشيخ: الابن، فالأب يأخذ فرضه فقط.

طيب، بنتا الابن هل تأخذان شيئًا مع وجود الابن؟

لا.

إذن لم يتحقق الشرط، وهو: وجود بنتٍ أعلى منها وارثةٍ للنصف فرضًا؛ فبنتا الابن هنا تسقطان، والابن يأخذ الباقي.

استحقاق الأخت لأبٍ السدس وشروطه

ننتقل للصنف الخامس: الأخت لأبٍ.

الأخت لأبٍ ميراثها قريبٌ من ميراث بنت الابن، وتستحقُّ السدس بشرطين:

  1. عدم المُعَصِّب.
  2. وجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا.

عدم المُعَصِّب، مَن المُعَصِّب؟

الأخ لأبٍ.

ووجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا؛ حتى تأخذ السدس تكملة الثلثين.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ لميراث الأخت لأب السدس

طيب، نُوضِّح هذا بالمثال:

  • هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأبٍ، وعمٍّ.

الأخت الشقيقة كم تأخذ؟

النصف.

طيب، الأخت لأبٍ، هنا ننظر للشروط: عدم المُعَصِّب، لا يوجد مُعَصِّبٌ؛ لا يوجد أخٌ لأبٍ.

وجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا، نعم، موجودةٌ.

إذن تأخذ السدس تكملة الثلثين، والباقي للعمِّ.

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وأختين لأبٍ، وابن أخٍ شقيقٍ.

طيب، الأخت الشقيقة تأخذ ماذا؟

أحد الطلاب: النصف.

الشيخ: النصف.

"أختين لأبٍ" طيب، ننظر للشروط: عدم المُعَصِّب، لا يوجد مُعَصِّبٌ، لا يوجد أخٌ لأبٍ.

وجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا، موجودةٌ.

إذن الأختان لأبٍ يأخذان السدس، ولابن الأخ الشقيق الباقي.

طيب، نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكٌ عن: أختين شقيقتين، وأختٍ لأبٍ، وعمٍّ.

للأختين الشَّقيقتين الثلثان؛ لتحقق الشروط.

والأخت لأبٍ ننظر للشروط: عدم المُعَصِّب، لا يوجد مُعَصِّبٌ، لكن وجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا هذا غير مُتحققٍ.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: نعم، وجود أُختين شقيقتين.

إذن الأختان الشَّقيقتان استَغْرَقَتَا الثلثين، والأخت لأبٍ تسقط، وللعمِّ الباقي.

لو أردنا أن نُجري تعديلًا على هذا المثال لِتَرِثَ معه الأخت لأبٍ، كما قلنا في بنت الابن.

تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: نعم، أخٌ لأبٍ.

يعني: تكون المسألة: أختين شقيقتين، وأختًا لأبٍ، وأخًا لأبٍ.

معنى ذلك: أن للأختين الشقيقتين الثلثين، والباقي للأخت لأبٍ والأخ لأبٍ عصبةً.

هذا يُسمَّى: القريب المبارك.

طيب، هل يسقط العمُّ؟

نعم، يسقط العمُّ.

مثالٌ آخر:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأخٍ لأبٍ، وأختٍ لأبٍ.

الزوج كم يأخذ: النصف أو الربع؟

الطلاب: النصف.

الشيخ: النصف.

طيب، الأخت لأبٍ هنا هل تأخذ السدس؟

لا تأخذ السدس؛ لوجود المُعَصِّب.

إذن اختلَّ أحد الشروط، لكنها ترث، لا تسقط؛ لوجود المُعَصِّب لها، وهو أخوها، فتأخذ الأخت لأبٍ والأخ لأبٍ الباقي.

وأريد منكم -أيها الإخوة- أن تأخذوا هذه الأمثلة وتحلُّوها في البيت، ما يكفي الاستماع، خُذْ هذه الأمثلة واختبر نفسك مرةً ومرتين وثلاثًا، وما في مانع أن تُخْطِئ، وتعرف موضع الخطأ، وتُعيد مرةً ثانيةً.

بغير هذه الطريقة ما تضبط الفرائض، لا بد أن تأخذ هذه الأمثلة وتحلّها عدة مراتٍ.

ميراث الأب ضمن أصحاب السدس

طيب، ننتقل بعد ذلك للصنف السادس من أصحاب السدس: الأب.

الأب يستحقُّ السدس بشرطٍ واحدٍ، وهو شرطٌ وجوديٌّ، وهو: وجود الفرع الوارث للميت، والمقصود به: الابن -بالدرجة الأولى- والبنت، لكنَّ الأب يأخذ الباقي مع البنت.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على ميراث الأب السدس

نأخذ أمثلةً تُوضِّح المقصود:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأبٍ، وابنٍ.

للزوج إما الربع أو النصف، يأخذ هنا ماذا؟

الربع.

طيب، عندنا أبٌ وابنٌ، أيُّهما أقوى؟

الابن أقوى؛ فالأب يأخذ فرضه فقط، وهو السدس، والباقي للابن.

طيب، لو كان بدل الابن: بنتٌ.

للزوج الربع، وللبنت النصف، وللأب السدس مع الباقي.

طيب، مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وبنت ابنٍ، وأبٍ.

للزوجة كم؟

إما الثمن أو الربع.

الثمن؛ لوجود الفرع الوارث.

وبنت الابن هنا كم تأخذ؟

النصف.

والأب يأخذ السدس والباقي.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وأبٍ.

الزوجة تأخذ الربع أو الثمن؟

الربع.

والأب هنا لا يأخذ السدس، وإنما يأخذ الباقي تعصيبًا.

طيب: زوجٌ، وأبٌ.

أيضًا نفس القسمة، لكنَّ الزوج يأخذ النصف، والباقي للأب.

خُذْ هذه الأمثلة وحلَّها أكثر من مرةٍ في البيت؛ حتى تضبط هذه المسائل.

القريب المُبارك والقريب المَشْؤُوم

القريب المَشْؤُوم: هو مَن لولاه لَوَرِثَت الأنثى التي يُعَصِّبها.

مثلًا:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ.

طيب، الزوج كم يأخذ؟

النصف.

وللأخت الشَّقيقة النصف.

لو وُجِدَتْ أختٌ لأبٍ تأخذ ماذا؟

السدس، وتَعُول المسألة.

لكن لو وُجِدَ مع الأخت لأبٍ أخٌ لأبٍ، هنا ما تأخذ شيئًا، يتسبب عليها، ما تأخذ شيئًا؛ لأنَّ التَّركة اكتملتْ.

هذا يُسمَّى: القريب المَشْؤُوم.

طيب، هل يمكن أن يكون بعض الناس مُباركًا، وبعضهم مَشْؤُومًا؟

نعم، الله تعالى قد يُقدِّر أنَّ بعض الناس يجعل الله فيهم بركةً: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ [مريم:31]، والمشؤوم يُقدِّر الله تعالى أنَّ هذا الشخص يكون مشؤومًا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: إنَّما ‌الشُّؤْمُ ‌في ‌ثلاثةٍ: في الفرس، والمرأة، والدار [3]، فهذا قد يُقدِّره الله لِحِكَمٍ الله تعالى أعلم بها.

وتجد في الواقع بعض الناس ما ترى منه إلا كل خيرٍ؛ في تصرفاته، في أخباره، في كل شيءٍ، رجلٌ مُباركٌ، وبعض الناس على العكس إذا صحبتَه تأتيك المصائب بسببه.

يعني: هذا أمرٌ قد يُقدِّره الله تعالى، ولا يتعارض مع قول النبي عليه الصلاة والسلام: لا طِيَرَة [4]، فالإنسان لا يتطير، لكن يتفاءل بأنَّ هذا الإنسان أو هذه الزوجة أو هذا الشخص شخصٌ مُباركٌ.

ومن أسباب البركة: الاستقامة على طاعة الله .

وعكسه شخصٌ آخر، لكن باب الفرائض ليس له علاقةٌ بهذا، ففي الفرائض المبارك: مَن لولاه لَسَقَطَت الأنثى التي يُعَصِّبها، والمشؤوم: مَن لولاه لَوَرِثَت الأنثى التي يُعَصِّبها.

شروط استحقاق الجدِّ للسدس

الصنف السابع والأخير من أصحاب السدس: الجدّ، ويستحقُّ السدس بشرطين:

  • الشرط الأول: عدم الأب، فإذا وُجِدَ أبٌ ما يرث الجدُّ شيئًا.
  • والشرط الثاني: وجود الفرع الوارث للميت.

فإذا تحقق هذان الشرطان فإنَّ الجدَّ يأخذ السدس.

أمثلةٌ تطبيقيةٌ على استحقاق الجدِّ للسدس

مثال ذلك:

  • هالكٌ عن: جدٍّ -أبي أبٍ- وابنٍ.

الجدُّ يأخذ هنا ماذا؟

السدس.

وللابن الباقي؛ لأنَّ الابن أقوى الورثة، فالجدُّ ما يأخذ إلا فرضه فقط.

إذا كان الأب لا يأخذ إلا السدس، فما بالك بالجدِّ؟

مثالٌ آخر:

  • هالكٌ عن: جدٍّ -أبي أبي الأب- وبنت ابنٍ، وابن ابنٍ.

فالجدُّ هنا يأخذ ماذا؟

السدس، والباقي لبنت الابن وابن الابن.

نأخذ أمثلةً لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكٌ عن: زوجةٍ، وجدٍّ -أبي أبٍ- وبنتٍ، وأبٍ.

الزوجة كم تأخذ؟ الثمن أو الربع؟

الثمن.

والأب هنا سيأخذ الباقي، وللبنت النصف.

أبو الأب هل يرث مع وجود الأب؟

لا يرث.

إذن أبو الأب هنا محجوبٌ بابنه الذي هو الأب.

مثالٌ آخر لتخلُّف بعض الشروط:

  • هالكةٌ عن: زوجٍ، وأبي أبٍ.

فالزوج سيأخذ النصف.

هل الجد هنا يأخذ السدس؟

لا، يأخذ الباقي.

عندما نقول: "تخلُّف بعض الشروط" فليس معنى ذلك: أنه لا يرث، لا، يعني: لا يأخذ السدس فرضًا فقط، لكن قد يرث بطريقٍ آخر، كأن يرث بطريق التَّعصيب.

إذن هؤلاء هم أصحاب السدس: سبعة أصنافٍ.

لا بد -أيها الإخوة- أن تأخذوا هذه الأصناف السبعة مرةً أخرى في البيت، وتحفظوا الشروط -شروط استحقاق كل واحدٍ منهم- ويختبر كل واحدٍ نفسه بأمثلةٍ وتطبيقاتٍ، حتى إذا استطاع أن يُجيب عن الأمثلة والتطبيقات وما يحصل عنده خطأٌ ينتقل لما بعده.

لا يكفي -أيها الإخوة- أن تحضروا الدرس، لا بد أن يكون عند كل واحدٍ منكم واجبٌ منزليٌّ، فيرجع للبيت ويحفظ الشروط، ويختبر نفسه بأمثلةٍ وتطبيقاتٍ، سواء التي ذكرنا أو غيرها.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: نعم، صحيحٌ، الجدُّ يحل محل الأب إلا في العُمَريتين.

باب التَّعصيب

طيب، ننتقل بعد ذلك إلى باب التَّعصيب.

معنى التَّعصيب لغةً واصطلاحًا

التَّعصيب في اللغة مصدر: عَصَّبَ، يُعَصِّب، تعصيبًا، فهو مُعَصِّبٌ، مأخوذٌ من العَصْب، وهو الشَّدُّ والإحاطة والتَّقوية.

أما معنى التَّعصيب اصطلاحًا: فهو الإرث بلا تقديرٍ.

والعَصَبَة: جمع عاصبٍ.

استعمل الفقهاء لفظ "العَصَبَة" في الواحد، وفي الجمع.

وعَصَبَة الرجل: أولياؤه الذكور من ورثته، وهم بنوه وقرابته من جهة أبيه فقط، وليس من جهة أمه؛ لأنَّ من جهة أمه لا يُسمَّون عصبةً، وإنَّما يُسمَّون: ذوي أرحامٍ.

فالعصبة هم: مَن يرثون بلا تقديرٍ.

أقسام العَصَبَة

تنقسم العَصَبَة باعتبار مُوجِبها إلى قسمين:

  • عصبة بالنَّسب.
  • وعصبة بالسَّبب.

العصبة بالنَّسب تنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:

  • عصبة بالنفس.
  • وعصبة بالغير.
  • وعصبة مع الغير.

عصبةٌ بالنفس

ما معنى: عصبة بالنفس؟

العصبة بالنفس: هم مَن يرثون بلا تقديرٍ، دون الحاجة إلى غيرهم.

وضابط العصبة بالنفس: كل ذكرٍ ليس بينه وبين الميت أنثى.

وهم جميع الوارثين بالنَّسب من الرجال المُجْمَع على إرثهم -وقد أشرنا لهم في الدرس السابق- ما عدا اثنين يرثان بالفرض، وهما: الزوج، والأخ لأمٍّ.

أحكام العصبة بالنفس

لهم ثلاثة أحكامٍ:

الحكم الأول: أنَّ مَن انفرد من العصبة بالنفس حاز جميع المال بالإجماع؛ لقول الله تعالى: وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ [النساء:176].

يعني: 

  • هالكٌ -مثلًا- عن: أبٍ، يأخذ جميع المال.
  • هالكٌ عن: ابنٍ، يأخذ جميع المال.
  • هالكٌ عن: أخٍ شقيقٍ، يأخذ جميع المال، وهكذا.

الحكم الثاني: إذا اجتمع العاصب بالنفس مع أصحاب الفروض أخذ ما أَبْقَت الفروض؛ لقول النبي : أَلْحِقُوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكرٍ [5].

يعني مثلًا:

  • هالكٌ عن: بنتٍ، وأبٍ.

للبنت النصف، والباقي للأب.

الحكم الثالث: إذا استغرقت الفروض التَّركة سقط العاصب إلا الأب، والجد، والابن، وابن الابن وإن نزل؛ فالأب والجد ينتقلان من الإرث بالتَّعصيب إلى الإرث بالفرض، وهو السدس، وأما الابن وابن الابن فلا يُحْجَبان بحالٍ.

هذه أحكام العصبة بالنفس.

نُعيدهم مرةً أخرى:

  1. مَن انفرد منهم حاز جميع المال.
  2. إذا اجتمعوا مع أصحاب الفروض أخذوا ما أَبْقَت الفروض.
  3. إذا استغرقت الفروض التَّركة سقطوا إلا الأب، والجد، والابن، وابن الابن.

طيب، ترتيب جهات العصبة بالنفس: هذه فيها خلافٌ بين الفقهاء، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل الخلاف، لكنَّ القول الرَّاجح الذي عليه أكثر المُحقِّقين من أهل العلم هو: أنَّ جهات العصبة بالنَّفس خمسٌ.

احفظ هذه الجهات بالترتيب: البُنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة، ثم العمومة، ثم الولاء.

طيب، أنا أختبر الآن فَهْمَكم لهذا:

  • هالكٌ عن: ابن أخٍ لأبٍ، وعمٍّ شقيقٍ.

الذي يعرف الجواب يرفع يده: ابن أخٍ لأبٍ، وعمٌّ شقيقٌ.

تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: لماذا؟

الطالب: .......

الشيخ: طيب، ابن عمٍّ لأبٍ، وهذا عمٌّ شقيقٌ.

هذا لأبٍ، وهذا شقيقٌ.

لمَّا طرحتُ السؤال كأنَّك ترددتَ.

تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: مُتأكِّدٌ؟

هذا لأبٍ، وهذا شقيقٌ.

الطالب: .......

الشيخ: لأنَّه أسبق جهةً.

طيب، ننظر -يا إخوان- الآن للجهات: أيُّهما أسبق جهةً: الأخوة أو العمومة؟

أحد الطلاب: الأُخوة.

الشيخ: الأخوة؛ إذن مَن كان من جهة الأخوة يحجب مَن كان من جهة العمومة؛ فالمال كلُّه لابن الأخ لأبٍ، ويسقط العمُّ الشَّقيق؛ لأنَّ جهة الأخوة أسبق من جهة العمومة، بل حتى لو كان ابن ابن ابن ابن أخٍ لأبٍ، وعمّ شقيق، فابن ابن ابن ابن الأخ لأب هو الذي يرث، والعمُّ الشقيق يسقط؛ لأنَّ جهة الأخوة أسبق من جهة العمومة.

فانتبهوا لهذه المسألة.

كيفية التَّوريث عند اجتماع عاصِبَين فأكثر

إذا اجتمع في المسألة عاصبان فأكثر فلا يخلو ذلك من أربع حالاتٍ.

طبعًا هذه الحالات للمُتمرِّس تأتي معه تلقائيًّا، لكن الآن تضبطها، ومع التَّمرس تأتي معك تلقائيًّا.

الحالة الأولى: أن تَتَّحد الجهة والدرجة والقوة.

أولًا: ما معنى الجهة؟ وما معنى الدرجة؟ وما معنى القوة؟

الجهة التي ذكرناها قبل قليلٍ، يعني: جهة القرابة للميت التي هي: البُنوة، والأبوة، والأخوة، والعمومة، والولاء.

هذا المقصود بالجهة: أن تَتَّحد الجهة.

والدرجة المقصود بها: القُرب للميت وقِلَّة الوسائط.

فالابن أقرب درجةً من ابن الابن، وابن الابن أقرب من ابن ابن الابن، والأخ الشقيق أقرب من ابن الأخ الشقيق، وهكذا.

هذا معنى الدرجة.

والقوة: أن يكونا في درجةٍ واحدةٍ للميت، لكنَّ أحدهما أقوى من الآخر، مثل: أخٍ شقيقٍ، وأخٍ لأبٍ، أيُّهما أقوى؟

الشقيق.

عمٌّ شقيقٌ، وعمٌّ لأبٍ؟

العمُّ الشقيق.

الحالة الأولى: أن تجتمع الجهة والدرجة والقوة.

مثل:

  • هالكٍ عن ابنين.

فالحكم في هذا أنَّهما يقتسمان الميراث بالسَّوية.

  • هالِكٌ عن: ابنين، لكلِّ ابنٍ نصف التركة.
  • هالكٌ عن: ثلاثة أبناء.

لكلِّ ابنٍ ثلث التركة، فتكون المسألة ثلاثةً: واحدٌ، واحدٌ، واحدٌ، وهكذا.

طيب..

  • هالكٌ عن: ثلاثة إخوةٍ أشقاء.

المسألة من ثلاثةٍ، لكل واحدٍ منهم واحدٌ، يعني: ثلثًا، وثلثًا، وثلثًا.

هذه إذن الحالة الأولى.

الحالة الثانية: أن تختلف جهةٌ من الجهات الخمس التي ذكرنا؛ فَيُقدَّم الأسبق جهةً.

مثال ذلك:

  • هالكٌ عن: ابن ابنٍ، وأخٍ شقيقٍ، وعمٍّ.

فعندنا الآن ثلاث جهاتٍ: ابن ابنٍ، من جهة ماذا؟

البُنوة.

والأخ الشقيق أُخوةٌ، والعمُّ عمومةٌ.

أيُّ هذه الجهات الثلاث أسبق؟

البُنوة؛ إذن المال كله لابن الابن.

الحالة الثالثة: أن يَتَّحدا في الجهة، ويختلفا في الدرجة.

مثال ذلك:

  • ابن ابنٍ، وابن ابن ابنٍ.

الجهة واحدةٌ، وهي جهة البُنوة، لكن اختلفا في الدرجة، فَيُقدَّم الأسبق درجةً.

أيُّهما أسبق: ابن الابن أو ابن ابن الابن؟

ابن الابن أسبق؛ فيكون المال كله لابن الابن.

طيب، الحالة الرابعة: أن يَتَّحدا في الجهة وفي الدرجة، ويختلفا في القوة؛ فَيُقدَّم الأقوى.

مثال ذلك:

  • هالكٌ عن: أخٍ شقيقٍ، وأخٍ لأبٍ.

هنا اتَّحدا في الجهة، جهة ماذا؟

الأخوة، والدرجة واحدةٌ بالنسبة للميت، نفس الدرجة.

واختلفا في أيِّ شيءٍ؟

في القوة، فالأخ الشقيق أقوى من الأخ لأبٍ؛ فالأخ الشقيق يأخذ المال كاملًا.

طيب، لو كان أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، وأخٌ لأمٍّ.

مَن يُجيب عن هذا السؤال؟

أضفنا له أخًا لأمٍّ، عدَّلنا.

نعم.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: المال كاملًا؟!

طيب، مَرَّتْ معنا شروط الأخ لأمٍّ قبل قليلٍ.

نعم.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: لا، الأخ لأبٍ هذا بعيدٌ.

طيب، نعم، تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: للأخ لأمٍّ السدس.

الطالب: .......

الشيخ: أحسنت.

إذن تكون قسمة المسألة: للأخ لأمٍّ السدس؛ لأنَّ المسألة كلالةٌ، لا ولد ولا والد ذكرًا.

إذن يرث، ما الذي يحجبه؟!

وعندنا أخٌ شقيقٌ وأخٌ لأبٍ، والأخ الشقيق أقوى؛ فيأخذ الأخ الشقيق الباقي، ويسقط الأخ لأبٍ.

وفي هذا المثال الأخ لأمٍّ يرث، والأخ لأبٍ لا يرث، واضح؟

إذن عندنا أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، وأخٌ لأمٍّ.

للأخ لأمٍّ السدس، وللشقيق الباقي، والأخ لأبٍ ما يأخذ شيئًا؛ لأنَّه محجوبٌ بالأخ الشقيق.

إذن اضبطوا -يا إخواني- هذه المسائل.

العصبة بالغير تعريفها وأصنافها

ننتقل للنوع الثاني وهو: العصبة بالغير.

والمراد بالعصبة بالغير: كل أنثى فرضها النصف أو الثلثان عَصَّبها ذكرٌ من درجتها.

طبعًا هذا موجودٌ على الشاشة، وموجودٌ أيضًا في التَّسجيل، فمَن فاته أن يكتب، فهو موجودٌ في التَّسجيل.

وسُمِّيت بذلك لأنَّهن يَتَعَصَّبْنَ بغيرهن، فَلَسْنَ عصباتٍ بأنفسهنَّ.

وأقسام العصبة بالغير أربعة أصنافٍ:

  • البنت واحدةً فأكثر مع الابن واحدًا فأكثر، هذا الصنف الأول.
  • الصنف الثاني: بنت الابن واحدةً فأكثر مع ابن الابن واحدًا فأكثر.
  • الصنف الثالث: الأخت الشقيقة واحدةً فأكثر مع الأخ الشقيق واحدًا فأكثر.
  • الصنف الرابع: الأخت لأبٍ واحدةً فأكثر مع الأخ لأبٍ واحدًا فأكثر.

هؤلاء يُسمَّون: عصبةً بالغير.

يعني: البنت مع الابن، وبنت الابن مع ابن الابن، والأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة، والأخ لأبٍ مع الأخت لأبٍ.

هؤلاء عصبةٌ بالغير: للذكر مثل حَظِّ الأُنْثَيين.

مثلًا:

  • هالكٌ عن: بنتٍ وابنٍ.

كيف نقسمها؟

لهما جميع المال، لكن للذكر مثل حَظِّ الأُنْثَيين.

بنت ابنٍ، وابن ابنٍ، كذلك.

أخٌ شقيقٌ، وأختٌ شقيقةٌ، كذلك.

أخٌ لأبٍ، وأختٌ لأبٍ، كذلك.

العصبة مع الغير

هناك نوعٌ ثالثٌ اسمه: العصبة مع الغير.

يعني: النوع الثاني: عصبةٌ بالغير، وقلنا: إنه أربعة أصنافٍ.

هناك عصبةٌ مع الغير، وهي صنفان فقط، وهي:

  1. الأخت الشقيقة واحدةً فأكثر مع البنت واحدةً فأكثر.
  2. والأخت لأبٍ واحدةً فأكثر مع البنت واحدةً فأكثر.

وباختصارٍ: الأخوات الشَّقائق أو لأبٍ مع البنات أو بنات الابن.

الأخوات مع البنات أو بنات الابن، هذا يُسمَّى ماذا؟

عصبة مع الغير، وهذه قضى فيها الصحابة .

يعني مثلًا:

  • هالكٌ عن: بنتين، وأختٍ شقيقةٍ.

البنتان لهما الثلثان، وللأخت الشقيقة الباقي؛ عصبةً مع الغير.

طيب، لو قلنا: بنتان، وأختٌ لأبٍ.

كذلك للبنتين الثلثان، وللأخت لأبٍ الباقي؛ عصبةً مع الغير.

لو قلنا: بنت ابنٍ، وأختٌ شقيقةٌ.

لبنت الابن النصف، والباقي للأخت الشقيقة؛ عصبةً مع الغير.

بنت ابنٍ، وأختٌ لأبٍ.

لبنت الابن النصف، والباقي للأخت لأبٍ.

إذن "العصبة مع الغير" هذا المصطلح المقصود به: الأخوات مع البنات أو بنات الابن.

عندنا عصبةٌ بالنفس، وعصبةٌ بالغير، وعصبةٌ مع الغير.

اضبط هذه المصطلحات الثلاثة.

العصبة بالسبب

طيب، القسم الثاني من أقسام العصبات، قلنا: عصبةٌ بالنَّسب، وعصبةٌ بالسبب.

عصبةٌ بالنَّسب تكلمنا عنها، وذكرنا أنَّ العصبة بالنَّسب تنقسم لثلاثة أقسامٍ: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.

ننتقل للقسم الثاني الذي هو: العصبة بالسبب، وهم الذين اكتسبوا التَّعصيب بسبب العتق، وليس لأجل القرابة من الميت، فيرثون بالولاء، والولاء من أسباب الإرث:

أسباب ميراث الوَرَى ثلاثهْ كلٌّ يُفِيــد ربَّه الوراثَهْ
وهي نكـــاحٌ وولاءٌ ونسبْ [6]

إذن الإرث بالولاء يُسمَّى: عصبةً بالسبب؛ لقول النبي : إنَّما الولاء لِمَنْ أَعْتَقَ [7].

وأصنافهم: المُعْتِق -ذكرًا كان أو أنثى- وأيضًا عصبة المُعْتِق بالنَّفس فقط.

وإنَّما قلتُ: بالنفس، يعني: لا تدخل العصبة بالغير، ولا العصبة مع الغير.

شروط استحقاق المُعْتِق لإرث رقيقه

يُشترط لإرث المُعْتِق لرقيقه شرطان:

  • الشرط الأول: ألَّا يوجد أصحاب فرضٍ.
  • الشرط الثاني: ألَّا توجد عصبةٌ بالنَّسب.

وهذه المسائل ندرسها الآن من الناحية النَّظرية، وإلَّا فإنَّ الرِّقَّ قد انقرض في العالم، وأصبح مُجَرَّمًا رسميًّا في جميع دول العالم، ولا يوجد الآن رِقٌّ شرعيٌّ، وما قد يُقال أنَّه موجودٌ في بعض البلدان فمشكوكٌ في شرعيته؛ لأنَّه الآن مُجَرَّمٌ في جميع دول العالم بلا استثناء.

إذن ندرس هذا من الناحية النَّظرية.

باب الحَجْب

ننتقل بعد ذلك إلى باب الحَجْب، ونبدأ بالتَّعريف.

وقبل أن نبدأ بالتعريف نقول: هذا الباب -باب الحَجْب- من أهم أبواب الفرائض؛ ولهذا يقول بعض العلماء: حرامٌ على مَن لا يعرف الحجب أن يُفْتِي في الفرائض؛ لأنَّ مَن لا يعرف قواعد الحجب ربَّما يُعطي مَن لا يستحقُّ، ويَحْرِم المُستحقَّ.

وقواعد الحجب مهمةٌ جدًّا لطالب العلم.

معنى الحجب لغةً واصطلاحًا

الحجب معناه في اللغة: المنع؛ ولذلك يُقال للبَوَّاب: حاجبٌ؛ لأنَّه يمنع من الدخول.

ومعنى الحجب في الاصطلاح -أحسن ما قيل في تعريفه-: منع مَن قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية، أو من أوفر حَظَّيْهِ.

فقولنا في التعريف: "منع مَن قام به سبب الإرث" يعني: وُجِدَ فيه أحد أسباب الإرث الثلاثة، وهي: نكاحٌ، وولاءٌ، ونسبٌ.

وقولنا: "من الإرث بالكلية" يعني: حجب الحرمان.

وقولنا: "أو من أوفر حَظَّيْه" حجب النُّقصان.

حجب الحرمان يعني: لا يرث مطلقًا، مثلما مَرَّ معنا قبل قليلٍ: بنتٌ، وأخٌ لأُمٍّ.

الأخ لأُمٍّ محجوبٌ بالبنت حجب حرمانٍ، لكن مثلًا: أُمٌّ، وإخوةٌ لأُمٍّ.

الأمُّ محجوبةٌ من الثلث إلى السدس، حجب نقصانٍ، وليس حجب حرمانٍ.

أنواع الحَجْب

الحَجْب له نوعان: حجب أوصافٍ، وحجب أشخاصٍ.

حجب الأوصاف

يكون فيمَن اتَّصف بأحد موانع الإرث الثلاثة التي مَرَّتْ معنا بالأمس.

ما موانع الإرث؟

نعم.

أحد الطلاب: .......

الشيخ:

رِقٌّ وقتلٌ واختلافُ دِينِ فَافْهَمْ فليس الشكُّ كاليقينِ [8]

هذا من الرَّحبية.

إذن حَجْب الأوصاف: مَن اتَّصف بأحد موانع الإرث الثلاثة؛ كأن يكون رقيقًا لا يرث، أو قاتلًا قتل عمدٍ أو قتل شبه عمدٍ أو قتل خطأ -عند الجمهور- واختلاف الدِّين، فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم.

هذا يُسمَّى: حجب أوصافٍ.

والمحجوب حَجْب أوصافٍ وجوده كعدمه؛ فلا يحجب أحدًا: لا حرمانًا، ولا نُقْصَانًا.

حجب الأشخاص

النوع الثاني: حَجْب الأشخاص، وهو المقصود هنا، وهو المنع من الإرث بالكلية أو من بعضه بسبب شخصٍ أو أشخاصٍ.

إذن حجب الأشخاص هو المنع من الإرث بالكلية أو من بعضه بسبب شخصٍ أو أشخاصٍ.

الفرق بين النوعين

الفرق بين هذين النوعين: أنَّ المحجوب بوصفٍ لا أثر له في حجب بقية الورثة، فوجوده كعدمه، بينما المحجوب بشخصٍ لا يحجب أحدًا حرمانًا، لكن قد يحجبه نقصانًا؛ كما في الأمِّ والإخوة المحجوبين بالأب.

قلنا: القول الراجح عند الجمهور أنهم يَحْجُبون الأمَّ من الثلث إلى السدس.

يعني:

  • هالكٌ عن: أبٍ، وأمٍّ، وثلاثة إخوةٍ أشقَّاء.

الإخوة ما يرثون شيئًا؛ لأنَّهم محجوبون بالأب، لكن هل يُؤثِّرون على الأمِّ؟

نعم، يُؤثِّرون على قول الجمهور -وهو القول الراجح- فيُؤثِّرون في حجب الأمِّ من الثلث إلى السدس.

أيضًا من الفروق: أنَّ حَجْب الأوصاف قد يدخل على جميع الورثة بلا استثناء: "رِقٌّ، وقتلٌ، واختلاف دين" يمكن أن يدخل على أيِّ وارثٍ.

بينما حجب الأشخاص منه ما يدخل على جميع الورثة، ومنه ما يدخل على بعضهم.

حجب الحرمان وحجب النُّقصان

هذا يقودنا لتفصيل هذه العبارة بأن نقول: إنَّ حَجْب الأشخاص ينقسم إلى قسمين:

  • حجب حرمانٍ.
  • وحجب نقصانٍ.

فحجب الحرمان يعني: مَنْع مَن قام به سبب الإرث منعًا كاملًا.

يعني: يُحْرَم من الميراث، لا يرث شيئًا، كما مثَّلنا قبل قليلٍ: ابنٌ، وأخٌ لأمٍّ، فهنا الابن حجب الأخ لأمٍّ حجبًا كاملًا.

وحجب الحرمان يمكن أن يَرِد على جميع الورثة ما عدا ستةً، ذكرناهم قبل قليلٍ.

مَن هؤلاء الستة الذين لا يمكن أن يُحْجَبوا حَجْب حرمانٍ؟

نعم، تفضَّل.

أحد الطلاب: .......

الشيخ: الأبوان: الأب، والأمّ، والولدان: الابن، والبنت، والزوجان: الزوج، والزوجة.

إذن الأبوان، والولدان، والزوجان.

هؤلاء لا يمكن أن يُحْجَبوا حجب حرمانٍ، يعني: لا يمكن أن يخرجوا بدون شيءٍ، لا بدَّ أن يرثوا، لكن قد يزيد الإرث، وقد ينقص؛ لأنَّ هؤلاء هم أقوى الورثة، ما يمكن أن يخرجوا بدون شيءٍ.

بينما غيرهم لا، فالجدة يمكن أن تُحْجَب، والجد يمكن أن يُحْجَب، وابن الابن يمكن أن يُحْجَب، وبنت الابن يمكن أن تُحْجَب، والإخوة يمكن أن يُحْجَبوا، والأعمام يمكن حجبهم، لكن هؤلاء الستة لا بدَّ أن يرثوا: الزوجان والولدان والوالدان، هؤلاء لا يمكن أن يَرِد عليهم حجب الحرمان.

القواعد التي يدور عليها الحَجْب

هذه القواعد مهمةٌ جدًّا، ينبغي أن تُحْفَظ، وأن يتمرَّن طالب العلم عليها بتطبيقاتٍ.

القاعدة الأولى: الأصول لا يحجبهم إلا أصولٌ، والفروع لا يحجبهم إلا فروعٌ، والحواشي يحجبهم أصولٌ وفروعٌ وحواشٍ.

تطبيق القاعدة بذكر أمثلةٍ

نُوضِّح هذا بالأمثلة:

"الأصول لا يحجبهم إلا أصولٌ" يعني: الجد مَن الذي يحجبه؟

الأب.

طيب، والجدُّ البعيد: أبو أبي الأب يحجبه أبو الأب، ويحجبه أيضًا الأب.

الجدَّة مَن التي تحجبها؟

الأمُّ.

هذا تطبيقٌ للقاعدة: الأصول لا يحجبهم إلا أصولٌ.

طيب، لو وُجِدَ: جدٌّ، وابنٌ، هل الابن يحجب الجدَّ؟

ما يحجبه.

إذن لا يُحْجَب الجدُّ إلا في حالةٍ واحدةٍ؛ يُحْجَب بالأب، فالأصول لا يحجبهم إلا أصولٌ.

طيب، والفروع لا يحجبهم إلا فروعٌ أيضًا.

ابن الابن يحجبه مَن؟

الابن.

وابن ابن الابن يحجبه ابن الابن والابن، لكن هل ابن الابن يحجبه الجدُّ؟

لا يحجبه.

هل يحجبه الأخ؟

ما يحجبه.

ما يحجبه أيُّ وارثٍ آخر.

إذن الأصول لا يحجبهم إلا أصولٌ، والفروع لا يحجبهم إلا فروعٌ.

الحواشي

ما معنى الحواشي؟

هم الإخوة والأعمام وبنوهم.

هؤلاء يحجبهم أصولٌ وفروعٌ وحواشٍ.

مثلًا: الإخوة عمومًا يحجبهم الابن وابن الابن.

"لا إرثَ للحواشي مع ذَكَر الفروع" هذه قاعدةٌ أخرى.

إذا وجدتَ فرعًا وارثًا ذَكَرًا فلا تنظر للحواشي: لا الإخوة، ولا بنوهم، ولا الأعمام، ولا بنوهم مطلقًا.

إذن الحواشي يحجبهم فروعٌ.

طيب، هل الحواشي يحجبهم أصولٌ؟

الأب يحجب الحواشي بالإجماع، ويمكن أن نضعها قاعدةً: "لا إرثَ للحواشي مع الأب"، وهذا بالإجماع.

إذا وجدتَ في مسألةٍ أبًا فلا تنظر للإخوة، ولا لِبَنِيهم، ولا للأعمام، ولا لِبَنِيهم مطلقًا.

تَرِد مسألةٌ هي: الجدُّ مع الإخوة.

هل الجدُّ كالأب يحجب الإخوة أم لا؟

هذه مسألةٌ خلافيةٌ، وإن شاء الله سنتكلم عنها بالتَّفصيل في درس غدٍ -بإذن الله تعالى- نذكر الخلاف، ونُبَيِّن القول الراجح فيها، إن شاء الله.

إذن إذا أردنا أن نُعَدِّل القاعدة التي ذكرناها قبل قليلٍ قلنا: لا إرثَ للحواشي مع ذَكَر الفروع، ولا إرثَ للحواشي مع الأب.

أو إذا أردنا أن نقول: إنَّ الجدَّ كالأب على القول الراجح، مع ذَكَر الأصول على القول الراجح.

لا تُذْكَر الحواشي مع ذَكَر الفروع، ولا مع ذَكَر الأصول على القول الراجح.

وإن شئتَ: لا إرثَ للحواشي مع ذَكَر الفروع، ولا مع الأب.

الإخوة لأمٍّ هل يرثون مع وجود الفرع الوارث؟

لا يرث الإخوة لأمٍّ مع الفرع الوارث حتى لو كان أنثى.

الإخوة لأمٍّ لا يرثون مع الفرع الوارث، ذَكَرًا كان أو أنثى.

طيب، هل يرث الإخوة لأمٍّ مع الأصول؟

لا يرثون مع الأب بالإجماع.

هل يرثون مع الجدِّ؟

أيضًا لا يرثون مع الجدِّ بالإجماع.

خلاف الإخوة مع الجدِّ إنَّما هو الإخوة الأشقَّاء أو لأبٍ فقط.

طيب، هل يمكن للحواشي أن يحجب بعضهم بعضًا؟

نعم.

الأخ الشقيق يحجب الأخ لأبٍ.

العم الشقيق يحجب العم لأبٍ.

الأخ لأبٍ يحجب العم الشقيق.

هذا معنى قولنا: والحواشي يحجبهم أصولٌ وفروعٌ وحواشٍ.

فهذه القاعدة إذن مُطَّردةٌ، لا يَرِد عليها أيُّ استثناءٍ، وتتفرع منها قواعد صغيرةٌ أشرتُ إليها.

القاعدة الثانية: كل مَن أدلى بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة.

أولًا: نُوضِّح معنى القاعدة:

"كل مَن أدلى بواسطةٍ" يعني: بينه وبين الميت واسطةٌ، فإنَّ هذه الواسطة تحجبه من الميراث.

مثلًا: ابن الابن، ما واسطته للميت؟

الابن، فإذا وُجِدَ الابن يحجب ابن الابن.

أمُّ الأمِّ واسطتها للميت الأم، فإذا وُجِدَت الأمُّ لا ترث أمُّ الأمِّ شيئًا.

أبو الأب واسطته الأب، فإذا وُجِدَ الأب لا يرث أبو الأب شيئًا.

لكن هل هذه القاعدة مُطَّردةٌ أو يدخل عليها استثناءٌ؟

قال الفرضيُّون: تُستثنى منها مسألتان:

المسألة الأولى: الإخوة لأمٍّ مع الأمِّ؛ فإنَّ الإخوة لأمٍّ يُدْلُون للميت بالأمِّ، ومع ذلك يرثون في وجود الأمِّ، فلم تتحقق القاعدة: "مَن أدلى بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة"؛ لأنَّ الإخوة لأمٍّ واسطتهم الأم، ومع ذلك يرثون معها، فلا تحجبهم الأمُّ.

إذن هذا الاستثناء الأول من القاعدة.

الاستثناء الثاني: أمُّ الأب تُدْلِي للميت بمَن؟

بالأب، ومع ذلك ترث معه، لا يحجبها.

فهذا أيضًا استثناءٌ آخر على قاعدة: "مَن أدلى للميت بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة".

إذن نقول: هذه القاعدة قاعدةٌ صحيحةٌ: "مَن أدلى للميت بواسطةٍ حجبته تلك الواسطة" إلَّا أنَّه تُستثنى منها مسألتان:

المسألة الأولى: الإخوة لأمٍّ مع الأمِّ، فإنَّهم يرثون معها، مع كونهم يُدْلُون بها.

والمسألة الثانية: أمُّ الأب مع الأب، فإنَّها ترث مع الأب، مع كونها تُدْلِي به.

القاعدة الثالثة: إذا اجتمع عاصبان فأكثر قُدِّم الأسبق جهةً.

هذه طبعًا مَرَّتْ معنا، لكن نذكرها هنا من باب التَّأكيد.

إذا اجتمع عاصبان فأكثر قُدِّم الأسبق جهةً، فإن استَوَيَا قُدِّم الأقرب درجةً، فإن استَوَيَا قُدِّم الأقوى.

"إذا اجتمع عاصبان فأكثر قُدِّم الأسبق جهةً" قلنا قبل قليلٍ: مثلًا: أخٌ، وعمٌّ؛ أخٌ شقيقٌ أو لأبٍ، مع عمٍّ شقيقٍ أو عمٍّ لأبٍ، فكيف تكون القسمة؟

المال كله للأخ الشقيق أو لأبٍ، والعمُّ لا يأخذ شيئًا؛ لأنَّ جهة الأخوة مُقدَّمةٌ على جهة العمومة.

هذا معنى قوله: "الأسبق جهةً"، إذا اجتمع عاصبان فأكثر قُدِّم الأسبق جهةً.

طيب، إن استويا في الجهة قُدِّم الأقرب درجةً.

مثلًا: ابنٌ، وابن ابنٍ. جهةٌ واحدةٌ، وهي البُنوة، لكنَّ الابن أقرب درجةً من ابن الابن فيُقدَّم.

طيب، فإن استَوَيَا -يعني: في الجهة والدرجة- قُدِّم الأقوى، مثل: أخٍ شقيقٍ، وأخٍ لأبٍ. الجهة واحدةٌ، وهي جهة الأُخوة، والدَّرجة واحدةٌ، يُدْلِيَان للميت بدرجةٍ واحدةٍ، لكنَّ الأخ الشقيق أقوى من الأخ لأبٍ؛ فيُقدَّم في الإرث.

أقسام الورثة بالنسبة لحجب الحرمان

نختم هذا الدرس بأقسام الورثة بالنسبة لحجب الحرمان، ينقسمون إلى أربعة أقسامٍ:

  • القسم الأول: الذين يَحْجُبون، ولا يُحْجَبون، وهم: الأبوان والولدان؛ الأب والأمّ، والابن والبنت، هؤلاء هم أقوى الورثة؛ ولذلك يَحْجُبون، ولا يُحْجَبون.
  • القسم الثاني: الذين يُحْجَبون، ولا يَحْجُبون، وهم الإخوة لأمٍّ يُحْجَبون، كما لو -مثلًا- وُجِدَ فرعٌ وارثٌ للميت، أو وُجِدَ أصلٌ، فهم يُحْجَبون، ولا يَحْجُبون؛ ما يَحْجُبون غيرهم، مُسالمون، هم الإخوة لأمٍّ.
    والمقصود هنا حجب حرمانٍ، وإلَّا فقد يَحْجُبون الأمَّ حجب نُقصانٍ.
  • القسم الثالث: الذين لا يَحْجُبون، ولا يُحْجَبون، مُسالمون، لا لهم، ولا عليهم، لا يتعرَّضون لأحدٍ، لا يَحْجُبون، ولا يُحْجَبون، مَن هم؟
    الزوجان، مُسالمان، لا يَحْجُبان، ولا يُحْجَبان.
  • القسم الرابع: الذين يَحْجُبون ويُحْجَبون، وهم بقية الورثة.

يعني: هذا من باب مزيد التوضيح، وإلَّا فالمُتمرِّس في الفرائض لا يحتاج لهذا، لكن هذا من باب مزيد التوضيح لما سبق.

بهذا نكون قد انتهينا من أحكام الحَجْب، وتبقى معنا في فقه الفرائض مسألتان يُفْرِدهما الفَرَضِيُّون بالذِّكْر لأهميتهما، وإن كانت هاتان المسألتان تدخلان فيما سبق، وهما: المسألة المُشَرَّكَة، وميراث الجدِّ مع الإخوة.

هاتان المسألتان سنفتتح بهما الدرس القادم -إن شاء الله- ثم ننتقل لحساب الفرائض من الكتاب الذي بين أيديكم.

فإن شاء الله غدًا سنفتتح بالمُشَرَّكة، ثم ميراث الإخوة مع الجدِّ، ثم ننتهي من فقه المواريث وننتقل لحساب المواريث، بإذن الله تعالى.

والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

^1 رواه مسلم: 2699.
^2 رواه أبو داود: 4607، والترمذي: 2676 وقال: حسنٌ صحيحٌ.
^3 رواه البخاري: 2858، ومسلم: 2225.
^4 رواه البخاري: 5754، ومسلم: 2223.
^5 رواه البخاري: 6732، ومسلم: 1615.
^6, ^8 متن "الرَّحبية" لمحمد بن علي الرحبي: ص3.
^7 رواه البخاري: 1493، ومسلم: 1504.
zh