الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أسأل الله تعالى أن يتقبَّل صلاتنا، ويستجيب دعواتنا، ويستعملنا جميعًا في طاعته، وأن يُوفِّقنا لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال.
أيها الإخوة، نحن الآن في موسمٍ من مواسم التجارة مع الله في الأعمال الصالحة، في شهر رمضان، هذا الموسم العظيم الذي تضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتُكفَّر فيه الخطايا والسيئات، وقد قارب هذا الشهر الانتصاف، فاجتهدوا رحمكم الله فيما تبقى من أيام هذا الشهر.
أيها الإخوة، الإنسان خُلِق لعبادة الله ، هذا هو الغرض من خلق الإنسان: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، ما خلقنا الله إلا لعبادته وطاعته، وجعل هذه الدار دار تكليفٍ، والدار الآخرة هي دار الجزاء والحساب، وأرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وأنذر وأعذر، وأقام الحجة على عباده، يعيش الإنسان ما كتب الله تعالى له في هذه الدنيا أن يعيش، ثم بعد ذلك يأتيه الأجل الذي كُتب له، والعجيب: أن هذا الأجل يأتي فجأةً! يأتي الإنسان فجأةً، يُصبح الإنسان معافًى صحيحًا، ما خطر بباله الموت، ولا بنسبة (1%)، ويُمسِي في عِداد الأموات، في لحظاتٍ ينتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، في لحظاتٍ ينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء والحساب.
فإذا حانت ساعة النُّقلة ولقاء الله ؛ يرى الإنسان الدنيا على حقيقتها، ويعرف أن هذه الحياة لا تستحق من الإنسان كل هذا العناء، كل هذا النَّصَب، كل هذا الشقاء، كل هذا التعب، وإنما هي متاع الغرور، كراكبٍ استظل تحت شجرةٍ ثم راح وتركها، ويرى الإنسان بعد مماته أن كل شيءٍ مرتبٌ على ما عَمل في الدنيا، وأن كل ما عمل في الدنيا أحصاه الله إحصاءً دقيقًا، يبقى في فترة البرزخ ما شاء الله إلى قيام الساعة، ويكون إما في نعيمٍ أو في عذابٍ، وقد دلت الأدلة المتواترة على إثبات نعيم القبر وعذابه، ولكن ظاهر الأدلة: أن من كان في القبر لا يشعر بمرور الزمن، فهو كالنائم قد يرى ما يسُره وما يحزنه، وينعَّم أو يعذب، لكنه لا يشعر بمرور الوقت، فيتفاجأ بقيام الساعة، فتقوم الساعة ويُبعث الناس من قبورهم، يُحشر الناس من قبورهم حُفاةً عُراةً كما ولدتهم أمهاتهم، غُرْلًا -يعني غير مختونين- يعود لهم حتى الختان، وتُمَدُّ هذه الأرض التي نعيش عليها الآن، تُبَدَّل ويكون تبديلها بأن تُمَدَّ، هي الآن كُرويةٌ، يوم القيامة تُمَدُّ كالأديم، كالبساط: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ [الإنشقاق:3-4]، وتُنسَف الجبال وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا [طه:105-107]، تصوَّر هذه الأعداد الهائلة العظيمة منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة، كم ستكون أعداد الناس؟! الآن سكان الأرض الأحياء يزيدون على سبعة ملياراتٍ، فكم عددهم منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة؟!
يجتمع هؤلاء، هؤلاء البشر يجتمعون في موقفٍ عظيمٍ مهيبٍ، وأيضًا يُحشَر معهم الجن، فإن الجن مكلفون مع الناس، وكذلك أيضًا الوحوش والطير والحيوانات، كلها تحشر، وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5]، ويبقى الناس يموجون في الموقف، يرى الإنسان أمه وأباه، وأخته وأخاه، وزوجته وبَنِيه، ويفِرُّ منهم فرارًا، يُبَصَّرُونَهُمْ يُبَصَّر الإنسان أقاربه وأحبابه الذين كان يحبهم في الدنيا، لكنه في ذلك الموقف يفِرُّ منهم، لماذا؟ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:37]، كلٌّ مشغولٌ بنفسه، كلٌّ يقول: نفسي نفسي، وتدنو الشمس من الخلائق حتى تكون على قدر مِيلٍ، وينالهم من الغم والكرب ما لا يُطيقونه ولا يحتملونه، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ، أتدرون كم مقدار يوم القيامة؟ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4].
سبحان الله! كم عمر الإنسان في هذه الدنيا؟ ستون، سبعون، مئة سنةٍ، كم نِسبتها إلى خمسين ألف سنةٍ؟ يومٌ طويلٌ جدًّا، يومٌ ثقيلٌ، يومٌ عسيرٌ على الكافرين، هذا اليوم يجعل الولدان شيبًا، أرأيت الإنسان المولود؟ يشيب من أهوال القيامة، ويحصُل الندم والحسرات؛ ولذلك سمَّاه الله :يَوْمَ الْحَسْرَةِ [مريم:39]، ويحصُل فيه الغبن، الغم، الغبن يذكره الفقهاء في خيار الغبن، عندما يشتري الإنسان سلعةً مثلًا قيمتها عشرةٌ، يشتريها بمئةٍ، يكون قد غُبن بالشراء، أو سلعةً قيمتها مئةٌ يبيعها بعشرةٍ، يقال: قد غُبِن في البيع، لكن هذا ليس غبنًا حقيقيًّا، الغَبن الحقيقي يوم القيامة، الذي سماه الله يوم التغابن، عندما يأتي أناسٌ بحسناتٍ كأمثال الجبال، جمعوها بصلواتٍ وصيامٍ وعباداتٍ، ويأتي أناسٌ وقد فرَّطوا، ضاع عليهم العمر في لهوٍ وفي غفلةٍ، فيُصاب أولئك الذين فرَّطوا بالغبن، هذا اليوم الطويل جدًّا يمل الناس منه، حتى أهل النار يملون، مع أنهم يعرفون أنهم سيدخلون النار، لكن الكل يمل ويسأم، يصيبهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، بعد خمسةٍ وعشرين ألف سنةٍ يقول البشر بعضهم لبعض: نبحث عمن يشفع لنا عند الرب ، جاء في بعض الآثار أنه بعد خمسةٍ وعشرين ألف عامٍ يقولون: نبحث عمن يشفع لنا عند الرب سبحانه، في ماذا؟ في أن يفصل ويقضي بين العباد، فيقولون: ما لنا إلا الأنبياء والرسل، يأتون إلى آدم ، يقولون: هذا آدم أبو البشر، فيقولون: يا آدم، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، ألا ترى ما نحن فيه؟! ألا تشفع لنا عند ربك؟! فيعتذر ويقول: نفسي نفسي، قالوا: إلى أين نذهب؟ ألا ترى ما نحن فيه؟! قال: اذهبوا إلى نوحٍ، فيذهبون إلى نوحٍ فيعتذر، يقول: نفسي نفسي، يقولون: إلى من نذهب؟ ألا ترى ما نحن فيه؟! يقول: اذهبوا إلى إبراهيم، فيذهبون إلى إبراهيم فيعتذر، يقول: نفسي نفسي، يقولون: ألا ترى ما نحن فيه؟! إلى أين نذهب؟ فيقول: اذهبوا إلى موسى، فيذهبون إلى موسى فيعتذر ويقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، يقولون: إلى أين نذهب؟ ألا ترى ما نحن فيه؟! ألا ترى ما قد بلغنا؟! فيقول: اذهبوا إلى عيسى، فيذهبون إلى عيسى ، ويقول: نفسي نفسي، ويعتذر، ويقولون: ألا ترى ما نحن فيه؟! ألا ترى ما قد بلغنا؟! فيقول: اذهبوا إلى محمدٍ، عليهم الصلاة والسلام جميعًا، الرسل كلٌّ يقول: نفسي نفسي، فإذا أتوا إلى محمد بن عبدالله لا يقول: نفسي نفسي، يقول: أنا لها، أنا لها، فيذهب ويسجد تحت العرش، ويفتح الله عليه من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا عظيمًا في الثناء على الله وحمده وتمجيده، ثم يقول الله له: يا محمد، ارفع رأسك، وسَلْ تُعْطَ، واشفع تُشَفَّع، فيشفع في الفصل والقضاء بين العباد، ويقبل الله شفاعته [1].
إذا رفع رأسه ماذا يقول؟ كلٌّ يقول: نفسي نفسي، حتى أولو العزم من الرسل، إلا هذا النبي العظيم ، يقول: أمتي أمتي، فصلوات الله وسلامه عليه، ما أعظمه وما أكرمه! كلٌّ يقول: نفسي نفسي، إلا هذا النبي، يقول يا رب أمتي، يا رب أمتي! فيقول الله له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك [2].
فجزاه الله تعالى عنّا وعن أمته خير الجزاء، لقد بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فصلوات الله وسلامه عليه.
فيَقبل الله شفاعته، فتُنصب الموازين، وتُنشر الدواوين، ويعطى كل إنسانٍ كتابه، إن كان من أهل الجنة؛ أُعطي كتابه بيمينه، وإن كان من أهل النار؛ بشماله أو من وراء ظهره، هذا الكتاب كتابٌ عجيبٌ، كُتب فيه كل شيءٍ عملته في الدنيا، ولذلك يتعجَّب المجرمون منه، وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ، وَوُضِعَ الْكِتَابُ يعني: كتاب الأعمال، فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، يقال للإنسان: هذا كتابك، إذا أنكر شيئًا، قال: لا أعرف هذا؛ أمر الله جوارحه أن تنطق، فينطق لسانه، وينطق بصره، وينطق سمعه، وتنطق يداه، وتنطق رجلاه، وينطق حتى الجلد: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [فصلت:21]، هذه الأعضاء الستة كلها تنطق، هل سيكون له حجةٌ بعد ذلك؟ كلها تنطق، تقول: عملت كذا وكذا، ثم بعد ذلك يُؤتى بالمَلَك -القرين الذي كان يقوم بكتابة الأعمال- يشهد عليه: وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ [ق:23]، يشهد عليه، ثم أيضًا تشهد عليه الأرض التي عمل عليها، تقول: يا رب، عمل عليَّ كذا وكذا يوم كذا وكذا، لا تقل: كيف؟! الله على كل شيءٍ قديرٌ، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [الزلزلة: 4-5]، جاء في تفسيرها: أنها تشهد على كل عبدٍ وأَمَةٍ بما عمل عليها، كل هؤلاء الشهود يجتمعون على ابن آدم.
ثم يكون الميزان، ولكل واحدٍ ميزانه، تُجمع أعمال الإنسان التي عملها في الدنيا، تُوضع الحسنات في كفةٍ، والسيئات في كفةٍ، إن رجحت كفة الحسنات؛ كان من أهل الجنة، إن رجحت كفة السيئات؛ كان من أهل النار، إلا أن يعفو الله عنه، فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ [القارعة:6-11].
والقسمة المنطقية العقلية تقول: هناك قسمٌ ثالثٌ، وهم قومٌ تتساوى حسناتهم وسيئاتهم، يعني: لا تزيد كفة الحسنات ولا بحسنةٍ واحدةٍ، ولا تزيد كفة السيئات ولا بسيئةٍ واحدةٍ، هؤلاء هم أهل الأعراف، يُوقفون في مكانٍ بين الجنة والنار، ثم تكون نهايتهم إلى الجنة برحمة أرحم الراحمين، من تمام عدل الله تعالى: أن أهل الأعراف لا يكونون مثل أهل الجنة، يدخلون الجنة مباشرةً كأهل الجنة، وإنما يُحبسون حتى يدخل أهل الجنة الجنة، ثم يدخلون الجنة بعد ذلك.
هذه هي النتيجة العامة، ثم هناك نتيجةٌ تفصيليةٌ، الجنة درجاتٌ، وبين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فكلٌّ يدخل درجته -مكانه من الجنة- بحسب عمله، والنار أيضًا دركاتٌ، فأهل النار كلٌّ يدخل مكانه في النار بحسب أيضًا عمله، فكل شيءٍ بعد وفاة الإنسان مرتَّبٌ على ما عمل في الدنيا.
وبعدما يستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار؛ يُؤتى بالموت على صورة كبشٍ أملح، يقال: يا أهل الجنة، أتعرفون هذا؟ يقولون: نعم، هو الموت، يقال: يا أهل النار، أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هو الموت، فيُذبح في مكانٍ بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة، خلودٌ فلا موت، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موت، فيُسَرُّ أهل الجنة ويفرحون، ويتحسر أهل النار، هذه هي نهاية البشرية: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7].
نحن الآن في هذه المرحلة، أهم مرحلةٍ؛ مرحلة العمل، على مقدار ما تعمله في الدنيا؛ يكون مصيرك يوم القيامة؛ ولذلك -أيها الإخوة- الكنز الحقيقي: هو العمل الصالح، هو الذي تغتبط به وتُسَرُّ به حيًّا وميتًا، واللهِ ما ينفع الإنسانَ بعد مماته لا مالٌ ولا أهلٌ ولا بنون، ولا أي شيءٍ، إلا عمله الصالح، لا ينفعك إلا عملك الصالح، حتى أحب الناس إليك في الدنيا يوم القيامة تفر منه، لا ينفعك إلا عملك.
فنحن الآن -أيها الأحياء- في دارٍ يتمنَّاها الأموات، باب العمل مفتوحٌ، باب التوبة مفتوحٌ، اعمل، تُبْ إلى الله، أنِبْ إلى الله، تدارك ما تبقى من العمر، ولكن بعض الناس -أيها الإخوة- يعيش في بحر الأمنيات، يتمنى ويتمنى؛ يتمنى الاستقامة، ويتمنى المحافظة على الصلوات، ويبقى يعيش يتمنى ويتمنى إلى أن يموت؛ ولذلك يقول بعض السلف: أكثر صياح أهل النار من “سوف”؛ سوف أعمل، سوف أتوب، سوف أستقيم، سوف أحافظ على الصلاة، ويبقى يُسَوِّف ويُسَوِّف ويُسَوِّف إلى أن يموت.
ابدأ من الآن، من الآن يتوب الإنسان إلى ربه، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، يتدارك الإنسان ما تبقى من عمره بالتوبة النصوح، بالاستقامة على طاعة الله ، لا يُسَوِّف، لا يُؤجِّل، فإن الحياة فرصةٌ واحدةٌ، غير قابلةٍ للتعويض، الإنسان قد يفشل في أي أمرٍ من أمور الدنيا، قد يفشل في صفقةٍ تجاريةٍ لكن يُعوِّض، قد يرسب في الاختبار لكن يُعوِّض، أمور الدنيا كلها قابلةٌ للتعويض، لكن حياتك فرصةٌ واحدةٌ غير قابلةٍ للتعويض، إن نجحت في هذا الاختبار العظيم الذي نعيشه الآن؛ سعدت السعادة الأبدية، وإن فشلت في هذا الاختبار؛ فقد خسرت كل شيءٍ حتى نفسك، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ [المؤمنون:103]، مهما حقق الإنسان من نجاحاتٍ في الدنيا؛ من أموالٍ، من منصبٍ، من ثراءٍ، من جاهٍ، إذا فشل في علاقته بربه؛ فهو الخاسر وهو الفاشل.
فينبغي -أيها الإخوة- أن نتخذ من هذا الموسم الذي نعيشه الآن فرصةً للتوبة الصادقة، والإنابة إلى الله ، وتدارُك ما تبقَّى من العمر، أسأل الله تعالى أن يستعملنا وإياكم في طاعته، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يبارك لنا في شهر رمضان، وأن يعيننا على إتمام صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه.
الأسئلةالسؤال: هذا سائلٌ يقول: ما حكم قراءة سورة الفاتحة مع الإمام في الصلاة الجهرية، خصوصًا في التراويح؟
الجواب: قراءة المأموم سورة الفاتحة فيما جهر فيه الإمام غير واجبةٍ، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وأكثر أهل العلم، ولم يقل بوجوبها سوى الشافعية، والقول الراجح: ما عليه أكثر أهل العلم؛ لأن قراءة الإمام قراءةٌ للمأموم، لكن يجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة فيما لم يجهر فيه الإمام، يعني مثلًا في الركعة الثالثة والرابعة، وفي صلاة الظهر، وفي صلاة العصر، في الصلاة السرية يجب عليه أن يقرأ الفاتحة، أما ما جهر فيه الإمام: فتكفي قراءة الإمام.
السؤال: ما العمل لو أن شخصًا فاتته بعض الركعات مع الإمام، ثم أراد شخصٌ أن يصلي معه فيجعله إمامًا؟
الجواب: لا بأس بهذا، وبذلك يكسب أجر الجماعة هذا المسبوق، لكن ينبغي ألا يتخذ هذا عادةً، يعني لو فعل أحيانًا؛ فلا بأس.
السؤال: العابد الذي قال لصاحبه: لا يغفر الله لك أبدًا، قال عنه النبي : “كلمة أوبقت دنياه وآخرته”، لماذا لم يعصمه الله من الوقوع في مثل هذا الخطأ رغم أنه عابدٌ؟
الجواب: من صدق مع الله؛ فإن الله تعالى يحفظ عليه دينه، لكن الإنسان إذا أتاه العُجْب، ويُعجَب بعمله، هذا يُخشى عليه من أن يحصل له مثل ما حصل لهذا الرجل، هذا الرجل قال على سبيل العُجب والفخر بعمله: والله لا يغفر الله لفلانٍ، قال الله: من ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان؟! غفرت له وأحبطت عملك [3].
والقائل كلمة أوبقت دنياه وآخرته ليس النبي ، كما ذكر الأخ السائل، وإنما القائل هو أبو هريرة ، فهذا الرجل يظهر أنه ليس عنده الاستقامة الكافية، لكن عنده تعبُّدٌ مع أيضًا عُجْبٍ، وهذا العُجْب يقود صاحبه لمثل هذه المواقف؛ ولذلك الإنسان لا يُعجب بعمله، مهما عمل؛ يرى أنه مقصِّرٌ، ويحرص على إخفاء العمل.
يا إخوة، هناك فرقٌ كبيرٌ بين العمل الذي يُخفيه صاحبه، والعمل الذي يجهر به؛ العمل الذي إذا جهر به الإنسان وأعلنه؛ انتقل من ديوان السِّر إلى ديوان العلانية، والفرق بينهما عظيمٌ، نحن الآن في هذا الزمن مع وجود الجوالات والتصوير ابتُلي بعض الناس بتصوير عباداتهم، يُصوِّرون كل شيءٍ، إذا اعتمر صور العمرة، إذا تصدق صور، إذا فطَّر الصائمين صور، إذنْ ماذا بقي من الأعمال التي تُخلِص فيها لله ؟! هذه قد تُؤدِّي إلى الرياء وتُحبط العمل.
على المسلم أن يحرص على إخفاء الأعمال الصالحة قدر المستطاع.
السؤال: اشتريت أرضًا بالتقسيط، ثم شرعت في بنائها بأقساطٍ…، وتم الانتهاء منها منذ ثلاث سنواتٍ، وأنا أقصد من البداية عرضها للبيع وأنتفع منها، والسؤال: كيف تكون زكاتها؟
الجواب: ما دمت تقصد بيعها، وجزمت بالبيع؛ فهي من عروض التجارة؛ فمعنى ذلك: أنك في نهاية كل سنةٍ تُقيِّم هذه الأرض بما عليها من بناءٍ وتُخرج ربع العشر؛ لأن نية البيع الجازمة جعلتها من عروض التجارة، أنت لا تريد الآن أن تبني عليها مسكنًا لتسكنه، ولا أن تبني عليها عقارًا لتأجيره، أنت تريد أن تُتاجر بها، فتأخذ حكم عروض التجارة، فتُقَيِّمها ولو كانت عظمًا قبل التشطيب، تُقيِّمها بحالتها كأنك تريد أن تبيعها، وتُخرج ربع العشر (2.5%) عن كل سنةٍ.
السؤال: ما الفرق بين صلاة الشروق والضحى؟
الجواب: صلاة الشروق، الإشراق -الصواب: صلاة الإشراق- هي صلاة الضحى في أول وقتها، ليس هناك صلاةٌ خاصةٌ اسمها: صلاة الشروق، هي صلاة الضحى في أول وقتها، والسنة إذا صلى الإنسان صلاة الفجر: أن يبقى في مصلاه حتى تطلع الشمس، كما كان النبي يفعل -وإن كان الحديث المروي: كان له أجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامةٍ [4] ضعيفًا- لكن ورد في “صحيح مسلمٍ” أن النبي كان إذا صلى صلاة الصبح بقي حتى تطلع الشمس حسناء [5].
فإذا بقي الإنسان في مصلاه حتى تطلع الشمس، إن انتظر إلى ما بعد الشروق بعشر دقائق، يعني زال وقت النهي؛ فيُمكن أن يصلي ركعتين ينويهما ركعتي الضحى في أول وقتها، والأفضل تأخير ركعتي الضحى إلى آخر وقتها؛ لقول النبي : صلاة الضحى حين تَرْمَضُ الفِصَال [6]، أي: حين تشتد الرمضاء.
السؤال: ما حكم خروج الريح أثناء صلاة الفريضة، وهل يبطلها؟
الجواب: نعم، خروج الريح يُبطل الصلاة بالإجماع، لكن لا بد أن تكون متيقنًا أو يغلب على ظنِّك ذلك، أما إذا كان مجرد شكٍّ؛ فلا تلتفت إلى هذا، وكذلك أيضًا من كان كثير الشكوك لا يلتفت لهذا ولو غلب على ظنه.
السؤال: ما الواجب على المسلم عند الفتن؟
الجواب: الواجب على المسلم أن يحفظ لسانه، وألا يخوض فيما ليس له به علمٌ؛ لأن الإنسان قد يتكلم بكلامٍ يُكتب عليه ويأثم به، قد يقع في ظلم أشخاصٍ، قد يقع في قذف أعراضٍ، قد يقع في سَبٍّ وشتمٍ، والفتن في أول أمرها لا تُعرف أحوالها إلا بعد انقضائها وانتهائها.
المطلوب من المسلم: أن يحفظ لسانه، ويحفظ أيضًا قلمه؛ لأن بعض الناس -خاصةً في وسائل التواصل الاجتماعي- يكتبون كتاباتٍ سيئةً، ربما يقعون بها في ظلم أشخاصٍ، أو يقعون بها في قذفٍ وفي سَبٍّ وفي شتمٍ، أو نحو ذلك، فيبُوءون بالإثم.
النبي لما ذكر المفلس؛ قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ، ويأتي بأعمالٍ صالحةٍ كثيرةٍ، لكن يأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا وقذف هذا، فيُؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته؛ أُخِذ من سيئاتهم فطُرحت عليه ثم طرح في النار [7]، هذا هو المفلس، ما أعظم مصيبته عند الله! يأتي يوم القيامة بأعمالٍ صالحةٍ جمعها من صلواتٍ وصيامٍ وصدقاتٍ، ثم يوم القيامة يُوزِّعها على الناس؛ هذا سَبَّه، هذا شتمه، هذا كذا، وتبدأ حسناته تتطاير منه وهو ينظر، هنا هذا هو المفلس حقيقةً، وربما تذهب حسناته كلها، فإذا ذهبت حسناته كلها؛ أُخذ من سيئاتهم، فطُرحت عليه ثم طرح في النار.
السؤال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [إبراهيم:48]، يُشير إلى أن الأرض التي نُحشَر عليها ليست هي الأرض الحالية؟
الجواب: هي الأرض الحالية لكنها تُبَدَّل، تُمدُّ، وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ [الإنشقاق:3-4]، فهي تُبَدَّل بالمَدِّ، يعني: هي الآن كرويةٌ، لكن يوم القيامة تُمَدُّ، وإذا مُدَّت؛ يستطيع الإنسان أن يرى البعيد، الآن ما تستطيع أن ترى البعيد؛ لأنها كرويةٌ، ما ترى البعيد، لكن إذا مُدَّت وكانت على مستوًى واحدٍ؛ تستطيع أن ترى البعيد؛ ولذلك حديث الشفاعة: يُسمعهم الداعي، ويَنفذهم البصر [8]، حتى الصوت يُسمع بسبب أن الأرض أصبحت ممدودةً ليست كرويةً.
السؤال: ما علاج الهموم؟
الجواب: علاج الهموم يكون أولًا بالتقوى، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجًا، مخرجًا من كل شيءٍ؛ من الهموم والغموم والمصائب والمتاعب والفقر، وكل شيءٍ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
وأيضًا من علاج الهموم: الاستعانة بالله ، يقول أنسٌ : كنت أخدم النبي ، فكنت أسمعه يُكثر من أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال [9]، أخرجه البخاري في “صحيحه”.
“فكنت أسمعه يُكثر”، هذا دليلٌ على أن هذا الدعاء كان النبي يُكثر منه، فهو من الأدعية العظيمة، احفظه وادْعُ به كل يومٍ: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال، فإن المكروه الوارد على القلب إن كان من أمرٍ مستقبَلٍ؛ أحدث همًّا، وإن كان عن أمرٍ مضى؛ أحدث حزنًا، وعدم فعل الخير إن كان ببدن الإنسان؛ فهذا هو العجز، وإن كان بعدم إرادته؛ فهذا هو الكسل، وعدم بذل الإنسان للآخرين إن كان بماله؛ فهذا هو البخل، وإن كان ببدنه؛ فهذا هو الجبن، واستيلاء الآخرين على مال الإنسان إن كان بحقٍّ؛ فهذا هو غلبة الدين، وإن كان بغير حقٍّ؛ فهو قهر الرجال، فانظر إلى هذا الدعاء العظيم الجامع، كيف جمع هذه الأمور الثمانية!
أيضًا مما يُعالَج به الهم: أن يرفع الإنسان مستوى الصبر لديه، بعض الناس عنده قلة صبرٍ وجزعٌ، يخاف من كل شيءٍ، عنده مستوى خوفٍ كبيرٍ، وهذا الخوف يُسبِّب له القلق، يُسبِّب له الهموم، لكن يَصبر الإنسان، يَرفع مستوى الصبر، وأيضًا يرفع مستوى التوكل على الله ، يتعلَّق قلبه بالله ، ويقول: ما قدره الله سيكون؛ فلا داعي للقلق والهم والحزن، ما قدره الله سيكون، فيرفع لديه مستوى الصبر والتوكل على الله ، وهذا مما تزول به الهموم والمصائب.
السؤال: على القنوات الفضائية هناك من يتصدى للفتاوى، ويطرح أقوالًا تُخالف ما تعلمناه من مشايخنا؛ مثل إباحة الموسيقى، وأيضًا التصالح مع المبتدعة، ونحو ذلك؟
الجواب: للسلف الصالح مقولةٌ عظيمةٌ، يقولون: “إن هذا العلم دينٌ، فانظروا عمن تأخذون دينكم”، الفتاوى هي من العلم، والعلم هذا دينٌ، لا تأخذه من أي أحدٍ، فليس كل من تصدَّر على قناةٍ فضائيةٍ يكون إنسانًا موثوقًا به وبفتاواه، الإنسان لا يأخذ فتاواه من كل من هب ودب، لا يأخذ الفتاوى والعلم إلا من إنسانٍ معروفٍ مزكًّى من أهل العلم، موثوقٍ في دينه وعلمه وأمانته، وزكَّاه أهل العلم الكبار، وأقرُّوه على فتاواه، وأثنوا عليه، هذا هو الذي يُؤخذ منه العلم، أما أن يأتي إنسانٌ ويَظهر في قناةٍ فضائيةٍ ويُفتي، ويجد من يسمع له! ينبغي ألا يكون عند الإنسان غفلةٌ، وإنما لا يأخذ الفتاوى إلا من الثقات؛ فمثلًا -كما ذكر الأخ- السائل: من يُبيح الأغاني، أجمع العلماء على تحريم الأغاني، هذا محل إجماعٍ من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لكن من أتى بعدهم وقال بإحتها هو قولٌ شاذٌّ، والنصوص على تحريمها كثيرةٌ، الله تعالى يقول: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [لقمان:6]، وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا [لقمان:7]، فسَّر ابن مسعودٍ لَهْوَ الْحَدِيثِ بالغناء، ويقول عليه الصلاة والسلام، والحديث في “صحيح البخاري”: لَيكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون يعني: يفعلون فعل الحلال، المستحل، الحِرَ والحرير، والخمر والمعازف [10]، والحِرَ يعني: الزنا، والمعازف: هي آلات اللهو والطرب والأغاني.
فإذنْ لا يأخذ الإنسان فتاواه إلا ممن كان موثوقًا فيه، ومن كان مزكًّى من أهل العلم.
السؤال: هل يجوز أخذ العمرة عن شخصٍ ليس متوفًّى، ولكن حالَ المرضُ بينه وبين العمرة؟
الجواب: نعم، لا بأس، إذا كان هذا الإنسان عاجزًا لمرضٍ أو لكبرٍ؛ لا بأس أن يُعتمر عنه بإذنه، وكذلك يجوز أخذ العمرة عن الميت.
السؤال: توجيهٌ لمن يحضر إلى الصلاة وقد أكل البصل أو الثوم؟
الجواب: أقول: إن هذا فيه أذيةٌ لإخوانك المسلمين، إذا أكلت البصل أو الثوم؛ فلا تُصَلِّ في المسجد، النبي يقول: من أكل بصلًا أو ثومًا؛ فلا يقربن مساجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم [11].
ينبغي للإنسان أن يحترم مشاعر إخوانه المسلمين، لا يأتي بالروائح الكريهة، حتى غير البصل والثوم، الروائح الكريهة ينبغي أن يجتنبها إذا أراد أن يأتي إلى المسجد، أما أن يأتي بالبصل والثوم والروائح الكريهة ويُؤذي المصلِّين، وربما يتسبب في تفويت الخشوع عليهم؛ فهذا لا يليق بالمسلم.
ومن كان محتاجًا لأكل البصل والثوم، يوجد الآن في الصيدليات مزيلٌ لرائحة البصل والثوم، يمكن بعدما يأكل البصل أو الثوم أن يستخدم هذا المزيل؛ حتى لا يُؤذي إخوانه المصلين.
السؤال: هل يجوز لي أن أذهب إلى المسجد الذي أرتاح له ويزيد خشوعي، وإن كان بعيدًا عن منزلي؟
الجواب: نعم، لا بأس، لا بأس أن تختار المسجد الذي تخشع فيه أكثر، وترتاح فيه لقراءة الإمام، وتتدبر القرآن أكثر، فالأمر في هذا واسعٌ والحمد لله.
السؤال: عروض التجارة، يسأل عنها؟
الجواب: عروض التجارة تجب فيها الزكاة بالإجماع، وهي كل ما أعدَّه الإنسان للتجارة من بيعٍ وشراءٍ؛ فمثلًا: لو كان عندك دكانٌ، محل ملابس، محل جوالاتٍ، أي محلٍ من المحلات التجارية، هذه عروض تجارةٍ، تُقيِّمها عند تمام الحول، وتنظر كم قيمتها، وتُخرج ربع العشر (2.5%).
السؤال: كيف نُحقِّق المراد من الصيام والتقوى رغم كثرة الفتن؟
الجواب: يحرص المسلم على ترتيب وتنظيم وقته، لا يكون الإنسان فوضويًّا، بعض الناس عنده فوضويةٌ، إن كان عنده وقتٌ؛ قرأ القرآن، ما عنده وقتٌ؛ ما يقرأ، ينبغي أن يُرتِّب الإنسان وقته، يكون مرتبًا، فأولًا: يُحافظ على الصلاة، الصلاة -يا إخوان- هي عمود دين الإسلام، من حافظ على الصلاة؛ حفظ دينه، ومن ضيَّع الصلاة؛ فهو لما سواها أضيَع، حافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد، وحافظ على فريضة الصيام، كل معصيةٍ تقع من الصائم تخدش في أجر الصيام، تنقص من أجر الصيام، وإذا كثرت؛ قد لا يؤجر الإنسان على صيامه، ويصل للمرحلة التي ذكرها النبي بقوله: من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه [12]، أخرجه البخاري في “صحيحه”.
ثم بعد ذلك يستكثر من النوافل، حافظ على صلاة التراويح، صلاة التراويح إذا صليتها مع الإمام كاملةً يُكتب لك أجر قيام ليلةٍ كاملةٍ: من قام مع الإمام حتى ينصرف؛ كُتب له قيام ليلةٍ [13]، وإذا حافظت على ذلك طِيلة شهر رمضان؛ تكون قد قمت جميع ليالي الشهر، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه [14].
وهكذا تلاوة القرآن، أكثِر من تلاوة القرآن، يوجد -يا إخوان- الآن أناسٌ أحياءٌ يُرزقون يختمون القرآن كل يومٍ، هذا توفيقٌ من الله ، هذا من فضل الله، وفضل الله يُؤتيه من يشاء، المهم أن يوجد لديك الهمة العالية، الهمة الرفيعة، لتحقيق التقوى والتزود بزاد التقوى.
السؤال: هذا يسأل عن الأغاني، حكمها، ومن حكى تحريمها؟
الجواب: الأغاني محرمةٌ، نُقل إجماع العلماء على ذلك، ذكرت الدليل من القرآن ومن السنة، ونجد أيضًا في الواقع..
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 7510، ومسلم: 193. |
---|---|
^2 | رواه مسلم: 202. |
^3 | رواه أبو داود: 4901، وأحمد: 8292. |
^4 | رواه الترمذي: 586. |
^5 | رواه مسلم: 670. |
^6 | رواه مسلم: 748. |
^7 | رواه مسلم: 2581، بنحوه. |
^8 | رواه البخاري: 4712، ومسلم: 194. |
^9 | رواه البخاري: 2893، بلفظ: وضلع الدين وغلبة الرجال. |
^10 | رواه البخاري: 5590. |
^11 | رواه البخاري: 5452، ومسلم: 564. |
^12 | رواه البخاري: 1903. |
^13 | رواه أبو داود: 1375، والترمذي: 806، والنسائي: 1364، وابن ماجه: 1327، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. |
^14 | رواه البخاري: 37، ومسلم: 759. |