عناصر المادة
- فضل مجالس الذكر
- استشعار عظمة الله تعالى
- الأسئلة:
- هل البكاء والحزن عند المصيبة ينافي الرضا بالقضاء؟
- حكم أبراج الحظ
- حكم ترك الصلاة تكاسلًا لا جحودًا
- الركعة تدرك بإدراك الإمام على هيئة الركوع
- هل يلزم المسافر الإتمام إذا صلى خلف المقيم؟
- هل للمسافر أن يصلي ركعتين خلف المقيم ثم يفارقه؟
- المسافة التي تُقصر فيها الصلاة
- فاتته الجماعة، فهل يصلي منفردًا أم يأتم بمتنفل؟
- دخل عليه الوقت في الحضر ثم سافر، فهل يقصر الصلاة؟
- هل تُشرع العمرة الرجبية؟
- دخل عليها رمضان وعليها أيام من رمضان الماضي، فماذا تعمل؟
- أثر الحقن على الصيام
- حكم هدايا البنوك لمن لديه حساب جارٍ في البنك
- حكم التعامل بالعملات الرقمية “بتكوين”
- هل يجوز وضع الزكاة أو الكفارة في مشاريع تفطير الصائمين؟
- طلاق الغضبان
- كيفية سداد الديون عند انخفاض قيمة العملة
- زكاة العقار
- هل تُقَوَّم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء؟
- ما حكم صلاة الجمعة للمسافر؟
- حكم أكل ذبائح أهل البدع العقدية
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية الجميع
- فضل الترديد خلف المؤذن
- ما يقال عند قول المؤذن: الصلاة خير من النوم؟
- ما حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت؟
- الاعتمار لأكثر من شخص في سفرة واحدة
- هل طلب العلم والدعوة إلى الله من الجهاد في سبيل الله؟
- صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
- الجمع بين الصلاتين للمرض
- حكم استقبال القبلة واستدبارها في البنيان
- حكم الجلوس للعزاء، وصنع الطعام لمن يأتي
- هل يكفي غسل الجمعة عن الوضوء؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله تعالى أن يجعل هذا المجلس من مجالس الذكر، أن يجعله مجلسًا مباركًا عامرًا بذكر الله ، شاهدًا لنا يوم نلقاه.
فضل مجالس الذكر
وهذه المجالس الإيمانية كل مسلم بحاجة لها، لو لم يكن له منها إلا الأجر والثواب لكفى، كيف وهو يحصل أجرًا وثوابًا، يحصل علمًا وفائدة، وتبصرًا في أمور دينه؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على التفقه في دين الله ، هذا الحرص على التفقه إذا وجد لدى الإنسان، دليل على أنه أريد بالإنسان الخير، والدليل لهذا قول النبي : من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين [1].
فينبغي أن تكثر مثل هذه المجالس، وأن يكثر روادها، فهي مجالس خير، تحفّها الملائكة، ويذكر الله تعالى المجتمعين فيها فيمن عنده، حتى إن الملائكة تقول وهي الملائكة السيارة الخاصة بالتماس مجالس الذكر: يا رب إن فيهم فلانًا ليس منهم، وإنما أتى لحاجة فجلس، فيقول الله: أشهدكم أني قد غفرت لهم، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم [2]، يعني: حتى هذا الذي ليس منهم، لكن جلس معهم شملته البركة: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
استشعار عظمة الله تعالى
وأما بالنسبة لما طرحه فضيلة الدكتور عادل -وفّقه الله- عن موضوع تعظيم الله هذا الموضوع موضوع في غاية الأهمية، كلما عظّم المسلم ربه كان لذلك الأثر العظيم على سلوكه، وعلى تعبده، وعلى جميع أموره؛ ولهذا يقول الله : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67] إذا عظّم الإنسان ربه، فإنه يخشى الله ، ويمتثل لأوامره، ويجتنب نواهيه، وكلما كان أكثر تعظيمًا لله كان أشد خشية لله ؛ ولذلك ينبغي أن نغرس في نفوسنا: أولًا: تعظيم الله فإن هذا التعظيم أثره عظيم جدًّا على النفس البشرية، عندما يستشعر الإنسان عمومًا بأنه مخلوق ضعيف في هذا الكون الفسيح، وأن هذه الأرض التي نعيش عليها بجبالها ووهادها وسهولها وجميع ما فيها هي بالنسبة لهذا الكون الفسيح كحبة رمل في صحراء شاسعة، بل إن هذه الأرض بالنسبة للمجموعة الشمسية مجرد كوكب صغير، والمجموعة الشمسية بالنسبة لمجرة درب التبانة جرم صغير جدًّا، ومجرة درب التبانة التي نعيش فيها الآن هي مجرة من بلايين المجرات في هذا الكون الفسيح، تسبح بحمد الله .
أخرج أبو داود في سننه بسند جيد أن النبي قال: أُذِن لي أن أُحدّث عن ملك من حملة العرش، ما بين أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة [3].
فإذا كانت هذه عظمة مخلوق، فكيف بعظمة الخالق؟! وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67] يطوي الله السماوات بيمينه، والأرض بشماله، ويقول: أنا الجبار، أين المتكبرون؟ [4].
فالله له من العظمة والجلال والكبرياء شيء عظيم، لا يخطر على البال، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ [الشورى:5] السماوات على شدتها وعظمتها وبهائها تكاد تتفطر، يعني تتشقق من فوقها؛ خوفًا وفَرَقًا من عظمة الرب ، فالله له من العظمة شيء عظيم، لا يمكن أن يحيط به العقل البشري المحدود، العقل البشري يا إخوان محدود جدًّا، لا يستطيع أن يحكم إلا على شيء يسير، من ظاهر عالم المادة، أما العوالم الأخرى ما يستطيع ما يحيط بها، حتى روح الإنسان التي بين جنبيه ما يعرف حقيقتها، روحك التي بين جنبيك ما هي؟ هل تعرف حقيقتها؟ أبدًا وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85] يعني: من عالم آخر ليس من عالم المادة الذي تعرفونه أيها البشر، إنما هو من عالم آخر لا تعرفونه، وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85] فإذا تأملت في عظيم خلق الله ، وبديع آياته، فإن هذا يورث التعظيم لله سبحانه، وخشية الله ، ويكون لهذا الأثر الكبير على عبادة الإنسان، وعلى سلوكه، وعلى صلاحه، وعلى استقامته، وكما يقول أحد السلف: “لا تجعل الله أهون الناظرين إليك” عندما تُكبّر في الصلاة تقول: الله أكبر، تذكر عظمة الرب سبحانه، وأنه أكبر من كل شيء، وأكبر من كل ما يخطر بالبال، هو العظيم الجليل جل وعلا، نحن البشر في هذه الأرض ما نحن إلا خلق ضعيف صغير في حجم خلق الله الأرض، الجنة التي أعدها الله للمتقين عرضها فقط ليس طولها عرضها عرض السماوات والأرض، ما بالك بطولها؟ وهي الجنة، فما بالك بخلق الله تعالى من غيرها؟
يقول النبي : أطّت السماء، وحق لها أن تئطّ، ما من موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته لله تعالى ساجدًا أو قائمًا [5] ويقول عن البيت المعمور: إنه يدخله كل يوم سبعون ألف من الملائكة لا يعودون إليه إلى يوم القيامة [6].
فالله العظيم إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو خلق الإنسان ليس لحاجته، والله تعالى غني عن طاعة الطائعين، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.
يقول في الحديث القدسي: يا عبادي، لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا [7] لكن من اهتدى فلنفسه، ومن ضل فعليها.
خلق الملائكة وهم لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ [التحريم:6]، ولما أراد أن يخلق البشر، قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة:30] وكان لله تعالى الحكمة البالغة في خلق البشر، من أبرز الحكم: ظهور آثار أسماء الله الحسنى، فالله تعالى من أسمائه الغفور، لو لم يخلق خلقًا تقع منهم الذنوب ويستغفرون، فيغفر لهم، فكيف يظهر أثر اسم الغفور؟ ومن أسمائه التواب لو لم يخلق خلقًا تقع منهم المعاصي ويتوبون، كيف يظهر أثر اسم التواب؟ وهكذا.
وأيضًا الله تعالى يحب أن يتخذ من عباده أنبياء وأولياء، وشهداء، وصالحين، والله يريد أيضًا أن يخلق خلقًا تظهر منهم العبودية الاختيارية، الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ليس عندهم شهوات، ولا يمكن أن تقع منهم المعصية أصلًا، بينما البشر تقع منهم المعاصي، فعندما يعبدون الله يعبدونه العبودية الاختيارية؛ لذلك يجزيهم الله تعالى الجزاء العظيم بالعطاء من عنده في الدنيا والآخرة، فلله تعالى الحكمة في خلق البشر، فإذا تأمل الإنسان في عظمة الرب سبحانه، وعظيم خلقه، وبديع صنعه وآياته، يزداد خشية لله سبحانه ويزداد تعظيمًا لله .
ينبغي إذًا أن نغرس تعظيم الله في نفوسنا، وأن نغرس تعظيم الله في أولادنا من بنين وبنات، وفي أهلنا، وفي أسرنا، وفي مجتمعنا، فإذا كان الإنسان معظمًا لله ، فهو على خير وإلى خير، لكن المصيبة عندما يضعف لديه التعظيم لله ؛ ولهذا قال نوح لقومه: مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا [نوح:13] عندما لا يبالي الإنسان بتصرفاته، ولا بأفعاله، ولا يبالي عن هذا الفعل حلال أو حرام، معنى ذلك أن تعظيم الله في نفسه أنه ضعيف، أو حتى عند بعض الناس منعدم، لكن المؤمن الذي يعظم الله يورث هذا مراقبة الله إذا أراد أن يقدم على معصية، فإنه يستشعر بأن الله تعالى مطلع عليه، إذا أراد أن يفعل طاعة يستشعر أن الله مطلع عليه، فينشط في تلك الطاعة، ويحتسب الأجر والثواب، وهكذا.
فهذا الموضوع الحقيقة موضوع مهم وطويل، لكن حسبي أني ذكرت إشارات حول هذا الموضوع الذي ينبغي أن نتواصى على طرحه، وأن نسعى لتحقيقه.
الأسئلة:
هل البكاء والحزن عند المصيبة ينافي الرضا بالقضاء؟
السؤال: هذا سائل يقول: نحن نعلم بأن من أركان الإيمان: الإيمان بالقضاء والقدر، فهل حزن المؤمن على مصيبة أصابته يعتبر اعتراضًا على الله وعلى قضائه وقدره، كونه يحزن هل يعتبر اعتراضًا؟
الجواب: مجرد الحزن الذي لا يصحبه كلام فيه اعتراض، ولا أفعال تنبئ عن اعتراض، فهذا لا يدل على الاعتراض على القضاء والقدر، وإنما هذا يتبعه جبلة الإنسان وطبيعة الإنسان، النبي لما مات ابنه إبراهيم حزن، ودمعت عيناه، فقال أحد الصحابة: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون [8]، وقال أيضًا: إن الله لا يعذب بحزن القلب، ولا بدمع العين، ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه أو يرحم [9]، والإنسان عندما تقع عليه مصيبة لا تخلو أموره من أحوال:
- الحال الأولى: التسخط بالقول والفعل، والجزع، وهذا محرم، بل من كبائر الذنوب، ومن ذلك: أن يلطم وجهه، أو يشق جيبه، أو يقص شعره، أو أنه يأتي بعبارة فيها اعتراض على القضاء والقدر، مثل قول بعض الناس: يا رب لماذا ابتلى بهذه المصيبة من بين سائر الناس؟ وقول بعضهم: يا رب ماذا أذنبت؟ وماذا فعلت حتى تصيبني بهذه المصيبة؟ ونحو ذلك، فهذا من الاعتراض الذي لا يجوز، وهو منافٍ للصبر، وهو من كبائر الذنوب.
- الحال الثانية: الصبر، والصبر يا إخواني هذا من الأخلاق العظيمة التي يقول عنها النبي : ما أعطي أحد عطاء خيرًا ولا أوسع من الصبر [10]، تأملوا هذا الحديث: ما أعطي أحد عطاء خيرًا، ولا أوسع من الصبر والله يحب الصابرين، ما معنى الصبر؟ الصبر معناه: حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب، والأفعال المحرمة، هذا هو الصبر، وقد يكون الإنسان صابرًا، لكن غير راضٍ بالمصيبة، فحكم الصبر الوجوب.
- الحالة الثالثة: الرضا، وهذه لا يصل إليها أكثر الناس، لا يصل إليها إلا أولياء الله ، الرضا معناه: أن تكون حاله بعد المصيبة وقبلها سواء، يعلم بأن هذه المصيبة بقضاء الله وقدره، فيرضى ويسلم، ويرى أن هذه الدنيا متاع الغرور، فيصبر ويرى أنه إن صبر جزاه الله تعالى بالصلوات والهداية والرحمة، فيرضى، ومرتبة الرضا هذه ليست واجبة، وإنما هي مستحبة؛ لأن أكثر الناس ما يستطيع الوصول لها، فهذه مرتبة علية.
- وهناك مرتبه أعلى منها وهي الشكر: وهي تتضمن الرضا وزيادة، أي: يرضى ويحمد الله ويشكر على المصيبة نفسها؛ لأنه سينال عليها درجات، ورحمة، وهداية، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وهداية، ويرى أن هذه الدنيا لا تستحق من الإنسان التعب والنصب والحزن، فهذه مرتبة أعلى، وهي أيضًا حكمها الاستحباب.
فأصبحت المراتب عندنا أربع: الجزع والاعتراض على القضاء والقدر هذه محرمة، الصبر واجبة، الرضا والشكر مستحبة، هذه هي المراتب، والصبر لا بد منه، وأما الرضا فيسعى الإنسان إلى تحقيقه قدر المستطاع.
حكم أبراج الحظ
السؤال: هذا سائل يقول: انتشر في الآونة الأخيرة بين الشباب والشابات ما يعرف بالأبراج، اعرف برجك، اعرف حظك، هل من كلمة توجيهية وبيان الحكم الشرعي في ذلك؟
الجواب: هذه من أعمال الدجل والشعوذة والكهانة التي أبطلها الإسلام، وهي من أمور الجاهلية التي ما زالت تعشعش عند بعض الناس، ولا يجوز مطالعة هذه الأبراج، ولا الاعتماد عليها، ولا الركون لها، فعل ذلك يؤثر على عقيدة الإنسان، النبي يقول: من أتى كاهنًا فسأله عن شيء فصدقه، فقد كفر بما أنزل على محمد [11] وفي الحديث الآخر: من أتى عرافًا، فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا [12].
والغيب لا يعلمه إلا الله، قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ [النمل:65]، وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188] فهذه الأبراج هي من الخرافات والخزعبلات.
ثم إن هذه الأبراج عند الفلكيين يقولون: ليست هي الأبراج الحقيقية هي متأخرة برج، فعندما يقال مثلًا: برج كذا، برج الحمل هي في الحقيقة ليس هذا البرج، وإنما البرج الذي قبله، فهي أصلًا تعطي نتيجة غير صحيحة، ونتيجة خاطئة، ليس لها أي دلالة على أي شيء، لكنها فتنة، يبتلى بها بعض الناس، والواجب أن نتواصى جميعًا على إنكارها، وعلى إنكار من يراها، أو يهتم بها، أو يتعلق بها، ونحن في هذه البلاد المملكة العربية السعودية من أعظم نعم الله تعالى علينا صفاء العقيدة، هذه يا إخوان نعمة عظيمة، بعض الناس ما يعرف قدر هذه النعمة، يا إخوان صفاء العقيدة هذه من أعظم النعم على الإنسان، الأمم السابقة قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، والأمم السابقة عمومًا التي بعثها الله لها الأنبياء والرسل هل كانت هذه الأنبياء تنكر وجود الله ؟
الجواب: لا، ما كانت تنكر وجود الله، تقر بأن الله الخالق، الرازق، المدبر للكون، كما قال الله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87]، وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25]، إذًا ما المشكلة عندهم؟ المشكلة انحراف العقيدة، قالوا: نريد أن نعبد الله بطريقتنا، نجعل بيننا وبين الله وسائط، هذا صنم إنسان صالح، فنريد هذا الصنم يقربنا إلى الله، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ [الزمر:3] فأرسل الله الرسل تُبيّن لهم أن الإنسان يعبد الله مباشرة، لا يجعل بينه وبين الله وسائط، وهذا الآن هذا هو الشرك الأكبر الذي أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب لإبطالها وتحقيق التوحيد، هل هناك فرق بينه وبين الآن من يطوف بالقبر، ويقول: هذا قبر إنسان صالح أريد أن يقربني إلى الله؟ ليس هناك فرق، فالشرك الذي أنكره الأنبياء على الأمم السابقة موجود الآن يضرب بأطنابه في العالم الإسلامي مع الأسف عند الأضرحة والقبور، تجد أنهم يطوفون بالقبور، ويسألون أصحاب القبور المدد، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، من فعل هذا فقد وقع في الشرك الأكبر الذي يخلد صاحبه في النار نسأل الله العافية: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ [المائدة:72]، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48].
فأقول: يا إخواني يعني صفاء العقيدة نعمة، عندنا نحن في هذا البلد، ولله الحمد ليس عندنا شركيات ظاهرة، وليس عندنا بدع ظاهرة، هذه من أعظم النعم؛ ولذلك ينبغي أن نتواصى على محاربة كل من أتى بأمر فيه انحراف في العقيدة، ومن ذلك: هذه الأبراج كلها من الخرافات والخزعبلات التي أبطلها الإسلام، والتي لا تقرها شريعة الإسلام، ومن يتعلق بها فإنه على خطر عظيم.
حكم ترك الصلاة تكاسلًا لا جحودًا
السؤال: هذا سائل يقول: الصلاة عمود الدين، فما حكم من تركها تكاسلًا وتهاونًا لا جحودًا ولا إنكارًا؟
الجواب: الصلاة يا إخواني هي أحب عبادة إلى الله، يقول ابن مسعود : سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها [13]، هذا الحديث رواه البخاري ومسلم، لماذا كانت الصلاة هي أحب عبادة إلى الله؟ لأنه يجتمع فيها من العبادات القلبية والفعلية ما لا يجتمع في غيرها، فيها تلاوة القرآن، فيها التعظيم لله بالركوع والسجود، فيها التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تحقيق التوحيد، فكثير من الأعمال القلبية والفعلية تجتمع فيها؛ ولهذا لما فرضها الله على هذه الأمة فرضها في أول الأمر خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس صلوات في الفعل، ولكن أجرها أجر خمسين صلاة، ثم لما فرضها الله فرضها مباشرة من غير واسطة، عرج بنبينا محمد حتى جاوز السبع الطباق، ووصل إلى أعلى مكان وصله البشر، وكلّمه الله مباشرة، وفرض عليه وعلى هذه الأمة خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم خففها الله تعالى رحمة بعباده إلى خمس صلوات، وهذا يدل على محبة الله تعالى لهذا النوع من العبادة، خمسين صلاة لو أنها بقيت ما خففت معنى ذلك كل نصف ساعة تقريبًا صلاة، هذا يدل على أن الله يحب هذا النوع من العبادة، ولذلك إذا استطعت أن تشغل وقتك بالصلاة فافعل، ما عدا أوقات النهي، وهي ما بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، يعني بعد الشروق بعشر دقائق، وقبيل أذان الظهر حين يقوم قائم الظهر قبيل أذان الظهر بنحو سبع دقائق، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ما عدا ذلك تصلي ما شئت، والإمام أحمد بن حنبل ذُكر في ترجمته أنه كان يصلي لله تعالى في اليوم والليلة تطوعًا من غير الفريضة ثلاثمائة ركعة.
وكان الحافظ عبدالغني المقدسي يقتدي بالإمام أحمد في هذا، صاحب عمدة الأحكام كان يقتدي بالإمام أحمد بن حنبل في هذا؛ لماذا كانوا يحرصون على الصلاة؟ لعلمهم أنها أحب عبادة إلى الله، والنبي يقول: واعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة [14]، ما دام أن الصلاة بهذه المنزلة العلية الرفيعة، فإن من تركها جاحدًا لوجوبها هذا يكفر بإجماع المسلمين، وأما من تركها تهاونًا وكسلًا إن كان قد تركها بالكلية لا يركع لله ركعة، لا جمعة ولا جماعة، فهذا قد قطع صلته بالله وهذا على القول الراجح أنه قد خرج عن دائرة الإسلام، يقول النبي : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة [15] رواه مسلم، ويقول: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر [16]، فكيف يكون مسلمًا وهو قد قطع صلته بالله، ما يركع لله ركعة لا جمعة، ولا جماعة، ولا يعرف الله طرفة عين؟ أما إن كان يصلي أحيانًا، وهذا حال معظم المقصرين من المسلمين، يصلي أحيانًا، ويترك الصلاة أحيانًا، قد اختلف العلماء هل يكفر أم لا؟
من أهل العلم من قال: إنه يكفر، والقول الثاني: وهو قول الجمهور أنه لا يكفر، لكنه يكون فاسقًا، ويكون من الساهين الذين توعدهم الله بقوله: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] تأمل الآية، هم مصلين، لكنهم عن صلاتهم ساهون، يعني: يصلونها أحيانًا، أو يؤخرونها عن وقتها، فتوعدهم الله بالويل، هذا القول هو القول الراجح، مما يدل له حديث عبادة بن الصامت أن النبي قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه [17] هذا الحديث أخرجه أبو داود بسند صحيح، وله شواهد وطرق متعددة، ووجه الدلالة قوله: ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه دل هذا على أنه لا يكفر، لكنه على خطر، وهذا حال معظم من عنده تقصير في الصلاة، تجد أنه أحيانًا يصلي، وأحيانًا لا يصلي، لا زال في دائرة الإسلام، ومسلم، لكنه من الساهين المتوعدين بالويل، وأيضًا قد وقع في الفسق، وهو على خطر عظيم، في تقديري أن التساهل بالصلاة هو أعظم منكر في مجتمعنا الآن، عندنا ولله الحمد ما عندنا شركيات، ولا بدع ظاهرة، لكن عندنا مشكلة التساهل في الصلاة، والدليل لهذا خذ مقارنة في أي مسجد بين عدد المصلين في صلاة الفجر، وعدد المصلين في صلاة المغرب في رمضان، كم النسبة؟ المصلون في صلاة المغرب في رمضان يعطيك النسبة الحقيقية لسكان الحي؛ لأن جميع المسلمين يصلون صلاة المغرب في رمضان، لو أخذت مقارنة بين من يصلي الآن صلاة الفجر نسبة لمن يصلي صلاة المغرب في رمضان، ستجد أن النسبة قليلة، أجرى بعضهم تقديرًا في هذا بحدود عشرين إلى ثلاثين في المائة، معنى ذلك أن الأكثر عندهم إخلال بالصلاة، هذا المنكر من أعظم المنكرات، وينبغي أن يجتهد العلماء، وطلبة العلم، والخطباء، والدعاة، والوعاظ في توعية الناس بأهمية الصلاة، وخطورة التساهل في أمر الصلاة، ينبغي أن يكون هناك حملات، يكون هناك توعية، ويكون هناك تذكير للناس بهذا الموضوع من حين لآخر.
الركعة تدرك بإدراك الإمام على هيئة الركوع
السؤال: هذا سائل يقول: إذا دخلت المسجد والإمام راكع فكيف أدرك الركعة معه؟
الجواب: الركعة تدرك بإدراك الركوع في قول أكثر أهل العلم، ولكن كيف يدرك الركوع؟ هذا محل خلاف بين الفقهاء، والأقرب أن المأموم يكون مدركًا للركوع إذا كان على هيئة الراكع أقرب منه للقائم، إذا كان المأموم أدرك الإمام قبل أن يرتفع الإمام، وكان على هيئة الركوع أقرب منه للقيام، والإمام أيضًا لا يزال إلى الركوع أقرب منه إلى الرفع، يعني: إذا كان في هيئة الركوع أقرب منه للرفع -الإمام والمأموم جميعًا- يكون قد أدرك، وأما إذا كان إلى هيئة الرفع أقرب منه إلى الركوع، فإنه لا يكون أدرك الإمام، لو أن الإمام مثلًا إلى هيئة أقرب منه من الركوع، لا يكون قد أدركها، أو أنه لم يدرك الإمام إلا وقد رفع الإمام بحيث يكون المأموم أقرب إلى هيئة الرفع منه إلى الركوع لم يكن مدركًا له، إذا شك هل أدرك الإمام أو لم يدرك الإمام فنرجع للأصل، والأصل هو عدم الإدراك، لا بد أن يغلب على ظنك أنك أدركت الركوع.
هل يلزم المسافر الإتمام إذا صلى خلف المقيم؟
السؤال: هذا سائل يقول: إذا ائتم المسافر بمقيم متم، وقد أدرك الركعتين الأخيرتين، فماذا يفعل؟
الجواب: إذا ائتم المسافر بمقيم فيلزمه الإتمام على القول الراجح؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما لما قيل له: ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا ائتم بمقيم صلى أربعًا؟ قال: “تلك السنة” [18] أي: سنة النبي ، وعلى هذا فالمسافر إذا صلى خلف إمام مقيم يلزمه الإتمام.
هل للمسافر أن يصلي ركعتين خلف المقيم ثم يفارقه؟
السؤال: هذا سائل يقول: نرى بعض الشباب هداهم الله يصلي ركعتين؛ لأنه مسافر، ثم ينوي المفارقة، فإما أن يسلم قبل الإمام، وإما أن ينتظر حتى يسلم الإمام فيسلم بعده، فبماذا توجهونه، وفقكم الله؟
الجواب: هذا له عدة صور:
إذا كان قد دخل مع الإمام مثلًا: والإمام في صلاة المغرب، وهو يريد أن يصلي صلاة العشاء وهو مسافر، والواجب في حقه أن يصليها ركعتين، فهنا اختلف العلماء في هذه المسألة، والأظهر أن له أن يصلي ركعتين، ثم ينفتل، ويجزئ ذلك في حقه؛ لأنه ليس هناك دليل ظاهر يدل على المنع؛ لأن هذا الانفتال حصل في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في قصة معاذ لما صلى بأصحابه أطال، كان يقرأ سورة البقرة في صلاة العشاء، وكان خلفه رجل من الأنصار في مزرعته متعب من أول النهار، وهو يعمل في مزرعته، ومعاذ يقرأ بهم سورة البقرة، أكمل لنفسه وانصرف، فلما سلم معاذ قال إنه: أُخبر عنه، قال: إنه منافق، فبلغ الرجل هذه الكلمة، ذهب واشتكى للنبي عليه الصلاة والسلام، فدعا النبي معاذًا وقال: أفتان أنت يا معاذ؟ هلا إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة، هلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى [19].
الشاهد من هذه القصة: أن هذا الرجل انفتل عن الجماعة، وأكمل صلاته وحده، والسبب: مجرد تطويل الإمام، فإذا كان السبب هو أيضًا أن صلاته صلاة مسافر، والصلاة هي صلاة مغرب، فهنا لا بأس بالانفتال في هذه الصورة.
الصورة الثانية: أن يدرك المأمومُ الإمامَ المقيم في صلاة الرباعية، فهنا يلزمه الإتمام، وليس له أن يصلي ركعتين ثم ينفتل، ليس له ذلك، بل كما ذكرنا يلزمه الإتمام.
المسافة التي تُقصر فيها الصلاة
السؤال: هذا سائل يقول: نحن أهل الدمّام والخُبر نسافر للبحرين، وهي قرابة عشرين كيلو، أو أقل، فهل نقصر الصلاة ونجمع؟
الجواب: أقل مسافة للسفر عند جمهور أهل العلم هي الواردة في قول النبي : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم [20] متفق عليه، كأنه عليه الصلاة والسلام، قال: لا يحل لامرأة أن تسافر أدنى مسافة سفر إلا ومعها ذو محرم، ولكن عبر عن ذلك باليوم والليلة، واليوم والليلة كان العرب يقدرون بالزمن، فاليوم أو الليلة تعادل بسير الإبل المحملة تعادل أربعين كيلو؛ فاليوم والليلة ثمانين كيلو، وهي تعادل بتقديرات الفقهاء أربعة بُرد، والبريد أربعة فراسخ، فتكون ستة عشر فرسخًا، والفرسخ ثلاثة أميال، ثمانية وأربعين ميلًا، الخلاصة أنها بالتقديرات المعاصرة تعادل ثمانين كيلو متر، وثمانون كيلو متر كيف تحسب؟ تحسب من مفارقة العمران، من آخر عمران البلد، مثلًا: الدمام من آخر عمران الدمام، إلى أول عمران البلد الذي تريده، فإذا كان ثمانين كيلو، فأكثر، فهي مسافة سفر لك أن تترخص فيها بجميع رخص السفر، إذا كانت أقل من ثمانين كيلو، فليست بمسافة سفر، هذا هو القول الأظهر، وهو المروي عن عدد من الصحابة، روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يقولان: يا أهل مكة، لا تقصروا في أقل من أربعة بُرد.
ولا شك أن الصحابة أنهم أعلم الناس بشريعة الله، وأيضًا بمدلول لغة العرب، وبمعنى السفر لغة وشرعًا، ثم أيضًا هذا هو الذي عليه أكثر أهل العلم، ثم إن الأقوال الأخرى كالتحديد بالعرف، لا تنضبط، فالآن لو خرج طلبة علم، ربما اختلفوا في تقدير العرف، هل هذا في العرف سفر أو ليس بسفر خاصة في وقتنا الحاضر الذي أصبح السفر فيه مريحًا، وبالسيارات، فيصبح هناك خلاف في التحديد بالعرف، فالأضبط والأقرب هو التحديد بالمسافة، وهو ثمانين كيلو مترًا، على ذلك ما دام أن المسافة للبحرين أنها أقل من ثمانين كيلو، لا تعد مسافة سفر، وكذلك أيضًا ما بين الدمام والجبيل الآن أصبحت أقل من ثمانين، وكذلك ما بين مكة وجدة الآن أصبحت أقل من ثمانين، ما بين الرياض والخرج أقل من ثمانين، فمثل هذه لا تعد سفرًا، ثم أيضًا الأصل في الإنسان الإقامة أو السفر؟ الإقامة، ما نقول: إنه مسافر إلا بشيء واضح، فالأصل هو الإقامة، فهذه المسألة يترتب عليها أمور عظيمة، يترتب عليه الفطر في نهار رمضان، يترتب عليها القصر، يترتب عليها الجمع، يترتب عليها مدة المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن، هذه لا ننتقل لها إلا بأمر واضح، بحيث يصدق على هذا الإنسان أنه مسافر.
فأكثر أهل العلم على أنها لا بد أن تكون مسافة ثمانين كيلو مترًا، وهذا ضابط جيد وواضح، ثمانين كيلو مترًا ضابط واضح تمامًا، وسهل في التطبيق.
فاتته الجماعة، فهل يصلي منفردًا أم يأتم بمتنفل؟
السؤال: هذا سائل يقول: دخلت المسجد وقد فاتتني الجماعة، فأيهما أفضل أن أصلي منفردًا، أو ائتم بمتنفل؟
الجواب: إذا فاتتك الجماعة أولًا: إذا كان هناك جماعة أخرى، فادخل مع الجماعة الأخرى؛ لأنك تحصل بهذا أجر الجماعة، لكن إذا لم يوجد جماعة أخرى، ووجدت من هو متنفل، فالأفضل أن تدخل مع المتنفل؛ لأن هذا خير من أن تصلي وحدك؛ لإنك إذا صليت وحدك فقد فاتك أجر الجماعة، وإذا صليت مع هذا المتنفل تنال أجر الجماعة، تنال سبع وعشرين درجة، وإن كان في المسألة خلاف، لكن القول الراجح هو الجواز، ومن أدلة الجواز: فعل معاذ ، كان معاذ يصلي مع النبي صلاة العشاء، ثم يرجع ويصلي بقومه صلاة العشاء مرة أخرى، وهي في حقه نافلة، وفي حقهم فريضة، فهم يصلون فريضة خلف إمام متنفل، ومع ذلك أقره النبي على ذلك،
لكن لا ينبغي أن يكون هذا عادة للإنسان، دائمًا تفوته الصلاة، ويدخل مع متنفل، لكن لو كان أحيانًا بصفة عارضة، فلا بأس بهذا.
دخل عليه الوقت في الحضر ثم سافر، فهل يقصر الصلاة؟
السؤال: هذا سائل يقول: لو كنت في دار الإقامة، وأذن بدخول الوقت، ثم سافرت، ووقفت في السفر وصليت، فهل أصليها تامة أو مقصورة؟
الجواب: من دخل عليه الوقت في الحضر ثم سافر هل يقصر أو لا يقصر؟ هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء على قولين:
القول الأول: أنه يتم، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، وعندهم ضابط في هذا: أنه إذا اجتمع السفر والحضر غُلّب جانب الحضر.
والقول الثاني: وهو قول الجمهور: أنه يقصر، وهذا هو القول الراجح؛ وذلك لأنه يصدق عليه وصف السفر؛ ولأنه تتناوله النصوص الدالة على أن المسافر يترخص برخص السفر، وهذا مسافر، فمن الذي يخرجه عن وصف السفر؟ هذا رجل الآن مسافر، والنبي كان إذا سافر يقصر إذا سار ثلاثة أميال فقط، يعني من حين أن يبدأ ثلاثة أميال يبدأ في الترخص برخص السفر، وعلى هذا فالقول الراجح، وقد اختاره جمع من المحققين من أهل العلم أنه يقصر، ويترخص برخص السفر، ولو كان قد دخل عليه وقت الصلاة وهو في الحضر، ومما يدل على رجحان هذا القول: أنه لو كانت المسألة بالعكس دخل عليه الوقت وهو في السفر، ثم أراد أن يصليها في الحضر، فبالإجماع أنه يتم، فإذا كان هذه محل إجماع، فلماذا لا تكون العكس كذلك أيضًا؛ لأن العبرة إذا بحال المصلي، فما دام أن حال المصلي أنه مسافر فيقصر، ولو كان دخل عليه الوقت وهو في الحضر، وإن كان حاله أنه مقيم، فيتم، ولو كان قد دخل عليه الوقت وهو في السفر.
هل تُشرع العمرة الرجبية؟
السؤال: هذا سائل يقول: ما رأي الشرع من وجهة نظركم فيما تسمى بالعمرة الرجبية معتقدًا أفضليتها دون سنيتها؟
الجواب: العمرة الرجبية، روي فيها أحاديث عن النبي ، ولكن جميع ما روي فيها ضعيف، لا يثبت من جهة الصناعة الحديثية، فقد صنف الحافظ ابن حجر وهو المحدث المشهور، والفقيه المشهور، صاحب فتح الباري، صنف رسالة سماها: (تبيين العجب بما ورد في شهر رجب) وخلص إلى أنه لا يثبت في فضل شهر رجب شيء، وعلى ذلك فلا يجوز تخصيص شهر رجب بعبادة معينة، لا بعمرة، ولا بغيرها؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، والحظر والمنع، إلا ما ورد الدليل بمشروعيته، أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ [الشورى:21].
وعندنا قاعدة: الأصل في العبادات المنع، إلا ما ورد الدليل بمشروعيته، عكسها المعاملات الأصل فيها الحل والإباحة، إلا ما ورد الدليل بمنعه، فالعبادات إذًا الأصل المنع، فمن خصص وقتًا معينًا بعبادة هنا مطالب بالدليل، فإن وجد دليل وإلا فعمله مردود عليه؛ لقول النبي : من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد [21]، ولقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد [22]، ما دام أنه لم يثبت من جهة الصناعة الحديثية شيء في فضل رجب، فلا يجوز تخصيصه بعبادة، لا بعمرة، ولا بغيرها.
ونحن -ولله الحمد- هنا في المملكة على رأي علمائنا ومشايخنا أنه لا يجوز تخصيص المواسم بعبادات إلا ما ورد به الدليل، فلا يجوز تخصيص رأس السنة الهجرية، ولا المولد النبوي، ولا ليلة سبع وعشرين من شهر رجب اعتقادًا أنها الإسراء والمعراج، ولا منتصف شهر شعبان، كل هذه ليس عليها دليل، وإنما يفعلها بعض الناس من باب الاستحسان، والاستحسان العقلي هو أصل البدع، أصل البدع الاستحسان العقلي، دائمًا أرجِع المسألة للدليل، إذا قال مثلًا: أنه تشرع العمرة الرجبية، طيب ما الدليل؟ إذا أتى بالدليل ومُحص هذا الدليل، هو ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام أم لا؟ قال مثلًا: إحياء ليلة السابع والعشرين من رجب، طيب ما الدليل؟ وهكذا، إذًا ينبغي أن يتمسك المسلم بالدليل، وأن يكون معظمًا للدليل من كتاب الله وسنة رسوله .
دخل عليها رمضان وعليها أيام من رمضان الماضي، فماذا تعمل؟
السؤال: تقول المرأة السائلة: عليها أيام من رمضان الماضي أفطرتها، فلو دخل عليها رمضان كيف تعمل…؟
الجواب: أولًا: عليها أن تبادر الآن بالقضاء، ولا يجوز لها أن تؤخر القضاء حتى يدركها رمضان، فإن فعلت فإنها تأثم، لكن لو قدر أنه أدركها رمضان، ولم تقض الأيام التي عليها إن كان ذلك بعذر، فإنها لا تأثم، ويلزمها أن تقضي هذه الأيام بعد رمضان، أما إذا كان بغير عذر، فإنها تأثم، وعليها التوبة إلى الله ، ويلزمها أن تقضي هذه الأيام بعد رمضان، وبعض أهل العلم يوجب عليها في هذه الحال فيما إذا كانت بغير عذر أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، ولكن هذا ليس عليه دليل إلا مجرد آثار عن بعض الصحابة، كأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما، وهذه الآثار لا تقوى لإثبات حكم شرعي؛ لأن الإيجاب يقتضي التأثيم، والله إنما ذكر القضاء فقط، فقال: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] ولا نستطيع أن نلزم الناس بما لم يلزمهم به الله .
والقول الراجح في هذه المسألة: أنه لا يلزم الإطعام، لكنه يستحب، فمن أخّر أيامًا من رمضان حتى أدركه رمضان آخر إن كان بعذر ليس عليه شيء، يلزمه القضاء فقط، إن كان بغير عذر عليه التوبة، وعليه القضاء، ويستحب في حقه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا.
أثر الحقن على الصيام
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم إبرة الأنسولين للصائم، وكذلك البخاخ والبخار لمرضى الربو، وهل المغذي مفطر، وكذلك حقنة الشرج؟
الجواب: أما بالنسبة لإبرة الأنسولين والإبر العلاجية عمومًا، فهذه لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل صحة الصيام، ولا نعدل عن هذا الأصل إلا بشيء واضح.
وأما بالنسبة لبخاخ الربو فأيضًا لا يفطر الصائم؛ لأنه إنما يذهب أكثره لمجاري النفس، القصبة الهوائية، ومجاري النفس، وإن كان ينفذ منه شيء يسير جدًّا للمعدة، لكن هذا الشيء اليسير معفو عنه؛ لأنه هو أقل من ملوحة الماء التي تبقى في الفم بعد المضمضة للوضوء، عندما تريد أن تتوضأ مثلًا لصلاة الظهر، وأنت صائم، وتتمضمض يختلط بالريق أثر ملوحة الماء، ويجوز ابتلاع الريق هنا في هذه الحال بالإجماع، فما ينفذ للمعدة من بخاخ الربو هو أقل من ملوحة الماء التي تنفذ مع الريق المعفو عنها بالإجماع، وعلى هذا فبخاخ الربو لا حرج فيه للصائم.
وأيضًا الأكسجين كذلك لا حرج فيه للصائم كل هذه ليس فيها حرج.
أما الإبر المغذية فهذه تفطر الصائم؛ لأن الإبر المغذية هذه مغذيات تقوم مقام الأكل والشرب؛ ولهذا المريض يعتمد عليها مدة طويلة، فهي في الحقيقة هي طعام وأكل وشرب، وتقوم مقام الأكل والشرب، فإذًا الإبر المغذية نقول: تفطر الصائم.
وأما الأمور الأخرى التي ذكرت في السؤال هذه كلها لا تفطر الصائم.
يبقى الكلام عن حقنة الشرج أيضًا حقنة الشرج لا تفطر الصائم على القول الراجح؛ لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، ولا في معنى الأكل والشرب، ولا في معنى المنصوص عليه من المفطرات.
حكم هدايا البنوك لمن لديه حساب جارٍ في البنك
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم الهدايا التي يقدمها البنك للمستفيد دون طلب لها ولا اتفاق، وكذلك هدايا الشركات لمن هو موظف براتب؟
الجواب: أما بالنسبة لهدايا البنوك لمن لديه حساب جارٍ في البنك، فإن هذه الهدايا لا تجوز؛ لأن تكييفها الفقهي للحساب الجاري أنه قرض، فأنت تقرض البنك القرض ما هو القرض؟ القرض دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله، فأنت تقرض البنك المال، وتقول: متى ما أردت سحبت منه، ولا يجوز أن يهدي المقترض للمقرض هدية قبل الوفاء، فحينئذٍ البنك يعتبر مقترضًا، والعميل مقرض، فلا يجوز إذًا للبنك أن يهدي هدية للعميل، والعميل ما أُهدي هذه الهدية لسواد عينيه، وإنما أُهدي له لأجل هذا القرض، وهذه الهدايا لا تجوز إلا الهدايا التي لا تختص بالعملاء، مثل: التقاويم يشترك فيها العملاء وغيرهم، والهدف منها: الدعاية للبنك هذه لا بأس بها، أما هدية تخص العميل فهذه لا تجوز، لكن لو كانت الهدية ليست لأجل الحساب الجاري، وإنما بسبب البطاقات الائتمانية غير المغطاة، أي: أن البنك هو المقرض، وأنت المقترض، يعني بطاقة فيزا ما عندك رصيد، والبنك أقرضك عشرة آلاف، ثم أهدى لك البنك هدية، هذه لا بأس بها؛ لأنها هدية من مقرض إلى مقترض، والممنوع هو الهدية من المقترض إلى المقرض، وهذه بعض المصارف الإسلامية عندنا تفعلها، واستنكر هذا بعض الناس، لكن الهيئات الشرعية لهذه المصارف أجابوا بهذا الجواب، قالوا: إنها هدية من مقرض لمقترض، وهذه لا بأس بها، إنما الممنوع الهدية من مقترض إلى مقرض.
قبل هذا الشق الثاني من السؤال السابق، وهو هدايا الشركات هدايا العمال غلول، فلا يجوز للموظف أن يهدي لمديره في العمل هدية، ولا يجوز أيضًا للإنسان أن يهدي لموظف هدية لأجل وظيفته، ولم تجري عادة بينهما بالتهادي قبل ذلك، هذا كله لا يجوز، والنبي بعث أحد عماله لقبض الصدقات، فأعطاه الناس هدايا، فأتى وقال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فعظم النبي شأن هذه المسألة، وخطب الناس، وقال: ما بال الرجل نستعمله، فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدى إليه شيء أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد من هذا شيئًا إلا أتى به يوم القيامة يحمله على رأسه [23]، ولذلك القاعدة في هذا الباب هي قول النبي : أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدى إليه شيء أم لا؟ إذا أشكلت عليك مسألة الهدية طبق هذه القاعدة، لو كنت في بيت أبيك وأمك، هل هذا سيهدي لك هدية؟
إن كان الجواب: لا، معنى ذلك أنه أهداك هذه الهدية لأجل منصبك الوظيفي، فلا يجوز لك أن تقبلها، وأما إن كان جواب: نعم، بينك وبينه صداقة أو زمالة أو قرابة، وسيهدي لك بغض النظر عن كونك موظف أو غير موظف، هنا لا بأس بهذه الهدية.
حكم التعامل بالعملات الرقمية “بتكوين”
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم التعامل بالعملات الرقمية “بتكوين”، وأمثالها ولو بين لنا الشيخ صورتها؟
الجواب: أما بالنسبة للعملات الرقمية “بتكوين”، فهذه العملات يكتنفها الغموض في كثير من أمورها:
أولًا: لا يُعرف منشؤها ومصدرها، لا يعرف، ليس لها مرجعية.
ثانيًا: المخاطرة فيها عالية، والتذبذب فيها كبير، وصلت في بعض الأوقات ثمانية عشر ألف دولار، ثم هبطت في وقت وجيز إلى ثمانية آلاف، هبوطًا مفاجئ، وارتفاعًا مفاجئ؛ ولذلك نجد أن كثير من الدول حذرت منها، ومنها مؤسسة النقد العربي السعودي قبل مدة أصدرت بيانًا في تحذير الناس من التعامل بهذه العملات الرقمية.
فهذا نقوله على سبيل النصيحة، وأما على سبيل الحكم أنا متوقف فيها، لم يظهر لي الحكم بشكل واضح، هي تحتاج مزيد تأمل، ومزيد أيضًا تصور تام؛ لأنه لا زالت بعض الجوانب فيها غامضة، وغير واضحة، ولا نريد أن نتعجل في إصدار حكم فيها، ثم ربما مستقبلًا تكتسح العالم ويصبح التعامل بها، أو أنها على العكس يقال مثلًا: الجواز، ثم يخاطر الناس فيها، ويحصل في ذلك الغرر، لا بد لإصدار الحكم من التصور التام لجميع ما يتعلق بجوانب هذه العملات الرقمية، وهذه تحتاج حقيقة إلى اجتهاد جماعي من المجامع الفقهية، والهيئات العلمية في نظري، لا يكفي شخص واحد، تحتاج إلى أن يحضر المختصون والخبراء، والاقتصاديون، ويتباحثون في شأن هذه العملات، وتوضح بعض الجوانب والنقاط الغامضة فيها، ثم على ضوء ذلك يصدر الحكم فيها، لكن على سبيل النصيحة نحن ننصح بما نصحت به مؤسسة النقد وغيرها من الجهات من أن هذه العملات فيها مخاطرة كبيرة، وتذبذب عالي في الأسعار، وأن الإنسان ربما إذا دخل فيها ربما يتعرض لقدر كبير من المجازفة والمخاطرة.
هل يجوز وضع الزكاة أو الكفارة في مشاريع تفطير الصائمين؟
السؤال: هذا سائل يقول: هل يجوز أن أضع زكاة مالي، أو ما يعرف بإطعام المسكين في مشاريع تفطير الصائمين الذي يكون في رمضان، زكاة المال وكذلك الكفارة؟
الجواب: لا يجوز وضع زكاة المال، ولا الكفارة في مشاريع تفطير الصائمين؛ لأن هؤلاء الذين يفطرون ليسوا جميعًا من أهل الزكاة، وقد يكون فيهم من غير المسلمين في كثير من موائد التفطير فيهم غير مسلمين، وبعضهم أيضًا ليسوا من الفقراء والمساكين، يعني وضعهم جيد، ولكنهم وجدوا مائدة إفطار ودخلوا مع الناس، فلا يضمن أن هؤلاء الذين يفطرون أنهم من أهل الزكاة أو من أهل الكفارة، لكن لو قدر أن الإنسان تحقق عرف أن جميع هؤلاء الموجودين على مائدة الإفطار أنهم من الفقراء، أو المساكين فهنا لا بأس؛ لأنهم مستحقون خاصة في الكفارة، لا بأس لأنهم مستحقون للإطعام، أما في الموائد المفتوحة العامة الآن الموجودة عند المساجد هذه لا يجوز أن توضع فيها الزكاة ولا الكفارة، إنما يكون فيها الصدقات، والتبرعات العامة.
طلاق الغضبان
السؤال: هذا سائل يقول: نسمع بطلاق الغضبان، وهل يمكن أن يطلق وهو سعيد ومبسوط ومسرور، فما حكم طلاق الغضبان؟ ومن هو الغضبان في نظر الفقهاء؟
الجواب: أولًا: الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، والغضب يقود إلى سوء الخلق، بينما الحلم هو سيد الأخلاق، وعلى الإنسان أن يسعى لاكتساب صفة الحلم، حتى وإن كان في طبيعته أنه سريع الغضب، جاء رجل للنبي قال: يا رسول الله، أوصني قال: لا تغضب قال: أوصني، قال: لا تغضب قال: أوصني، قال: لا تغضب فرددها مرارًا، قال: لا تغضب [24]، رواه البخاري، فلولا أن ترك الغضب مستطاع ما أوصاه النبي عليه الصلاة والسلام بترك الغضب، وهذا كما يقول أرباب الأخلاق والسلوك يقولون: بالتدرج، قل مثلًا: هذه الساعة لن أغضب فيها مهما كان السبب، اليوم الثاني اجعلها ساعتين، اليوم الثالث أربع ساعات، وهكذا.
فتصبح مع مرور الوقت حليمًا، والحلم سيد الأخلاق، ثم إن الغضب أثره سيء على الإنسان:
أولًا: هو كما ذكرنا يؤدي إلى سوء الخلق، وإلى نفرة الناس، وكراهية الناس للإنسان شديد الغضب، وسريع الغضب.
ثانيًا: يؤدي للأمراض، وابن القيم له كتاب اسمه (إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان) ذكر أن الغضب قد يقتل الإنسان، والحقيقة عندما نسمع هذا الكلام من بعض العلماء السابقين يتعجب الإنسان كيف الغضب يقتل الإنسان، وتفسيره الطبي في الوقت الحاضر: أنه يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، فينفجر شريان، ويتسبب في قتل الإنسان، وقال: وقد يمرض الإنسان، وهذا كذلك، وذكر ابن القيم عن رجل من العرب أتاه أحد الناس وأغضبه، قال كلمة، وكان معروف بشدة الغضب، فأراد أن يرد عليه، فأتى أحد الحاضرين، ووضع يده على فيه، فقال: قتلتني ومات، وربما أن السبب كما ذكرت عند شدة غضبه أدى إلى ارتفاع الضغط، وأدى إلى انفجار شريان، أو نحو ذلك.
إذًا ابن القيم يقول: إن الإنسان قد يغضب غضبًا شديدًا ويمرض، وربما عاداه الناس، وهو لا يدري ما السبب؟ السبب هو شدة الغضب هذه، فليحذر الإنسان الغضب.
بالنسبة للطلاق حال الغضب يقسم العلماء الغضب إلى ثلاث حالات:
الحالة الأولى: الغضب اليسير، وهذا يقع الطلاق معه بالإجماع، ولا يطلب ممن يطلق أن يكون مبتسمًا أثناء الطلاق، من يطلق لا بد أن يصحب الطلاق شيء من الغضب، فهذه إذًا الحالة يقع فيها الطلاق بالإجماع.
الحال الثانية: الغضب الشديد الذي يفقد الإنسان معه عقله، وهذه تُوجد لدى بعض الناس، وإن كانت لا توجد لدى أكثر الناس، وأذكر أن مرة من المرات أن مستفتيًا أتى إلي، وقال: إني زوجتي أغضبتني غضبًا شديدًا حتى فقدت عقلي، وأنه لما عاد إلي عقلي أخبرتني بأني قد طلقت، فهنا لا يقع الطلاق بالإجماع.
الحالة الثالثة الحالة الوسطى: ليس من الغضب اليسير، وليس من الغضب الذي يفقد معه عقله، لكن هو غضب شديد، لكن عقله معه، ويعرف ما يقول: فهذه محل خلاف بين العلماء، والقول الراجح: أنه لا يقع الطلاق؛ لقول النبي : لا طلاق في إغلاق [25] وقد ذكر ابن القيم أدلة كثيرة في ترجيح ونصرة هذا القول في كتابه السابق (إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان) وذكر أن هذا هو المأثور عن الصحابة ، وهذا هو المُفتى به عندنا في المملكة، فكيف نعرف الغضب الحالة الوسطى؟
ومن علاماته:
أولًا: أن الإنسان يجد نفسه مدفوعًا للتلفظ بكلمة الغضب، يشعر أنه قد دفع دفعًا للتلفظ بكلمة الطلاق، فهو يحس بأنه مدفوع.
ثانيًا: من علامة هذه الحالة: أنه قبل الموقف الذي تسبب في إغضابه لم يخطر بباله الطلاق أصلًا.
ثالثًا: أنه بعدما يهدأ وتذهب ثورة الغضب يندم، هذه كلها ثلاث علامات لهذه الحالة الوسطى.
فالقول الراجح: أن الطلاق لا يقع فيها؛ لأنه كالمكره، بل قال ابن القيم: إنه أشد من المكره؛ ولأن الأصل صحة النكاح، لا نخرج عن هذا الأصل إلا بشيء واضح كالشمس، هذا الإنسان طلق وهو مشوش فكره، بسبب شدة الغضب تشوش فكره، فكأنه أكره على التلفظ بكلمة الطلاق، فإذًا لا يقع الطلاق في هذه الحال.
وأقول: من خلال ممارسة للفتيا في مسائل الطلاق، معظم الذين يستفتون في مسائل الطلاق يطلقون في حالة الغضب الشديد، في هذه الحال الوسطى نجد لهم مخرجًا فيها، ولله الحمد، يمكن تسعين في المائة لا يقل عن تسعين بالمائة نجد لهم مخرجًا في حال الغضب.
والإنسان يا إخوان لا يجعل الطلاق على لسانه، إذا أراد أن يطلق يطلق امرأته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وتبقى معه في العدة ثلاث حيض، إن كانت ممن تحيض، أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض، وهو بالخيار إن شاء أرجعها، فإذا مضى على ذلك ثلاثة أشهر، ولم يرجعها معنى ذلك أن نفسه طابت منها، ولن يندم على طلاقها؛ ولذلك من اتقى الله في الطلاق لم يحتج أصلًا إلى الاستفتاء؛ لأنه سيطلقها طلقة واحدة، وعنده فرصة ثلاثة أشهر للإرجاع.
كيفية سداد الديون عند انخفاض قيمة العملة
السؤال: هذا سائل يقول: أخذت قرضًا من سنين، وكانت قيمة الجنيه مرتفعة، والآن انخفض قيمة الجنيه إلى النصف أو أكثر فكيف أسدد ديني؟
الجواب: الأصل في تسديد القروض والديون أنها تسدد بأمثالها، فإذا اقترضت مثلًا ألف جنيه تردها ألف جنيه، هذا هو الأصل إلا إذا انخفضت قيمة العملة انخفاضًا كبيرًا، يصل إلى الثلث فأكثر، فهنا تُخرّج على مسألة وضع الجوائح، وهو أنها ترد بالقيمة، بقيمة الجنيهات في ذلك الوقت، وليس بمثلها.
زكاة العقار
السؤال: هذا سائل يقول: كيف يخرج صاحب العقار المحلات التجارية زكاة ماله والبضائع، ونحو ذلك؟
الجواب: أما صاحب العقار فإذا كان هذا العقار مؤجرًا فليس فيه زكاة في أصله، وإنما تجب الزكاة في أجرته إذا بقيت عنده وحال عليها الحول، وهكذا العقار الذي يسكنه الإنسان بيته ليس فيه زكاة.
أما من كان يبيع ويشتري في العقارات هذه عروض تجارة يقيمها عند تمام الحول ويزكيها، وأما المحلات التجارية، فهي أيضًا من عروض التجارة يقيم السلع المعروضة للبيع بقيمتها عند تمام الحول، كأنه يريد أن يبيع يصفي، يجردها في نهاية السنة، يجرد كم عنده من السلع المعدة للبيع، ويخرج اثنين ونصف في المائة ربع العشر، وهنا لا يشترط في السلعة أن يمضي عليها الحول، حتى لو مضى عليه يوم واحد، تدخل في الجرد؛ لأن طبيعة عروض التجارة أن مبناها على التقليب والاستبدال، والسلع لا تبقى عند الإنسان سنة كاملة، عروض التجارة لا تبقى سنة كاملة، فالعبرة إذًا بتمام الحول عليه، نقول: متى فتحت هذا المحل؟ قال: فتحت هذا المحل عشرين رجب من العام الماضي، نقول: عشرين رجب من هذا العام اجرد هذا المحل، كأنك تريد أن تبيع جميع البضاعة التي فيه، وأخرج ربع عشر القيمة.
هل تُقَوَّم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء؟
السؤال: هذا سائل يقول: لا زال السؤال قائمًا يقول: مثلًا هل أقيمها بقيمة الشراء، أو قيمة البيع، أو التقدير الحالي باليوم مثلًا، أنا اشتريت مثلًا بثلاثين ألفًا، ولو أبيعها بالسعر بخمسين ألفًا، لكن ما ذهبت، كيف أخرجها؟
الجواب: هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، الربح الذي يرجوه ببيعها غير محقق، وغير مضمون؛ ولذلك فالقول الراجح: أنه يجردها بقيمتها بشرائها، بوقت الشراء، اشتريتها بكم؟ اشتريت مثلًا هذه بمائة، تجردها بمائة، أن تريد تبيعها بمائة وعشرة وبمائة وعشرين، لكن هذا غير محقق، قد تباع وقد ما تباع، قد تباع بمثل هذا المبلغ أو أقل، فهذا شيء غير محقق، فالمحقق هو السعر الذي اشتريتها به، فتزكى بسعرها وقت الشراء.
ما حكم صلاة الجمعة للمسافر؟
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم صلاة الجمعة للمسافر؟
الجواب: المسافر لا تجب عليه صلاة الجمعة، بل لا يجوز له أصلًا أن يقيم الجمعة، لو أقام الجمعة فهذه بدعة، يعني: لو خرج جماعة في سفر ليس لهم أن يقيموا الجمعة؛ لأن من شروط صحة الجمعة الاستيطان في بلد يقيم فيه صيفًا وشتاءً، لكن إذا أراد المسافر أن يصلي الجمعة مع مقيمين، فهذا هو الأفضل في حقه، لكن هذا لا يجب، لو أراد أن يصليها ظهرًا، كأن مثلًا في فندق أو كذا، وأراد أن يصليها ظهرًا، فلا بأس له ذلك، ولو صلاها جمعة هذا هو الأفضل.
حكم أكل ذبائح أهل البدع العقدية
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم أكل ذبائح أهل البدع العقدية؟
الجواب: هذا فيه تفصيل إن كانت البدعة مكفرة لا يجوز، أما إذا كانت البدعة مفسقة لا زال في دائرة الإسلام، فلا بأس بذلك.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية الجميع
السؤال: هذا سائل يقول: كيف أكون آمرًا بالمعروف، وناهيًا عن المنكر؟ وهل هذا مسؤولية جهات معينة أو جميع أو عامة المسلمين؟
الجواب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية كل مسلم ومسلمة، والله يقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71]، ويقول النبي : من رأى (من) من صيغ العموم منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان [26].
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤوليتنا جميعًا وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران:104] فهي مسؤوليتنا جميعًا، من رأى المنكر يجب عليه أن ينكر المنكر بحسب استطاعته، كان مثلًا: داخل البيت يستطيع الأب أن يغير المنكر بيده، إن كان خارج البيت يكون من ولاه ولي الأمر مسؤولية التغيير باليد، أو ينتقل الإنسان بالإنكار باللسان، وإن كان لا يستطيع الإنكار باللسان، فلا أقل من أن ينكر بقلبه، وهذا يستطيعه جميع الناس.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيها الإخوة يفيد المجتمع كله فيه فائدة لجميع المجتمع؛ لأن المنكر إذا أعلن ولم ينكر، فإن هذا مؤذن لعقوبة الله تعالى للمجتمع؛ ولهذا يقول ربنا : وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117] ولم يقل: صالحون، ولما ذكر الله تعالى قصة أصحاب السبت الذين وقعوا في المنكر، واحتالوا على الصيد في يوم السبت، وهم محرم عليهم، فذكر الله تعالى عن أهل هذه القرية أنهم انقسموا قسمين: قسم وقعوا في المنكر، واحتالوا على الصيد في يوم السبت.
القسم الثاني: قسم صالحون لم يقعوا في المنكر، ثم إن الصالحين انقسموا قسمين: قسم أنكروا على هؤلاء الذين وقعوا في المنكر، والقسم الثاني: لم ينكروا، بل مارسوا التثبيط للمنكرين، وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا [الأعراف:164] تأنيب وتثبيط، يقول: هؤلاء ما منهم فائدة اتركوهم، ماذا قالوا؟ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الأعراف:164] معذرة الإعذار إلى الله: هذا هو الغرض الأساسي من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
الأمر الثاني: قد يستجيبون ما تدري، قد يستجيبون طيب ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن الله تعالى عاقب الذين وقعوا في المنكر، قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [الأعراف:166] أما الذين لم يقعوا في المنكر أخبر الله تعالى عن نجاة المنكرين للمنكر، أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ [الأعراف:165] قال: هذا على سبيل التنويه بهم، ومدحهم، طيب الذين لم ينكروا المنكر، ولم يقعوا في المنكر لم يعاقبوا، لكن الله تعالى ترك ذكرهم تحقيرًا لهم، لا يستحقون أصلًا أن يُذكروا؛ ولهذا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه حماية للمجتمع، يستفيد منه المجتمع كله، وإذا قوي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كان في هذا الخير العظيم للمجتمع، وتنزلت البركات من السماء والأرض على المجتمع، وإذا ضعف الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كان هذا مؤذنًا بحلول العقوبات على المجتمع، بحسب ما تقتضيه حكمة الله ، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف:96] ومن أعظم التقوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإذا أردنا حلول البركات من السماء والأرض على مجتمعنا فينبغي تعزيز جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فضل الترديد خلف المؤذن
السؤال: هذا سائل يقول: لو ذكرت لنا فضيلة الشيخ فضل الترديد خلف المؤذن؟
الجواب: يقول النبي : من قال مثل ما يقول المؤذن، ثم سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة [27]، ولما سُئل قيل: يا رسول الله، إن المؤذنين يفضلوننا، قال: قل مثل ما يقول، ثم سل تعطه [28].
فالسنة إذًا أن يقول المستمع للأذان مثلما يقول المؤذن، إلا في الحيعلتين، حي على الصلاة، حي على الفلاح، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم بعد فراغ المؤذن يقول: اللهم صل وسلم على رسولك محمد، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته، وأيضًا يشرع أن يقول بعد قول: المؤذن أشهد أن محمدًا رسول الله المرة الثانية أن يقول: رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبينًا ورسولًا، هذه هي الأذكار المحفوظة عن النبي في هذا.
ما يقال عند قول المؤذن: الصلاة خير من النوم؟
السؤال: هذا سائل يقول: وعند قوله: الصلاة خير من النوم؟
الجواب: عند قول: الصلاة خير من النوم، يقول: الصلاة خير من النوم، ما يقول: صدقت؟ روي في حديث؛ لكنه ضعيف، فيقول: الصلاة خير من النوم؛ لعموم قوله: فقولوا مثل ما يقول. [29].
ما حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت؟
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت؟ وهل يصل؟ وجّهونا.
الجواب: إهداء ثواب قراءة القرآن للميت يجوز، ويصل الثواب للميت، وهكذا أيضًا سائر القُرب والعبادات، من أهدى ثوابها لميت نفعه ذلك، ولكن هذا من قبيل الجائز غير المشروع، لا يحث الناس عليه، لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا عن الصحابة أنهم كانوا يتسابقون على إهداء الثواب للأموات، لكن من فعل هذا فقد ورد ما يدل على جوازه، والثواب يصل للميت، الأفضل أن يقتصر المسلم على الدعاء للميت، والصدقة، وكذلك أيضًا الحج والعمرة خاصة إذا كان له عليه حق متأكد كأبيه أو أمه.
الدعاء هو الذي ذكره النبي في قوله: أو ولد صالح يدعو له [30] دعاء الحي للميت ينفعه، وأيضًا الصدقة الجارية ذكرها عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بقوله: صدقة جارية الصدقة إما تكون صدقة عادية صدقة غير جارية يصل ثوابها للميت، أو صدقة جارية، وهو الوقف، وهذه أعظم أجرًا وثوابًا، فهذه الأفضل الاقتصار على ذلك، وأيضًا إذا كان له عليه حق متأكد كوالده أو والدته، فالحج والعمرة أيضًا، أما ما عدا ذلك من تلاوة القرآن، وغيرها من أنواع القرب لو فعلها إنسان لم ينكر عليه، ولكن لا يحث الناس على ذلك، لكن نجد أن بعض الناس عنده ولع بإهداء الثواب للغير، أنا وجدت في الحرم كان عندي درس في الحرم شخص يقول: كل أعمالي أهديها، قلت: ماذا يبقى لك؟ قال: كنت أظن أن يكون لي من الثواب مثل الثواب الذي أهديه للميت، قلت: هذا غير صحيح، أنت إذا أهديت الثواب للميت ذهب الثواب للميت، أنت تُؤجر على نيتك، لكن الثواب أنت أهديته للميت، فهو ينتقل للميت مباشرة، أنت ما يصل لك شيء، كان في هذا تصحيح لهذه المعلومة، بعض الناس عنده هذا الفهم، حتى الصدقات إذا أهديت ثوابها لغيرك يذهب الثواب إليه، إلا إذا قلت: عني وعن مثلًا والدي المتوفى فيكون الثواب لكما جميعًا، لكن إذا قلت: لفلان، فالثواب يصل له مباشرة، فبعض الناس عنده هذا الولع، عنده هذه القضية كل عمل يعمله يهدي ثوابه لغيره، وكأنه سيعمر، كما أن هذا الميت بحاجة لعمل صالح أنت أيضًا بحاجة لعمل صالح، فالأحسن أن تكتفي بالدعاء له، والصدقة عنه، ونحو ذلك، وأما بقية الأعمال تجعلها لنفسك.
الاعتمار لأكثر من شخص في سفرة واحدة
السؤال: هذا سائل يقول: نحن الوافدون إلى هذه البلاد المباركة إذا ذهبنا إلى مكة يحب الواحد منا أن يعتمر عن نفسه، ثم عن أبيه، ثم عن أمه، ثم عن أهله، فبماذا توجهون وفقكم الله؟
الجواب: أخذ العمرة بعد العمرة لا بأس به من حيث الحكم؛ لقول النبي : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما [31] ولكن من حيث الأفضلية: الأفضل الاقتصار في السفرة الواحدة على عمرة واحدة؛ لأن هذا المنقول عن النبي عليه الصلاة والسلام والمأثور عن أكثر الصحابة أنهم يفعلون ذلك، إلا إذا كان الإنسان لن يأتي لمكة إلا في أحوال قليلة، أو نادرة، ويريد الآن يعتمر عن نفسه، ثم يخشى أنه لا يستطيع أن يأتي لمكة مرة أخرى، فيعتمر عن أبيه أو عن أمه، يذهب للتنعيم، ويعتمر عن أبيه أو عن أمه لا بأس، لكن من كان هنا من الإخوة المقيمين، الذهاب لمكة متيسر في أي وقت، فننصحهم بأن يقتصروا على عمرة واحدة في سفرة واحدة، هذا هو الأفضل والأكمل، لكن لو أنهم كرروا العمرة فلا بأس.
هل طلب العلم والدعوة إلى الله من الجهاد في سبيل الله؟
السؤال: هذا سائل يقول: هل طلب العلم الشرعي والدعوة إلى الله يعتبر جهاد في سبيله جل في علاه؟
الجواب: نعم، بل من أعظم الجهاد، والله لما ذكر الجهاد بالقرآن في الفترة المكية، قال: وَجَاهِدْهُم بِهِ يعني: بالقرآن جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان:52] ووصفه الله تعالى بالجهاد الكبير، بل إن جهاد السلاح إنما شرع لأجل نشر الدعوة، فجهاد الدعوة هو الأصل، وهو في الفترة المكية قد كان هو الموجود، جهاد الدعوة فقط؛ ولذلك يعني الدعوة إلى الله ونشر العلم لا شك أن هذه من أعظم أبواب الجهاد، ومن أعظم القربات إلى الله ، وينبغي لنا جميعًا أن نحرص على الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، ومعنى على بصيرة: أن يغلب على ظنك أن هذا الذي تدعو إليه أنه من شرع الله، وهذا كل منا يستطيع في أمور كثيرة، مثلًا: عندما تأمر بالصلاة هذا من مجالات الدعوة إلى الله تعالى، تأمر ابنك، قريبك، زوجتك، جارك تأمرهم بالصلاة مثلًا هذا من مجالات الدعوة إلى الله ، يعني: في أمور واضحة، لا يشترط الدعوة إلى الله تعالى أن لا تكون إلا من العلماء، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: بلغوا عني ولو آية [32].
المهم أن يغلب على ظنك أن هذا الذي تدعو إليه أنه من شرع الله ، ونحن الآن في حاجة ماسة إلى أن ينشط الدعاة إلى الله تعالى، ونحن نرى الآن نشاط دعاة الباطل، والله تعالى ذكر عن المنافقين والمنافقات أنهم لهم نشاط كبير الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ [التوبة:67] لهم نشاط ما يبقون ساكنين، لهم أمر ونهي، لكن أمر بماذا؟ أمر بمنكر، ونهي عن معروف؛ ولذلك ينبغي لأهل الحق أن يكون لهم نشاط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الدعوة إلى الله .
ينبغي أن يكون نفس الدعوة إلى الله تعالى موجودًا وحاضرًا لدى كل مسلم ومسلمة، مثلًا: قابلك إنسان غير مسلم، ينبغي أن تستغل الفرصة تغتنم الفرصة تدعوه للإسلام، ما تدري ربما تكون كلمة تقولها أنت هي سبب في إسلامه، وإذا أسلم على يدك يكون لك مثل أجر صلاته وصيامه وزكاته وحجه وجميع أعماله الصالحة، كأنه كتب لك عمر جديد، فهذا كل منا يقابل أناس غير مسلمين، فينبغي أن يكون جانب الدعوة إلى الله والحس الدعوي موجودًا وحاضرًا لدى كل واحد منا، بل أعجب من ذلك أن بعض الناس يكون لديه في البيت الخادمة أو السائق وهو غير مسلم ولم يدعوه يومًا من الأيام إلى الإسلام، وهذا تقصير كبير، فعليه مسؤولية كبيرة في أن يدعوه للإسلام، وأن يرغبه، وأيضًا لا بأس حتى إذا رأى منه ميلًا للإسلام أن يعطيه من الزكاة، فهو من المؤلفة قلوبهم.
صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
السؤال: هذا سائل يقول: إذا فاتتني صلاة المغرب ودخلت المسجد وكبر الإمام للعشاء، فكيف أتصرف؟
الجواب: أولًا: لماذا أخرت المغرب حتى حان وقت صلاة العشاء؟ إذا كان ذلك لعذر فلا بأس، أما إذا كان لغير عذر، فهذا لا يجوز، تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر من كبائر الذنوب، وتأخير الصلاة من غير عذر يدخل صاحبه في الساهين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] لكن لو افترضنا أن هذا وقع لعذر أو حتى لغير عذر، ودخلت مع الإمام، وهو يصلي صلاة العشاء، فهذا محل خلاف بين الفقهاء.
والقول الراجح: أنه يجوز أن تدخل معه، فإذا قام الإمام للركعة الرابعة تجلس أنت، وتكمل التشهد، وتسلم، ثم تدخل مع الإمام في الركعة الرابعة، وهي الأولى في حقك، هذا على القول الراجح لا بأس به، وليس هناك ما يمنع منه، وأما الاختلاف الذي بين الإمام والمأموم الذي نهى عنه النبي هو الاختلاف في الأفعال، وليس اختلاف في النية، وهو عليه الصلاة والسلام يقول: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه [33] ثم فسّر هذا الاختلاف فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع [34].
أما الاختلاف في النية قد ورد ما يدل على جوازه، كما ذكرنا في قصة معاذ كان يصلي بقومه، وبحقه نافلة، وبحقهم فريضة [35].
وهو اختلاف في النية، ولم يضر، وعلى ذلك فنقول: إذا قام الإمام للرابعة اجلس وأكمل التشهد وسلم، ثم لا بأس أن تدخل معه في الرابعة؛ لتكون الأولى في حقك في صلاة العشاء، هذا على القول الراجح لا بأس به.
الجمع بين الصلاتين للمرض
السؤال: هذا سائل يقول: والدي كبير السن وحركته صعبة جدًّا، فهل يجمع الفجر مع الظهر والعصر، هل يصلي كل صلاة بوقتها بتيمم أو يجمع الظهر والعصر بالوضوء، والمغرب والعشاء بوضوء؟
الجواب: يجوز له في هذه الحال الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وأما الفجر فإنها لا تجمع مع غيرها، لكن الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، ويجوز له أيضًا في هذه الحال التيمم؛ لأن الوضوء يشق عليه، وكذلك أيضًا كونه يصلي كل صلاة في وقتها يشق عليه، وهذا الدين يسر، الله تعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، ما دام أنه يلحقه الحرج والعسر بالوضوء، فله أن يعدل للتيمم، وأيضًا إذا كان يلحقه الحرج بترك الجمع جاز له أن يجمع.
حكم استقبال القبلة واستدبارها في البنيان
السؤال: هذا سائل يقول: أكرمكم الله إذا كان المرحاض قبالة القبلة في دورة المياه المبنية بالجدار، فماذا أفعل؟
الجواب: استقبال القبلة واستدبارها في البنيان هذا محل خلاف بين العلماء، هل يجوز أو لا يجوز؟ والقول الراجح: أنه لا يجوز مطلقًا؛ لعموم قول النبي : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها [36]، ثم أيضًا من أجاز ذلك في البنيان ما ضابط البنيان هل ضابطه هذا الجدار؟ من يقضي حاجته في الفضاء بينه وبين القبلة جبال وأودية وأشجار وأحجار، ثم أيضًا هل المقصود من عدم استقبال القبلة واستدبارها تعظيم القبلة أو الكعبة؟
المقصود هو القبلة، وإذا كانت القبلة فلا يحول بينه وبينها جدار ولا بنيان، وعلى هذا فلا يجوز استقبال القبلة واستدبارها، هذا القول الراجح: اختاره جمع من المحققين من أهل العلم، كابن تيمية، وابن القيم، وجمع من المحققين من أهل العلم، إذا كان المرحاض متوجهًا للقبلة، فماذا يفعل؟
أقول: يفعل كما كان يفعل الصحابة، الصحابة يقولون: فقدمنا إلى الشام، فوجدنا مراحيض باتجاه القبلة، أو قال: مستقبلة الشام مستدبرة الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله [37].
حكم الجلوس للعزاء، وصنع الطعام لمن يأتي
السؤال: هذا سائل يقول: ما حكم الجلوس للعزاء، وصنع الطعام لمن يأتي؟
الجواب: الجلوس للعزاء إذا لم يكن في ذلك توسع، وإنما جلوس من أقارب الميت، استقبال المعزين، لا بأس به، وقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنه كان إذا مات الميت اجتمع عندها الناس، فإذا خرج الناس ولم يبق إلا أهل بيتها صنعت لهم التلبينة، وهي حساء يصنع من دقيق، وشعير ونحوه، ثم قالت: سمعت النبي يقول: التلبينة مجمة للفؤاد، تذهب بعض الحزن [38]، وهذا في صحيح البخاري ومسلم.
وأما حديث جرير : “كنا نُعد الاجتماع لأهل الميت وصنع الطعام من النياحة” [39] فهو حديث ضعيف، رواه الإمام أحمد، وضعفه الإمام أحمد، كما في مسائل أبي داود، وقد ضعفه الإمام أحمد نفسه.
واجتماع أقارب الميت يحقق مقصودًا شرعيًّا، وهو التكافل الاجتماعي؛ لأن هؤلاء الذين أصيبوا بهذه المصيبة، إذا اجتمع عندهم قرابتهم وواسوهم يحصل لهم من الأُنس ومن الجبر شيء عظيم؛ ولهذا يجدون الوحشة بعد انتهاء أيام العزاء؛ ولذلك فهذا الاجتماع لا بأس به، وكان شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله يجيزه، ويقول: إنه لا بأس به، ومن منع من ذلك من العلماء وشدد فيه فهو معتمد على حديث جرير ، وكما قلنا: حديث ضعيف، لكن ينبغي عدم التوسع في ذلك، لا يجعل العزاء كأنه فرح، ويوضع هناك سرادق، ويوضع هناك أمور كما تصنع في أوقات الفرح، ينبغي عدم التوسع.
وأيضًا صنع الطعام لا يكون من أهل الميت، وإنما يكون من غير أهل الميت، كأن يكون من جيرانهم، أو أقاربهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: اصنعوا لآل جعفر طعامًا، فقد أتاهم ما يشغلهم [40] إلا إذا قدم ضيوف على أهل الميت، ولم يوجد من يصنع الطعام من جيرانهم أو أقاربهم، فهنا لا بأس أن يصنعوا الطعام باعتباره إكرامًا للضيف، هذا هو القول الوسط في هذه المسألة، وهي وسط بين من يشدد فيها، ويمنع مجرد الاجتماع، وبين من يفتح المجال والباب على مصراعيه، القول الوسط في نظري أنه هو الأقرب: أنه لا بأس باجتماع قرابة الميت وأهل الميت، لكن لا يصنعون للناس الطعام، وإنما يصنعه من جيرانهم، أو من قرابتهم، ونحو ذلك، لكن أهل الميت أنفسهم لا يصنعون الطعام، إذا كان كذلك فلا بأس به إن شاء الله.
هل يكفي غسل الجمعة عن الوضوء؟
السؤال: هذا سائل يقول: هل يكفي غسل الجمعة عن الوضوء ما لم يتوضأ؟
الجواب: غسل الجمعة هو مستحب، وليس واجبًا في قول أكثر أهل العلم، والوضوء واجب، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] والغسل المستحب لا يكفي عن الوضوء الواجب، وإنما الذي يكفي هو ما ذكره جمهور الفقهاء من الغسل الواجب، قالوا: يكفي عن الوضوء؛ لأنهما طهارتان صغرى وكبرى، دخلت الصغرى في الكبرى، وأما غسل الجمعة فإنه مستحب، فلا يكفي عن الوضوء الواجب، على القول الراجح.
وهذا القول أيضًا اختاره شيخنا عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى: أن غسل الجمعة لا يكفي عن الوضوء، وحينئذٍ نقول: من اغتسل يوم الجمعة السنة أن يكون غسله على صفة غسل الجنابة، وصفة غسل الجنابة: يبدأ فيه بالوضوء، وهذا يكفي، أو أنه إذا اغتسل غسل الجمعة يتوضأ بعد هذا الغسل، أما أنه يغتسل غسل الجمعة، وغسل التبرد، أو غسل النظافة، ثم يأتي للمسجد ويصلي فهذا لا يجزئه، لا بد من الوضوء، لا بد من أن يتوضأ، الأصل أن المسلم مطالب بالوضوء إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] لا يكفي الوضوء عن الغسل إلا إذا كان الغسل واجبًا، حتى يقال بتداخل الطهارتين الصغرى والكبرى، لكن إذا كان الغسل غير واجب، فالتداخل هنا غير وارد، ويبقى المسلم مطالبًا بالوضوء أصلًا.
ثم أيضًا يا إخواني المسائل التي الأثر مترتب عليها كبير، يعني صحة وعدم صحة، ينبغي الاحتياط فيها، صحيح هذه المسألة محل خلاف، لكن ينبغي لك أن تحتاط في مثل هذه المسائل التي الأثر فيها كبير، لكن لو أتيت اغتسلت الجمعة، ثم أتيت للمسجد فعلى رأي أكثر أهل العلم أنه لا تصح صلاة الجمعة بالنسبة لك، يعني لماذا تعرض صلاتك للبطلان؟ توضأ، والحمد لله، الماء متيسر، والوضوء لا يكلفك شيئًا كثيرًا.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037. |
---|---|
^2 | رواه مسلم: 2689. |
^3 | رواه أبو داود: 4727. |
^4 | رواه مسلم: 2788. |
^5 | رواه الترمذي: 2312، وأحمد: 21516. |
^6 | بنحوه رواه مسلم: 162. |
^7 | رواه مسلم: 2577. |
^8 | رواه البخاري: 1303، ومسلم: 2315. |
^9 | رواه البخاري: 1304، ومسلم: 924. |
^10 | رواه البخاري: 1469، ومسلم: 1053. |
^11 | رواه الترمذي: 135، وابن ماجه: 639، وأحمد: 9536. |
^12 | رواه مسلم: 2230. |
^13 | رواه البخاري: 527، ومسلم: 85. |
^14 | رواه مسلم: 488. |
^15 | رواه مسلم: 82. |
^16 | رواه الترمذي: 2621، وابن ماجه: 1079، والنسائي في السنن الكبرى: 326، وأحمد: 22937. |
^17 | رواه أبو داود: 430، وابن ماجه: 1403. |
^18 | رواه مسلم: 688. |
^19 | رواه البخاري: 705، ومسلم: 465. |
^20 | رواه البخاري: 1088، ومسلم: 1339. |
^21 | رواه مسلم: 1718. |
^22 | رواه البخاري: 2697، ومسلم: 1718. |
^23 | رواه البخاري: 6636، ومسلم: 1832. |
^24 | رواه البخاري: 6116. |
^25 | بنحوه ابن ماجه: 2046. |
^26 | رواه مسلم: 49. |
^27 | رواه البخاري: 614. |
^28 | رواه أبو داود: 524، والنسائي في السنن الكبرى: 9789، وابن حبان: 1724. |
^29 | رواه البخاري: 611، ومسلم: 383. |
^30 | رواه مسلم: 1631. |
^31 | رواه البخاري: 1773، ومسلم: 1349. |
^32 | رواه البخاري: 3461. |
^33 | رواه البخاري: 722، ومسلم: 414. |
^34 | رواه أبو داود: 603، وأحمد: 8502. |
^35, ^37 | سبق تخريجه. |
^36 | رواه البخاري: 394، ومسلم: 264. |
^38 | رواه البخاري: 5417، ومسلم: 2216. |
^39 | رواه أحمد: 6905. |
^40 | رواه أبو داود: 3132، والترمذي: 998، وابن ماجه: 1610، وأحمد: 1751. |