عناصر المادة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله تعالى أن يتقبل صلاتنا، وأن يستجيب دعواتنا، وأن يستعملنا جميعًا في طاعته، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
اغتنام المواسم الفاضلة
أيها الإخوة: نعيش في هذه الأيام والليالي موسمًا مباركًا من مواسم الطاعة، ومن مواسم العبادة ومن مواسم التجارة مع الله بالأعمال الصالحة، هذا الموسم هو شهر رمضان الذي فيه تضاعف الحسنات، وترفع الدرجات، وتكفر الخطايا والسيئات، فاجتهدوا رحمكم الله فما هي إلا أيام معدودات وسرعان ما ينقضي وتطوى ساعات الشهر، وعمر الإنسان قصير في هذه الدنيا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وقليل منهم من يجوز ذلك [1]، فحتى من يصل إلى الستين والسبعين هم قليل نسبة إلى من يموتون وهم في سن الشباب، ولذلك فعلى الإنسان أن يغتنم ما تبقى من عمره وأن يتزود بزاد التقوى فإنه والله هو الكنز الحقيقي الذي يغتبط به الإنسان حيًّا وميتًا.
أيها الإخوة: يعيش الإنسان في هذه الحياة الدنيا ما قدر الله له أن يعيش ثم بعد ذلك يأتيه الأجل الذي قد كتب له قبل أن يخلق: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرونَ ساعَةً وَلا يَستَقدِمونَ [الأعراف:34]، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:11].
ماذا بعد الموت؟
ثم بعد ذلك ينتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة ومن مات فقد قامت قيامته ويبقى في فترة البرزخ إما في نعيم أو عذاب، وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات نعيم القبر وعذابه، يبقى هذه المدة إلى قيام الساعة، وظاهر الأدلة على أنه لا يشعر بمرور الوقت، لكنه يكون كالنائم إما في نعيم أو في عذاب، ولذلك يتفاجأ من بعد موته بقيام الساعة، قالوا يا وَيلَنا مَن بَعَثَنا مِن مَرقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحمنُ وَصَدَقَ المُرسَلونَ [يس:52]، ولذلك يا إخواني ما أقرب الآخرة من الدنيا؟! وما أقرب الساعة منا؟! اقتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ [القمر:1]، اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ [الأنبياء:1].
ثم بعد ذلك في آخر الدنيا يأمر الله تعالى إسرافيل بالنفخ في الصور، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، واختلف العلماء: هل الصعق يشمل الملائكة فتموت أيضًا أم لا؟
وجمهور العلماء على أن الملائكة أيضًا تموت؛ لأن الله قال: كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ لَهُ الحُكمُ وَإِلَيهِ تُرجَعونَ [القصص:88].
ثم يبقى الخلائق بعد ذلك أربعين، وهذه الأربعون مدة زمنية الله أعلم بها، ثم بعد ذلك يرسل الله تعالى ماءً كمني الرجال يمطر كالمطر فتنبت الأجساد من عجب الذنَب؛ لأن أجساد بني آدم تأكلها التراب ولا يبقى منها شيء إلا عجب الذنب؛ وهو العصعص آخر العمود الفقري، وهو لا يُرى بالعين المجردة، ومنه يركب الخلق يوم القيامة إلا الأنبياء ومن شاء الله من الصديقين والشهداء فهؤلاء لا تأكل الأرض أجسادهم، فإذا تكامل نمو أجساد البشر جمع الله تعالى الأرواح في الصور وأمر إسرافيل بالنفخ فيها، فينفخ فيها فتتطاير الأرواح كل روح تذهب إلى جسدها بقدرة العزيز الحكيم سبحان الله!
أهوال يوم القيامة
ثم يقوم الناس من قبورهم حُفاة عُراة غُرلًا: يعني غير مختونين، بُهْمًا: يعني ليس معهم شيء.
وهذه الأرض التي الآن نعيش عليها هي كروية، لكنها يوم القيامة تمد حتى تصبح كالأديم، وتُنسف الجبال: وَإِذَا الجِبالُ نُسِفَت [المرسلات:10]، وتصبح الأرض مستوية ويحشر الناس عليها، خلق عظيم هائل إذا كان الآن عدد سكان الأرض يزيد على سبع مليارات كم عددهم منذ أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة؟! وليسوا فقط البشر معهم الجن ومعهم كذلك الوحوش والحيوانات كلها تحشر وَإِذَا الوُحوشُ حُشِرَت [التكوير:5]، وتموج بهم الأرض موجًا، وكلٌ مشغول بنفسه، تقول عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله: “الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟” لأنهم يحشرون عراة قال: يا عائشة؛ الأمر أشد من ذلك [2].
يوم عظيم، يرى الإنسان أحب الناس إليه في الدنيا يفر منه فرارًا، يفر قال بعض أهل العلم: خشية أن يطالبوه بحسنة. يفر من أمه وأبيه وزوجته، ويفر من بنيه، ويفر من أحب الناس إليه في الدنيا؟
لماذا؟! لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ [عبس:37]
كلٌ مشغول بنفسه، وهذا اليوم أيها الإخوة يوم طويل جدًّا مقداره خمسون ألف سنة، تصور يا أخي طول هذا اليوم، خمسون ألف سنة، كم نسبة عمرك إلى هذا اليوم؟! كم نسبة عمرك إلى آخره؟ تجد أن هذه الدنيا قصيرة جدًّا لا تستحق من الإنسان كل هذا التعب والشقاء والنصب..
الشفاعة العظمى
ويصيب الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون معه ولا يحتملون، كما أخبر بذلك النبي ، تصيبهم كربة، كرب شديد هو يوم طويل جدًّا، فيقول البشر بعضهم إلى بعض: ألا نطلب من أحد يشفع لنا عند الرب سبحانه لكي يفصل ويقضي بينه وبين عباده؟ ثم يقولون: لماذا لا نذهب إلى أبينا آدم؟ فيذهبون إلى آدم ويقولون: يا آدم! أنت أبو البشر خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟
فيعتذر آدم فيقول: نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.
قالوا: لمن نذهب؟
قال: اذهبوا إلى نوح.
فيذهبون إلى نوح، فيقول: نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.
قلنا: إلى أين نذهب؟
قال: اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إلى إبراهيم، فيقول نفسي نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.
يقولون: إلى أين نذهب؟
يقولون: اذهبوا إلى موسى. فيقول موسى: نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.
يقولون: إلى أين نذهب؟
يقولون: اذهبوا إلى عيسى.
فيأتون عيسى فيقول: نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري.
فيقولون: إلى أين نذهب؟
فيقولون: إلى محمد، عبد قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فيذهبون إلى محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بآبائنا هو وأمهاتنا، فلا يقول: نفسي نفسي، فيقول: أنا لها أنا لها. وهو والله الحقيق بها والجدير بها صلوات ربي وسلامه عليه، فيذهب ويسجد تحت العرش، فيفتح الله عليه من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا عظيمًا.
ثم يقول الله له: يا محمد؛ ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع.
فيشفع لفصل القضاء بين العباد. هذه هي الشفاعة العظمى، ماذا يسأل الله تعالى في هذه اللحظة التي يقول له الرب : سل تعطه؟ ماذا يسأل؟ هل يقول: نفسي نفسي؟
يقول: يا رب؛ أمتي أمتي. فصلوات الله وسلامه عليه ما أعظم شفقته بأمته؟! وما أعظم رحمته بأمته؟! حتى في هذا الموقف العصيب الذي يقول فيه أولوا العزم من الرسل يقول كلٌ منهم: نفسي نفسي فصلوات الله وسلامه عليه، وألوا العزم يرون أن هناك رجل أولى بالشفاعة منهم وهو محمد بن عبد الله عليهم الصلاة والسلام جميعًا؛ فيظهر الله تبارك وتعالى فضل هذا النبي على الأولين والآخرين، وهذه هي الشفاعة العظمى، وهو المقام المحمود الذي أعطي إياه، وكان ممكن أن يأتي البشر إلى محمد عليه الصلاة والسلام مباشرة، لكن الله يريد إظهار فضله وشرفه وعظمته صلوات الله وسلامه عليه؛ فيقبل الله شفاعته.
يقول الله له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك [3]، ويعطي الله هذه الأمة من الكرامة شيئًا عظيمًا حتى إن نصف أهل الجنة من هذه الأمة مع أن عددها بالنسبة للأمم قليل، كالشعرة في جلد الثور، ومع ذلك نصف أهلها من هذه الأمة كما جاء في الأثر: ما من أحد من الأمم يوم القيامة إلا ويتمنى أن يكون من هذه الأمة. [4] ويقبل الله شفاعته، وتنصب الموازين، وتوزن الأعمال.
وزن الحسنات والسيئات
يؤتى بحسنات الإنسان التي عملها في الدنيا كلها وتوضع في كفة، والسيئات في كفة، وقبل ذلك يكون القصاص بين الناس، القصاص بين الناس في الحسنات والسيئات، فيأتي بعض الناس بحسنات عظيمة جمعوها من صلوات وصيام وصدقات؛ لكنهم بسبب سوء أخلاقهم وسوء سلوكهم يوزعونها على الناس، ضرب هذا، وشتم هذا، وقذف هذا، وسخر من هذا، واغتاب هذا، ثم تبدأ الحسنات تتطاير عنده وهو ينظر! أجور الطاعات التي عملها لله تذهب في ميزان حسنات غيره، فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم وطرحت عليه، هذا والله المفلس حقيقة، إنسان له عناية بالشعائر التعبدية، له حسنات لكن عنده سوء سلوك مع الآخرين بالشتم والضرب والسخرية والاستهزاء وأكل المال بالباطل؛ فالناس يأخذون منه هذه الحسنات، هذا يقول يا رب هذا قذفني، هذا ظلمني هذا كذا.. فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته، وتعظم حسراته عندما يرى أن حسناته تذهب لميزان حسنات غيره، ثم يكون بعد ذلك الميزان، ومن تمام عدل الله أن جعل أعمال الإنسان تمثل والله على كل شيء قدير، تجعل الحسنات في كفة والسيئات في كفة، ثم توزن بميزان حسي له كفتان، فإن رجحت كفة الحسنات: فَأَمّا مَن ثَقُلَت مَوازينُهُ فَهُوَ في عيشَةٍ راضِيَةٍ [القارعة:6-7]، وإن رجحت كفة السيئات: وَأَمّا مَن خَفَّت مَوازينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌوَمَا أَدراكَ مَا هِيَه نَارٌ حامِيَةٌ [القارعة:8-11].
وهناك طائفة من البشر أناس تتساوى حسناتهم وسيئاتهم، سبحان الله!
ما ترجح كفة الحسنات ولا بحسنة واحدة، ولا ترجح كفة السيئات ولا بسيئة واحدة، وهؤلاء هم أهل الأعراف يوقفون في مكان بين الجنة والنار، ثم يكون أمرهم إلى الجنة برحمة أرحم الراحمين، وهذا من تمام عدل الله ألا يتساووا مع من ثقلت حسناتهم.
ويرى الإنسان أيها الإخوة بعد مماته أن كل شيء مرتب على ما عمل في هذه الحياة الدنيا كل شيء، فيبوء بالحسرات والندم، كيف أنا مر عمري في لهو وفي غفلة؟! ما عملت صالحًا، كل شيء مرتب على ما عملت في الدنيا.
ومن تمام عدل الله أيضًا أن كل إنسان يُعطى كتابه، إن كان من أهل السعادة أهل الجنة أُعطي كتابه بيمينه، وإن كان من أهل النار أُعطي كتابه بشماله أو من وراء ظهره، هذا الكتاب كتاب عجيب كل شيء مسجل فيه، كل شيء! وَوُضِعَ الكِتابُ يعني كتاب الأعمال فَتَرَى المُجرِمينَ مُشفِقينَ خائفين مِمّا فيهِ وَيَقولونَ يا وَيلَتَنا مالِ هذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً إِلّا أَحصاها وَوَجَدوا ما عَمِلوا حاضِرًا وَلا يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49].
بعد ذلك قيل إن الناس يبقون في هذا خمسًا وعشرين ألف سنة، ثم بعد ذلك يعبرون الصراط، واستدل بعض أهل العلم لذلك بقوله تعالى: أَصحابُ الجَنَّةِ يَومَئِذٍ خَيرٌ مُستَقَرًّا وَأَحسَنُ مَقيلًا [الفرقان:24].
قالوا: القيلة تكون في منتصف النهار، معنى ذلك خمسون ألف سنة، نصفها خمسة وعشرون ألفًا، والله أعلم!
بعد ذلك جميع البشر لا بد أن يعبروا الصراط المنصوب على متن جهنم، كلٌ يعبر حتى الأنبياء والرسل، لكنهم يتفاوتون في هذا العبور، بعضهم يمر كالبرق، منهم من يمر كالريح، يعني يتفاوتون في سرعة المرور.
نهاية الرحلة البشرية
ثم بعد ذلك تستقر البشرية، فريق في الجنة وفريق في السعير، ويكرم الله تعالى أهل التوحيد، حتى من كان من أهل النار لكنه مات على التوحيد لا يخلد في النار، يخرج من النار برحمة أرحم الراحمين ويدخل الجنة، وهذا يدل يا إخواني على أهمية التوحيد وإخلاص الدين لله تعالى، التوحيد شأنه عظيم جدًّا، من مات على التوحيد فهو إلى خير حتى إن دخل النار لن يخلد فيها، لكن من مات على الشرك هذا من يدخلها أبد الآبدين، ويخرج الله تعالى من مات على التوحيد، ثم إذا خرجوا جميعهم واستقر فريق في الجنة وفريق في السعير يؤتى بالموت على صورة كبش أملح يُقال: يا أهل الجنة أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا هو الموت. ويقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، الموت. ويذبح في مكان بين الجنة والنار. ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، كما أخبر بذلك النبي [5]، والحديث في الصحيحين، ولا تقل كيف فالله على كل شيء قدير، فيعظم سرور أهل الجنة وتزداد حسرات أهل النار، وتكون هذه نهاية البشر، نهاية الرحلة البشرية التي نحن فيها الآن: فَريقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَريقٌ فِي السَّعيرِ [الشورى:7]
هذه هي نهاية البشر، نحن الآن في هذه الرحلة نحن في أهم مرحلة وهي مرحلة العمل والتي يترتب عليها ما بعدها، ما بعد هذه المرحلة كله مترتب عليها، فما أنت صانع في هذه المرحلة؟ إن أحسنت فقد سعدت السعادة الأبدية التي ما بعدها سعادة، أما إن لم تحسن وفشلت في العمل في هذه المرحلة خسرت كل شيء حتى نفسك، ولا قيمة لما يحصل الإنسان في الدنيا من أي شيء، المال، الجاه، من أي شيء، إذا كان الإنسان فشل في علاقته بربه سبحانه ولم يشتغل بطاعة الله .
هذه المعاني -أيها الإخوة- يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا وألا تغيب عنا، كيف يغيب عن الإنسان مصيره ومستقبله؟ لا بد أن تكون هذه المعاني يا إخواني حاضرة عندنا وأن الإنسان يستحضر في كل يوم يمر عليه لا بد أن يكون ازداد عملًا صالحًا، لقد زاد من رصيده، لقد عمل عملًا صالحًا، كل يوم يمر من أعمارنا يقربنا من الآخرة ويقربنا من الموت. يا ابن آدم؛ إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
واكتفي بهذا القدر في هذه الكلمة، وأترك بقية الوقت للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
الأسئلة
بارك الله فيكم شيخنا ونفعنا بما سمعنا، الأسئلة كثيرة نجيب على ما تيسر منها:
السؤال: سائل يسأل فضيلة الشيخ ما حكم قراءة سورة غير سورة الأعلى والكافرون في ركعات الشفع والوتر؟
الجواب: لا بأس بذلك؛ لكن الأفضل أن يكون الغالب قراءة سورة: سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأَعلَى، وقراءة سورة: قُل يا أَيُّهَا الكافِرونَ وقُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وإذا كان في بعض هذه المرات قرأ من غير هذه السور فلا بأس.
السؤال: رجل صلى مع الإمام وهو قد بدأ بالقراءة هل يقرأ دعاء الاستفتاح؟
الجواب: إذا أتى المأموم والإمام قد بدأ في القراءة فلا يقرأ دعاء الاستفتاح، لقول الله تعالى: وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ [الأعراف:204]، قال الإمام أحمد: هذه الآية نزلت في الصلاة. وإنما يقرأ دعاء الاستفتاح إذا أدرك تكبيرة الإحرام، أما إذا أتى والإمام يقرأ، فلا يقرأ دعاء الاستفتاح، وإنما ينصت لقراءة إمامه.
السؤال: كم نصاب الذهب، وهل يُزكى الذهب المستعمل؟
الجواب: نصاب الذهب هو عشرون مثقالًا ويعادل 85 جرامًا، وهذا ظاهر في الذهب المعد للتجارة كأصحاب محلات الذهب ونحوهم وهم يزكون، وأما الحُلي المعد للاستعمال فأكثر أهل العلم على أنه لا تجب الزكاة فيه، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة والمنقول عن أكثر الصحابة أنه لا زكاة فيه، وذلك لأن قاعدة الشريعة أن ما كان معدًّا للاستعمال والقنية لا زكاة فيه، كما قال عليه الصلاة والسلام: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة [6].
أما من ذهب إلى إيجاب الزكاة فيه وهم الحنفية، استدلوا بأحاديث كلها لا تثبت، كلها ضعيفة، حديث المسكتين من ورق، وحديث فتخات الورق، وحديث الأوضاح؛ كلها ضعيفة، ولهذا قال الترمذي: “لا يثبت في هذا المعنى شيء”، وعلى ذلك فالأشياء المعدة للاستعمال عمومًا كلها لا زكاة فيها، الحلي المعد للاستعمال لا زكاة فيه، سيارة الإنسان لا زكاة فيها، بيت الإنسان لا زكاة فيه، جميع الأشياء المعدة للاستعمال والقنية، هذه كلها لا زكاة فيها.
السؤال: ما هو السبيل إلى خشية الله سبحانه؟
الجواب: هذا السؤال سُئل أيام الحسن البصري رحمه الله جاء رجل وقال: ما السبيل إلى الخشية، وأجد قسوة بقلبي فما الحل؟ فقال له الحسن رحمه الله: “أذب قسوة قلبك بكثرة ذكر الله”، كثرة ذكر الله هو السبيل للخشية، وهو السبيل إلى رقة القلب، وهو السبيل إلى طمأنينة القلب، لأن الإنسان إذا تعلق بالأمور المادية يقسو قلبه ويغفل ويذهل، لكن إذا أكثر من ذكر الله ، تعلق قلبه بالله سبحانه، فتأتي لديه الخشية وكذلك تأتي لديه رقة القلب والخشوع، فينبغي للمسلم أن يكثر من ذكر الله ، ثم أيضا الذكر يحصل به الإنسان أجورًا عظيمة مع أنه يسير، أضرب لهذا مثلًا: جاء في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص أن النبي قال يومًا: أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قالوا: يا رسول الله؛ كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، يكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه بها ألف سيئة [7]، سبحان الله! مائة تسبيحة كم تأخذ منك وقت وجهد؟ تقول: سبحان الله.. سبحان الله.. كم تأخذ؟ دقائق قليلة وجهد يسير ومع ذلك تكسب عليه ألف حسنة! والأحسن أن تقرنها بالحمد تقول: سبحان الله وبحمده، وهكذا أيضا التحميد والتهليل والتكبير والتلاوة القرآن، كلها فيها أجور عظيمة، هذه كلها من أسباب تحصيل الخشية ورقة القلب.
السؤال: هل يصح شرب الماء وقت أذان الفجر؟
الجواب: نعم، لا بأس بشرب الماء والأكل وقت أذان الفجر؛ وذلك لقول النبي : إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه [8]، وهذا الحديث أخرجه أبو داود وله شواهد وطرق متعددة وهو ثابت بمجموعها.
ومن جهة النظر: فإن الفجر لا يطلع دفعة واحدة، وإنما هو إضاءة من جهة الشرق تزداد شيئًا فشيئًا، ولذلك لو راقب اثنان الفجر ربما يختلفان الأول يقول: طلع. والآخر يقول: ما طلع. ولذلك قال الله تعالى: وَكُلوا وَاشرَبوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيلِ [البقرة:187]، كان مؤذن النبي رجلًا أعمى لا يؤذن حتى يُقال: أصبحت. أصبحت. وهذا هو المأثور عن الصحابة ، كان ابن عباس عنده غلامان يقول: راقبا لي الفجر. فإذا قال أحدهما طلع والآخر قال لم يطلع جعل يأكل حتى يتفقان على أنه طلع. ورويت أيضًا آثار أخرى عن السلف في هذا مما يدل على التسامح في هذه المسألة، وكما ذكرت أنهم يرون أن الفجر أن إضاءته تزداد شيئًا فشيئًا، والله أعلم.
فالله أمر بالإمساك عند التبين؛ عند التبين للناس جميعًا: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيلِ [البقرة:187]، بعض العامة يشدّد في هذه المسألة تشديدًا في غير محله، بل بعضهم إذا أذن واللقمة في فمه أخرج اللقمة ولفظها هذا غير صحيح، هذا تشديد في غير محله لك أن تأكل وأن تشرب إلى أن يفرغ المؤذن من الأذان.
السؤال: هل يشترط استئذان من يراد أداء العمرة عنه قبل القيام بها؟
الجواب: نعم، لابد من الاستئذان؛ لأنه قد لا يأذن، ولابد أيضًا من أن يكون عاجزًا، أما إذا كان قادرًا فلا تصح النيابة عنه، لكن إذا كان عاجزًا فيستأذن فإن أذن أن يعُتمر عنه، فإنه يُعتمر عنه، وإن لم يأذن فلا.
السؤال: هل يجوز وضع أموال لليتامى في البنك للحفاظ عليها؟
الجواب: لا يجوز، هذا لا يجوز مطلقًا، والربا شأنه عظيم جدًّا، والله تعالى توعد آكل الربا بالحرب: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ فَإِن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ [البقرة:278-279]، ما معنى الحرب من الله ورسوله؟ إذا كان الإنسان في حرب مع الله معنى ذلك أن يتوقع أن تأتيه المصيبة من أي جهة، حرب مع الله مع الخالق سبحانه تأتيه مصيبة في بدنه مصيبة في ماله مصيبة في أهله، مصيبة في أي شيء، فتح على نفسه جبهة حرب مع الله تعالى، فالربا شأنه عظيم الله سبحانه يقول: يَمحَقُ اللَّهُ الرِّبا [البقرة:276] عندما يقول الله في كتابه الذي يتلى، يتلوه جميع البشر: يَمحَقُ اللَّهُ الرِّبا [البقرة:276] لا بد من تحقيق المحق، لا بد مثل ما نرى الشمس تطلع من الشرق وتغرب من الغرب، لا يمكن أن يقول الله: يَمحَقُ اللَّهُ الرِّبا [البقرة:276]؛ ولا يمحق الربا، أبدًا؛ الربا شأنه عظيم جدًّا.
ولذلك لا يجوز أن تُجعل أموال لأيتام في البنوك، وأخذ فوائد ربوية عليها، هذا محرم ومن كبائر الذنوب، ومن يفعل ذلك بالنسبة لأموال اليتامى هذا خيانة للأمانة ولا يجوز، لكن بالنسبة لأموال اليتامى أن تستثمر بالاستثمارات الشرعية؛ فإن وجد استثمارات مباحة هذا هو المطلوب، وإن لم توجد فلا توضع في البنوك الربوية ويؤخذ عليها الفوائد.
السؤال: هل يجوز للمرضع أن تفطر في رمضان، وإن أفطرت فهل تطعم عن كل يوم مسكين أم تكتفي بالقضاء؟
الجواب: المرضع والحامل يجوز لهما الفطر في نهار رمضان إذا احتاجتا لذلك، وإذا أفطرتا المرضع والحامل فإنهما تقضيان ولا يلزمهما شيء على القول الراجح، وأفتى شيخنا عبدالعزيز بن باز بذلك وشيخنا محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى: أن الواجب عليهما القضاء فقط لأنهما كالمريض، وأما الإطعام فلم يرد فيه دليل صحيح عن النبي ، وإنما ورد أثر عن ابن عباس واجتهاد منه والصواب ما دل عليه ظاهر القرآن بأن الواجب القضاء، والله تعالى يقول: وَمَن كانَ مَريضًا أَو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيّامٍ أُخَرَ [البقرة:185].
والحامل والمرضع في حكم المريض، فإذا أفطرتا وجب عليهما القضاء فقط، ولا يجب عليهما الإطعام.
السؤال: يا شيخ؛ نحن من الرياض وسافرنا إلى جدة في نهاية شعبان أنا وأولادي، ثم أحرمت للعمرة من جدة ليلة رمضان، دخلت في النسك وأدينا العمرة قبل الفجر، ليلة الخميس؛ فما حكم العمرة، وهل دخلت في ثواب رمضان؟
الشيخ: أحرمت يوم الخميس؟
السائل: نعم يوم الخميس.
الشيخ: ومتى أحرمتم؟
بعد المغرب.
الشيخ: طيب هل كنت ناويًا من الرياض هناك؟
السائل: كنت ناوٍ؛ ولكن حصل لي ظرف كنت لازم أذهب جدة أخلص أشغالي.
الشيخ: كان لا بد ترجع إلى الميقات وتحرم منه، الأخ ذهب لجدة وأحرم من جدة ولم يرجع إلى الميقات، فإذا كنت جازمًا بنية العمرة من الرياض هنا، معنى ذلك تجاوزت الميقات بدون إحرام يكون عليك دم تذبحه في الحرم ويوزع على فقراء الحرم، أما إذا كنت مترددًا في النية ليست بجازم، تقول على حسب الظروف، ثم بعد ذلك جزمت بالنية من جدة فلا شيء عليك وعمرتك صحيحة.
السؤال: هل تعتبر العمرة في رمضان؟
الجواب: نعم، إذا كانت العمرة من بعد المغرب ليلة الخميس معنى أن ذلك كان في رمضان، والعمرة في رمضان يا إخواني أجرها أجر حج، ولذلك ينبغي لمن تيسر له أن يأتي بعمرة أن يبادر لذلك، لأنها أجرها أجر حج كما قال [9]، الحديث في الصحيحين، وهذا من فضل الله على عباده أن العمرة أجرها ثواب حج، ولذلك فينبغي المبادرة لهذا العمل الصالح.
السؤال: ما هو الأفضل في الدعاء في صلاة التراويح بعد القراءة مباشرة أم بعد القيام من الركوع؟
الجواب: دعاء القنوت في صلاة التراويح يكون بعد الرفع من الركوع، وهذا هو المعروف والمأثور عن الصحابة، أما ما قبل الرفع من الركوع فلم يثبت في ذلك شيء، وأما حديث أنس أن النبي قنت قبل الركوع فمراده بذلك طول القيام، والإمام مؤتمن، واجتهاداته الخاصة يجعلها لنفسه فإذا كان يصلي بالناس لا يأتي بمثل هذه الاجتهادات الخاصة، يُنكر عليه، اجتهاداتك اجعلها لنفسك لكن ينبغي أن تلتزم بما عليه فتوى العامة من علماء البلد، ولذلك ينبغي أن يكون دعاء القنوت بعد الرفع من الركوع، لأن كونه قبل الرفع من الركوع فيه خلاف كثير، والأقرب أنه غير مشروع.
السؤال: إذا خرج الريح في منتصف الوضوء هل يكمل وضوءه أم يعيده؟
الجواب: يعيد الوضوء، إذا خرج الريح وهو في منتصف الوضوء يعيد الوضوء، لا بد من إعادة الوضوء من أوله.
السؤال: هل يشرع أن يصلي السنن الرواتب في السفر؟
الجواب: السنة ترك جميع السنن الرواتب في السفر ما عدا سنة الفجر، لأن هذا هو هدي النبي وهو أكمل الهدي، كما قال ابن عمر: “لو كنت مسبحًا لأتممت” يعني لأتممت الفريضة، فإذن السنة ترك السنن الرواتب عدا سنة الفجر.
السائل: حتى الوتر يا شيخ؟
الشيخ: الوتر يؤتى به لا يترك لا سفرًا ولا حضرًا، الوتر وسنة الفجر يحافظ عليهما، لا يتركان لا سفرًا ولا حضرًا.
السؤال: رجل أخّر الصلوات بسبب الجنابة…. فما حكم ذلك؟
الجواب: هذا ليس بعذر ينبغي أن يرفع مستوى الاهتمام والسلامة، المسألة يا إخواني هي مسألة اهتمام، إذا اهتم الإنسان بالصلاة فسيحافظ عليها، وإذا اهتم بالصلاة فسيبكر إليها، أنظر الأمور الدنيوية للناس الشيء الذي يهتمون به يتهيؤون له، من عنده موعد إلى المطار أليس يذهب للمطار مبكرًا ويتهيأ ويستعد؟ طالب في الاختبار أليس يأتي مبكرًا ويتهيأ؟ المسألة هي مسألة اهتمام، وهذا الرجل غير معذور، لو حصل هذا عارضًا مرة واحدة وكذا قد نعذره لكن يكون بصفة مستمرة؟ هذا يدل على قلة اهتمامه بالصلاة.
السؤال: ما حكم الصيام للحامل؟
الجواب: الصيام للحامل جائز، لكن يجوز لها الفطر، يعني يجوز لها الصيام ويجوز لها الفطر، وإذا كان الصيام لا يشق عليها تصوم، وإذا كان عليها مشقة يجوز لها أن تفطر وتقضي.
السؤال: من فعل من الكبائر هل توبته مقبولة؟
الجواب: نعم، من تاب تاب الله عليه، حتى وإن وقع في الكبائر، بل حتى وإن وقع في الشرك، الله يقول: قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ [الزمر:53]، الله تعالى يغفر جميع الذنوب لكن لمن يصدق في توبته ويشترط لصحة التوبة ثلاثة شروط:
- الشرط الأول: الندم على ما فات.
- الشرط الثاني: الإقلاع عن الذنب.
- الشرط الثالث: العزم على ألا يعود للذنب مرة أخرى.
- وإذا كان الذنب متعلقًا بحقوق العباد، فلا بد أن يتحلل منها.
السؤال: هل القروض البنكية التي عليها فوائد حكمها التحريم؟
الجواب: أولًا تسميتها بالقروض محل نظر، يسمونها البنوك الآن، تعطي تمويلًا يسمونها الناس الآن بالقروض وهذا غير صحيح، ينبغي أن نسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة، اسمها تمويل وليس قرضًا، القرض هو السلف، والبنوك ما تسلف أحد البنوك مؤسسات ربحية ليست جمعيات خيرية، فلذلك هي تمول، الأحسن نقول تمويل، والتمويل له صور متعددة، فإذا كان التمويل مثلًا قد يكون التمويل بطريقة مرابحة قد يكون بطريق التورق، قد يكون بطريق التأجير المنتهي بالتمليك، قد يكون بطرق أخرى. يعني سؤال الأخ الكريم سؤال مجمل لا ندري ماذا يقصد أي صورة من هذه الصور.
السؤال: ما حكم التمويل؟
الجواب: التمويل إذا كانت تحققت فيه الضوابط الشرعية فهو جائز هو بيع وشراء، مثلًا تقول لهم: أنا أريد تمويلًا في أسهم، تشتري من البنك أسهمًا مثلًا بمائة ألف، وتسدد مائة عشرون مقسطًا، ثم تبيعها على طرف ثالث، أو تطلب من البنك أن يبيعها لك لطرف ثالث بمائة ألف نقدًا تحصل على سيولة نقدية هذا جائز لا بأس به، هذا بيع وشراء، والله تعالى يقول: وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة:275].
السؤال: رجل صلى الوتر ثم قام في الليل فصلى؛ فما حكم ذلك؟
الجواب: لا بأس بهذا؛ بل هذا هو المشروع والدليل بجوازه ما جاء في صحيح مسلم أن أبا هريرة قال: “أن النبي كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس” [10]، قال أهل العلم فعل ذلك: ليبين الجواز. فإذا وجدت فرصة في آخر الليل فصلِ، ولا تقل إني صليت وأوترت، صلِ لكن من غير وتر، صلِ مثنى مثنى، ركعتين ركعتين ولك أجر، إلا إذا كان من عادتك أنك تصلي من آخر الليل، فالأحسن أنه إذا سلم الإمام تقوم وتشفع بركعة، ثم تصلي ما كتب الله لك أن تصلي ثم توتر، لأن الأفضل أن يكون آخر صلاة الإنسان بالليل وترًا، هذا هو الأفضل، لكن لو أنه في بعض الأحيان أوترت مع الإمام مثل صلاة التراويح أوترت ثم وجدت فرصة في آخر الليل صلِ من غير وتر، الحمد لله هذا جائز، وعمل صالح.
السؤال: هل يجوز ذكر الله بالقلب دون تحريك اللسان؛ وأيضا ماذا يفعل من تعب في صلاة التراويح؟
الجواب: أما بالنسبة لذكر الله بلا تحريك اللسان يعني هل هذا ذكر؟ حتى يثاب الإنسان على الذكر لا بد من تحريك لسانه، لو أن إنسانًا طلق امرأته في قلبه ما تلفظ بالطلاق هل يقع طلاقه؟ لا يقع.
ولذلك الثواب فيه يترتب على تحريك اللسان فيه: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:16-19] تحريك اللسان، ولذلك بعض الناس يقع في مسألة خطيرة، وهي أنهم يقرؤون الفاتحة في قلوبهم في نفوسهم من غير تحريك اللسان؛ فهذا لا تصح صلاتهم، صلاته غير صحيحة ما قرأ الفاتحة، فلا بد من تحريك اللسان لا بد، وبعض الناس نراهم في بعض المساجد يمسك المصحف من غير ما يحرك لسانه يقرأ هكذا، هل هذه تلاوة؟ هذه ليست تلاوة ولا يؤجر عليها أجر تلاوة؛ فتنبهوا على هذا بارك الله فيكم؛ لأن بعض الناس يجهل هذه المسائل، نراه في بعض المساجد يفتح المصحف من غير أن يحرك لسانه، يقرأ في قلبه، هذه ليست تلاوة، ولا يثاب عليها ثواب التلاوة، قد يثاب على التدبر لكنها ليست تلاوة لا بد من تحريك اللسان.
وأما الشق الثاني من السؤال ومن تعب في صلاة التراويح عليه أن يصبر هي أيام معدودات وستكسب أجرًا وثوابًا، ولكن يجوز له أن يجلس حتى من غير عذر يجوز أن يجلس في صلاة النافلة حتى من عذر لكنه إذا جلس في صلاة النافلة من غير عذر يكون له نصف أجر القائم، أما إذا جلس لصلاة النافلة لعذر فيكون له الأجر كاملًا، لكن يصبر الإنسان نفسه يا إخواني ما هي إلا أيام معدودات وهذا التعب سيؤجر وسيثاب عليه، فالمطلوب هو التحمل وتصبير النفس، وإذا شق عليه القيام يجلس كونه يكمل الصلاة جالسًا خير من ألا يصلي.
السؤال: حكم ظهور الكتف وقت الصلاة؟
الجواب: يقول النبي : لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء [11]، لا بد من ستر العاتقين أو أحدهما، وعند الحنابلة: أن هذا واجب، لكن الصلاة صحيحة: لأن الصلاة مكتملة الأركان والشروط والواجبات، لكن إظهار الكتف خلاف السنة، هذه المسألة أكثر ما تحصل عندما يكون الإنسان محرمًا بعض الناس يكون عليه إحرام، ويكشف عن كتفه، هذا خلاف السنة، إذا أردت أن تصلي وأنت محرم غطي كتفيك ولا تصلي وأنت كاشف لكتفك.
السؤال: تخفيف الشعر في الأطراف هل يدخل في القزع؟
الجواب: القزع هو حلق بعض الشعر وترك بعضه، هذا هو القزع وتخفيف بعض الأطراف لا بأس به إذا لم يتضمن تشبها بالكفار، والقزع أيضًا لا يصل لدرجة التحريم، القزع عند أهل العلم مكروه إلا إذا تضمن تشبهًا بالكفار فإنه يكون محرمًا لأجل التشبه، وإلا هو في أصله مكروه.
السؤال: إذا دعا الإمام هل يجوز للمأموم أن يقول آمين لي ولوالدي؟
الجواب: التأمين أن يؤمن الإنسان لنفسه، أما الدعاء للوالدين فتدعين بعد الصلاة دعاء مستقلًا لهم، إنما المشروع أن يقال: آمين فقط، والمؤمن شريك للداعي، ولهذا لما كان موسى عليه السلام يدعو وهارون يقول: آمين، قال الله: قالَ قَد أُجيبَت دَعوَتُكُما فَاستَقيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعلَمونَ [يونس:89]، مع أن الداعي موسى عيه السلام فقط، لكن هارون عله السلام كان يؤمن، فالمُؤمِّن شريك للداعي.
السؤال: ما حكم ترتيل الدعاء مع التغني؟
الجواب: السنة أن يؤتى بالدعاء بتضرع وخشوع من غير ترتيل، ومن غير تغن من غير تلحين، هذا هو الأفضل والأقرب لإجابة الدعاء، ولذلك أنت لما تدعو الله وحدك في غير الصلاة هل ترتل الدعاء؟ لا ترتل إذا كنت تدعو في السجود أو الركوع أو حتى في غير الصلاة هل ترتل الدعاء؟ هل تلحنه؟ هل تتغنى به؟
إذن، ما الفرق بين داخل الصلاة وخارج الصلاة؟
الأمر واحد، فالأمر الأقرب للسنة هو بأن يأتي بالدعاء من غير ترتيل، ومن غير تغن، ومن غير تلحين، هذا هو السنة أن يُؤتى به بتضرع وبخشوع، وأن يكون الصوت في الدعاء أخفض منه في القراءة: ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ [الأعراف:55].
السؤال: رجل لدية مرض السكر ولا يتمكن من الصوم هل عليه كفارة؟
الجواب: إذا كان يستطيع يقضي بعد رمضان خاصة أيام الشتاء التي يقصر فيها النهار فإنه يقضي، أما إن كان لا يستطيع أن يقضي على مدار العام فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا.
السؤال: هل يصح اعتبار الجوال في الإفطار من الصيام ولو لم يسمع الأذان؟
الجواب: العبرة بالوقت وليس العبرة بالأذان، الله تعالى يقول: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيلِ [البقرة:187]، والليل يبدأ بغروب الشمس، فإذا غربت الشمس جاز الفطر ولو لم يؤذن المؤذن سواء عرفت غروب الشمس بالجوال أو عرفته عن طريق إذاعة أو بأية وسيلة، فالعبرة بالوقت، وليست العبرة بالأذان.
السؤال: خرج من الرياض بالطائرة ليحرم ونام في الطائرة ولم يستيقظ إلا في المطار ولم يحرم، هل عليه شيء في ذلك؟
الجواب: لا بد أن يرجع ويحرم من الميقات، فإن لم يفعل وأحرم من جدة من مطار جدة فعليه دم؛ لأن كل من تجاوز الميقات بدون إحرام، يجب عليه دم يذبح في الحرم، ويوزع على فقراء الحرم.
بارك الله في علمكم شيخنا.
الحاشية السفلية
^1 | رواه الترمذي: 3550. |
---|---|
^2 | رواه البخاري: 6527، ومسلم: 2859. |
^3 | رواه مسلم: 202. |
^4 | بنحوه: أخرجه الديلمي – عن جابر، كنز العمال (12/ 177. |
^5 | رواه البخاري: 4730، ومسلم: 2849. |
^6 | رواه البخاري: 1463، ومسلم: 982. |
^7 | رواه مسلم: 2698. |
^8 | رواه أبو داود: 2350. |
^9 | رواه البخاري: 1863، ومسلم: 1256. |
^10 | رواه مسلم: 738. |
^11 | رواه البخاري: 359، ومسلم: 516. |