logo

تقوى الله

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

وصية الله تعالى للأولين والآخرين

سأتحدث معكم أيها الإخوة عن أمرٍ عظيم، هو وصية الله تعالى للأولين والآخرين، هذا الأمر قد صاح به الأنبياء والمرسلون في أقوامهم، هذا الأمر هو أبرز ثمار الصيام؛ إنه تقوى الله ، يقول الله : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131].

وفي وصايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأقوامهم؛ يقول نوح  لقومه: أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء:106]، إذ قال هودٌ  لقومه: أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء:124]، إذ قال صالحٌ  لقومه: أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء:142]، إذ قال شعيبٌ  لقومه: أَلَا تَتَّقُونَ [الشعراء:177]، ونبينا محمدٌ يقول الله له: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب:1].

تقوى الله ​​​​​​​ هي أبرز ثمار الصيام، يقول ربنا سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]، فمن كان صومه لا يُحقِّق هذه الثمرة -لا يُحقِّق ثمرة التقوى- فمعنى ذلك: أن في صومه خللًا، من كان يوم صومه ويوم فطره سواء فمعنى ذلك أن صومه لم يُحقِّق هذه الثمرة العظيمة، وهي تقوى الله ​​​​​​​.

ما هي التقوى؟ وما حقيقتها؟

تقوى الله سبحانه هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقايةً؛ باتباع أوامره واجتناب نواهيه.

يقول طلق بن حبيب: “التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نورٍ من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نورٍ من الله، تخشى عذاب الله”.

أيها الإخوة في الله، إن ميزان الكرامة عند الله ​​​​​​​ بالتقوى، الله سبحانه ليس بينه وبين خلقه نَسَب، ليس الميزان بالأنساب ولا بالأحساب ولا بالغنى ولا بالعِرق ولا باللون ولا بالوطن، ولا بأيِّ اعتبارٍ إلا بالتقوى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].

وكلما كنت أكثر تقوى لله كنت أكثر كرامةً عند الله ​​​​​​​، هذا هو ميزان التقوى في الإسلام، هذا هو ميزان الكرامة في الإسلام، هذا هو ميزان التفاضل عند الله ​​​​​​​: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم[1].

والمطلوب من المسلم أن يتقي الله ​​​​​​​ في جميع أحواله: اتق الله حيثما كنت[2]، في منشطك ومكرهك، وعُسرك ويُسرك، وسِرِّك وعلانيتك، اتق الله تعالى في جميع أمورك.

حكمة تكرار الوصية بالتقوى في سورة الطلاق

ولهذا نجد أنه في سورة من سور القرآن الكريم، سورةٌ عدد آياتها ثنتا عشرة آيةً، تكرَّر الأمر بالتقوى والحثُّ عليه وبيان عظيم ثمرته أربع مرات: هي سورة الطلاق، يقول الله : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الطلاق:1]، ثم في الآية التي بعدها: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، ثم في آيةٍ أخرى في السورة نفسها: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، ثم في الآية التي بعدها: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5].

والتساؤل أيها الإخوة: لماذا هذه الوصية بالتقوى في هذه السورة بالذات؟ لماذا كان الأمر بالتقوى وبيان هذه الثمار العظيمة في هذه السورة بالذات؟ هناك مغزى، بيَّن الله تعالى ثمرة التقوى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، في هذه السورة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4]، وفي هذه السورة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5]، وصدَّرها بالأمر بتقوى الله .

قال بعض أهل العلم: لعلَّ السِّرَّ في ذلك والحكمة والله أعلم: هي أن المُطلِّق مأمورٌ بتقوى الله ؛ لأن المُطلِّق عندما يُطلِّق يُطلِّق في حالٍ من الضيق، تعتريه مشاعر من الغضب والحزن والضيق، ومن -ربما- الانتقام، فهو مأمورٌ بتقوى الله ، فكأنه يقال: أنت أيها المُطلِّق عندما تُريد تطليق امرأتك؛ اتق الله تعالى في طلاقك، اتق الله.

ولهذا؛ لو أن الإنسان اتقى الله تعالى في طلاقه لامرأته؛ لما ندم مُطلِّقٌ قَطُّ، ولما وُجدت هذه الاستفتاءات الكثيرة في مسائل الطلاق؛ لأنه إذا اتقى الله في طلاقه فإنه لن يُطلِّق المرأة في حيضٍ، ولن يُطلِّقها في طُهْرٍ قد جامعها فيه، ولن يُطلِّقها في حال نفاس، ولن يُطلقها أكثر من تطليقة واحدة؛ بل يُطلقها مرةً واحدةً في طُهْرٍ لم يُجامعها فيه، ثم يكون له الخيار إن شاء أرجعها في العدة. والعدة إن كانت ممن تحيض: ثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض: ثلاثة أشهر. وهذه كافية بأن يُراجع نفسه ولا يندم.

ولذلك؛ من اتقى الله في طلاقه لا يندم قط، إنما الذي يندم والذي يبحث عمن يُفتيه في مسائل الطلاق هو الذي لم يتق الله ، تجد أنه يستحمق، فيُطلِّق ثلاثًا مرةً واحدةً، أو أنه يجعل الطلاق على لسانه في مدخله وفي مخرجه وفي إكرامه وفي كُلِّ شيءٍ، إذا أراد تصديق خبرٍ طلَّق، إذا أراد أن يُكرم ضيفًا طلَّق، إذا أراد الحثَّ على أمرٍ طَلَّق. هذا لم يتق الله .

ولهذا؛ فإن طلاق هذا يقع عند المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وإن كان هناك قولٌ وقد استقرَّت عليه الفُتيا: أنه لا يقع الطلاق إذا لم ينوِ طلاقًا، وإنما فيه كفارة يمين.

لكن أقول: لماذا يُدخل الإنسان نفسه في هذه الإشكالات؟! لو أنه اتقى الله لما حصل له هذا الضيق، ولطلَّق مرةً واحدةً في طُهْرٍ لم يُجامعها فيه، له فرصة المراجعة، ثم بعد ذلك لو قُدِّر في المستقبل أنه طلَّق فله أيضًا فرصةُ المراجعة ما دامت في العدة إلى أن يُطلِّق التطليقة الثالثة. قالوا: وهذا -والله أعلم- لعله هو السِّرُّ في أن الأمر بالتقوى تكرَّر في هذه السورة بالذات على وجه الخصوص.

خير الزاد زاد التقوى

أيها الإخوة في الله، وإن خير الزاد زاد التقوى، كما قال الله : وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]. يا إخواني، من اتقى الله واللهِ لا يندم، لا يندم من عمل طاعةً لله سبحانه، إنما يندم من وقع في المعصية، إنما يندم من ضاع عليه عمره، تصرَّم العمر وتَصَرَّمت الأيام والليالي في لهوٍ وغفلةٍ.

ولهذا؛ ينبغي أن نسعى جميعًا للتزوُّد بزاد التقوى، وأن نُبادر الفرصَ والمواسم، كهذا الموسمِ العظيم الذي نعيش فيه هذه الأيام والليالي، شهر رمضان، الذي فيه تُضاعف الحسنات، وفيه تُرفع الدرجات، وفيه تُكفَّر الخطايا والسيئات، وفيه تُعتق الرقاب من النار.

ينبغي أن يكون لدى المسلم -أيها الإخوة- روح المبادرة إلى التقوى، إلى الطاعة.

أخرج مسلمٌ في “صحيحه” عن أبي هريرة : أن النبي قال يومًا لأصحابه : من أصبح منكم اليوم صائمًا؟. قال أبو بكر : أنا يا رسول الله. قال: من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟. قال أبو بكر : أنا يا رسول الله. قال: من عاد منكم اليوم مريضًا؟. قال أبو بكر : أنا يا رسول الله. قال: من تبع منكم اليوم جنازة؟. قال أبو بكر : أنا يا رسول الله. قال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده، ما اجتمعن في امرئٍ إلا دخل الجنة. رواه مسلم[3].

هذا -أيها الإخوة- هو أبو بكر الصديق  أفضل الأمة بعد نبيها ؛ انظروا إلى مبادرته! مع أن النبي عليه الصلاة والسلام بشَّره بالجنة وبيَّن عظيم فضله وقدره! ومع ذلك انظروا إلى مبادرته للطاعات! في يومٍ واحدٍ يُصبح صائمًا صومَ نافلة! يُطعم مسكينًا! يعود مريضًا! يتبع جنازة! كل هذا في يوم واحد!

المبادرة لفعل الطاعات

ينبغي أن يكون المسلم مبادرًا يحرص على الخير، طرق الخير كثيرة أيها الإخوة، طرق الخير متنوعة، لكن المهم هو المبادرة، حتى لو كان الإنسان في سيارته يُسبِّح الله تعالى، يذكر الله تعالى: من قال: سبحان الله وبحمده؛ غُرست له نخلة في الجنة[4].

قال النبي يومًا لأصحابه كما جاء في “صحيح مسلم”: أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قالوا: يا رسول الله، كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يُسبح مائة تسبيحة فيُكتب له ألف حسنة، أو يُحَطُّ عنه بها ألف خطيئة[5].

أنا أسألكم يا إخوان: مائة تسبيحة كم تستغرق من الوقت؟ ربما وأنت عند إشارة المرور تُسبِّح مائة تسبيحة، أو قريبًا من هذا الوقت، ومع ذلك تكسب ألف حسنة، أو يُحَطُّ عنك ألف خطيئة.

طرق الخير كثيرة ولله الحمد، لكن المهم هو المبادرة، أن يُبادر الإنسان، يُبادر للتقوى، يُبادر لطاعة الله .

واستمعوا لهذا الحديث العظيم، الذي سمعت شيخنا عبدالعزيز ابن باز رحمه الله يقول: “لو أنفق الإنسان الملايين في سبيل معرفته لم يكن ذلك كثيرًا”، وهذا الحديث اتفق عليه البخاري ومسلم أصح كتابين بعد كتاب الله ، يقول عليه الصلاة والسلام: من قال حين يُصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. مائة مرة، كانت له عَدْلَ عشر رقاب، وكُتبت له مائة حسنة، ومُحيت عنه مائة سيئة، وكانت حِرْزًا له من الشيطان يومه ذلك حتى يُمسي، ولم يأتِ أحدٌ يوم القيامة بأفضل منه، إلا رجلٌ عمل مثل ما عمل أو زاد[6]، ومن قال: سبحان الله وبحمده. مائة مرة؛ حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر[7].

انظروا يا إخوة: أجورٌ عظيمة على عمل يسير! هذا الذكر إذا قاله الإنسان مائةَ مرةٍ كم يأخذ من وقت الإنسان؟ ومع ذلك يحوز هذه الفضائل وهذه الأجور، والموفَّق من وفقه الله .

ولكن أيها الإخوة لا تكفي الأماني، الإنسان يتمنى: يتمنى التقوى، يتمنى أن يكون من المتقين، يتمنى الاستقامة، يتمنى الخير، لكن هل الأماني تنفع الإنسان؟ الأماني ما تنفع بدون عمل؛ لا بد أيها الإخوة من العمل، لا بد من الحزم مع النفس، النفس تحتاج إلى عزيمة، تحتاج إلى حزم، تحتاج إلى نهيٍ عن الهوى؛ لأنها أمَّارة بالسوء؛ ولهذا قال الله : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:40-41].

أيها الإخوة في الله، وإن التقوى محلها القلب: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، وتقوى القلوب تتفاوت وتتفاضل بها الأعمال تفاضلًا عظيمًا، وإن الرجلين ليُصَلِّيان في الصف الواحد، وبينهما في الفضل كما بين المشرق والمغرب، وكما بين السماء والأرض.

نعم أيها الإخوة، إن الأعمال ربما تتشابه في صورتها، لكنها تتفاوت في قبولها، وفي عظيم أجرها وثوابها عند الله ؛ لهذا جاء في الصحيحين: أن النبي قال: إن امرأة بغيًّا من بغايا بني إسرائيل رأت كلبًا يأكل الثَّرَى من شدة العطش، فسقته فغُفِر لها[8]. وجاء أيضًا في الصحيحين: أن النبي قال: إن رجلًا رأى غُصْنًا في الطريق فأخَّره فغفر الله له[9].

وأيضًا في حديث صاحب البطاقة الذي يُنْشَر له تسعةٌ وتسعون سِجلًّا كُلُّها ذنوبٌ وخطايا، كُلُّ سجلٍ مَدَّ البصر، فتُوضع في كِفَّة، ويُؤتى بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله، وتُوضع في الكِفَّة الأخرى، فتثقل كلمة التوحيد وتطيش هذه السجلات[10].

لكن، هل كُلُّ من فعل هذا تحصل له مغفرة الذنوب؟

لا، قد قرر هذا المعنى شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، ليس كُلُّ من سقى كلبًا يُغفر له، ليس كل من أخَّر غصنًا في الطريق يُغفر له، ليس كُلُّ من قال: لا إله إلا الله يُغفر له، المنافقون يقولون: لا إله إلا الله: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1]، ومع ذلك هؤلاء المنافقون الذين يقولون: لا إله إلا الله، هم في الدرك الأسفل من النار.

ولهذا؛ نقول أيها الإخوة: إن هؤلاء أناسٌ قد اقترن بقلوبهم شيءٌ من التعظيم لله ، واليقين، والصدق مع الله سبحانه، فرُبَّ عمل يسير تقترن به هذه المعاني يكتب الله لصاحبه قبولًا عظيمًا، يقول عليه الصلاة والسلام: وإن العبد ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يُلقي لها بالًا، يَكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه[11].

رُبَّ كلمة واحدة، رُبَّ عمل يسير يغفر الله تعالى لصاحبه بسبب هذا العمل أو بسبب هذه الكلمة، لكن إذا اقترن به صدقٌ وإخلاصٌ ويقينٌ؛ ولهذا أخبر عليه الصلاة والسلام: أن من السبعة الذين يُظلُّهم الله تعالى تحت ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: رجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه[12]، صدقةٌ، ربما تكون بشيءٍ يسير، لكن اقترن بها إخلاصٌ عظيمٌ، بحيث لو قُدِّر أن اليد الشمال تُبصر لما أبصرت اليد اليمين من شدة الإخفاء؛ لأن هذا لا يُريد من الفقير ولا يُريد من الناس جزاءً ولا شكورًا، لا جزاءً ماديًّا ولا معنويًّا، إنما يُريد الجزاء من الله ، فاقترن بهذه الصدقة هذا الصدق وهذا التعظيم لله ، وهذا الإخلاص؛ فكان من السبعة الذين يُظلُّهم الله تعالى تحت ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه.

ولهذا -أيها الإخوة- كلما اتقى اللهَ العبدُ في أعماله؛ كان ذلك أعظم لأجره وأكثر لثوابه.

أسأل الله أن يجعلنا جميعًا من المتقين الذين قال فيهم: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ۝ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:54-55].

وأسأله أن يُعيننا على شكره، وذكره، وطاعته، وحسن عبادته، وأن يُيسرنا لليُسرى، وأن يُجنِّبنا العسرى.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 2564.
^2 رواه أحمد: 21354، والترمذي: 1987.
^3 رواه مسلم: 1028.
^4 رواه الترمذي: 3464، والنسائي: 10663.
^5 رواه مسلم: 2698.
^6 رواه البخاري: 6403، ومسلم: 2691.
^7 رواه البخاري: 6405، ومسلم: 2691.
^8 رواه البخاري: 3467، ومسلم: 2245.
^9 رواه البخاري: 2472، ومسلم: 1914.
^10 رواه أحمد: 6994، والترمذي: 2639.
^11 رواه الترمذي: 2319.
^12 رواه البخاري: 1423، ومسلم: 1031.
مواد ذات صلة
zh