logo
الرئيسية/محاضرات/التثبُّت في نقل الكلام والأخبار

التثبُّت في نقل الكلام والأخبار

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد:

فإن الله ​​​​​​​ قد خلق الخلق لعبادته، وجعل الإنسان في هذه الحياة الدنيا مكلَّفًا بتحقيق العبودية لله ، وجعل الإنسان في الوقت نفسه مختارًا: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان:3]، فإن اختار طريق الخير فإنه يحمد العاقبة ويفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، وإن اختار طريق الشر فإنه يبوء بالخسران في نار تلظَّى؛ ولأن هذه الدارَ دارُ تكليف واختبار وامتحان؛ فقد أوكل الله بكل إنسان ملَكَين يكتبان كل شيءٍ: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: 10-12].

أهمية الكلمة وآثارها على الإنسان

وإذا كانت الملائكة تكتب الأقوال فهي تكتب الأفعال من باب أولى، فكل كلمة يتكلم بها الإنسان مسؤول عنها في الدنيا والآخرة، وكل فعل يصدر منه هو مسؤول عنه كذلك، وكذلك أيضًا كل كتابة يكتبها، عند العلماء أن الكتاب كالخطاب، أن الكتاب كالجواب؛ ولذلك من طلق امرأته بكتابة وقال لها: أنتِ طالق، ونوى الطلاق؛ فإنه يقع طلاقه، فالكتاب كالجواب.

والكلمة في الإسلام ليست مجرد كلمة يُلقيها الإنسان أو يكتبها من غير مسؤولية، الكلمة آثارها عظيمة، يدخل الإنسان الإسلام بكلمة (كلمة التوحيد)، وربما يخرج منه بكلمة الكفر؛ إذا قال كلمة الكفر وتوفَّرت شروط التكفير يخرج من دائرة الإسلام.

وكذلك أيضًا يدخل عقد الزوجية بكلمة "زوجتك"، "قبلت"، إذا قال الولي: "زوَّجتُك"، وقال الزوج: "قبلت"؛ دخل عقد الزوجية وأصبحت هذه المرأة التي كانت قبل هذه الكلمة أجنبية عنه مباحةً له، يرى منها ما لا يراه أقرب الأقربين، كل هذا لأجل هذه الكلمة، ويخرج من عقد الزوجية بكلمة وهي كلمة الطلاق، إذا قال: "أنتِ طالق"؛ فتطلق زوجته وتخرج من عقد الزوجية، وتصبح حرامًا عليه -بعد أن كانت حلالًا له- بعد انقضاء العدة.

الظهار يكون بكلمة، إذا قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي، فلا يجوز له أن يقربها حتى يأتي بالكفارة المغلَّظة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، كل ذلك بسبب كلمة الظهار.

وهكذا نجد أن الكلمة في الإسلامِ الإنسانُ مسؤول عنها، وأن الأثر المترتب عليها كبير، بل إن النبي يقول: وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالًا، يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يومِ يلقاه[1]. قيل: إن هذه الكلمة هي الكلمة التي يَذُبُّ بها عن عِرض أخيه المسلم في موضعٍ عامٍّ انتُهكت فيه حرمته، قال بعض أهل العلم: ويُحتمل غير ذلك. وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله، يكتب الله تعالى له بها سخطه إلى يوم يلقاه[2].

أهمية التثبت قبل نقل الأخبار

هذا -أيها الإخوة- يُبيِّن لنا خطورة الكلمة، وأن المسلم ينبغي أن يتثبت قبل أن يكتب وقبل أن يتكلم، وقبل أن يَشِيع الأمر، خاصةً عبر وسائل التقنية الحديثة، مثل تقنية واتساب، أو وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك ونحوها، هذه الوسائل قد استخدمها بعض الناس في الشر، استخدموها في الوقوع في أعراض الناس، وفي السباب والشتم ونحو ذلك، وإن الإنسان ليعجب حينما يقرأ بعض ما يُكتب في هذه الوسائل، يقول: هل هؤلاء مسلمون؟ هل هذه أخلاق المسلمين؟ يأتون بكلام سيئ للغاية من أسوأ الألفاظ وأسوأ العبارات واتهامات بالجملة، فهؤلاء أقول: إنهم محاسبون عن هذا الذي يكتبونه.

وأسوأ من ذلك كله أن يتسبب الإنسان في إيقاع غيره في السِّباب، ما يكتفي هو بالسَّبِّ، يتسبب في إيقاع غيره في السَّبِّ بأيِّ وسيلةٍ، ومن ذلك على سبيل المثال ما يُسمى "الوسم" أو "الهاشتاج" يضعه باسم شخص معين، ثم يبدأ الناس يسبُّون ذلك الشخص فيتحمَّل مثل آثامهم؛ لقول النبي : من دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه [3].

وبعض الناس قد يكون صالحًا في نفسه، لكنه بسبب سوء التعامل يكسب كل يوم ذنوبًا وأوزارًا، ويُوزِّع حسناته على الآخرين، كل يوم يُوزِّع حسناته على الآخرين، يسبُّ هذا ويشتم هذا ويقذف هذا، وربما تصل المسألة في آخر المطاف إلى نتيجة سلبية، يعني: يُؤخذ من سيئاتهم وتُطرح عليه -نسأل الله السلامة والعافية- هذا هو المفلس حقيقةً كما أخبر بذلك النبي حينما قال للصحابة : أتدرون من المفلس؟. قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: المفلس من أُمَّتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ، ويأتي وقد ضرب هذا، وسَفَك دم هذا، وأكل مال هذا، وقذف هذا، فيُؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته أُخِذ من سيئاتهم فطُرحت عليه ثم طُرح في النار[4]. هذا والله هو المفلس حقيقة.

وعلى المسلم إذًا أن يتقي الله ، وأن يستحضر هذه المسؤولية العظيمة وأمانة الكلمة التي يتكلَّم بها والتي يكتبها.

أهمية وسائل التواصل في الدعوة إلى الله

وفي المقابل ينبغي أن نغتنم هذه الوسائل بالخير، فهي سلاحٌ ذو حدَّين كما يقال، أن ننشر المقاطع الهادفة النافعة المفيدة، نحوِّل هذه الوسائل إلى وسائل دعوية، عندما يأتي مثلًا لك على هذه الوسيلة -مثلًا الواتساب- مقطعٌ مفيدٌ ونافعٌ، مقطع دعوي يمكن أن تُرسله لأكبر عدد، يكون هذا دعوة إلى الله تعالى، ويكون هذا أيضًا سببًا لأن تكسب حسنات. لاحِظْ! في مقابل ما سبق، كل من تَسبَّبْتَ في هدايته تكسب أجره؛ لقول النبي : من دعا إلى هُدًى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا[5].

ومثل ذلك أيضًا ما يكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي "تويتر"، ممكن نحوِّلها إلى وسائل دعوية، نشر الكلام النافع، نشر الكلام المفيد، الكلمة الطيبة، المقاطع المفيدة، الإعلان عن المحاضرات والندوات، فتكسب بذلك أجورًا، وتكسب بذلك ثوابًا، بل إنني أقول: ينبغي لأهل الخير والصلاح أن يغتنموا هذه الوسائل، نعمة من الله ، تستطيع أن تصل إلى شريحة كبيرة من المجتمع عن طريق هذه الوسائل.

في السابق ما تستطيع أن تصل إلا لمن اجتمعوا عندك إما في المسجد، أو في مثل هذا المكان، أو في استراحة، أو ديوانية، لكن الآن ممكن أن تصل للناس في بيوتهم عن طريق هذه الوسائل، والناس كلهم الآن يحملون هواتف نقالة، ومعظم الناس عندهم هذه الوسائل -وسائل التقنية الحديثة- فيمكن أن تصل لأكبر شريحة ممكنة عن طريق هذه الوسائل؛ فتكون هذه إذًا وسيلة للدعوة إلى الله ، لكن المهم هو حسن الانتقاء وحسن العرض.

وأقول: بل ينبغي أن ينبري بعض الشباب لاختيار المقاطع المفيدة المؤثِّرة ونشرها بين الناس، بعد التأكد من انضباطها بالضوابط الشرعية، والتأكُّد من صحة الأحاديث الواردة فيها ونحو ذلك، ثم تُنشر، تكون هذه وسيلة دعوية عظيمة، بدل أن يكون هذا المقطع لمجموعة محدودة يُنشر لعدد كبير، تعرفون بعض المقاطع يصل عدد مشاهديها إلى مليون أو أكثر.

والدعوة إلى الله تعالى ورد في فضلها من النصوص ما لم يرد في غيرها، يقول الله : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا يعني: لا أحد أحسن، وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، يكفي أنك إذا اهتدى على يدك أحدٌ يكون لك مثل أجر صلاته وصيامه وزكاته وحجِّه وجميع أعماله الصالحة، يُكتب لك عمرٌ جديدٌ بسبب هدايته على يدك، فكيف لو أسلم إنسانٌ غير مسلم، أسلم على يدك، يكون الأجر أعظم، فينبغي أن تكون روح الدعوة إلى الله  تسري في دمائنا، أن يكون لدى كل واحد منا همُّ الدعوة إلى الله ، ويدعو إلى الله تعالى بكل وسيلة ممكنة، والنبي يقول: بلِّغوا عني ولو آية[6]، ولو آية! لا تحتقر شيئًا.

ومن الوسائل المفيدة في هذا: وضع مجموعات (الجروبات) للدعوة إلى الله تعالى، هذه نافعة ومفيدة، لكن مع ذلك ما زالت الدعوة إلى الله عن طريق هذه الوسائل فيها ضعفٌ، وتحتاج حقيقةً أن ينبري لها بعض الإخوة ويتفرغوا لها، ويضعوا لها مقاطع مفيدة وكلمات مفيدة ونحو ذلك؛ حتى تُؤدِّي الغرض منها على الوجه المطلوب.

فإذًا هذه الوسائل هي في الحقيقة سلاح ذو حدين، إن استُخدمت في الشر يكسب الإنسان بسببها ذنوبًا وأوزارًا، وإن استُخدمت في الخير فيكسب الإنسان بسببها أجورًا وحسنات.

أسأل الله أن يستعملنا جميعًا في طاعته، وأن يُوفِّقنا لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال، وأن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقدم: جزى الله الشيخ على ما قدَّم، ونبدأ بأسئلتكم.

الأسئلة

الموقف الشرعي مما يجري في سوريا

السؤال: تعددت الأسئلة حول الموقف الشرعي للمسلم ورأي العلماء الكبار في مصيبة إخواننا في سوريا، ما هو موقفنا في هذه الأزمة؟

الشيخ: المسلمون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، الأمة الإسلامية هي جسدٌ واحدٌ، ما أن يُصاب جزءٌ من هذا الجسد إلا ويتألَّم بقية أعضاء هذا الجسد، ولا شك أن ما حصل لإخواننا المسلمين في سوريا هو مصابٌ وابتلاءٌ لنا جميعًا: ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ [محمد:4]، فهو ابتلاءٌ من الله ، ولله الحكمة في قضائه وقدره.

والمطلوب من المسلم المساعدة بقدْر ما يستطيع، الناس يتفاوتون في هذا، ولا أقل من الدعاء، ينبغي لكل واحد منا أن يخُصَّهم كل يومٍ بدعوةٍ، خاصة في الثلث الأخير من الليل، يخصهم بالدعاء لهم بالنصر والتأييد والتمكين، والدعاء على أعدائهم الظالمين بأن ينزع الله تعالى الملك منهم وأن يُذلَّهم؛ فهذا من حق المسلم على المسلم، لا أقل من الدعاء. لكن بعض الناس سلبيٌّ، حتى يبخل بالدعاء، وإنما همُّه نفسه وأن يكون صالحًا في نفسه، وإلا ينبغي أن نستشعر معاناة إخواننا المسلمين، وأن نخصهم بالدعاء وندعو على أعدائهم بالكبت والذِّلة والهوان.

والله قدَّر هذا لحكمة؛ لأن الله تعالى لا يقضي شرًّا محضًا، لا يقضي إلا الخير، والشر ليس إليك، والله تعالى لا يقضي إلا الخير، لا يُقدِّر الشر، لكن قد يكون الشر بالنسبة لبعض المخلوقين هو يراه شرًّا، وقد لا يكون شرًّا أيضًا، لكن بالنسبة لقضاء الله ، فالله تعالى لا يقضي إلا الخير، والشر ليس إليه، فلا يُنسَب إلى الله تعالى الشر، ولله تعالى الحكمة في قضائه وقدره، وهذا ابتلاءٌ لنا جميعًا؛ ولذلك أنا أقول أيها الإخوة: لا أقل من أن يخصهم كل واحد منا بالدعاء.

ما يشرع في شهر رجب من العبادات؟

السؤال: يقول: يا شيخ، كثرت البِدع في شهر رجب، وهو شهر كانت تُعظِّمه الجاهلية، كيف يتعامل المسلم مع هذا الشهر؟ وما هي العبادات التي تُشرع؟

الشيخ: شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم، فإن الأشهر الحرم: (ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب)، وكانت قريشٌ تعظِّمُه في الجاهلية؛ لأنه أحد الأشهر الحرم، ولكن لم يثبت في فضله شيءٌ، وصنف الحافظ ابن حجر رسالة سماها "تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب"، وخلُص إلى أنه لا يثبت في فضله شيءٌ، وحينئذ تخصيصه بعبادة معينة يحتاج إلى دليل، ولا دليل، والأصل في العبادات التوقيف؛ فيكون تخصيص هذه العبادة بشهر رجب من البدع، قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ[7]، وقال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد[8].

إذ إن العبادات الأصل فيها الحظر والمنع إلا ما ورد الدليل بمشروعيته؛ لقوله تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، أنت الآن تريد أن تعبد الله، تعبد الله ليس على ما تريد أنت، بل على ما يريد الله؛ ولذلك لا بد من دليلٍ على مشروعية هذه العبادة، لا بد من دليل.

هذا بخلاف المعاملات؛ المعاملات الأصل فيها الحل والإباحة، إلا ما ورد الدليل بمنعه.

فإذًا من خصَّ شهر رجب بعبادةٍ من العبادات يُطالَب بالدليل، فإن لم يُقم الدليل نقول: عملك هذا بدعة.

أهمية الأخذ عن العلماء الموثوقين

السؤال: هذا سؤال أحد الإخوان يدرس في الخارج، يقول: إنه تأثَّر بالمدعو عدنان إبراهيم، ويقول: إنني آخذ منه الحق وأترك الباطل، ويُعجبه ما يطرح من أمور عقليةٍ تُصادم النصوص، فما توجيهكم في ذلك؟

الشيخ: أولًا ينبغي للمسلم أن يحرص على أن يأخذ العلم عن العلماء الموثوقين المُزَكَّيْن الذين تلقَّت الأمة علمهم بالقبول، ولا يأخذ من إنسان أقل ما يقال فيه: إنه محل خلاف ومثار جدل، وكما قال السلف: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم".

ولهذا؛ من ظهرت منه مخالفات وأن أهل العلم الكبار لم يُزَكُّوه؛ فينبغي عدم الأخذ منه، وكونه يقول: "إنني آخذ ما عنده من الحق"، قد يكون عنده شطحات؛ لأن الإنسان إذا أُعجب بإنسانٍ أخذ عنه كل شيءٍ، حتى لو لم يأخذ عنه كل شيء تأثَّر به.

فأنصح بألا يأخذ عن هذا الرجل؛ لأن هذا الرجل ثبت أنه عنده شطحاتٌ كبيرةٌ، مثل: التنقص بالصحابي الجليل معاوية ؛ ولذلك فأنصحه بألا يُتابعه، وهناك من أهل العلم والدعاة إلى الله الموثوقين الكثير.

الرد على من يستنكر زواج النبي بعائشة وعمرها تسع سنين؟

السؤال: يقول: يا شيخ، عند نقاشي لبعض النصارى يُلقون عليَّ بعض الشبهات، مثل: زواج النبي من عائشة رضي الله عنها وهي تبلغ التاسعة، يقولون: كيف يكون هذا؟! فما هو الرد على ذلك؟

الشيخ: أولًا لا يدخل في نقاش النصارى إلا من عنده علم؛ لأنه إذا لم يكن عنده علم فسيُسِيء للإسلام، قد يكون ضعيف الحجة؛ وبالتالي يأتون له بأية شُبهة ولا يستطيع أن يُجيب عليها فيضعُف الحق بسببه، فنقول له: اطلب العلم، ثم بعد ذلك ادخُل في نقاش النصارى.

ولذلك؛ فدخول بعض الناس في مناظراتٍ أو في نقاشٍ وليس عندهم علمٌ هذا في الحقيقة جنايةٌ على الإسلام وعلى الدين، ولو كان هناك حضورٌ لهذا النقاش سيرون أن الحق ليس مع هذا وإنما مع غيره، وهذا في الحقيقة جناية على الإسلام.

وزواج النبي بعائشة رضي الله عنها ما هو وجه الاستغراب فيه؟ إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة، فهذا هو ديننا، لكن الغرب يُريدون فرض ثقافتهم على المسلمين، ويعتبرون من كان أقل من ثماني عشرة سنة فهو قاصر، هذه من ثقافة الغرب، أما نحن المسلمون فلنا أصولنا وديننا وثقافتنا، نختلف عن ثقافة الغرب، لماذا نجعل كلام الغرب هو الأصل؟

فنقول: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما بلغت تسع سنين كانت امرأة، كانت امرأة عظيمةً حفظت كثيرًا من الأحاديث، وأفقه النساء، ومن أحسن أزواج النبي تبعُّلًا، وكانت أحب نسائه إليه، فالمُحصَّل أنها نجحت في حياتها الزوجية مع النبي عليه الصلاة والسلام، فلماذا يريد الغرب أن يفرض ثقافته علينا؟ لماذا نجعل الأصل هو أن هذا الزواج فيه إشكال؟ ما هي المشكلة فيه؟ بل نقول: إن قوانينكم هذه هي التي فيها مشكلة، أما دين الإسلام فإنه من عند الله ، من عند خالق الإنسان، والله تعالى هو العليم الحكيم.

لماذا ندعو إلى التوحيد وقد أخبر النبي بوقوعه في آخر الزمان؟

السؤال: شيخنا بارك الله فيك، لماذا ندعو إلى التوحيد ونحرص عليه وقد أخبر النبي بوقوع الشرك وبقاء عبادة الأصنام إلى آخر الزمان؟

الشيخ: مر معنا في درس الدورة أن الناس يعودون لعبادة الأصنام، لكن جاء في بعض الروايات عند مسلم ما يدل على أن هذا إنما يكون بعد المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، حين يُرسل الله تعالى ريحًا طيبةً تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى إلا شرار الناس، شرار الناس هؤلاء يدعوهم الشيطان لعبادة الأصنام فيستجيبون، وتنتشر عندهم الإباحية، يتهارجون كتهارُج الحُمُر، لا يعرفون معروفًا ولا يُنكرون منكرًا[9].

وهذا إنما يكون في آخر الزمان، وأما نحن في زماننا مطلوبٌ منا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى تحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله ، مطلوبٌ منا ذلك.

حكم من فاتته صلاة ونسي أن يصليها

السؤال: يقول السائل: يا شيخ، قبل يومين فاتتني صلاة العشاء ولم أُصَلِّها ونسيت ذلك، ثم قلت: أُصَلِّيها في اليوم التالي ولم أُصَلِّها، فما الحكم أصليها اليوم أم ماذا أفعل؟

الشيخ: نعم، عليك أن تقوم الآن وتُصَلِّيها، تُصَلِّيها الآن مع التوبة إلى الله ؛ لأن تأخير الصلاة من غير عذرٍ معدودٌ من الكبائر، والله تعالى يقول: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، جاء في تفسيرها أنهم الذين يُؤخِّرونها عن وقتها، لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بأيِّ حالٍ من الأحوال، لا يجوز، ولو أن يُصلِّي بقلبه، اللهم إلا أن يكون من ذوي الأعذار فيجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، لكن ما عدا ذلك لا يجوز، حتى ولو أن يُصَلِّي بقلبه.

وعند العلماء قاعدة "لا تسقط الصلاة عن المكلف ما دام عقله معه، إلا في حالة واحدة"، ما هي يا إخوان؟ أُعيد مرة ثانية القاعدة: لا تسقط الصلاة عن المكلف ما دام عقله معه، إلا في حالة واحدة"؟

مداخلة: .....

الشيخ: نعم، أحسنت. المرأة في حال الحيض والنفاس، وما عدا ذلك ما تسقط الصلاة، يُصَلِّيها على حسب استطاعته، ولو أن يُصَلِّيها بقلبه.

هل يدخل الخدم الكفار في حديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب؟

السؤال: يقول: يا شيخ، يقول النبي : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب[10]، ما المقصود بالمشركين؟ وهل يدخل في ذلك الخدم الكفار؟

الشيخ: نعم، هذا الحديثُ حديثٌ صحيح، أخرج البخاري ومسلم أن النبي قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب[11]. لا يجتمع فيها دينان[12].

واختلف العلماء في المقصود على قولين:

قال بعضهم: إن المقصود ألا يظهر دينهم، فلا يكون لهم ظهور؛ وعلى ذلك قالوا: إن وجود العمالة والخدم لا بأس به باعتبار أنه لا يكون لدينهم ظهور. وقالوا: مما يدل لهذا أنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية اليهودية والنصرانية بالإجماع.

والقول الثاني في المسألة: إن الحديث على ظاهره، وأنه يجب إخراجهم من جزيرة العرب؛ لخصوص الجزيرة العربية، وأنها هذه الجزيرة هي مهد الإسلام، ومعقل الإسلام، وحصن الإسلام، فينبغي ألا يكون فيها غير المسلمين.

وعلى القول الثاني: لا يجوز حتى إدخال الخدم من غير المسلمين إلى جزيرة العرب، وهذا القول الثاني الذي كان يُرجِّحه شيخنا عبدالعزيز ابن باز رحمه الله.

الأمور التي تعين على طلب العلم والدعوة إليه

السؤال: يقول السائل: يا شيخ، ما الذي يُعينني على طلب العلم والدعوة إليه والصبر على ذلك؟

الشيخ: الذي يُعين على ذلك:

  • أولًا: الدعاء، أن تسأل الله أن يُوفِّقك لهذا الخير؛ لأن الفقه في الدين خير عظيم، يقول النبي : من يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهه في الدين[13]. تأمل هذا الحديث: من يُرِد الله به خيرًا مفهومه: أن من لم يُرد به الخير لا يُوفَّق للفقه في الدين؛ فإذًا التوفيق للفقه في الدين هذه مرتبة عليَّة عظيمة، فأولًا تسأل الله تعالى أن يرزقك الفقه في الدين والعلم النافع.
  • ثانيًا: تضع لك برنامجًا للتفقُّه في الدين، وهذا البرنامج يشتمل أولًا على ملازمة دروس للمشايخ، المشايخ الذين تشعر بأنك تستفيد منهم، ليس بالضرورة أن يكونوا مشهورين، وإنما المهم أنك تشعر بالاستفادة، وتُلازم هذه الدروس.
  • ثالثًا: يكون لك برنامج شخصي في الحفظ والقراءة والاطلاع، وتستشير طلاب العلم في ذلك، وقد ذكر الشاطبي في "الموافقات" أن لتحصيل العلم طريقين:
    • الطريق الأولى: أخذ العلم عن أهله، عن العلماء، وذلك بحضور الدروس والحِلَق ونحو ذلك.
    • والطريق الثاني: الاجتهاد الشخصي بالحفظ والقراءة والاطلاع.

قال: وإن الطريق الأولى أفضل وأسرع أيضًا؛ لأن هذا الذي يُلقِي الدرس الآن أمامك يُعطيك حصيلةَ ما عنده، ربما يكون له عشرات السنين وهو يطلب العلم، وهو يقرأ ويبحث، يُعطيك حصيلةَ ما عنده، من علمٍ ومن تجارب ومن خبرات، فأنت تختصر الجهد والوقت؛ ولذلك ينبغي الحرص على الدروس والدورات العلمية، ثم أيضًا عند حضورك لهذه الدروس والدورات ونحوها ينبغي أن تضبط آلية التحصيل؛ لأن بعض الإخوة يمكن له عدة سنين، وبعضهم يمكن عشر سنين أو أكثر، ويحضر دروسًا ودوراتٍ، لكن النتيجة النهاية: الحصيلة ضعيفة، لماذا؟

لأن آلية التحصيل عنده فيها خلل، تعرفون أنه في الوقت الحاضر ضعفت الذاكرة عند الناس، فبعض الناس الآن ما يعرف رقم جواله، تقول: كم رقم جوالك؟ ما يعرف، والعرب من قديمٍ معروفون بقوة الحفظ؛ ولذلك نقلوا لنا الشريعة، كان معظم الصحابة أُمِّيين، وكانوا يسمعون القصيدةَ تُلقى من مائة بيتٍ يحفظونها من أول مرة، ويستعيبون من الإنسان أن يطلب إعادتها، ونقل عن عددٍ منهم أنه يسمع الشيء لأول مرة يحفظه، ابن عباس رضي الله عنهما نُقل عنه هذا والزهري والشعبي، ولا تزال الذاكرة تضعف بالناس.

أما في وقتنا الحاضر فقد ضعفت كثيرًا؛ لأن الذاكرة تقوى بالتمرين، وأصبح الناس الآن في كثيرٍ من أمورهم لا يعتمدون على الذاكرة، يعتمدون على وسائل التقنية، ومع هذا تضعف الذاكرة، مع ضعف الذاكرة مَن أراد تحصيل العلم لا بد إذًا من أن يبذل جهدًا في مراجعة العلم، فتكون آلية التحصيل: إما أن يكتب ملخصًا لأبرز ما سمع في الدرس أو في الدورة، ويُراجعه من حينٍ لآخر، وإما أن يأتي بمثل هذا المسجل مثلًا، يأتي بمسجل ويسجل الدورة والدرس كاملًا، ويبدأ يسمعه، يضعه معه في السيارة، مثلًا يسمعه مرتين، ثلاثة، أربعة، حتى يرسخ في ذهنه. فإذًا لا بد من ضبط آليةِ التحصيل.

وكذلك أيضًا لا بد أن يكون عنده صبرٌ؛ فإن العلم لا يُستطاع براحة الجسد، والعلم لا يأتي دفعة واحدة، بل إنما شيئًا فشيئًا؛ فلا بد إذًا من الصبر والجَلَد والتحمُّل، وربما لا يتسع المقام للحديث عن بقية الأمور، لكن هناك كتب مصنفة تُبيِّن لك آداب طالب العلم، وكيف يطلب الإنسان العلم، هناك كتبٌ مصنفةٌ، وعُنِيَ العلماء بهذا الموضوع المهم، وصنَّفوا فيه مصنفاتٍ قديمًا وحديثًا.

نصيحة لطلاب المرحلة المتوسطة والثانوية

السؤال: ونختم أيها الإخوة بهذا السؤال: وهو طلب للنصيحة من الشيخ لأبنائه في المرحلة المتوسطة والثانوية، وما الذي يُعينهم على التخلُّق بالأخلاق الحسنة وحسن معاملة الوالدين وكبار السن؟

الشيخ: هم في مرحلة مهمة من العمر، فعليهم أولًا بأن يختاروا الجلساء الصالحين، الإنسان -أيها الإخوة- يُحكَم عليه من جلسائه، عندما يتقدم شابٌّ لخطبة امرأة، تجد أن أهل المرأة يسألون: مَن جلساؤه؟ لو كان يجالس أناسًا سيئين فيُعتبر هذا عيبًا فيه، لكن لو كان يُجالس مشايخ وطلبة علم ويُجالس الأخيار؛ فهذه منقبة فيه؛ لأن الإنسان بطبيعته يتأثر بجلسائه، إذا كان الإنسان سويًّا لا بد من التأثُّر.

ولهذا؛ فعلى الإنسان أن يُحسن اختيار الصحبة، واختيار الجلساء الذين يُعينونه إذا ذكر، ويُذَكِّرونه إذا نسي، يقول النبي : مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة؛ يعني: أنت رابحٌ بكل حال، لست بخسرانٍ أبدًا، ونافخ الكير: إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة[14].

تجد بعض الناس -سبحان الله!- مباركًا، ما تلتقي به أو يتصل بك إلا وإما عنده خبرٌ سارٌّ أو عنده فائدةٌ أو عنده شيءٌ تستفيد منه، وبعض الناس على العكس من ذلك ما تستفيد منه، تخسر معه؛ فعليك أن تُحسن اختيار الصحبة أولًا.

ثانيًا: عليك أن تحرص على بناء الشخصية لديك، وذلك بأن تكون جادًّا تحرص مثلًا على حفظ القرآن، تلتحق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، تحرص على -كذلك- حلقات العلم، ينبغي للمسلم أن يكون جادًّا في حياته، لا يغلب عليه العبث واللهو.

يلاحظ على كثير من الشباب -خاصة في هذه المرحلة- أنهم يغلب عليهم اللهو، تجده على الإنترنت، وتجده في ألعابٍ وفي كذا، ويكون معظم وقته في اللهو واللعب، لا بأس بالتسلِّي بأمورٍ مباحةٍ، خاصةً في هذه المرحلة، في الأمور المباحة لا بأس، كما قال عليه الصلاة والسلام: ساعة وساعة[15]، لكن لا تُصبح هي الغالبة على حياة الشخص، لا يصبح معظم حياته لهوًا ولعبًا وغفلة، بل ينبغي أن يكون له برنامجٌ جادٌّ حتى يبني شخصيته وينتفع وينفع الله تعالى به.

وكذلك أيضًا ينبغي أن يحرص على أداء الفرائض، أداء الفرائض -كما يقال بلغة العصر- خطٌّ أحمر، الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد هذه لا بد منها، الواجبات عمومًا، الواجبات الشرعية لا بد منها: بِرُّ الوالدين، صلة الرحم، حسن التعامل مع الآخرين.

بعض الناس يا إخوة عنده أزمةٌ في التعامل مع الآخرين، صاحب مشكلات وسرعة غضب وسوء خلق؛ فينبغي أن يكون عنده حسن خلق وأن يُعامل الناس بمثل ما يحب أن يُعاملوه به، هذه القاعدة: "عامل الناس بمثل ما تحب أن يُعاملوك به"؛ أنت لا ترضى أن أحدًا يجرحك بكلمة، فلماذا تُلقي الكلمات الجارحة على الآخرين! أنت لا ترضى أن أحدًا يُهينك ولا يحترمك، فلماذا تُهين الآخرين ولا تحترمهم؟ عامِل الناس بمثل ما تحب أن يُعاملوك به.

وأختم بوصيةٍ، بأن يلجأ المسلم إلى ربه في أن يهديه وأن يُثَبِّته بالقول الثابت، وأن يُعينه على طاعته؛ فإن الأمور كلها بيد الله ، كل الأمور بيد الله سبحانه، والإنسان يتغير، حالك الآن ليست كحالك قبل عشر سنين، حالك بعد عشر سنين ليست كحالك الآن، سواءٌ في درجة الاستقامة، أو في التصور للحياة، أو في الخبرات، أو في أيِّ شيء، كم من إنسان كنا نعرفه من الصالحين ثم انتكس، والعكس.

ولذلك؛ فعلى المسلم أن يضرع إلى الله بأن يهديه وأن يُثَبِّته ويُثبِّت قلبه على دينه وألا يزيغ قلبه، يضرع إلى الله تعالى، فإن الإنسان مهما كان يبقى بشرًا يَرِد عليه ما يَرِد على البشر، ورُبَّ فتنةِ شبهةٍ تقع في قلبه فيضل بسببها، أو شهوة، أو نحو ذلك.

فالمسلم إذًا ينبغي له أن يضرع دائمًا إلى الله في أن يهديه ويهدي قلبه، وأن يُثَبِّته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يُصَرِّف قلبه على طاعته، ويدعو بدعاء أولي الألباب: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، وإذا صدق المسلم مع ربه في هذا الدعاء فإن الله تعالى لن يُخيِّب رجاءه؛ لأن النبي يقول: احفظ الله يحفظك[16]، يعني: إذا صدقتَ مع الله تعالى، وحفظت الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه، فإن الله يحفظك في دينك ودنياك. وحفظ الدين أشرف من حفظ الدنيا، يحفظ عليك دينك من فتن الشبهات وفتن الشهوات، ما إن تعرض فتنةُ شبهةٍ إلا وسرعان ما تنكشف لك، ما إن تعرض فتنةُ شهوةٍ إلا وسرعان ما تُصرَف عنك إذا كنت صادقًا مع الله ، فهذا من الأمور المهمة.

وكذلك أيضًا يحرص على محاسبة نفسه، المشكلة عندما تنعدم المحاسبة، إذا انعدمت المحاسبة عند أيِّ إنسان هنا تأتي الغفلة، وربما يُخشى على الإنسان من الانتكاس والتغيُّر والانحراف، أما إذا كانت المحاسبة موجودة فهو على خير، كما قال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

لا بد من أن يكون لدى كل واحد منا مبدأ المحاسبةِ للنفس، حاسِب نفسك من حينٍ لآخر: هل أنا الآن أحسن من العام الماضي؟ هل عندي تقصير؟ هل عندي خلل؟ ما هي أمور التقصير عندي؟ ما هي العيوب التي عندي؟ أسعى لعلاجها، أسعى لتحقيق زكاء النفس حتى أُفلح: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فإذا وُجد مبدأُ المحاسبة لدى الإنسان فهو على خير، أما حينما تنعدم المحاسبة فهنا تأتي الخطورة.

المقدم: نشكر الشيخ على ما قدَّم، ونسأل الله أن يكون ما قاله في ميزان حسناته يوم القيامة، والشكر أيها الإخوة موصولٌ لإخواننا في إدارة مساجد الجهراء، وفي مقدمتهم الأخ مدير إدارة مساجد الجهراء: الشيخ إبراهيم العتيبي وإخوانه العاملين في هذه الإدارة المباركة، على إتاحة الفرصة للقاء بالشيخ وترتيب هذه الدورة العلمية.

كما تدعوكم إدارة المساجد في الأسبوع القادم إن شاء الله لدورة علمية جديدة، للشيخ الدكتور: طارق الحواس في شرح "تقريب التدمرية" للشيخ ابن عثيمين في مسجد "ابن حجر" في منطقة "سعد العبدالله".

ونُذَكِّركم أيها الإخوة بخطبة الشيخ غدًا إن شاء الله في مسجد "مبارك الصباح" مقابل مركز "التوفير"، بجانب مركز "التوفير" سوف يخطب الشيخ في خطبة الجمعة غدًا بإذن الله جل وعلا.

هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. وجزاكم الله خيرًا على حسن استماعكم.

^1, ^2 رواه البخاري: 6478.
^3, ^5 رواه مسلم: 2674.
^4 رواه مسلم: 2581.
^6 رواه البخاري: 3461.
^7 رواه البخاري: 2697، ومسلم: 1718.
^8 رواه مسلم: 1718.
^9 رواه مسلم: 2937.
^10 رواه البخاري: 3053، ومسلم: 1637.
^11 سبق تخريجه.
^12 رواه مالك: 17، وأحمد: 1694.
^13 رواه البخاري: 3116، ومسلم: 1037.
^14 رواه البخاري: 5534، ومسلم: 2628.
^15 رواه مسلم: 2750.
^16 رواه أحمد: 2669، والترمذي: 2516.
مواد ذات صلة
zh