ذكرتم عند الكلام عن مسائل وأحكام القذف: أن القذف من كبائر الذنوب، فهل ينطبق ذلك على ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي مما يشتمل على القذف؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
ذكرتم عند الكلام عن مسائل وأحكام القذف: أن القذف من كبائر الذنوب، فهل ينطبق ذلك على ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي مما يشتمل على القذف؟
الجواب
نعم ينطبق، والكتاب كالجواب عند الفقهاء، فمن قذف غيره كتابةً؛ كمن قذفه مشافهةً لا فرق، فلو قذف إنسانٌ غيره عبر وسيلةٍ من وسائل التواصل الاجتماعي، عبر (تويتر) أو (فيسبوك) أو أية وسيلةٍ من الوسائل، فإن كان قَذَفه قذفًا صريحًا؛ فيحد حد القذف، وترد شهادته، وإن قذفه بقذفٍ غير صريحٍ؛ فيُعزَّر بالعقوبة، إلا إذا ثبت أنه يريد بذلك الزنا أو اللواط، وهكذا أيضًا لو قذفه بأمرٍ هو منه بريءٌ؛ كأن يصفه بوصفٍ هو منه بريءٌ، أو ينسبه لجماعةٍ معينةٍ، أو يصفه بأي وصفٍ يكرهه الإنسان، وهو منه بريءٌ؛ فإنه يعزر بعقوبةٍ مناسبةٍ، هذا قضاءً.
وأما شرعًا: فيدخل في قول الله : إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23]، يستحق اللعنة في الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية!
اللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله، يعني: يُطرد عن رحمة الله في الدنيا والآخرة؛ وهذا يدل على تشديد الشريعة في حماية الأعراض، الأعراض شأنها عظيمٌ في شريعة الإسلام، لاحِظ كيف أن الشريعة رتبت على القذف اللعنة في الدنيا والآخرة، هذا غير العقوبة المقررة قضاءً، الجلد ثمانين جلدةً، ورد شهادته، أيضًا اللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله؛ فهذا يدل على تشديد الشريعة في هذا الجانب، في حماية الأعراض، وأن الإنسان عليه أن يتقي الله ، لا يقذف غيره بأمرٍ هو منه بريءٌ؛ فإن هذا من الأمور المحرمة، ومن كبائر الذنوب، وهذا موجبٌ للعنة في الدنيا والآخرة.
وبعض الناس لا يعبأ بهذه المعاني؛ عنده جرأةٌ على قذف غيره بأوصافٍ غير مناسبةٍ، فهذا ما أعظم مصيبته عند الله ! وربما أنه ينطبق عليه وصف المفلس، فقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن المفلس: من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وزكاةٍ، ويأتي وقد ضرب هذا، وسفك دم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، فيعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته؛ أُخذ من سيئاتهم، ثم طرحت عليه، ثم طرح في النار [1]، وما أعظم حسرة الإنسان عندما يرى أن الحسنات التي له تنتقل لميزان غيره، الحسنات التي أتته من صلاةٍ وصيامٍ وأعمالٍ صالحةٍ تنتقل من ميزان حسناته إلى ميزان حسنات غيره؛ بسبب سوء سلوكه، وبسبب قذفه لغيره ووقوعه في أعراض الناس، فيرى أن حسناته تتطاير وتذهب لغيره، فما أعظم حسرته يوم القيامة! هذا هو المفلس حقيقة.
الحاشية السفلية
^1 | رواه مسلم: 2581. |
---|