logo
الرئيسية/فتاوى/أيهما أفضل في رمضان الإكثار من الختمات أو القراءة بالتدبر؟

أيهما أفضل في رمضان الإكثار من الختمات أو القراءة بالتدبر؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

هناك قولان فيما يتعلق بقراءة القرآن في شهر رمضان بالذات: من الناس من يقول: العبرة ليست بكثرة التلاوة، وإنما بالتدبر، فيقول: قراءة ختمة واحدة بتدبر أفضل من عشر ختمات بدونها. وناس تقول العكس: إن هذا فترة بسيطة ويسيرة ومحدودة، يأخذ الإنسان منها قدر الإمكان، ما يستطيع من الحسنات. فما هو الصحيح من ذلك؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فلكلٍّ من القراءة بالتدبر وكذلك أيضًا الإكثار من القراءة ولو من غير تدبر لكل منهما فضل، ويمثل الإمام ابن القيم -رحمه الله- ذلك بمثال جيد، يقول: إنَّ مثل من يقرأ قراءة كثيرة بغير تَدَبُّر كمن يتصدق بجواهر كثيرة، ومثل من يقرأ قراءة بتدبر كمن يتصدق بجوهرة واحدة كبيرة ونفيسة[1].

فهذه لها مزية وهذه لها مزية، لكن الذي يظهر -والله أعلم- هو أن الإنسان إذا كان متهيئًا للتدبر فالأفضل هو التدبر، لكنه لا يكون متهيئًا في كل يوم؛ الإنسان يعتريه ما يعتريه من الأمراض ومن المتاعب ومن الهموم ومن الأشياء التي تشغله وتُقلقه، فهذه كلها مؤثرة على التدبر، فإذا لم يكن مُهيَّأً للتدبر فلا يترك القراءة، يقرأ ويكثر من القراءة ولو من غير تدبر.

والقرآن من خصائصه: أنَّ من قرأه أُثيب على مجرد التلاوة، سواء كان بفهم أو بغير فهم، هذه خصيصة للقرآن فقط ليست كغيره؛ يعني يتعبد بمجرد ألفاظه، بمجرد تلاوته حتى ولو كان ذلك من غير تدبر ومن غير فهم.

فنقول: إذن؛ الأولى هو أن القراءة بالتدبر، لكن إذا لم يتأتَّ للإنسان هذا فيقرأ ولو من غير تدبر.

وبعض الناس يأتيه الشيطان يقول: لا تقرأ إلا بتدبر. فيبقى مدة طويلة وما قرأ؛ لأنه كما ذكرت الإنسان يعتريه ما يعتريه، قد لا يتهيأ لك أن تكون مهيأ للتدبر في كل حين. فهذه أيضًا من حيل الشيطان؛ لأنه يريد أن يصد المسلم عن كثرة التلاوة، فيقول: لا تقرأ إلا بتدبر.

نقول: هذا غير صحيح؛ إن تيسر التدبر فهذا طيب، وإن لم يتيسر فاقرأ ولو من غير تدبر: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29]. هذا هو الأصل هو التدبر، لكن إذا ما تيسر فالقرآن يُتعبَّد بمجرد تلاوته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر: “زاد المعاد” لابن القيم: 1/ 404-405.
zh