logo
الرئيسية/مقاطع/محاسبة النفس عند نهاية العام

محاسبة النفس عند نهاية العام

مشاهدة من الموقع

فمحاسبة النفس مطلوبةٌ في كل وقتٍ، وتتأكد عند تجدد الأحوال، وهذا مأثورٌ عن السلف الصالح؛ كانوا يحاسبون أنفسهم، وكانوا يجددون المحاسبة عند نهاية العام، ونهاية الشهر، ونهاية حتى اليوم، عمر بن الخطاب كان إذا غربت الشمس ضرب قدميه بالدرة، وقال: يا نفس، هذا يوم غربت شمسه، ماذا عملتِ اليوم؟ ماذا قدمتِ لغدٍ [1]؟

وكان ابن مسعودٍ يقول: هذا يومٌ غربت شمسه، نقص به عمري، ولم يزدد به عملي [2]؟ فكان السلف الصالح على جانبٍ من محاسبة النفس، خاصةً عند تجدد الأحوال.

ولا شك أنه عند مضي عامٍ من عمر الإنسان؛ ينبغي أن يحاسب الإنسان نفسه، وأن يقف مع نفسه وقفة محاسبةٍ صادقةٍ؛ لأجل أن يتدارك ما تبقى من العمر، ما دام أن باب العمل لازال مفتوحًا، وما دام أن باب التوبة لا زال مفتوحًا، وإلا فإنه حين تبلغ الروح الحلقوم؛ يغلق في وجهه باب العمل، ويغلق في وجهه باب التوبة، فيندم الندم العظيم، ويتحسر الحسرات العظيمة.

ولهذا أقول: ينبغي أن يحاسب الإنسان نفسه، وأن يسعى لتدارك ما تبقى من العمر، وأن يتفقد وجوه التقصير عنده، كل واحدٍ منا عنده وجوه تقصيرٍ، نحن بشرٌ، وكل بني آدم خطاءٌ، وخير الخطائين التوابون، فيتفقد وجوه التقصير عنده، ومع بداية هذا العام يحرص على أن يستدرك وجوه التقصير، يعني مثلًا لو كان من وجوه التقصير عنده: أنه لا يصلي صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد، إذا كان رجلًا، أو المرأة لا تصلي صلاة الفجر في وقتها؛ فهذا خللٌ كبيرٌ، فهنا يَتخذ من الوسائل ما يعينه على سد هذا الخلل، ومعالجة هذا التقصير الكبير؛ فإن الصلاة هي عمود دين الإسلام، فإذا قصر الإنسان فيها وفرط فيها؛ فقد ضيع دينه، الصلاة عمود الدين، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهكذا بالنسبة لبقية الأمور، إذا كان قد تعدى على حق امرئٍ مسلمٍ؛ فعليه أن يتحلل منه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: من كان لأخيه عنده مظلمةٌ؛ فليتحلل منه اليوم، قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهمٌ [3]، وهكذا يستدرك وجوه التقصير عنده، ويرفع مستوى الاهتمام بالعبادة عمومًا؛ بحيث كل يومٍ يتزود بأعمالٍ صالحةٍ يزيد بها رصيد حسناته.

فهذا هو المطلوب من المسلم عند رحيل عامٍ وبداية عامٍ آخر: أن يحاسب نفسه، فمحاسبة النفس مشروعةٌ في كل وقتٍ، لكنها تتأكد عند تجدد الأحوال، ومن ذلك عند نهاية عامٍ وبداية عامٍ جديدٍ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر إحياء علوم الدين: 4/ 404.
^2 ينظر مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار لعبدالعزيز السلمان: 3/ 29.
^3 رواه البخاري: 2449، بنحوه.
مواد ذات صلة
zh