قوله: أَشْعَث من الشَّعث، والشَّعث هو الأَشْعَث: مُتَلَبِّد الشعر، مُغْبَرُّ الشعر؛ يعني: أن شعره تكون فيه غبَرَةٌ بحيث لا يُكْثِر من غسله ولا يدهنه، فهو رجلٌ بسيطٌ.
أَشْعَثَ وفي روايةٍ أخرى: أَغْبَرَ[2].
مدفوعٍ بالأبواب؛ يعني: لا يُؤذَن له؛ بل يُحْجَب ويُطْرَد لعدم قيمته عند الناس، الناس يحتقرونه، ليس بصاحب مالٍ وليس بصاحب منصبٍ، لكنه عند الله له منزلةٌ عليةٌ: لو أقسم على الله لَأَبَرَّه، رجلٌ تَقِيٌّ لو أقسم على الله لَأَبَرَّه.
وهذا يدل على أن العبرة ليست بالمظاهر، العبرة بما يكون في القلوب؛ رُبَّ إنسانٍ مُحْتَقَرٍ عند الناس، مدفوعٍ بالأبواب، ليس له قيمةٌ عند الناس، لكن له قيمةٌ عند الله بحيث لو أقسم على الله لَأَبَرَّه، فلو حلف على الله ليحصلنَّ كذا أَبَرَّ الله بقَسَمَه وحصل كذا.
ربما يكون هذا عاملًا مسكينًا، يراه الناس ويحتقرونه، ومدفوعٌ بالأبواب، لكن إنسانٌ تَقِيٌّ. ربما يكون فقيرًا من فقراء المسلمين.
فهذا يدل على أن العبرة ليست بالمظاهر، وإنما العبرة بما في القلوب: إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم[3].
والموازين عند الله تختلف عن الموازين عند البشر، موسى -عليه الصلاة والسلام- يقول الله عنه: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه:41]، ويقول عنه فرعون: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ يعني: حقير وَلَا يَكَادُ يُبِينُ [الزخرف:52]. هذا الذي يقول عنه فرعون: مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ يقول الله عنه: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه:41].
الموازين عند الله تختلف عن الموازين عند البشر: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]؛ فميزان التَّفاضل بين البشر عند الله تعالى هو ميزانٌ واحدٌ، وهو التَّقوى، ليس بالنَّسب ولا بالحسب، ولا بالمال ولا بالجاه، ولا بالشكل، ولا بأي معيارٍ يتفاضل به البشر، إنما هو معيارٌ واحدٌ فقط، وهو التقوى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]؛ فمَن كان أكثر تقوى كان أكرم عند الله سبحانه.