logo
الرئيسية/مقاطع/هل يعتمد على الحساب الفلكي في دخول الشهر؟

هل يعتمد على الحساب الفلكي في دخول الشهر؟

مشاهدة من الموقع

وقوله: ولا نحسب[1]، هل المراد من ذلك: أنه لا يُعمل بالحساب في إثبات الشهر؟

هذا هو الظاهر، الظاهر أنه لا يُعمل بالحساب في إثبات دخول الشهر، وهذا الذي عليه أكثر العلماء: أنه لا يُعمل بالحساب، وإنما العمل بالرؤية.

لكن، إذا دل الحساب على استحالة الرؤية، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا تقبل شهادة الشاهد؛ لأن الشهادة من شروط قبولها أن تنفك عما يُكذِّبها؛ فإذا دل الحساب القطعي على عدم صحة الشهادة فإنها لا تُقبل.

وممن ذهب لذلك: رُوي ذلك عن مُطرِّف من التابعين، وذهب إليه السُّبكي، ورشيد رضا، وأيضًا أحمد شاكر، وإن كان أحمد شاكر ورشيد رضا يقولان في النفي والإثبات[2]، لكن السبكي في النفي فقط دون الإثبات[3].

وممن ذهب إلى هذا من المعاصرين: الشيخ محمد بن عثيمين -رحمة الله على الجميع-[4]؛ يعني: أن الحساب يؤخذ به في النفي دون الإثبات، في النفي فيما ما دل عليه الحساب القطعي؛ كأن يكون غرب القمر قبل الشمس، ثم بعد غروب الشمس أتى شاهد، وقال: إني رأيتُ الهلال بعد غروب الشمس. فعلى رأي هؤلاء: أنها لا تُقبَل شهادة هذا الشاهد، مثلما سيحصل إن شاء الله في شهر شعبان في يوم الثلاثاء القادم، سيغرب القمر قبل الشمس، فلو تقدم شاهد وقال: إني رأيتُ الهلال؛ فعلى رأي هؤلاء: أنها لا تقبل شهادته؛ لأن القمر غرب قبل الشمس.

والقمر مثل الشمس، له شروق وغروب، وهناك تطبيقات تتابع شروق وغروب القمر كل يوم، موجودة، تطبيقات موجودة حتى في تقويم أم القرى، لو كتبتَ في محرك البحث "موقع تقويم أم القرى" فيه، موجود، فيه الحساب: شروق وغروب القمر يوميًّا، وإذا طابقته على الواقع تجده دقيقًا مثل غروب الشمس تمامًا؛ مثل شروق وغروب الشمس تمامًا، بل إن المعادلة هي نفسها المعادلة واحدة، وإنما فقط الذي يختلف هو المدخلات.

فإذا كنا نثق بشروق وغروب الشمس، ونفطر عليها في نهار رمضان، ونصلي عليها صلاة المغرب،  فهكذا أيضًا غروب القمر، فإذا غرب القمر قبل الشمس، ثم أتى الشاهد وقال: إني رأيتُ الهلال بعد غروب الشمس؛ معنى ذلك أن هذا الشاهد متوهم.

وهذا قد أصبح عليه العمل في العالم الإسلامي تقريبًا في السنين الأخيرة، أصبح العمل على هذا؛ يعني من أكثر من عشر سنوات، والعمل في العالم الإسلامي على ذلك، أنه إذا دل الحساب القطعي على عدم إمكانية الرؤية، فتُرد شهادة الشاهد. أما إذا لم يكن الحساب قطعيًّا، وإنما كان ظنيًّا؛ فلا ترد، كأن يكون القمر يغرب بعد الشمس مثلًا بدقائق ويتقدم شاهد برؤية الهلال؛ هنا تقبل شهادته لأن القمر موجود في الأفق، موجود. وبعض الناس يعطيهم الله تعالى حدة في النظر.

لكن، إذا غرب القمر قبل الشمس والأفق ليس فيه هلال أصلًا، ثم أتى الشاهد وقال: إني رأيتُ الهلال؛ فلا تقبل شهادته، أخذنا هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام-: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب[5].

فالأقرب -والله أعلم- هو هذا القول: إنه لا يؤخذ بالحساب في الإثبات، وإنما المعتمد عليه هو الرؤية، لكن يؤخذ به في النفي، إذا كان قطعيًّا فقط دون الظني.

ولي كتاب صغير اسمه "الاستعانة بالحسابات الفلكية في إثبات الأهلة"، مطبوع وموجود أيضًا على النت[6]، تكلمت فيه عن هذه المسألة بالتفصيل، وذكرت أقوال العلماء وأدلتهم. ومَن أحب مزيدًا من التوسع والاستزادة فليرجع لهذا الكتاب.

^1, ^5 رواه البخاري: 1913، ومسلم: 1080.
^2 كتاب "أوائل الشهور العربية، هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي" للشيخ أحمد محمد شاكر، ط مكتبة ابن تيمية.
^3 ينظر: "فتاوى السبكي": 1/ 207-2011، ط دار المعارف.
^4 ينظر: "ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين": ص50، مسألة (251).
^6 "الاستعانة بالحسابات الفلكية في إثبات الأهلة"، طبعة دار أطلس الخضراء.
zh