ثم قال[1]:
ساق المصنف حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : لا تَقَدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه[2]. ففي هذا الحديث النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين احتياطًا لرمضان، وهو يوم الشك، أو حتى غير يوم الشك أيضًا، فإنه داخل في هذا النهي، فمَن يصوم التاسع والعشرين مثلًا أو الثلاثين من شعبان؛ احتياطًا لرمضان، يقول: ربما أنهم أخطؤوا في الحساب، أخطؤوا في دخول الشهر؛ فهذا ورد النهي عنه. وهل النهي للتحريم أو للكراهة؟
الأقرب -والله أعلم- أن النهي للتحريم؛ لأن الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم؛ ولذلك يقول عمار بن ياسر -رضي الله عنهما-: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم [3].
وقوله: إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه؛ يعني: إذا كان من عادته أن يصوم ليس احتياطًا لرمضان، وإنما وافق عادته في الصوم؛ كأن يكون يصوم يومًا ويفطر يومًا فوافق اليوم الذي يصومه الثلاثين من شعبان؛ فلا بأس، أو يكون مثلًا من عادته أن يصوم الاثنين والخميس فوافق أحدهما آخر شعبان؛ فلا بأس. فمحل النهي في صيام آخر شعبان احتياطًا لرمضان؛ فإن هذا هو الذي نهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وقال بعض أهل العلم: إنه يدخل في التنطع، والمسلم يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس [4].