قال المصنف رحمه اللّـه تعالى: “كتاب الصيام” [1].
“الصيام” معناه في اللغة: هذه المادة -مادة الصاد والياء والألف والميم، ومشتقاتـها- تدور حول معنى: الإمساك؛ ولذلك قال اللّه تعالى عن مريم عليها السلام: فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا [مريم:26]، أي: إمساكًا عن الكلام.
ويقول الشاعر:
خيلٌ صيامٌ وأخرى غير صائمةٍ | تحت العِجَاج وأخرى تعلُك اللُّجُما [2] |
خيلٌ صيامٌ، يعني: مـمسكةٌ عن الصهيل، وغير صائمةٍ، يعني: أنـها يصدر منها الصهيل.
فإذنْ هذه المادة معناها في اللغة العربية: الإمساك [3].
فإذا قلتَ: صائمٌ مثلًا عن الأكل والشرب والمفطرات، أنت صائمٌ بالمعنى الشرعي، إذا قلت: صائمٌ عن الكلام، يعني: أنك لا تتكلم، ممسكٌ عن الكلام.
أما معنى الصيام شرعًا: فأحسن ما قيل في تعريفه، وهو أشهر من أنْ يُعرَّف، لكن جرت عادة الفقهاء بالتعريف، أحسن ما قيل: التعبد للّه تعالى بالإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذه المفطرات سيأتي الكلام عنها إن شاء اللّه تعالى.
والأصل في وجوب الصيام: الكتاب والسنة والإجماع.
من الكتاب: قول اللّه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
وأما الأحاديث: فأحاديث كثيرةٌ جدًّا؛ منها: قول النبي عليه الصلاة والسلام: بُني الإسلام على خمسٍ، وذكر منها صيام شهر رمضان [4].
وأجمع العلماء على أنه ركنٌ من أركان الإسلام، ولا يجب على المسلم صيام غير رمضان، إلا بنذرٍ أو كفارةٍ.