ثم قال الله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2]، هذا استفهامٌ يراد منه التفخيم والتهويل والتعظيم لهذه الليلة، وعندما يعظم الرب ، العظيم الذي لا أعظم منه، يعظم هذه الليلة بهذا الأسلوب، هذا يدل على عظيم شأنها.
رب العالمين يقول: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2]، وما أدراك، كما قال: الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-3]، هذا استفهامٌ للتفخيم والتهويل.
ثم قال : لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، أي: أن العمل الصالح في ليلة القدر ليس مساويًا، بل خيرٌ من عملٍ صالحٍ بألف شهرٍ، ألف شهرٍ تعادل كم سنةً؟ ثلاثًا وثمانين سنةً وأربعة أشهرٍ، سبحان الله! عملٌ في سويعاتٍ خيرٌ من العمل في ثلاثٍ وثمانين سنةً وأربعة أشهرٍ.
وقد جاء في بعض الآثار أن النبي أُري أعمار الأمم السابقة، فوجد أن أعمارهم طويلةٌ، أعمارهم بمئات السنين، نوحٌ عليه الصلاة والسلام لبث في قومه بالدعوة كم سنةً؟ تسعمئةٍ وخمسين سنةً، ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، بينما متوسط أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك، فعُوضت هذه الأمة بليلة القدر، يعملون فيها بعمل قليلٍ، ويؤجرون فيها أجرًا عظيمًا، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] [1].
الحاشية السفلية
^1 | رواه مالك في الموطأـ رواية يحيى: 15. |
---|