الرئيسية/مقاطع/حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في دخول رمضان
|categories

حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في دخول رمضان

مشاهدة من الموقع

الحسابات الفلكية لا يُعتمد عليها في الإثبات، فلو قَرَّر الحساب والفلك: أن الشهر يمكن أن يُرى هلاله، قالوا: مثلًا أن القمر يغرب بعد الشمس بنصف ساعةٍ، ورؤيته ممكنةٌ وسهلةٌ، لكنه لم يره أحدٌ، فهل يثبت دخول الشهر؟ لا يثبت، لا يُعتمد على الحساب في الإثبات، أما في النفي، ما معنى النفي؟

النفي إذا قرر أهل الحساب بأنه يستحيل أن يُرى الهلال؛ لكونه مثلًا يغرب القمر قبل الشمس؛ فاختلف العلماء: هل يؤخذ بقولهم في النفي دون الإثبات؟ والقول الراجح: أنه يؤخذ بقولهم في النفي، وهذا اختيار الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله [1]، والشيخ أحمد شاكر رحمه الله يوسع المسالة، يقول: في النفي والإثبات [2]، لكنْ الشيخ محمد يقول: في النفي دون الإثبات، وهو أيضًا رأي ابن السبكي رحمه الله [3].

نوضح هذه المسألة أكثر:

الآن القمر له شروقٌ وغروبٌ؛ مثل الشمس، لها شروقٌ وغروبٌ، وتجد الآن هناك تطبيقاتٍ فلكيةً، وحتى إذا وَضَعتَ في محرك بحثٍ حساباتٍ مثل شروق وغروب القمر في مدينة الرياض؛ تخرج لك، أو أي بلدٍ.

طيب، طَبِّقها على الطبيعة، هل تجد فيها خطأً؟ أبدًا، هي مثل شروق وغروب الشمس.

طيب، إذا دلت الحسابات على أن القمر يغرب قبل الشمس بنصف ساعةٍ، فأتانا شاهدٌ وقال: رأيت الهلال بعد غروب الشمس؛ فنعرف أن هذه الرؤية فيها وهمٌ خاصةً في وقتنا الحاضر مع كثرة الأجرام في الأفق.

أذكر في “المجمع الفقهي” في مرةٍ من المرات أتانا بعض الفلكيين يشرحون، فأطفَؤوا الأنوار، وقالوا لنا: ما هذا؟ قلنا: هذا الهلال، قالوا: لا، هذا دخان طائرةٍ، قالوا: ما هذا؟ قلنا هلالٌ، قالوا: لا، هذا قمرٌ صناعيٌّ، وأتوا لنا بسبعةٍ أو ثمانية أشكالٍ، كل مرةٍ نقول: هلالٌ، يقول: لا، هذا كذا، هذا كذا.

الأشياء التي تشبه الهلال كثيرةٌ، فيغلب على الظن أن هذا الرائي متوهِّمٌ؛ ولذلك يُعتمد على الحساب القطعي دون الظني، القطعي -مثلما ذكرت- مثل غروب القمر.

أما في مسألة إمكانية الرؤية: فهذا مبحثٌ آخر، يعني إذا كان القمر يغرب بعد الشمس؛ فكم دقيقةً حتى يمكن رؤيته؟ هذه مما يُختلف فيه؛ بعضهم يقول مثلًا: بعشر دقائق، بعضهم: بعشرين دقيقةً، بعضهم: بثلاثين دقيقةً، فهذه مما يَختلف فيه الناس.

السؤال: ما هي حدود قدرة العين البشرية؟ القمر موجودٌ، لكن ما حدود قدرة العين البشرية؟ لكن إذا كان القمر أصلًا ينمو في الأفق، القمر غير موجودٍ، غرب قبل الشمس، فمعنى ذلك: أن هذا الرائي متوهمٌ، وهذا الرأي -ولله الحمد- أصبح معمولًا به تقريبًا منذ عشر سنواتٍ، ولم يُثبَت أن الشهر والهلال غربا قبل الشمس أبدًا، منذ (1430هـ)، يعني منذ إنشاء المحكمة العلياء، منذ (1430هـ) لم يثبت الشهر والهلال غربا قبل الشمس، ولو في مرةٍ واحدةٍ، لم يحصل هذا ولله الحمد، فأصبح الأمر منضبطًا، وسبحان الله! الضبط هنا كان له أثرٌ حتى على العالم الإسلامي في هذا.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر: ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين (ص 50) مسألة (251).
^2 كتاب أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي للشيخ أحمد محمد شاكر، ط مكتبة ابن تيمية.
^3 ينظر: فتاوى السبكي: (1/ 207-2011)، ط دار المعارف.
مواد ذات صلة