بيت مال المسلمين لا يجوز الأخذ منه بغير حقٍّ، والأخذ منه بغير حقٍّ يسمى غُلولًا، والله تعالى يقول: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161].
“الغلول”: هو الأخذ من المال المشترك بغير حقٍّ، ومن ذلك الأخذ من بيت المال بغير حقٍّ.
وفي الوقت الحاضر يسمى عند الناس فسادًا، ويقصدون: فسادًا ماليًّا، لكن اسمه الشرعي: غُلولٌ، وقد جاء في “صحيح مسلمٍ” عن عمر قال: لمَّا كان يوم خيبر أقبل نفرٌ من أصحاب النبي فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، وفلانٌ شهيدٌ، حتى ذكروا رجلًا فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، فقال النبي : كلا، إني رأيته في النار في بردةٍ غلَّها، أو عباءةٍ [1]، يعني: أخذها من الغنيمة قبل القسمة، مجرد عباءةٍ، ومع ذلك قال عليه الصلاة والسلام: إني رأيته في النار، ونفى عنه وصف الشهادة، وهذا يدل على شدة الأمر.
وأيضًا جاء في “صحيح مسلمٍ” عن النبي قال: من استعملناه منكم على عملٍ فكتمنا مخيطًا فما فوق؛ كان غلولًا يأتي به يوم القيامة [2].
فمن أخذ شيئًا من بيت مال المسلمين بغير حقٍّ؛ فيكون غلولًا يأتي به يوم القيامة، وهكذا من أخذ من بيت المال مالًا على عملٍ وأهمل العمل ولم يقم به؛ فيجب عليه أن يرد ما أخذ، وهكذا الأخذ على عملٍ لا يتأهل به -ليس مؤهلًا له- ومن ذلك في وقتنا الحاضر: أن يأخذ مالًا مقابل خارج دوامٍ، وهو لا يعمل خارج دوامٍ، أو مقابل انتدابٍ، وهو لم ينتدب، ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، وهذا يدخل في الغلول، ولا تصح توبة من فعل هذا إلا إذا رد هذا المال.
وأما بالنسبة لمن كان يعمل في قطاعٍ حكوميٍّ؛ فقد أوجدت الدولة هنا عندنا في المملكة حساب إبراء ذمةٍ، من أخذ مالًا بغير حقٍّ يرده لحساب إبراء الذمة من غير مساءلةٍ، فمن حصل منه ذلك؛ فيرد هذا المبلغ إلى حساب إبراء الذمة مع التوبة إلى الله .
وأما إذا لم يكن في قطاعٍ حكوميٍّ؛ فلا بد من رده إلى الجهة التي أخذ هذا المال منها، فإن لم يتيسر؛ فيتصدق به، لكن لا تصح توبته إلا بالتخلص من هذا المال، إما برده إلى حساب إبراء الذمة، أو برده إلى الجهة التي أخذه منها، أو إذا لم يتيسر هذا ولا ذاك؛ فبالصدقة به.