logo
الرئيسية/مقاطع/كيف يصلي المأموم خلف إمام يصلي جالسًا؟

كيف يصلي المأموم خلف إمام يصلي جالسًا؟

مشاهدة من الموقع

والمؤلف أشار إلى أن الإمام إذا كان عاجزًا عن القيام وصلى جالسًا؛ فإن المأمومين يصلون خلفه جلوسًا [1]، وهذه هي السنة في ذلك، فالنبي لما صلى جالسًا؛ أمَّ الصحابة  جالسًا، وصلوا خلفه قيامًا، وأشار إليهم أن اجلسوا، وقال لهم: إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائمًا؛ فصلوا قيامًا، فاذا ركع فاركعوا إلى أن قال: فاذا صلى جالسًا؛ فصلوا جلوسًا أجمعون [2].

وذهب بعض العلماء إلى أن الإمام إذا صلى قاعدًا؛ فإنه يجب على من خلفه أن يصلوا قعودًا، المؤلف يقول: يستحب، لكن القول الثاني: أنه يجب على من صلى خلف الإمام الذي يصلي قاعدًا أن يصلوا قعودًا.

إذنْ القول الثاني: أنه من صلى قاعدًا؛ يجب على من خلفه أن يصلوا قعودًا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: وإذا صلى جالسًا؛ فصلوا جلوسًا أجمعون، قال: وهذا أمرٌ؛ والأصل في الأمر أنه يقتضي الوجوب، ويدل لذلك: أنه قرنه بالقيام وبالركوع وبالرفع منه، وهي واجبةٌ عند الجميع.

ثم إنه علَّل الحديث بقوله: إنما جُعل الإمام ليؤتم به، ولأنه عليه الصلاة والسلام لما صلى الصحابة  خلفه قيامًا وهو قاعدٌ؛ أشار إليهم أن اجلسوا، وهذا هو القول الراجح.

أما إذا ابتدأ الإمام الصلاة بهم قائمًا، ثم اعتلَّ -عرض له عارضٌ- فجلس؛ فيصلي خلفه المأمومون قيامًا؛ كما حصل في قصة أبي بكرٍ ، كان يصلي بالناس في مرض النبي عليه الصلاة والسلام، ثم إن النبي وجد في نفسه خفةً، فخرج فتأخر أبو بكرٍ، وكان عليه الصلاة والسلام يؤم الناس، وأبو بكرٍ يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكرٍ، فابتدأ أبو بكرٍ الصلاة بهم قائمًا، ثم جاء النبي عليه الصلاة والسلام وأتم بهم الصلاة جالسًا، وأتموا الصلاة خلفه قيامًا.

إذنْ نقول: إذا كان الإمام يصلي قاعدًا؛ فإن كان ذلك من أول الصلاة؛ فيجب على المأمومين خلفه أن يصلوا قعودًا، وهذا على سبيل الوجوب على القول الراجح، وأما إذا كان الإمام يصلي قائمًا، ثم عرض له عارضٌ فصلى جالسًا؛ فمن خَلْفه يصلون قيامًا.

على أنه ينبغي للإمام إذا كان لا يستطيع القيام ألا يحرج نفسه ويُحرِج الناس خلفه، لا يؤم الناس، يطلب من غيره أن يؤم، بعض الناس يعجز عن الصلاة قائمًا، ومع ذلك تجد أنه يصلي بالناس وهو جالسٌ، ويحرج من خلفه من الناس؛ لأن من خلفه يقال لهم: صلوا جلوسًا، وكثيرٌ من العامة لا يتقبل هذا، أن كل المسجد يصلون كلهم جلوسًا، فيسبب إرباكًا وبلبلةً؛ فلذلك إذا كان عاجزًا عن القيام وسيصلي جالسًا؛ ينبغي ألا يؤم الناس، الحمد لله هو في سعةٍ، يطلب من غيره أن يؤم، لكن إذا أم الناس؛ فمن خلفه لا بد أن يصلوا جلوسًا، وليس لهم أن يصلوا قيامًا على القول الراجح، هذا إذا كان عاجزًا عن القيام وصلى جالسًا.

أما العاجز عن الركوع والسجود مع قدرته على القيام، يعني هذا رجلٌ يصلي قائمًا بالناس ويركع، لكنه يعجز عن السجود، إذا أتى السجود جلس على الكرسي ويومئ بالسجود، فهل تصح الصلاة خلفه؟

المذهب عند الحنابلة: أنه لا تصح الصلاة إلا بمثله[3].

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة خلفه صحيحةٌ؛ لأن الأصل: أن من صحت صلاته صحت إمامته إلا بدليلٍ؛ وعلى هذا: فإذا ركع بالإيماء؛ فالمأموم يركع ركوعًا تامًّا، وإذا سجد بالإيماء؛ فالمأموم يسجد سجودًا تامًّا، وهذا هو القول الراجح، أنه لا بأس بالصلاة خلفه؛ لأن إيماء العاجز بالركوع أو بالسجود لا يغير من هيئة الصلاة إلا بالانحناء فقط، بخلاف القيام مع القعود، ثم إن القيام مع القعود أشار النبي إلى علةٍ أخرى فيه: وهي التشبه بالأعاجم مع ملوكهم، وأما مع الركوع والسجود فليس في هذا تشبهٌ، وهذا هو القول الراجح، وقد اختاره الإمام ابن تيمية[4]، وأيضًا الشيخ ابن عثيمين، رحمة الله تعالى على الجميع[5].

فإذنْ: إذا كان الإمام قادرًا على القيام وعلى الركوع والرفع منه، لكنه عاجزٌ عن السجود، إذا أتى السجود؛ جلس على كرسيٍّ، وأومأ بالسجود؛ فلا بأس بالصلاة خلفه، ومن خلفه يصلون قيامًا، ويأتون بالركوع والسجود على التمام، لا بأس بذلك على القول الراجح، وإنما إذا كان الإمام عاجزًا عن القيام وصلى قاعدًا؛ فمن خلفه يصلون قعودًا، ففرق بين المسألتين فانتبه، فبعض طلبة العلم ربما تشتبه عليه المسألتان.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 دليل الطالب مرعي الكرمي: (ص 49)، ط دار طيبة.
^2 رواه البخاري: 688، ومسلم: 412.
^3 المقنع لابن قدامة (ص 61)، ط مكتبة السوادي.
^4 الفتاوى الكبرى: (2/ 314)، ط دار الكتب العلمية.
^5 الشرح الممتعك (4/ 228)، ط دار ابن الجوزي.
مواد ذات صلة
zh