المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلًا وسهلًا بكم مشاهدينا الكرام، مشاهدي شبكة قنوات المجد الفضائية، أهلًا بكم في حلقة جديدة من برنامجكم “مسائل في الحج”، والذي نسعد فيه باستضافة صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
صاحب الفضيلة أهلًا وسهلًا.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم، حيا الله الإخوة المشاهدين.
المقدم: الله يبارك فيك يا شيخنا، تكلمتم شيخنا في حلقة سبقت عن تحلل النبي ، وتعطره، وأنه كان محبًا للطيب .
الشيخ: نعم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلا يزال الحديث موصولًا عن أعمال يوم النحر، وذكرنا أن أول هذه الأعمال هو رمي جمرة العقبة، وبعد ذلك الذبح أو النحر، ثم بعد ذلك الحلق أو التقصير، والنبي بعدما رمى جمرة العقبة، ونحر بيده ثلاثًا وستين من الإبل، وأمر عليًّا فأكمل البقية إلى المائة، ثم أمر بأن يؤخذ من كل بدنة بضعة لحم، يعني قطعة لحم، فجمعت في قدر، فأكل من لحمها، وشرب من مرقها، ثم بعد ذلك حلق رأسه عليه الصلاة والسلام، أمر بالحلاق فحلق رأسه ، ثم تحلل التحلل الأول.
المقدم: وهو الذي يسمى الأصغر.
الشيخ: نعم، وطيبته عائشة رضي الله عنها، كان عليه الصلاة والسلام يحب الطيب، ويحب الرائحة الطيبة، ويحب النظافة، ولم يشم منه رائحة كريهة قط عليه الصلاة والسلام، كان له عناية بهذا الجانب.
وبعد الحلق أو التقصير: الطواف والسعي، الطواف طواف الإفاضة، وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به، وهو المذكور في قول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29].
المقدم: جاء فيه النص؟
الشيخ: نعم، جاء فيه النص، وهو ركن من أركان الحج، أحد أركان الحج الأربعة، النبي بعد ما حلق رأسه وتحلل التحلل الأول، وطيبته عائشة رضي الله عنها، سار إلى مكة وطاف طواف الإفاضة ضحى، فإن تيسر للحاج أن يجعل طواف الإفاضة ضحى يوم النحر، فهذا هو الأفضل والأكمل، لكن إن لم يتيسر، أو أراد الحاج أن يؤخره فلا بأس، طواف الإفاضة وقته واسع، فلو أن الحاج أراد أن يجعله في اليوم الحادي عشر، أو في اليوم الثاني عشر، أو يجعله آخر أعمال الحج، فيصح ويجزئ عن طواف الوداع.
المقدم: إذن أعمال يوم النحر: الرمي، والحلق أو التقصير، والهدي، والطواف.
الشيخ: نعم، بقي السعي، بعد ذلك السعي، والسعي أيضًا ركن من أركان الحج، لكن المتمتع عليه سعيان، والمفرد والقارن عليهما سعي واحد، فإن شاءا قدماه بعد طواف القدوم وأجزأ، وليس عليهما سعي بعد ذلك، وإن شاءا أخراه بعد طواف الإفاضة، فهذه هي أعمال الحج الخمسة، وهي: رمي جمرة العقبة، والذبح أو النحر، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، والسعي، السنة أن يؤتى بها هكذا مرتبة، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، النبي ما سُئل يوم العيد عن شيء قُدّم ولا أُخّر، إلا قال: افعل ولا حرج [1].
والنبي عليه الصلاة والسلام بعد ما حلق رأسه وطيبته عائشة رضي الله عنها، ذهب إلى المسجد الحرام، وطاف بالبيت سبعة أشواط طواف الإفاضة، ثم بعد الطواف صلى ركعتين، ثم شرب من زمزم، ذهب إلى زمزم فوجد بني المطلب يسقون الناس، فقال: لولا إني أخشى أن يغلبكم الناس لسقيت معكم [2].
وشجعهم عليه الصلاة والسلام على هذه المهمة، وهي السقاية، كانت قريش قد حصرتها فيها، بل كان فقط في بني المطلب فقط، ويرون أن خدمة الحجيج أنها شرف للإنسان، فكانوا يسقون الحجاج من بئر زمزم مباشرة، يستخرجون الدلو من البئر، ويسقون الحجاج، شرب النبي من زمزم وهو واقف، مع أن من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يشرب قاعدًا، لكنه شرب قائمًا لضيق المكان، وهذا يدل على أن الشرب قائمًا جائز، وأن الأفضل أن يشرب قاعدًا، وماء زمزم ماء مبارك، ماء لما شرب له، إذا شربته لأي شيء تريده بيقين، انتبه لهذا الشرط بيقين، فإنه يتحقق لك بإذن الله .
المقدم: نعم، شيخنا ذكرتم في الأعمال أنه ما سُئل النبي عن شيء في التقديم والتأخير إلا قال: افعل ولا حرج لكن هل يمكن تقديم السعي على طواف الإفاضة؟
الشيخ: السعي إذا سبقه طواف مشروع فلا بأس، أما إذا لم يسبقه طواف مشروع فلا يصح، فمثلًا: لو أنه كان قارنًا أو مفردًا، وطاف طواف القدوم، ثم بعد ذلك يوم العيد قدم السعي على طواف الإفاضة فلا بأس؛ لأنه سبقه طواف مشروع.
المقدم: لا يشترط في نفس اليوم، أو نقول: بساعات.
الشيخ: إي نعم، لكن إذا لم يسبقه طواف مشروع، يعني أول ما ابتدأ به السعي فإنه لا يصح؛ لأنه يشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف مشروع.
النبي بعدما شرب من ماء زمزم صلى بالناس صلاة الظهر في المسجد الحرام، لم يسع عليه الصلاة والسلام يوم العيد؛ لماذا؟ لأنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا، وعليه سعي واحد، وهو عليه الصلاة والسلام قد قدّم السعي بعد طواف القدوم؛ لما قدّم يوم رابع ذي الحجة، فلذلك لم يسع يوم العيد، ورجع عليه الصلاة والسلام بعد ما صلى بالناس في المسجد الحرام صلاة الظهر، رجع إلى منى، إلى مكان إقامته في منى، فوجد الناس ينتظرونه؛ ليصلي بهم صلاة الظهر، فصلى بهم صلاة الظهر مرة أخرى، وهي في حقه نافلة، وفي حق من خلفه فريضة، وبهذا تجتمع الأحاديث المروية في هذه المسألة، فيكون عليه الصلاة والسلام قد صلى صلاة الظهر مرتين، المرة الأولى فريضة في المسجد الحرام، والمرة الثانية نافلة صلى بالناس في منى.
المقدم: نعم، شيخنا هنا فقط مسألة: القارن قلتم: إن النبي سعى مع طواف القدوم، الآن فقط طاف الإفاضة، لو كان المرء متمتعًا، كما يقول: أنا يوم النحر فقط أطوف الإفاضة، وأؤجل السعي إلى طواف الوداع، يشرع ذلك؟
الشيخ: لا بأس به، لكنه خلاف الأفضل، لو طاف يوم العيد طواف الإفاضة، وأخر السعي إلى اليوم الأخير، ثم طاف بعدها طواف الوداع، لا بأس بهذا، لكنه خلاف الأولى، الأفضل هو أن يكون السعي بعد الطواف مباشرة، هنا يعني عندي وقفة قصيرة مع أعمال النبي عليه الصلاة والسلام يوم النحر.
لاحظ أن النبي في يوم العيد قام بأعمال عظيمة وكبيرة، يعني بعدما أسفر، وقبل طلوع الشمس، ذهب إلى منى، رمى جمرة العقبة، ثم نحر مائة من الإبل، نحر بيده عليه الصلاة والسلام ثلاثًا وستين، وأمر عليًّا فأكمل البقية، وهذه تستغرق وقتًا.
ثم انتظر حتى تسلخ يعني جلود هذه الجمال، ويقطع لحمها، ثم وضعت في قدر وطبخت، وطبخ لحم الإبل كم سيستغرق من الوقت؟ انتظر حتى تطبخ، وتطبخ ليس على الغاز، تطبخ على الحطب، وعلى ما هو موجود في زمنهم.
فانتظر عليه الصلاة والسلام حتى طبخت، فأكل من لحمها، وشرب من مرقها، كم سيستغرق هذا من الوقت؟ ثم حلق رأسه عليه الصلاة والسلام، وأمر بالحلاق فحلق رأسه، وتحلل، ولعله اغتسل أيضًا، وطيبته عائشة رضي الله عنها، ثم سار من منى إلى المسجد الحرام، وطاف طواف الإفاضة، ونزل إلى بئر زمزم، وشرب من زمزم، ثم صلى بالناس صلاة الظهر، كل هذه الأعمال ما بين طلوع الشمس وصلاة الظهر.
المقدم: سبحان الله! بركة.
الشيخ: وهذا يدل على بركة وقته عليه الصلاة والسلام، يعني أعمال كثيرة، لو لم يكن منها فقط إلا نحر الجزور، وهي مائة من الإبل، وأيضًا انتظار طبخها، والأكل من لحمها، والشرب من مرقها، يعني لو أراد الآن أحد من الناس أن يذبح مائة من الإبل من بعد طلوع الشمس.
المقدم: محتاج يومين.
الشيخ: ثم ينتظر حتى تطبخ، ثم يأكل منها، كم سيستغرق من الوقت؟ وهذا يدل على بركة وقت النبي ، فإنه قد قام بهذه الأعمال العظيمة في وقت وجيز، ولا غرو عندما يعني ننظر لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه بُعث وعمره أربعون سنة، وتوفي وعمره ثلاث وستون، فإنه بقي في البعثة والرسالة ثلاثًا وعشرين سنة فقط.
ومع ذلك أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، وأخرج الله تعالى به الناس من الظلمات إلى النور، وانتشر نور الإسلام، كل ذلك في ثلاث وعشرين سنة فقط، فهذا يدل على بركة وقته عليه الصلاة والسلام، فالبركة يعني أمرها عظيم، البركة في الوقت، البركة في العمر، البركة حتى في الصحة، البركة في المال، البركة في العلم.
المقدم: وكان من هديه الدعاء بذلك .
الشيخ: نعم، ينبغي للمسلم أن يسأل الله البركة؛ لأن الإنسان إذا بارك الله تعالى له في الشيء، حصل النفع العظيم والكبير، فإذا بارك الله للإنسان مثلًا في وقته، قام بالأعمال الكثيرة في الوقت الوجيز، وأيضًا الله تعالى القابض الباسط.
ولهذا جاء في صحيح البخاري وغيره: أن النبي قال: خفف على داود القراءة يعني قراءة التوراة، وقيل: الزبور، فكان يقرؤها ما بين أن يسرج فرسه [3]، وقت وجيز، ويقرؤها كاملة، وهنا يعني قال بعض الشراح: إن الله تعالى قد قبض له الوقت، الله تعالى هو القابض الباسط، فيبسط الوقت لمن يشاء، ويجعل البركة لمن يشاء، فيفعل الإنسان الأعمال الكثيرة في الوقت الوجيز.
وهكذا أيضًا المال، المال قد يبارك الله في المال، فيرى الإنسان النفع العظيم من مال قليل، وقد يكون عنده مال كثير، ولا ينتفع به، يذهب ولا يدري أين ذهب؟ تنزع منه البركة، قد تكون البركة في الولد، ربما يكون ابن واحد خيرًا من عشرات الأبناء، يجعل الله فيه البركة، وقد يكون عند إنسان عشرات الأولاد، وليس فيهم بركة، قد تكون البركة أيضًا في الزوجة، رب زوجة مباركة يكون لها أثر على الإنسان في أمور دينه ودنياه، وربما تكون على العكس يكون عند الإنسان أربع زوجات، وليس فيهن بركة.
قد تكون البركة في العلم، فبعض الناس عنده علم قليل، لكن الله تعالى يجعل فيه البركة، وينفع الله تعالى به، وبعض الناس عنده علم غزير، لكنه لا بركة فيه، فالبركة من الأمور العظيمة؛ ولهذا ينبغي للمسلم أن يسأل الله البركة، البركة في وقته، وفي عمره، وفي ماله، وفي أهله، وفي ولده، فيما يحتاج إليه.
المقدم: هنا كذلك يا شيخنا بعد ما يتحلل التحلل الأصغر، يعني: يحل له كل شيء حرم عليه قبل الإحرام إلا إتيان النساء.
الشيخ: نعم، نريد هنا أن نُبيّن التحلل الأول والتحلل الثاني؛ لأن هذه المسائل التي يكثر السؤال عنها، التحلل الأول: وهو ما يُسمى التحلل الأصغر، يكون بفعل اثنين من ثلاثة، وهذه الثلاثة هي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والطواف، إذا فعل اثنين منها، لاحظ هذه الأمور الثلاثة ليس فيها الذبح.
ولهذا تجد أن بعض الحجاج يشكي عليَّ يقول: أنا ما ذبحت الهدي، هل يجوز لي أتحلل، أم لا؟ الذبح ليس له علاقة بالتحلل، وإنما بفعل اثنين من هذه الثلاثة: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف، وليس فيها الذبح، إذا فعل اثنين منها حل التحلل الأول، ما معنى التحلل الأول؟ التحلل الأول معناه: أنه يحل له بفعل اثنين من ثلاثة كل شيء حرم عليه بالإحرام ما عدا الجماع، وما يتعلّق به.
المقدم: حتى ما يتعلّق به من مقدمات.
الشيخ: حتى ما يتعلّق به من مقدمات، نعم، فإذًا إذا رمى وحلق، حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، لكن ما عدا الزوجة، فيلبس ثوبه، يتطيب، يقلم أظافره، يقص شعره، حل له جميع محظورات الإحرام.
المقدم: يجوز له أن يخطب؟
الشيخ: ما يتعلّق بالزواج هنا لا زال ممنوعًا منه.
المقدم: متى يتحلل التحلل الأكبر؟
الشيخ: إذا فعل الأمور الثلاثة كلها، حل التحلل الكامل، إذا فعل يعني رمى جمرة العقبة، وحلق أو قصر، وطاف طواف الإفاضة، فإنه يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، حتى جماع الزوجة، فهذا هو إذن التحلل، معنى ذلك أنه إذا فعل اثنين لم يحل التحلل الكامل.
المقدم: حتى لو كان طواف الإفاضة.
الشيخ: نعم، لم يحل التحلل الكامل، يعني مثلًا رمى وحلق، ولم يطف طواف الإفاضة، نقول: حل لك كل شيء حرم عليك بالإحرام، ما عدا جماع الزوجة، وما يتعلق به، فهذا تؤجله حتى تطوف طواف الإفاضة.
المقدم: فإذا طاف الإفاضة حل يعني حل له كل شيء.
الشيخ: حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام.
المقدم: نعم، هنا شيخنا لما تكلمنا عن الرمي، مقدار الحصى الذي يرمي به؟
الشيخ: نعم، الحصى الذي يرمى به قدره بعض أهل العلم فقالوا: فوق الحمص ودون البندق، لكن عندما نقول للحجاج يعني هذه الكلمة ما يعرفون مقدار الحمص والبندق.
المقدم: ويقع في تكلّف.
الشيخ: وبعضهم ربما ما رأى أصلًا البندق في حياته؛ ولذلك يمكن نحتاج أن نقدره بتقدير آخر، يعني يعرفه الناس كلهم، ورد في بعض الآثار أنه بمقدار بعر الغنم، وهذا يعني تقدير واضح للجميع، يعني كل يعرفه، لكن فوق الحمص ودون البندق ربما يصلح في بيئة معينة، أكثر الحجاج يعني بعضهم أصلًا ما رأى في حياته كلها البندق.
المقدم: لكن هذا الأكمل يعني لو رمى بأقل من ذلك، أقل من الحمص يجزئه؟
الشيخ: المسألة مسألة نسبية تقريبية يعني هو بحدود بعر الغنم تقريبًا.
المقدم: لكن لو كانت أقل الحصى ما فيها إشكال؟
الشيخ: لا يضر، يعني هو إذا كان قريبًا منه فلا بأس، لا يأخذ حجرًا كبيرًا فيرمي به، ولا يأخذ حجرًا صغيرًا، إنما يكون في حدود بعر الغنم تقريبًا في هذا القدر.
المقدم: لو زاد قليلًا.
الشيخ: أو قل يسيرًا فلا بأس؛ ولهذا لما جمع للنبي الحصيات أخذهن بيده، وقال: بمثل هذه فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين [4].
فانظر كيف ربط النبي عليه الصلاة والسلام بين قضية الغلو في الدين وبين حجم الحصى، كأنك لو أخذت يعني حصى كبير يعني هذا فيه غلو؛ لأنها هي في الحقيقة تعبد لله ، تتعبد لله تعالى برمي هذه الحصاة.
المقدم: بعض الحجاج يغسل الحصى.
الشيخ: هذا لا أصل له، هو حصى ترمي به تعبدًا لله ، لا داعي لغسله.
المقدم: نعم، هل الواجب أن تقع الحصاة في الحوض، أو أن تضرب الشاخص؟
الشيخ: الواجب أن تقع في الحوض، ولا يلزم أن يضرب الشاخص؛ لأن الشاخص إنما وضع علامة، ولم يكن موجودًا أصلًا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام هذا الشاخص، وضع فيما بعد علامة؛ ولهذا قال الفقهاء: إنه لو ضرب الشاخص، وارتدت الحصاة، ولم تقع في الحوض لا تجزئه؛ ولهذا ينبغي أن ينتبه الحاج يتأكد من وقوع الحصاة في الحوض.
المقدم: لو أخذ السبع حصيات ورماها مرة واحدة؟
الشيخ: لو رمى السبع حصيات مرة واحدة تعتبر حصاة واحدة، لا بد أن يرميها بالطريقة التي وردت.
المقدم: وهي؟
الشيخ: وهي أن يرمي السبع حصيات، كل حصاة يرميها على حدة، ويرمي سبع حصيات متواليات، وهنا إذا أراد أن يرمي يرفع يده هكذا، ثم يرمي، فإن وضعها وضعًا، فهل تجزئه أم لا؟ هذا محل خلاف بين الفقهاء، وبعض الفقهاء يرى أنه لا تجزئه؛ لأن هذا ليس رميًا، وإن كان القول الراجح أنه يجزئ؛ لأن الحصاة وقعت في الحوض، لكن أقول: بعض أهل العلم يرى أنها لا تجزئه؛ ولهذا فخروجًا من الخلاف ينبغي أن يحرص المسلم على السنة، والسنة إذا أخذ الحصى يرفع يده هكذا.
المقدم: ويرمي، وهذا معروف عند العرب.
الشيخ: ويرمي، ماذا يقول؟ يقول: الله أكبر، من غير زيادة بسم الله، يأخذ حصاة ويقول: الله أكبر.
المقدم: مع كل حصى.
الشيخ: نعم، الله أكبر، الله أكبر، ويحرص على أن تقع في الحوض، وليس بلازم أن تصيب الشاخص.
المقدم: عند رمي يوم النحر جمرة العقبة، يشرع له الدعاء بعدها؟
الشيخ: لا يشرع له الدعاء.
المقدم: ينصرف.
الشيخ: نعم، إنما الدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق، أما يوم العيد فإنه يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر الله تعالى مع كل حصاة من غير دعاء في هذه الحال.
المقدم: نعم، إذا شك في عدد الحصيات.
الشيخ: إذا شك في عدد الحصيات فإنه يبني على اليقين وهو الأقل، فإذا شك هل رمى ستًا أم سبعًا؟ يعتبرها ستًا، وإذا شك هل رمى خمسًا أم ستًا؟ يجعلها خمسًا.
المقدم: الأقل.
الشيخ: يأخذ باليقين وهو الأقل؛ ولهذا ينبغي أن يحتاط يعني يأخذ معه حصيات احتياطًا؛ لأنه ربما أثناء يعني الزحام تسقط منه بعض الحصيات، فحتى لا يحتاج إلى أن يذهب ويبحث عن حصى، يعني يأخذ مثلًا معه تسع حصيات، اثنتان احتياطًا، ويرمي بسبع، ويجعل هاتين الحصاتين احتياطًا، لو سقطت منه هذه الحصاة، أو نحو ذلك، أو أنه شك في وقوعها في الحوض، إذا شك الإنسان في وقوع الحصاة في الحوض رمى بدلًا منها، ويقضي على الشك باليقين وهو في حينه، حتى لا يسبب له قلقًا؛ لأن الشك في الحقيقة يصيب الإنسان بالقلق، ويتعب الإنسان، خاصة من كان عنده حرص على العبادة، وحرص على الخير، يعني وحصل عنده شك، هل وقع في الحوض أم لا؟ يبقى في قلق وفي توتر، ويذهب يسأل، ويعني عندنا يعني في بعض برامج الإفتاء ترد أسئلة إنسان ربما يقول: العام الماضي، وبعضهم يقول: من سنوات أنا شككت هل وقعت في الحوض أم لا؟
المقدم: وبقيت في قلبه.
الشيخ: نعم، تبقى في قلبه؛ ولهذا يجعل معه حصيات احتياطًا، عند الشك في وقوعها في الحوض يأخذ حصاة بدلًا منها، ويرمي مكان هذه التي شك فيها، وبذلك يقطع الشك باليقين في وقته.
المقدم: الله يسعدك شيخنا وبقيت هناك كذلك مسائل أخرى نرجئها إلى حلقة قادمة، أشكرك في ختام هذا اللقاء.
الشيخ: إن شاء الله تعالى، وشكرًا لكم، وللإخوة المشاهدين.
المقدم: الله يبارك فيك، والشكر كذلك موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام بعد شكر الله ، كان معنا صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، أطيب المنى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.