عناصر المادة
- المقدمة
- ما صحة حديث: الشتاء ربيع المؤمن؟
- هل يلزم عند اشتداد البرد أن يقول المؤذن: صلوا في رحالكم؟
- المسح على الخفين
- حكم المسح على العمامة
- ما أفضل الصدقة عن الميت؟
- حكم التوقيع عن البعض في الانصراف والحضور بين الموظفين؟
- ضوابط صناديق الادخار
- حكم صندوق التكافل
- هل هناك طريقة للتراجع عن الطلقة إذا تردد بعد إطلاقها؟
- ما حكم تغيير قيمة السلعة حسب مدة التقسيط؟
- حكم اطلاع امرأة على عورة أخرى لإزالة الشعر منها
- هل يجوز تقديم هديةٍ أو إقامة وليمةٍ بمناسبة السلامة؟
- هل ورد النهي في فرقعة الأصابع بعد الانتهاء من صلاة الفريضة؟
- هل معرفة أحوال الطقس، وتقدير درجات الحرارة من التنجيم؟
- حكم زكاة الإرث الذي حال عليه الحول
- طريقة حساب الزكاة
- حكم وسم الدابة في وجهها
- تقسيم ميراث لمن مات وترك والديه
- حساب زكاة مبلغ من المال
- حكم إسقاط الجنين المشوّه الخِلقة
- كيف الزواج من فتاة مهاجرة ليس لها ولي؟
- حكم ما يأخذه السائق لإحضار الزوار لمزرعة تمر
- حكم العمل في دكان يبيع الدخان والشيشة
- حكم المسح على الجوارب الشفافة
- حكم المسح على جوارب تصل إلى نصف عظمة الكعب فقط
- نصيحة لمن يُكثر اللعن
- ما حكم مدح الرجل بما ليس فيه؟
- حلف بالطلاق أن تحضر الزواج.. هل يقع الطلاق إذا لم تحضر ؟
- خاتمة البرنامج
المقدمة
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، طبتم وطابت أوقاتكم بالخير والمسرَّات.
مرحبًا بكم -مشاهدينا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ ومباشرةٍ من برنامجكم (فتاوى)، والذي يأتيكم عبر قناة “السعودية”.
رحبوا معي في مطلع هذا اللقاء بمعالي شيخنا الشيخ: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.
حياكم الله يا شيخ سعد.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المشاهدين.
المقدم: أسعد بكم كثيرًا -مشاهدينا الكرام- وبأسئلتكم واستفتاءاتكم تباعًا على هاتف البرنامج، أو عبر أدوات التواصل الاجتماعي.
ما صحة حديث: الشتاء ربيع المؤمن؟
حياكم الله -يا شيخ سعد- وحفظكم، وردت أسئلةٌ كثيرةٌ -يا شيخ سعد- حول حديث: الشتاء ربيع المؤمن، هل يصح هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام؟ هذا الجزء الأول.
الجزء الثاني: مع البرد الآن -يا شيخ سعد- هل يسوغ لأئمة المساجد الجمع والقصر، خصوصًا إذا وصلت درجات الحرارة إلى الصفر أو قريبًا منها؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فــالشتاء ربيع المؤمن [1]، لا يصح حديثًا عن النبي ، وإن كان قد رُوي، لكنه لا يثبت، وإنما هو مأثورٌ عن بعض السلف، مأثورٌ عن بعض الصحابة؛ كأبي هريرة وغيره، فكانوا يقولون: “الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فسهل القيام، وقصر نهاره فسهل الصيام”، يعنون به هذا، وأيضًا منهم من يصفه بالغنيمة الباردة، يقولون: الشتاء الغنيمة الباردة؛ لأنه مع طول الليل يسهل قيام ليله، ومع قصر النهار يسهل صيام نهاره.
وأما بالنسبة للجمع -الجمع بين الصلاتين عند شدة البر- فإن هذا لا يجوز، ما لم يكن البرد مصحوبًا بأمرٍ آخر؛ كأمطارٍ غزيرةٍ مثلًا، أو عواصف مثلًا، ونحو ذلك، أما مجرد شدة البرد، فهذا لا يجوز الجمع لأجله؛ وذلك لأن شدة البرد يمكن التغلب عليها عن طريق وسائل التدفئة، وعن طريق أيضًا لبس الملابس الشتوية الثقيلة ونحو ذلك.
وقد كان البرد يصيب الناس زمن النبي ، فالمدينة النبوية تقع على خط عرض (24)، وعلى خط طول (39)، وكان يصيب الناس بردٌ شديدٌ، ولم تتغير الأحوال المناخية كثيرًا، يعني منذ ألفٍ وأربعمئةٍ وسبعةٍ وثلاثين عامًا، يعني في عالم المناخ لا يُعتبر التغير كبيرًا؛ ولذلك الأحوال المناخية لم تتغير كثيرًا، فالبرد الذي يأتي الناس اليوم كان يأتي الناس زمن النبي وربما أشد منه.
وقد كان الناس في زمن النبوة على حالةٍ كبيرةٍ من الفقر وقلة ذات اليد وضيق الحال، حتى إن جابرًا يقول: “أيُّنا كان له ثوبان على عهد رسول الله ؟!”، كان أكثرهم ما عنده إلا ثوبٌ واحدٌ، ثوبٌ واحدٌ بدون ملابس داخليةٍ، وبدون أي شيءٍ، تصور مع شدة البرد! فلو كان الجمع لأجل البرد مشروعًا؛ لساغ ذلك لصحابة النبي ، ولم ينقل عن النبي أنه جمع لأجل البرد ولو مرةً واحدةً، ولو فعل ذلك لنُقل؛ فعلى هذا: لا يجوز الجمع لأجل شدة البرد.
وأما حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما: “أن النبي جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوفٍ ولا سفرٍ” [2]، فهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”، إلا أنه متكلَّمٌ فيه من جهة المتن، فنقل الترمذي الإجماع على ترك العمل بظاهره، وقيل: إن النبي جمع لعذرٍ خَفِيَ على ابن عباسٍ، وقيل: إنه جمع لأجل مطرٍ نزلَ، كما قال الإمام مالكٌ وغيره، وقيل: كان هناك وباءٌ بالمدينة، وقيل: إن الجمع كان صوريًّا، أي أخَّر الظهر إلى آخر وقتها، وقدم العصر في أول وقتها، وأخر المغرب إلى آخر وقتها، وقدم العشاء في أول وقتها.
وبكل حالٍ: فهذا الحديث من الأحاديث المتشابهة، تُرَد إلى النصوص المحكمة الصريحة الواضحة التي تدل على وجوب أداء الصلاة في وقتها، وأنه لا يجوز الجمع من غير عذرٍ، لا يجوز الجمع بين الصلاتين بغير عذرٍ، لا بد من عذرٍ بيِّنٍ، عذرٍ واضحٍ؛ كحرجٍ ظاهرٍ بيِّنٍ كبيرٍ، بنزول أمطارٍ أو عواصف ونحو ذلك، أما مجرد شدة البرد فهذا قد كان موجودًا زمن النبوة، وكان كثيرٌ من الصحابة فقراء، ولم يكن النبي يجمع لأجل هذا.
فعلى إمام المسجد أن يتقي الله ، وألا يعرِّض صلاة من خلفه للبطلان؛ لأنه لو جمع؛ فعند أكثر أهل العلم أن صلاتهم -الصلاة الثانية- باطلةٌ لا تصح، وشرط الوقت هو آكد شروط الصلاة، قد تسقط جميع الشروط والأركان والواجبات؛ مراعاةً لشرط الوقت؛ ولذلك على إمام المسجد أن يتقي الله ، وإذا شك: هل يجمع أو لا؟ فالأصل عدم الجمع، وإذا جمع إمام المسجد في شدة البرد؛ معنى ذلك أنه عرَّض صلاة من خلفه للبطلان على رأي أكثر أهل العلم، واجتهادات الإنسان الشخصية يحتفظ بها لنفسه، أما أمرٌ يتعلق بعامة الناس فهذا يسير على الفتوى العامة في البلد، يسير على ما عليه فتوى أهل العلم وكبار أهل العلم وما عليه الفتوى العامة، وأما اجتهاداته الشخصية فيجعلها لنفسه، يعمل بها في خاصة نفسه، وأما الاجتهادات المتعلقة بالآخرين فهنا يعمل بالفتوى العامة في البلد.
هل يلزم عند اشتداد البرد أن يقول المؤذن: صلوا في رحالكم؟
المقدم: أحسن الله إليكم، شيخ سعد، الآن هل يلزم عند اشتداد البرد -مثلًا يعني بلوغه درجات الصفر- أن يقول: صلوا في رحالكم، المؤذن؟
الشيخ: هذا إنما يكون عند نزول المطر، أما مجرد شدة البرد فلا، حتى لو حصل بردٌ شديدٌ.
المقدم:… تأخذ الحكم يا شيخ سعد.
الشيخ: كما ذكرنا، الآن الناس يسَّر الله تعالى عليهم، بالإمكان التغلب على شدة البرد بوسائل التدفئة، ولبس الملابس الثقيلة، ونحو ذلك، والآن في بعض البلدان التي تقع الآن في نصف الكرة الشمالي، كلما اتجهت شمالًا؛ كلما كان الجو أبرد، عندهم درجات الحرارة أقل من الصفر، معظم الشتاء درجات الحرارة أقل من الصفر، ومع ذلك يؤدون الصلاة في وقتها ولا يجمعون، ولا يترددون في هذا، لكن بعض الناس أصبحوا مع الترف الذي يعيشه الناس اليوم، أصبحوا يحرصون على الجمع، وسبحان الله! كأن المشقة لا توجد إلا في الصلاة، بقية أمورهم الدنيوية ما فيها مشقةٌ، يزاولون أمورهم الدنيوية كأي يومٍ، تجد أنه يزاول أموره الدنيوية؛ الذهاب للأسواق، والذهاب للمنتزهات، والذهاب لـ..، كما يذهب في أي يومٍ، وإذا أتت الصلاة؛ قال: والله هناك مشقةٌ بترك الجَمع، سبحان الله! لماذا لم تأت المشقة إلا في الصلاة فقط، وأما بقية الأمور ما فيها مشقةٌ؟! هذا يدل على أن بعض الناس عندهم هذا النَّفَس، كلما أتى أدنى مطرٍ أو شدة بردٍ أو..؛ يحرصون على الجمع، وهذا مخالفٌ للسنة، الأصل أن الصلاة تؤدى في وقتها، لا يقال بالجمع إلا عند وجود عذرٍ بينٍ ظاهرٍ؛ كمطرٍ غزيرٍ يلحق الناس بالذهاب إلى المسجد معه حرجٌ ومشقةٌ مثلًا، أما مجرد شدة البرد، أو حتى الغبار ونحو ذلك، هذه كلها ليست من أسباب الجمع.
المقدم: طيب، من يجد حرجًا -يا شيخ سعد- من جماعة المسجد، أو ضررًا مثلًا من البرد، له أن يصلي في البيت؟
الشيخ: نعم، إذا كان الإنسان في خاصة نفسه يجد حرجًا في الذهاب للمسجد، حتى لو لم يكن هناك بردٌ؛ لكبر سنٍّ مثلًا، أو لمرضٍ، أو نحو ذلك، فهذا يصلي في بيته ما دام أنه يجد الحرج، ما دام أنه يعني..، هذا ليس مرتبطًا بالمطر أو شدة البرد، متى ما وجد الحرج الإنسان، إنسانٌ مريضٌ مثلًا، ولو ذهب للمسجد؛ لَلَحِقَه الحرج، نقول: يصلي في بيته، الكبير في السن لا يستطيع، يشق عليه الذهاب للمسجد، فله أن يصلي في بيته، أما الإنسان الصحيح المعافى، فالأصل أن يصلي الصلاة في وقتها مع جماعة المسلمين في المسجد.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ سعد، أيضًا هناك نقطةٌ يا شيخ سعد، مسألة من عليهم كفاراتٌ، خصوصًا كفارات القتل، شهرين أو غيرها، أو ظهارٍ أو غيره، استغلال مثل هذه الأوقات، خصوصًا مع قِصَر اليوم.
الشيخ: نعم، هذا طيبٌ، هذا من الحيل الحسنة، إي نعم، أن الإنسان يختار مثل هذه الأوقات ويصوم فيها شهرين متتابعين؛ ولذلك تجد أن المشايخ في فتوى من عليه كفارةٌ عندما يستثقلها يقولون له: اختر أيام الشتاء التي يقصر فيها النهار ولا يشق فيها الصيام، فيمكن من كان عليه كفارةٌ مغلظةٌ أن يصوم في مثل هذه الأيام.
المسح على الخفين
المقدم: جميل! أحسن الله إليكم، أبو البراء -يا شيخ سعد- يقول: السلام عليكم ورحمة الله، يكثر لدينا الإشكالية في مسألة المسح على الخفين، حبذا لو تَحدَّث الشيخ سعدٌ بإيجازٍ شديدٍ عن هذه المسألة، خصوصًا أنه هناك حاجةٌ إليها في هذه الأيام.
الشيخ: المسح على الخفين هو بابٌ من أبواب الفقه، والكلام عنه يطول، لم يحدد مسألةً معينةً من مسائل المسح على الخفين، لكن أقول باختصارٍ: يشرع المسح على الخفين -وفي حكمها الجوارب- إذا لبسها على طهارةٍ، وكانت ساترةً لمحل الفرض، يعني ساترةً للقدمين والكعبين، فيشرع المسح عليهما.
ومدة المسح يومٌ وليلةٌ للمقيم، وثلاثة أيامٍ بلياليهن للمسافر، ومدة المسح تبدأ من أول مسحٍ بعد الحدث، في أرجح قولي العلماء، أول مسحٍ بعد الحدث، يعني أول مرةٍ يمسح على الجوربين؛ يبدأ حساب المدة بعدما يلبس الجوربين ثم يحدث ثم يبدأ في المسح، هنا يبدأ حساب المدة، أربعٌ وعشرون ساعةً للمقيم، وثنتان وسبعون ساعةً للمسافر.
حكم المسح على العمامة
المقدم: أحسن الله إليكم، العمامة -يا شيخ سعد- خصوصًا، ويدخل معها أحيانًا بعض الربطات التي تكون على الرأس مثبتةً وشيءٌ من هذا؟
الشيخ: العمامة: ليس كل عمامةٍ يُمسح عليها، إنما العمامة التي يمسح عليها: ما كانت على مثل عمائم العرب؛ بأن تكون محنَّكةً وذات ذؤابةٍ، تكون محنكةً، يعني يوضع منها على الحنك كورٌ من العمامة، ولها أطرافٌ، ويشق نزعها، أما العمائم -عمائم بعض الناس الآن- فهي أشبه بالشماغ، أو أشبه بالغُترة، أو أشبه بالطاقيَّة.
المقدم: عمائم إخواننا السودانيين.
الشيخ: لا، هذه ما يمسح عليها؛ لأنها أشبه بالشماغ أو الغترة، ولا يشق نزعها، إنما العمامة التي يجوز المسح عليها: هي ما كانت مثل عمائم العرب التي يشق نزعها.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا.
أبو عبدالله من الرياض، السلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف الحال طال عمرك؟
المقدم: الله يحييك، تفضل.
السائل: عندي سؤالان الله يحفظكم:
الأول طال عمرك: ما هي أفضل الصدقة عن الميت؟
والسؤال الثاني طال عمرك: نرى بعض الإخوان -الله يحفظهم- وقت الدوام في التوقيع، تمام؟ يعني يوقع كل واحدٍ عن الثاني، كذا الانصراف كذلك، فما الحكم في ذلك؟
المقدم: طيب طيب، شكرًا لك يا أبا عبدالله.
ما أفضل الصدقة عن الميت؟
أفضل الصدقة عن الميت يا شيخ سعد؟
الشيخ: أفضل ما يفعل للميت: هو ما ورد في حديث أبي هريرة أن النبي قال: إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له [3]، أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”.
ذكر النبي ثلاثة أمورٍ تنفع الميت بعد مماته:
- الأمر الأول: الصدقة الجارية، والصدقة الجارية: هي الوقف، أن يَجعل الإنسان له وقفًا، ويجعل رَيعه في وجوه البر، فما دام أن هذا الوقف يُنتفع به؛ فيجري له ثوابه وأجره بعد مماته.
- والأمر الثاني: العلم الذي ينتفع به، سواءٌ كانت مؤلفاتٍ مثلًا ألفها، أو أشرطةً مثلًا، أو طلابًا تتلمذوا على يديه ونحو ذلك، أو حتى النشر، نشر الكتب النافعة والمفيدة، هذا من العلم الذي ينتفع به.
- الأمر الثالث: أو ولد صالح يدعو له، يعني: الدعاء، دعاء الحي للميت ينفعه بعد مماته، خاصةً إذا كان من الولد، وإنما ذكر النبي الولد الصالح؛ أولًا: لأن الولد الصالح هو الذي يهتم بالدعاء لوالديه، ثانيًا: لأن الولد الصالح أحرى بالإجابة وأحرى بالقبول، فهذه الأمور يلحق ثوابها الميت بعد وفاته.
حكم التوقيع عن البعض في الانصراف والحضور بين الموظفين؟
المقدم: أحسن الله إليك، التوقيع -يا شيخ سعد- عن البعض في الانصراف والحضور بين الموظفين؟
الشيخ: هذا لا يجوز، هذا من الكذب والتزوير والغش، ومثل هذا العمل لا يجوز، والإنسان إذا طُلب منه أن يوقع عن زميله؛ يرفض، يقول: إن هذا حرامٌ، وإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه غشٌّ، وفيه أيضًا إعانةٌ على الإثم، أنت تُعِين الآن زميلك على الإثم، وعلى أن يأكل مالًا حرامًا، وتظهر للجهة المسؤولة بأن هذا الموظف حضر في الوقت الفلاني والواقع بخلافه؛ فهو كذبٌ، فمثل هذه التصرفات غير جائزةٍ، وننصح بتركها، ومن وقع في ذلك؛ فعليه التوبة إلى الله ، وينبغي أن يكون الخُلُق السائد بين المسلمين: هو الصدق والبيان والوضوح، والبعد عن الكذب ومثل هذا الخداع.
ضوابط صناديق الادخار
المقدم: أحسن الله إليك، أبو فارسٍ يقول يا شيخ سعد: هل هناك ضوابط معينةٌ لصناديق الادخار الموجودة الآن في بعض الشركات، وهل أَدخُل في صندوق الادخار الموجود في شركتي أم لا؟
الشيخ: صناديق الادخار تختلف من شركةٍ لأخرى، وبعضها ملتزمٌ بالضوابط الشرعية؛ فيجوز الدخول فيها، وبعضها غير ملتزمٍ بالضوابط الشرعية، ولا نستطيع أن نجيب عنها جوابًا عامًّا، هي تختلف باختلاف طبيعة هذا الصندوق، فبإمكان الأخ أن يأخذ مثلًا شروط هذا الصندوق ويعرضها على أحد المشايخ؛ لكي ينظر هل هي فعلًا..، هل هذا الصندوق منضبطٌ بالضوابط الشرعية أم لا؟
حكم صندوق التكافل
المقدم: أحسن الله إليك، أبو سامرٍ يقول: لدينا صندوقٌ اسمه “صندوق التكافل” في العمل، هل هذا الصندوق فيه…؟
الشيخ:… هؤلاء المشتركين في الصندوق شيءٌ، فإنه يأخذ منه، ويقوم على التبرع المحض؛ فهذا لا زكاة فيه، أما إذا لم يقم على التبرع المحض، وإنما على الاستثمار، ولو أراد أن ينسحب من هذا الصندوق؛ لأعطوه ما دفع وما بذل، أو وربما يكون هناك أيضًا أرباحٌ، فهذا فيه الزكاة؛ فإذنْ هذا بحسب طبيعة هذا الصندوق.
هل هناك طريقة للتراجع عن الطلقة إذا تردد بعد إطلاقها؟
المقدم: أبو فضلٍ يقول: السلام عليكم ورحمة الله، هل هناك طريقةٌ أو حيلةٌ للتراجع عن الطلقة إذا صدرت من رجلٍ مقتنع بها لكنه تردد بعد إطلاقها؟
الشيخ: ما دام أنه قد تكلم بها؛ فيقع الطلاق، إذا استوفى الشروط الشرعية، طلقها في طهرٍ لم يجامعها فيه، ولم يكن غضبانًا، وأتى بلفظ الطلاق الصريح، أو كنايته مع النية؛ فالأصل أنه يقع الطلاق، ولا يملك الرجعة في هذه الحال، لا يملك التراجع عن الطلاق، لكنه يملك الرجعة إذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية، يملك مراجعة المرأة، وأما التراجع عن الطلاق الذي سأل عنه: فهذا لا يملكه؛ لأنه تكلم به وتلفظ به فيقع، وعلى الإنسان قبل أن يطلِّق أن يتأكد، وأن يتأمل، وألا يستعجل، وإذا أراد أن يطلق طلقها طلقةً واحدةً في طهرٍ لم يجامعها فيه، فإذا فعل ذلك؛ فله الخيار -ما دامت في العدة- في أن يراجعها، فإذا خرجت من العدة؛ بانت بينونةً صغرى، يعني لم تَحِل له إلا بعقدٍ ومهرٍ جديدٍ.
ما حكم تغيير قيمة السلعة حسب مدة التقسيط؟
المقدم: أحسن الله إليكم، أبو كمالٍ من ليبيا يقول: ما حكم قيام البائع بتغيير قيمة السلعة حسب مدة التقسيط أو أثناء مدة التقسيط؟
الشيخ: هذا لا يجوز، إذا اتفقا على سعرٍ معينٍ؛ فحينئذٍ لا يملك التغيير، يعني زيادة مثلًا الثمن في السلعة مقابل زيادة الأجل، هذا هو نظير ربا الجاهلية؛ إما أن تَقضي وإما أن تُربي، فما دام أنه قد اتفق على سعرٍ معينٍ؛ فلا يملك حينئذٍ الزيادة على هذا السعر، وإنما الذي وَقَع فيه الخلاف بين العلماء: لو أراد أن يعجِّل هذا المشتري والبائع يضع عنه، هذه “مسألة ضع وتعجَّل”، أو “مسألة الحطيطة”، وهي محل خلافٍ بين الفقهاء، والقول الراجح هو جوازها.
المقدم: أحسن الله إليكم.
معنا الأخت المتصلة، السلام عليكم.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله.
حكم اطلاع امرأة على عورة أخرى لإزالة الشعر منها
السائلة: لو سمحت يا أخي، أنا عندي مرض الرعاش في يدي، وما أستطيع إزالة الشعر من المناطق الحساسة، هل يجوز أن أجعل أحدًا، امرأةً أخرى، تزيل الشعر بـ(حلاوة أو بالليزر)؟
المقدم: طيب، الله يمن عليك بالشفاء والعافية، تفضل يا شيخ.
الشيخ: الأصل أن العورة المغلظة لا يجوز أن يطلع عليها أحدٌ، وهي تجتهد في هذا الأمر، وأما أنها تَطَّلع عليها امرأةٌ أخرى فهذه ليست من الأمور الضرورية، ولو وصلت المرأة لمرحلة الضرورة، لو وصل الأمر لمرحلة الضرورة؛ جاز ذلك؛ كالعلاج ونحوه، أما مجرد إزالة هذا الشعر، فلم يصل إلى مرحلة الضرورة؛ ولذلك هو يترتب عليه اطلاع غيرها على العورة المغلظة، والأصل في هذا عدم الجواز.
المقدم: الله المستعان، ربما هذه الأخت قد تكون متعبةً، لكن كثيرٌ من الأخوات -نسأل الله لنا ولهن السلامة- يتساهلن في هذه القضية كثيرًا يا شيخ سعد، نسأل الله العافية والسلامة!
هل يجوز تقديم هديةٍ أو إقامة وليمةٍ بمناسبة السلامة؟
أخونا يسأل: هل يجوز تقديم هديةٍ أو هبةٍ أو إقامة وليمةٍ بمناسبة السلامة؟
الشيخ: لا بأس بذلك، إذا أقام هذه الوليمة شكرًا لله على هذه النعمة، أنَّ الله تعالى منَّ عليه وسلَّمه، وأراد أن يقيم وليمةً من باب الشكر لله ، إما أن يدعو لها الفقراء، أو حتى يدعو لها أرحامه أو أقاربه أو جيرانه، فالأصل في هذا الجواز.
هل ورد النهي في فرقعة الأصابع بعد الانتهاء من صلاة الفريضة؟
المقدم: أحسن الله إليكم، هل ورد النهي في فرقعة الأصابع بعد الانتهاء من صلاة الفريضة؟
الشيخ: الذي ورد هو فرقعة الأصابع داخل الصلاة، هذا عند الفقهاء أنه مكروهٌ، أما بعد الصلاة فيبقى على الأصل وهو الإباحة.
هل معرفة أحوال الطقس، وتقدير درجات الحرارة من التنجيم؟
المقدم: أحسن الله إليكم، هذا أبو ياسر: معرفة أحوال الطقس، وتقدير درجات الحرارة والبرودة، هل فيه شيءٌ من التنجيم؟
الشيخ: ليس فيه شيءٌ من التنجيم، وإنما هو محاولةٌ لتفسير سنن الله تعالى في الكون، فهذا الذي مثلًا يتوقع موجة بردٍ تصل، أو يتوقع نزول مطرٍ، هو الآن يحاول معرفة سنن الله في الكون فقط، فهو تفسيرٌ لسنن الله تعالى في الكون، ليس له علاقةٌ بالتنجيم، والتنجيم هو الذي يكون بالتخمين وادعاء علم الغيب، وهذا غير موجودٍ في التوقعات بنزول الأمطار وبالبرد ونحو ذلك؛ لأن الذين يتوقعون نزول الأمطار، ويتوقعون مثلًا البرد ونحو هذا، أو موجة البرد أو الحر، إنما هم يحاولون أن يفسروا سنن الله في الكون، والله ذكر مثلًا أن الرياح تسبق نزول المطر مبشراتٍ، فهذا من السنن، ولهم في هذا طرقٌ، وهذا علمٌ من العلوم معروفٌ من قديم الزمان، إنما الذي ورد النهي عنه: أنه إذا نزل المطر؛ فلا يجوز نسبة نزول المطر لغير الله تعالى، فلا يقول: مُطرنا بِنَوْءِ كذا، أو مطرنا بالمنخفض الجوي، أو بسبب أحوال كذا، أحوال الطقس، أو بسبب المنخفض الجوي ونحو ذلك، هذا هو الذي لا يجوز، وعده العلماء من كُفر النعمة، ويدل لذلك حديث زيد بن خالدٍ قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية، فلما انصرف من صلاة الصبح قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي اليوم مؤمنٌ بي وكافرٌ؛ فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بِنَوْءِ كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب [4]، أخرجه البخاري ومسلمٌ، هذا يقوله النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته وهو بين أظهرهم والوحي ينزل، ورسول الله بين أظهرهم، فما بالك بغيرهم؟! ما بالك بحالنا اليوم؟!
ولذلك: فعلى المسلم بعد نزول المطر أن يحذر غاية الحذر من أن ينسب نزول المطر لغير الله تعالى، فيقول: مطرنا لأجل المنخفض الجوي، أو نحو ذلك، هذا لا يجوز، هذا من كفر النعمة، وإنما يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، اللهم اجعله صَيِّبًا نافعًا.
أما التوقعات التي تسبق نزول الأمطار، أو التوقعات بهبوب الرياح، أو التوقعات بمجيء البرد أو الحر أو نحو ذلك: فهذا لا بأس به، وهذا ليس من التنجيم، وإنما هو محاولةٌ لتفسير سنن الله تعالى في الكون.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا.
منار من الباحة، السلام عليكم منار.
حكم زكاة الإرث الذي حال عليه الحول
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: حياك الله يا منار، تفضلي.
السائلة: كيف حالك يا شيخ؟
المقدم: حياك الله، تفضلي.
السائلة: أنا عندي سؤالٌ، أريد أن أكلم الشيخ.
المقدم: تفضلي، يسمعك الشيخ.
السائلة: أنا عندي مبلغٌ إرثٌ، والإرث هذا دار عليه الحول، أزكيه أو لا أزكيه؟
الشيخ: المبلغ بلغ النصاب؟ في حدود كم المبلغ؟
السائلة: تقريبًا ثلاثين، للعلم يا شيخ، أنا ما عندي دخلٌ ثابتٌ، ولكن الدخل -المبلغ هذا- أحتاجه مثلًا أتركه… أو لأهلي أو شيء.
الشيخ: المهم أنه مضى عليه الحول؟
السائلة: نعم، مضى عليه الحول، وأنا أحتاجه، ما أنفقه إلا للضرورة.
المقدم: هناك سؤالٌ ثانٍ.
السائلة: لا، شكرًا لك.
المقدم: تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: هذا المبلغ فيه زكاةٌ؛ وذلك لأنه قد بلغ نصابًا وحال عليه الحول، فتجب فيه الزكاة، تعلَّق به حق الفقراء والمساكين وأصحاب الزكاة، حتى ولو كانت تريد أن تنفق منه، أو تدخره لأي غرضٍ، ما دام أنه قد بلغ نصابًا وحال عليه الحول؛ فتجب فيه الزكاة، والزكاة هي مبلغٌ يسيرٌ، هي (2.5%)، وهي مغنمٌ وليست مغرمًا، هي أولًا: فيها الأجر العظيم؛ لأنها فريضةٌ، هي بذلٌ للمال على وجه الفرض، والله تعالى يقول: وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه [5]، ففيها أجرٌ عظيمٌ في بذلها.
ثانيًا: أن فيها وقايةً للمال، تقي المال -بإذن الله تعالى- من الآفات، من السرقة ونحو ذلك.
ثالثًا: أنها سببٌ للبركة، تحل البركة في هذا المال؛ ولهذا عند العامة مَثَلٌ إذا أضاع المال يقولون: (مالٌ مزكًّى ما يضيع)، يعني: المال المزكى -بإذن الله تعالى- لا يضيع؛ بسبب الزكاة.
وأيضًا رابعًا: أن الزكاة مخلوفةٌ، يعني ما ينفقه الإنسان فهو مخلوفٌ، والله تعالى يقول: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39].
فينبغي للمسلم أن يُخرج الزكاة طيبةً بها نفسه، منشرحًا بها صدره، ونحن المسلمين الزكاة (2.5%)، في بعض الدول الضريبة التي تؤخذ من الناس تؤخذ بنسبٍ كبيرةٍ، في بعض الدول تصل إلى (30%)، بلغني: في بعض الدول تصل نسبة الضريبة إلى (30%)، يعني لو كان عنده مئة ألفٍ، يأخذون منه ثلاثين ألفًا، فالزكاة فقط (2.5%)، ومع ذلك الإنسان مأجورٌ عليها، والنفقة مخلوفةٌ، وتقي المال -بإذن الله- من الآفات، فينبغي للمسلم أن يدفعها منشرحًا بها صدره، وأن يدفعها للفقير من غير منةٍ، وطيبةً بها نفسه.
طريقة حساب الزكاة
المقدم: أحسن الله إليك يا شيخ سعد، يسأل الكثيرون عن مبلغٍ معينٍ يضربه في (2.5) فيقسمه على (100)، يعني هذه الطريقة..
الشيخ: الطريقة: إذا أردت معرفة زكاة أي مبلغٍ نقديٍ؛ فاقسمه على (40)؛ يخرج لك مقدار الزكاة.
المقدم: قولًا واحدًا؟
الشيخ: نعم، أي مبلغٍ نقديٍّ تريد معرفة زكاته؛ اقسمه على (40)، يخرج لك مقدار الزكاة، هذه قاعدةٌ مفيدةٌ، إذا أردت معرفة زكاة أي مبلغٍ نقديٍّ؛ اقسم المبلغ على (40)؛ يخرج لك مقدار الزكاة.
المقدم: هل هو نفس المقدار فيما لو ضربه في (2.5) وقسمه على (100)؛ يخرج نفس المقدار؟
الشيخ: إي نعم، هو (2.5%)، يعني إذا قسم على (40)، هي نفسها (2.5%).
حكم وسم الدابة في وجهها
المقدم: أحسن الله إليك، أخونا فالحٌ يسأل عن وسم الدابة على وجهها؟
الشيخ: وسم الدابة على وجهها قد ورد النهي عنه [6]، إنما الوسم يجوز في غير الوجه، وكان النبي يسم إبل الصدقة [7]، لكن في غير وجهها، أما الوجه فقد نهى النبي عن ضربه أو تقبيحه [8]، وكذلك أيضًا -من باب أولى- كيُّه بالنار، وقال يعني..، وهذا يتناول أيضًا الإنسان والحيوان، فلا يجوز ضرب الوجه، ولا أيضًا أن يكون الوسم في الوجه، وإنما يجعله في غير الوجه، يجعل وسم الدابة عند الحاجة في رقبتها مثلًا، في أي موضعٍ من مواضع بدنها ما عدا الوجه.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أم خالدٍ من المدينة المنورة، السلام عليكم.
السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المقدم: حياكِ الله، تفضلي.
السائلة: لو سمحت، السؤال الأول: عندي ولدٌ توفي وعنده مبلغٌ من الجمعيات، والآن ما أدري، هو توفي من تقريبًا شهرٍ…، وبقي مبلغٌ عندي، ثمانية آلافٍ… (كبونات)، يعني أستفسر: هل المبلغ هذا يكون لي أنا وأبيه، وكم نصيبي منه، وكم نصيب أبيه؟
الشيخ: كم المبلغ؟
المقدم: ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ.
السائلة: ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ (كبونات).
المقدم: (كبوناتٌ) لمحلاتٍ تجاريةٍ؟
السائلة: نعم، (كبوناتٌ) لمحلاتٍ تجاريةٍ.
المقدم: يعني ما فيها نقدٌ، ما فيها فلوسٌ.
السائلة: نعم،… (الكبونات) هذه، ونأخذ البضاعة، ويأخذونها.
الشيخ: طيب، الولد غير متزوجٍ؟
السائلة: لا لا، صغيرٌ هو، ثلاث سنين عمره.
الشيخ: ثلاث سنين، نعم طيب.
السائلة: هذه… جمعية… جمعية….
المقدم: طيب، سؤالك الثاني.
السائلة: لكن معذرةً -يا شيخ- أنا ما أعرف كم النصيب لي ونصيب أبيه، يعني أريد أن يوضح لي الشيخ نصيبي منها، كم يكون الثلث، يكون ثلاثةً أو أربعةً، وهكذا؟
السؤال الثاني: هناك امرأةٌ عندها ذهبٌ وباعته، ربما من ثلاث عشرة سنةً، الفلوس عندها باقيةٌ من ثلاث عشرة سنةً، والمبلغ قدره: ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ واثنان وأربعون، تريد أن تعرف الزكاة هذه كم؟ ويجوز تعطيها أختها؟ يعطيك العافية، وضِّح لي الجواب.
المقدم: شكرًا لك يا أم خالدٍ شكرًا.
تقسيم ميراث لمن مات وترك والديه
سؤالها الأول: عندها مبلغٌ تقريبًا ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ، عبارةٌ عن (كبوناتٍ)، ويبدو أنها ليس بها مبلغٌ نقديٌّ، فتسأل الآن: كم نصيبها هي الأم من هذا المبلغ إذا كان لها حقٌّ فيه، خصوصًا يبدو أن الطفل هذا عمره ثلاث سنواتٍ، أو شيءٌ من هذا؟
الشيخ: ما دام أن هذا الطفل لا يرثه إلا أبوه وأمه؛ فأمه لها الثلث، والأب له الباقي وهو الثلثان، وهي تريد معرفتها بالرقم، كم الرقم؟
المقدم: ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ.
الشيخ: ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ، لو قسمنا ثمانية آلافٍ وأربعمئةٍ على ثلاثةٍ؛ يعني يكون للأم ألفان وخمسمئةٍ، نعم، ثمانية آلافٍ وأربعمائة إذا قسمناها على ثلاثةٍ؛ يكون للأم ألفان وثمانمئةٍ.
المقدم: ألفان وثمانمئةٍ، والباقي للأب؟
الشيخ: والباقي للأب.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا.
حساب زكاة مبلغ من المال
أختها كان عندها ذهبٌ باعته من ثلاث عشرة سنةً، والمبلغ عندها من ثلاث عشرة سنةً، تقريبًا ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ وكسرٌ، تسأل: هل فيه زكاةٌ خلال هذه المدة؟
الشيخ: لكن ما هو الغرض من هذا الذهب؟ إذا كان الغرض الاستعمال؛ فهذا لا زكاة فيه.
المقدم: قيمته، ما زكاتها فيها الآن؟ هي الآن باعته من ثلاث عشرة سنةً.
الشيخ: باعته واحتفظت بالمبلغ؟
المقدم: إي نعم، بالمبلغ، المبلغ عندها من ثلاث عشرة سنةً.
الشيخ: إذا كانت باعته، باعت هذا الذهب واحتفظت بقيمته؛ فمعنى ذلك: أن الزكاة الآن في القيمة، القيمة فيها الزكاة، وهذا المبلغ بلغ نصابًا، كم المبلغ؟
المقدم: ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ واثنان وأربعون.
الشيخ: ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ واثنان وأربعون، فهذا قد بلغ نصابًا، وهي تريد معرفته أيضًا بالرقم.
المقدم: تقسمه على أربعين كما..
الشيخ: تقسمه على أربعين، ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ..
المقدم: واثنان وأربعون تحديدًا.
الشيخ: واثنان وأربعون، طيب، نحن نقسم ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ واثنين وأربعين، تقسيم أربعين؛ الناتج: ثلاثة آلافٍ وخمسمئةٍ واثنان وأربعون، تقسيم أربعين، نعم.. ثمانيةٌ وثمانون وخمسٌ وخمسون هَلَلَةً، يعني في حدود تسعةٍ وثمانين ريالًا.
المقدم: الحمد لله، المبلغ زهيدٌ جدًّا.
الشيخ: إي نعم، المبلغ يسيرٌ، يعني ليس كبيرًا.
المقدم: الحمد لله، أحسن الله إليكم شيخنا سعد.
حكم إسقاط الجنين المشوّه الخِلقة
هذه أختنا من فرنسا تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اكتشف الأطباء أن الجنين الذي في بطني -وعمره الآن شهران ونصفٌ- فيه تشوهٌ خِلقيٌّ كبيرٌ، ويغلب على الظن أنه سيموت عند ولادته، فهل تسقطه أم لا؟
الشيخ: كم عمر الجنين؟
المقدم: شهران، تحديدًا شهران وثمانيةٌ وعشرون يومًا.
الشيخ: ما دام أنه لم تُنفخ فيه الروح؛ فيعني لم يصبح إنسانًا بعد، إنما إذا نفخت فيه الروح؛ لم يجز إسقاطه، والروح تُنفخ بعد مرور أربعة أشهرٍ كما جاء في حديث ابن مسعودٍ [9]، بعد مرور مئةٍ وعشرين يومًا على الحمل، فما دام أنه لم تنفخ فيه الروح؛ فالأمر فيه سعةٌ، ومع ذلك نحن ننصح بعدم إسقاطه؛ وذلك لأن رزقه على الله : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]، ثم أيضًا هذا أمرٌ متعلقٌ بالمستقبل، ربما يخرج سليمًا معافًى، وربما يكون هذا الابن ابنًا صالحًا بارًّا، ينفع الله تعالى به والديه، فالذي ننصح به عدم الإسقاط، ولكن من حيث الحكم: ما دام أنه لم تنفخ فيه الروح؛ فهو ليس بإنسانٍ، والأمر فيه سعةٌ إن شاء الله.
كيف الزواج من فتاة مهاجرة ليس لها ولي؟
المقدم: هذا أخونا (مناي) -كذا اسمه- من السويد، يقول: تعرفت على فتاةٍ مهاجرةٍ، وأرغب في الزواج منها، غير أنه ليس لها وليٌّ، فكيف يتم العقد؟
الشيخ: أولًا: يبحث عن وليٍّ لها، ولو ابن عمٍّ، ولو ابن عمٍّ بعيدٍ، فإن لم يوجد وليٌّ؛ فيذهب هو وإياها إلى مركزٍ إسلاميٍّ، ومدير المركز يتولى، يقوم مقام الولي في هذا؛ لأنها في بلدٍ أوروبيٍّ، ليس فيه محاكم شرعيةٌ، وإنما فيه مراكز إسلاميةٌ، فهم أولًا يجتهدون في البحث عن الولي، ويستعينون بوسائل الاتصال الحديثة في البحث عنه، لكن لو قُدِّر أنه ليس لها وليٌّ إطلاقًا، لو افترضنا هذا الافتراض؛ فمدير المركز الإسلامي يقوم مقام الولي في هذه الحال.
المقدم: أبناء العمومة، أبناء الأخوال، يعني هؤلاء كلهم يا شيخنا؟
الشيخ: لا، أبناء الأخوال لا يعتبرون أولياء، وإنما أبناء العمومة، أبناء العمومة يعتبرون أولياء؛ لأنهم عصبةٌ.
المقدم: أحسن الله إليكم، إمام المسجد يجوز أن..
الشيخ: ممكن، ممكن مدير المركز، كل من كان له ولايةٌ أعم، أو سلطةٌ أكبر في المسلمين كان أولى، فإن لم يوجد إلا إمام مسجدٍ؛ فيمكن.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أبو حمزة من مكة، السلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله يا شيخ.
المقدم: حياك الله يا أبا حمزة، تفضل.
السائل: بالله عندي سؤالٌ: أنا سائق حافلةٍ، أعمل في شركةٍ، وآخذ رُكَّابًا وأنزلهم على المدينة، وآخذهم زيارةً، فمِن ضمن الزيارة هذه آخذهم إلى المزرعة، فلأني آخذهم إلى المزرعة؛ يعطني صاحب المزرعة مبلغًا وقدره، هذا المبلغ هل هو حلالٌ أم حرامٌ؟
الشيخ: تذهب بهم إلى مزرعة ماذا؟
السائل: مزرعة تمورٍ.
الشيخ: مزرعة أيش؟
المقدم: تمور.
السائل: مزرعة تمورٍ.
الشيخ: يعني وهم يشترون من المزرعة؟
السائل: طبعًا هناك ناسٌ يشترون، وأحيانًا ربما ينزلون ولا يشترون، فالمقابل في الحالتين فلوسٌ، طبعًا هذا يكون اتفاقًا بيني وبين صاحب المزرعة، لكي آتيه برُكَّابٍ؛ آخذ مبلغًا وقدره.
الشيخ: طيب، وقوفك في المزرعة هل هو في مصلحة الركاب، أو ليس في مصلحتهم؟
السائل: والله وقوفي في المزرعة هو تقريبًا برنامجٌ، هو برنامجٌ عندهم لا بد أن يذهبوا إلى المزرعة، لكن أنا أختار، هناك أكثر من مزرعةٍ، فأنا أختار المزرعة التي تدفع فلوسًا أكثر.
المقدم:… مزرعة تمورٍ، التي هو عجوة المدينة، أم لا؟
السائل: عجوة المدينة نعم.
المقدم: طيب، شكرًا لك يا أبا حمزة.
حكم ما يأخذه السائق لإحضار الزوار لمزرعة تمر
هذا -يا شيخ سعد- يبدو أنه قد اطلعت على بعضها، التي هو عبارةٌ عن مزارع لعجوة المدينة، فأغلب الناس الذين يذهبون إلى المدينة يرغبون في الشراء من عجوة المدينة، فهو بدل أن يذهب بهم مثلًا إلى السوق، يذهب بهم إلى مزارع معينةٍ، متفق معهم؛ بحيث إنه يأخذ عمولةً.
الشيخ: نعم، يظهر أن هذا لا بأس به إن شاء الله، يعني لا يدخل هذا في هدايا العمال، إنما ذهب بهؤلاء إلى هذه المزرعة، وصاحب المزرعة أهدى له هديةً، وربما أهدى أيضًا لهؤلاء الزوار، فمثل هذه الهدايا لا تدخل في هدايا العمال؛ لأنه لا يترتب عليها مفسدةٌ في هذا.
حكم العمل في دكان يبيع الدخان والشيشة
المقدم: أحسن الله إليك، أبو عثمان من القاهرة يقول: أنا أعمل في (سوبر ماركت) كبيرٍ، و(السوبر ماركت) هذا يبيع الدخان والشيشة، حكم بيعي للأشخاص الذين يأخذون، هل فيه شيءٌ، علمًا أنه ليس لي دخلٌ في الإتيان بها، إنما أنا مجرد (كاشير)؟
الشيخ: نعم، هذا العمل -على الأقل- فيه شبهةٌ، حتى وإن كنت لست بصاحب المحل؛ لأنك تبيع أمرًا محرمًا، فبيع الأمر المحرم محرمٌ؛ ولذلك ننصحك بأن تناصح صاحب المحل بألا يبيع هذه الأمور المحرمة، فإن استجاب؛ وإلا تبحث لك عن عملٍ آخر بعيدًا عن الشبهة.
حكم المسح على الجوارب الشفافة
المقدم: أحسن الله إليك، فاطمة تسأل عن الجوارب الشفافة، تقول: يظهر الجلد من خلفها، هل هذه يجوز المسح عليها؟
الشيخ: هذه لا يصح المسح عليها في أرجح أقوال أهل العلم؛ وذلك لأنه يشترط في المسح على الخفين أن يكونا ساترين لمحل الفرض، والسنة قد جاءت بمشروعية المسح على الخفين على صفة خفاف العرب، وخفاف العرب جاء وصفها -كما في حديث ثوبان – بالتساخين: “أمرنا أن نمسح على العصائب والتساخين” [10]، والتساخين: هي الخفاف، وسميت بالتساخين؛ لأنه يحصل بها تسخين الرِّجل، يعني تدفئة الرجل، هذه هي الخفاف المعروفة عند العرب.
الجوارب مقيسةٌ على الخفاف، فلا بد من أن يحصل بها ستر محل الفرض، لا بد أن تكون ساترةً للقدمين، أما الجوارب الخفيفة جدًّا، التي تُلبس لأجل الزينة ولا تقي من البرد، فهذه الأقرب أنه لا يشرع المسح عليها.
حكم المسح على جوارب تصل إلى نصف عظمة الكعب فقط
المقدم: سؤال فاطمة الثاني: تقول: نزل الآن في الأسواق جوارب إلى نصف عظمة الكعب فقط، هل يجوز المسح عليها؟
الشيخ: لا بد أن تكون ساترةً للقدمين مع الكعبين، فإن كانت لا تستر الكعبين؛ فلا يصح المسح عليها.
نصيحة لمن يُكثر اللعن
المقدم: أبو فَجرٍ يقول: أنا رجلٌ كثير اللعن، أسأل الله أن يتوب عليَّ، أنا أتمنى أن أتوب من هذه الطريقة، لكني لا أستطيع، وكلما حاولت أن أجاهد نفسي؛ أعود في أسرع وقتٍ، فما نصيحتكم لي؟
الشيخ: عليك التوبة إلى الله من هذا العمل؛ فإنه من كبائر الذنوب، وهو من أسباب دخول النار، فإن النبي لما قال للنساء: تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قلن: لم يا رسول الله؟ قال: تُكثِرن اللعن وتكفرن العشير [11]، فذكر من أسباب دخول النار كثرة اللعن، فكثرة اللعن هي من أسباب دخول النار، وهي من كبائر الذنوب، وقد قال النبي : لعن المؤمن كقتله [12]، فعليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل؛ لأنك كل يومٍ تكسب ذنوبًا، وذنوبًا كبارًا ليست من الصغائر.
وأما قولك: إنك لا تستطيع، هذا غير صحيحٍ، أنت تستطيع، إذا وجد قوة الإرادة، ووجد اهتمامٌ؛ فأنت تستطيع، الإنسان يستطيع أن يتحكم في لسانه، هل أحدٌ يجبرك على اللعن؟! ما من أحدٍ يجبرك على اللعن، هل أحدٌ أتى إليك ورفع السلاح فوق رأسك وقال: لا بد أن تسب، ولا بد أن تلعن، أنت تتكلم باختيارك، فقولك: إنك لا تستطيع، هذا غير صحيحٍ، لكن يمكنك التخلص من هذه العادة السيئة بالتدرج شيئًا فشيئًا، وأن تكثر من ذكر الله ؛ لأنك إذا أكثرت من ذكر الله سبحانه؛ تبدأ تتخلص من اللعن شيئًا فشيئًا، وهذه عادةٌ ذميمةٌ، لكن بإمكانك أن تعدل هذه العادة، وتستبدل ذكر الله باللعن، يعني إذا أردت مثلًا أن تسب تدعو، تدعو لأخيك المسلم، إذا أغضبك أحدٌ فأردت أن تسبه؛ قل: الله يهديك، مثلًا، الله يهديك، الله يفتح عليك، وكذا، تدعو له بدعاءٍ مناسبٍ، فتبدأ من الآن تستبدل الدعاء باللعن، الدعاء لإخوانك المسلمين، وأن يكون عندك اهتمامٌ وقوة إرادةٍ، وإذا وُجدت لديك قوة الإرادة والاهتمام؛ فإنك -بإذن الله- تستطيع أن تتخلص من هذه العادة السيئة التي تجر عليك كل يومٍ ذنوبًا كبارًا، وليست صغارًا، ذنوبًا كبارًا، وهي أيضًا من أسباب دخول النار، السب واللعن من أسباب دخول النار.
ما حكم مدح الرجل بما ليس فيه؟
المقدم: أبو مبارك -يا شيخنا- يسأل، يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم مدح الرجل بما ليس فيه، حيث أسمع كثيرًا من الشعراء يلقون قصائد فيها مدحٌ للأشخاص أحيانًا، يصفونهم بأوصافٍ ليست موجودةً فيهم، بل إنها أحيانًا ليست موجودةً في بشرٍ، فما حكم هذا؟
الشيخ: لما مدح رجلٌ عند النبي رجلًا آخر؛ قال : قطعتم عنق الرجل [13]، وأيضًا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يحثى في وجوه المداحين التراب [14]، كما جاء ذلك في “الصحيح”؛ وذلك لأن المدح المبالغ فيه -خاصةً إذا كان مما ليس في الإنسان، أو لمن يخشى عليه العجب- هذا الأصل فيه المنع؛ لأن هذا يترتب عليه مفاسد، فكيف إذا كان مدحًا للإنسان بما ليس فيه؟! والله تعالى يقول: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ [آل عمران:188].
فعلى الإنسان أن يكون معتدلًا في كلامه وفي أقواله، وألا يبالغ في المديح، المبالغة في المديح من الأمور الممجوجة غير المقبولة، والتي تدل على عدم اتزان الشخصية، وتجد أن هؤلاء الذين يبالغون في المدح غالبًا هم أهل مصالح، وليسوا أصحاب مبادئ، ما تجد عنده مبدأً، وليس صادقًا في حبه لهذا الممدوح، وأما صاحب المبدأ فتجد أنه يَمدح بأفعاله قبل أقواله، نعم لا بأس بأن يُمدح الإنسان من باب التشجيع، إذا كان لا يُخشى عليه من العجب، فلا بأس بمدحه والثناء عليه تشجيعًا له، والنبي عليه الصلاة والسلام مدح أناسًا من أصحابه، مدح أبا بكرٍ، ومدح عمر، ومدح عثمان، ومدح عليًّا، ومدح معاذ بن جبلٍ، مدح عددًا من أصحابه، لكن بهذا الشرط: بألا يُخشى عليه من العجب، وألا يكون مدحًا مبالغًا فيه.
وأما المدح الذي يكون على ألسنة الشعراء، فالله يقول: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [الشعراء:224]، يعني: أن أتباع الشعراء من الغاوين، أصحاب الغواية، وإذا كان أتباع الشعراء من الغاوين؛ فالشعراء أولى بوصف الغواية من أتباعهم، والشعر لم يرد في القرآن الكريم إلا على سبيل الذم: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69]، وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، إلا من استثناهم الله تعالى: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، يعني: أتباعهم من الغاوين، وإذا وصف أتباعهم من الغاوين؛ فهم أولى بهذا الوصف، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ [الشعراء:225]، تجد أنه في وادي الهجاء، ينتقل إلى وادي المديح، إلى وادي..، أودية كثيرة من الشعر، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ [الشعراء:226]، كله كلامٌ، كله كلامٌ ما له قيمةٌ، إِلَّا الَّذِينَ، إلا من استثناهم الله : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [الشعراء:227].
فمن توفرت فيه هذه الشروط؛ فشعره لا بأس به، وشعره يكون حسنًا في هذه الحال؛ كشعر حسان بن ثابتٍ ، كشعر عبدالله بن رواحة ، ومن جعل شعره دفاعًا عن الإسلام وعن أهل الإسلام، وعن القيم وعن المبادئ وعن المؤمنين؛ فهذا ممن يُثنى عليه بشعره، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول لحسان : اللهم أيده بروح القدس [15]، فكان يدعو له؛ لأنه وظَّف شعره للدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الإسلام، وأما أن يكون شعرًا في الغزل، أو شعرًا في الهجاء، أو شعرًا في المديح المبالغ فيه..
المقدم: حتى في العصبيات يا شيخ سعد..
الشيخ: أو في إثارة النعرات أو العصبيات؛ فهذا من الشعر المذموم، الذي يكفينا قول الله فيه: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [الشعراء:224]، على أن أيضًا من وظَّف شعره في الأمور الحسنة؛ ينبغي ألا يَغلِب عليه الشعر، بل قال النبي : لأن يمتلئ أحدكم قيحًا يَرِيه، خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا [16]، أخرجه البخاري ومسلمٌ في “صحيحهما”.
ومعنى الحديث: يعني لأن يمتلئ أحدكم قيحًا تمتلئ به الرئة، خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا، قال أهل العلم: هذا في حق من انشغل بالشعر عن أمور الطاعة، تجد أن بعض الناس مولعٌ بالشعر، يشغله عن الصلاة، يشغله عن الذكر، يشغله عن مجالس القرآن، يشغله عن مجالس العلم، فهذا مذمومٌ.
لكن إذا وظَّف شعره، ولم يكن هو الغالب على وقته، ووظف شعره في الدفاع عن الإسلام وعن أهل الإسلام وعن المؤمنين، وعن المبادئ وعن القيم، وعن ترسيخ الأخلاق الحسنة والفضائل، والتحذير من الأمور السيئة والأخلاق السيئة؛ فهذا شعره يكون حينئذٍ حسنًا كشعر حسان بن ثابتٍ ومن وافقه من شعراء الإسلام.
المقدم: أحسن الله إليكم، إن شاء الله إخواننا الشعراء يتنبهون لهذا، أحسن الله إليكم.
أختنا هبة، السلام عليكم.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائلة: الله يخليك، الله يسلمك، لو سمحت أسأل الشيخ سؤالًا.
المقدم: يسمعك الشيخ، تفضلي.
السائلة: يا شيخ لو سمحت، أنا عندي زواج قريبي في السودان، فزوجي كان حلف طلاقًا أن أذهب وأحضر الزواج هذا، فالآن حاليًّا لا أستطيع أن أمشي وأحضر الزواج، وهو حلف طلاق، فهل يقع الطلاق أنا لو ما مشيت أو عليه كفارةٌ، فقط أعرف الإجابة؟
الشيخ: هي حالة طلاقٍ؟
السائلة: نعم، هي حالة طلاقٍ.
الشيخ: طلاقٌ رجعيٌّ؟
السائلة: يعني، ما أدري يعني، لكن حلف بالطلاق أن أذهب وأحضر الزواج.
الشيخ: هو يعني حلف عليك بالطلاق أن تحضري الزواج.
السائلة: نعم، لقريبٍ له، الذي سيتزوج، قال له: عليَّ الطلاق سأجعلها تحضر الزواج، يعني.
الشيخ: وأنتِ يصعب عليك الحضور.
السائلة: نعم، ما أقدر أن أذهب لأحضر الزواج، فهل يقع، أو عليه كفارةٌ يعني؟
المقدم: بارك الله فيك، وإن شاء الله ما يلزمها على مثل هذا المشوار البعيد.
حلف بالطلاق أن تحضر الزواج.. هل يقع الطلاق إذا لم تحضر ؟
الآن هو حلف عليها بالطلاق أن تحضر الزواج، هل يقع هذا الطلاق فيما لو لم تحضر يا شيخ سعد؟
الشيخ: أولًا ننصحه بألا يستخدم مثل هذا الأسلوب، أسلوب التهديد، أسلوب أن يحلف بالطلاق على أن تفعل شيئًا أو أن تترك شيئًا، هذا أسلوبٌ خاطئٌ، وهذا لا تستقيم به الحياة الزوجية، وأما مِن حيث الأثر: فعند أكثر أهل العلم أنه يقع الطلاق إذا لم تحضر الزواج، عند أكثر أهل العلم، يعني المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، على أن الطلاق يقع، ولكن هناك قولٌ آخر في المسألة، هناك قولٌ آخر، وهو الرجوع إلى نيته: ماذا نوى؟ هل نوى الطلاق، أو نوى فقط مجرد المنع؟ ولذلك لا نستطيع أن نفتي في مسائل الطلاق لمجرد اتصالٍ من امرأةٍ، والمطلِّقُ -الزوجُ نفسه- لا ندري عن لفظه، ولا ماذا قال، وماذا نوى، ما نستطيع أن نفتي في هذه، فهذه المسألة يترتب عليها مصير أسرةٍ، فعلى الزوج أن يتصل بنفسه بأحد أهل العلم، وأن يسأله، وأن يشرح له بالتفصيل؛ حتى يستفسر منه عن لفظه وعن قصده وعن نيته، وأيضًا أن يبذل له النصيحة، فيفتيه -إن شاء الله تعالى- في مثل هذا المسائل.
المقدم: التساهل -يا شيخ سعد- في مثل هذه اللفظة، يعني… بشكلٍ كبيرٍ جدًّا يعني.
الشيخ: نعم، التساهل من التلاعب بحدود الله ، الحقيقة نلاحظ التساهل الكبير، ربما في المجلس الواحد تسمع أحيانًا عدة أيمانٍ بالطلاق، هذا يقول: عليه الطلاق أن يأخذ كذا، وهذا يقول: عليه الطلاق أنه ما يأخذ كذا، ويرون هذا من الرجولة، وبعضهم يرى أنه إذا لم يحلف عليه بالطلاق؛ فمعنى هذا: أنه ليس عنده كرمٌ، وليس عنده شجاعةٌ، أو ليس عنده رجولةٌ، وهذا في الحقيقة هو من الجهل، هذا من الجهل المطبق.
فينبغي الإنكار على هؤلاء، من رأيناه يحلف بالطلاق، أن ننكر عليه فنقول: لا تعرِّض مصير أسرتك للطلاق والانحلال لمجرد أمرٍ تريد تحقيقه، عليك أن تتقي الله ، إذا أردت أن تطلق امرأتك؛ تطلقها طلقةً واحدةً في طهرٍ لم تجامعها فيه، أما أن تجعل الطلاق على لسانك في مدخلك ومخرجك، وتهدد به وتؤكد به، هذا من التلاعب بحدود الله ، وهذا لا يجوز.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ سعد.
خاتمة البرنامج
انتهت هذه الحلقة، واستفدنا جميعًا الحقيقة من هذه الإجابات المسددة الموفقة، بارك الله فيكم يا شيخ سعد.
الشيخ: وإياكم، شكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.
المقدم: شكر الله لكم مشاهدينا الكرام، نلقاكم على خيرٍ وأنتم في رعاية الله وأمانه.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
الحاشية السفلية
^1 | رواه أحمد: 11716، وأبو يعلى: 1061، والقضاعي في مسند الشهاب: 141. |
---|---|
^2 | رواه مسلم: 705. |
^3 | رواه مسلم: 1631. |
^4 | رواه البخاري: 1038، ومسلم: 71. |
^5 | رواه البخاري: 6502. |
^6 | رواه مسلم: 2116، ولفظه: نهى رسول الله عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه. |
^7 | رواه مسلم: 2119. |
^8 | رواه أبو داود: 2564، وفيه أن النبي قال: “أمَا بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربَها في وجهها؟!”. |
^9 | رواه أبو داود: 4708، والترمذي: 2137، وابن ماجه: 76، وقال الترمذي: حسن صحيح. |
^10 | رواه أبو داود: 146، وأحمد: 22383. |
^11 | رواه البخاري: 304، ومسلم: 80. |
^12 | رواه البخاري: 6105، ومسلم: 110. |
^13 | رواه البخاري: 2662، ومسلم: 3000، بنحوه. |
^14 | رواه مسلم: 3002. |
^15 | رواه البخاري: 453، ومسلم: 2485. |
^16 | رواه البخاري: 6155، ومسلم: 2257. |